الصمود الفلسطيني الأسطوري أفشل مخطط التهجير إلى سيناء فلجأ نتانياهو إلى حرب تغيير القناعات
لم تطرح القمة العربية الإسلامية التي التأمت في العاصمة السعودية الرياض السبت مبادرة جديدة لحل القضية الفلسطينية، بل أعادت إلى الواجهة المبادرة العربية التي أطلقها العاهل السعودي الراحل المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز في القمة العربية التي عُقدت في بيروت عام 2002، إذ تركزت قرارات قمة الرياض أولاً على التعاطي مع المشهد الدامي في قطاع غزة والبحث عن سبل لوقف الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني.
المؤكد أن تنسيقاً ما جرى قبل إعلان القرارات حتى قبل اجتماع وزراء الخارجية الذي سبق القمة، بهدف الاقتراب من تطلعات الشعوب العربية وتفادي الاتهامات التي تطلق عادة بعد كل قمة بالتخاذل أو تفادي إغضاب الولايات المتحدة بالقسوة عبر بعض العبارات والكلمات ضد الجرائم الإسرائيلية، لكن المغزى من إعادة طرح المبادرة العربية هو سد الطرق على كل الأفكار التي طرحت والتسريبات التي نشرت في وسائل إعلام عن مستقبل قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، إذ أتى موقف الدول العربية والإسلامية صارماً في رفض كل الأطروحات التي تفصل ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة ومدينة القدس الشرقية أو تضع سيناريوات للمستقبل تخرج القطاع عن التسوية النهائية للقضية الفلسطينية. والحقيقة أن إسرائيل لا يوقفها أي شيء، سواء قبل الحرب أو بعدها، ولا تهتم بالضغوط، ولا تعير اهتماماً للمناشدات والمطالبات ناهيك بالتهديدات، وقرارات القمة، ومعظمها مطالبات لدول وجهات أخرى لم تقدم ما يردع إسرائيل، فالردع بالأساس يكون بمواقف وليس بكلمات أو حتى بسياسات صار تنفيذها مرتبطاً بموافقة طرف مشارك في الحرب على غزة وأهلها بالسلاح والدعم السياسي والإعلامي والحماية من العقاب الأممي أو الجنائي الدولي. أما رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو فغير مكترث بما أفضت إليه القمة، بل إنه رد بالطلب إلى الدول العربية مساعدته في القضاء على "حماس"! وهو ربما كان يلمح إلى موقف بعض الدول العربية من جماعة الإخوان المسلمين المؤذي وسلوك عناصرها في أرجاء العالم، والذي كان أحد أسباب انشغال الدول العربية ذاتها بأمنها الداخلي لسنوات طويلة، في وقت كانت إسرائيل تستفرد بالفلسطينيين وتسعى إلى إنهاء قضيتهم والإجهاز على أي مشروع للتسوية، لكن نتنياهو لا يدري أن القضية لدى الأنظمة والشعوب العربية أكبر من الإخوان أو "حماس" وتتعلق بحاضر الفلسطينيين ومستقبلهم.
عموماً لا يمكن إتمام تسوية للقضية الفلسطينية في وجود نتنياهو، ورغم التوقعات برحيله بعد الحرب، إلا أن السؤال يبقى قائماً: هل ما حدث في 7 تشرين الأول (أكتوبر) سيجعل الحكومة الإسرائيلية، سواء ترأسها نتنياهو أم غيره، أكثر تشدداً أم ستتجه إلى تحقيق سلام؟ لن تكون هناك إجابة عن السؤال إلا بعد نهاية الحرب ووفقاً للنتائج التي ستفضي إليها ومدى احتفاظ "حماس" بقدراتها، أو ما سيتبقى منها، وكذلك حجم الخسائر الإسرائيلية ومصير الرهائن الإسرائيليين والغربيين والطريقة التي سيخرجون بها، عندها يمكن الحديث عن مصير القضية الفلسطينية وأي مسار سيسير فيه الفرقاء وأطراف الأزمة. لكن رغم السلوك الإسرائيلي على مدى أكثر من عقدين بالنسبة إلى المبادرة العربية، تبقى الأكثر براغماتية بالنسبة إلى المجتمع الدولي والصيغة الأكثر قبولاً بين الفلسطينيين، وجاء في النص المعتمد لها بعد المقدمة:
انطلاقاً من اقتناع الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الأطراف:
1- يطلب مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضاً.
2- كما يطالبها القيام بما يلي:
أ- الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من حزيران (يونيو) 1967، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان.
ب- التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 194.
ج-قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من حزيران (يونيو) 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.
3- عندئذ تقوم الدول العربية بما يلي:
أ- اعتبار النزاع العربي – الإسرائيلي منتهياً، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.
ب- إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.
4- ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة.
5- يدعو المجلس حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعاً إلى قبول هذه المبادرة المبينة أعلاه حماية لفرص السلام وحقناً للدماء، بما يمكن الدول العربية وإسرائيل من العيش في سلام جنباً إلى جنب، ويوفر للأجيال القادمة مستقبلاً آمناً يسوده الرخاء والاستقرار.
6- يدعو المجلس المجتمع الدولي بكل دوله ومنظماته إلى دعم هذه المبادرة.
7- يطلب المجلس من رئاسته تشكيل لجنة خاصة مع عدد من الدول الأعضاء المعنية والأمين العام لإجراء الاتصالات اللازمة بهذه المبادرة والعمل على تأكيد دعمها على المستويات كافة، وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والولايات المتحدة والاتحاد الروسي والدول الإسلامية والاتحاد الأوروبي.
لا يبدو أن لدى إسرائيل التي تعيش حالة هياج انتقامي وفوران ثأري وتوحش ضد الفلسطينيين، أي رغبة أو استعداد أو قبول للمضي في السير في عملية سلمية وهي مشغولة بممارسة عملية تطهير عرقي للفلسطينيين في قطاع غزة، لكن العملية تتعثر بسبب تمسك الفلسطينيين بالبقاء في القطاع حتى لو انتقلوا من الشمال إلى الجنوب، وبفضل الصمود الفلسطيني الأسطوري، رغم التضحيات المهولة، والموقف المصري الصارم الذي وجد تأييداً عربياً وخجلاً غربياً. فشل مخطط التهجير إلى سيناء، فلجأ نتنياهو إلى حرب تغيير القناعات، فهو يتعرض إلى موت سياسي ويريد إطالة أمد الحرب لأن التوقف من دون وضع نصر عسكري على الطاولة سيعني موتاً سريعاً له، فلم يعد يستمع إلى الأصوات التي تسعى إلى إقناعه بـ"أن التوقف أفضل لك لأنك ميت ميت"! نتنياهو الذي قال إنه سيجعل غزة منزوعة السلاح غير قادر أصلاً على نزع سلاح الضفة حتى بعدما قلص صلاحيات السلطة الفلسطينية، فلجأ إلى استخدام المستوطنين لمارسة التطهير العرقي في الضفة أيضاً.
أخيراً لم يلتفت كثيرون إلى تحذير وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالنت "حزب الله" من أن دخوله الحرب "يعني أن يصبح مصير لبنان وبيروت كمصير غزة". المسألة انتقامية وليست البحث عن عناصر "حماس" أو أن المقاومة تستخدم المدنيين دروعاً بشرية أو أن عناصر "حماس" يختفون في المستشفيات والمدارس وكل مكان تستهدفه إسرائيل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة الدول العربیة
إقرأ أيضاً:
صحف عالمية: نتنياهو دمّر إسرائيل وعهده المظلم يوشك على الانتهاء
تناولت صحف إسرائيلية وعالمية الخلاف المتزايد بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الشاباك رونين بار، وقالت بعضها إن الحرب دمرت إسرائيل كما دمرت قطاع غزة.
ففي صحيفة هآرتس، كتب يوري مسغاف مقالا دعا فيه الإسرائيليين لعدم اليأس، قائلا "إن عهد نتنياهو المظلم يوشك على الانتهاء رغم حالة الانقسام".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إندبندنت: النظام الدولي يتفكك والتطبيع مع صور الإبادة تهديد للجميعlist 2 of 2محللون إسرائيليون يستبعدون توسيع الحرب أو التوصل لصفقة قريبةend of listوأشار الكاتب إلى أن مكانة نتنياهو العالمية أصبحت في الحضيض، وشدد على ضرورة ملاحقته وداعميه في كل مكان، بسبب القتل العشوائي المستمر للمدنيين، مضيفا "أنه لم يُدمر قطاع غزة فحسب، بل دمّر إسرائيل أيضا".
وفي "تايمز أوف إسرائيل"، حذّرت أستاذة القانون سوزي نافوت من أن شهادة رئيس الشاباك "تمثل إنذارا خطيرا لمستقبل الديمقراطية في إسرائيل".
وأوضحت أن بار "لم يدافع عن منصبه، بل عن استقلال الجهاز"، وحذرت من محاولات إخضاع الشاباك للولاء الشخصي، واصفة الأمر بأنه "تهديد لسيادة القانون ومؤشر على انزلاق إسرائيل نحو حكم سلطوي وتقويض النظام الديمقراطي فيها".
المديح المنافق
أما صحيفة غارديان البريطانية، فنشرت مقالا للكاتب أوين جونز قال فيه إن البابا فرانشيسكو "تحلى بقيادة أخلاقية لموقفه من الحرب في غزة في زمن لا أخلاق فيه".
إعلانوأضاف الكاتب أن التاريخ "سيُخلد شجاعة البابا في مواجهة واحدة من أكبر مآسي هذا العصر"، منتقدا موجة الإشادة الواسعة بالبابا فرانشيسكو، التي وصفها بـ"المديح المنافق"، خصوصا من شخصيات ووسائل إعلام كانت متورطة في السياسات التي عارضها البابا.
وفي شأن آخر، لفت تقرير في مجلة "تايم" إلى أن رفض طلب الإفراج المؤقت عن الناشط محمود خليل لحضور ولادة ابنه "يسلّط الضوء على ما يصفه بعض الخبراء بنمط من استخدام فصل الأسرة كوسيلة ضغط على مجتمعات محددة في الولايات المتحدة".
وأشار التقرير إلى أن سلطات الهجرة الأميركية كانت لديها سلطة تقديرية لمنح خليل إفراجا إنسانيا مؤقتا، وقال إنها "ممارسة تُستخدم بانتظام في ظروف مثل الولادات أو الوفيات العائلية، لكنها اختارت منعها عن الناشط الفلسطيني".
نووي إيران ومفاوضات أوكرانيا
وفي ما يتعلق بتطورات المفاوضات النووية مع إيران، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إن معظم الخبراء "يرون أن المقترح الأميركي بشأن برنامج نووي مدني كحل وسط محتمل مع طهران، سيكون أمرا بعيد المنال".
ووفقا للصحيفة، فإن قبول هذا المقترح "سيجعل طهران تعتمد على مصادر وقود أجنبية، في حين سيعمق رفض المقترح مخاوف الغرب من سعي طهران للحفاظ على خيار تطوير أسلحة نووية".
وأخيرا، نشرت مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية مقالا لجاكوب هيلبرون، الذي طرح تساؤلات عن "نية الرئيس دونالد ترامب التخلي عن أوكرانيا"، مشيرا إلى مقترح يمنح موسكو تنازلات كبرى.
وأشار الكاتب إلى أن أبرز هذه التنازلات يتمثل في رفع العقوبات عن روسيا، والاعتراف بسيادتها على شبه جزيرة القرم، ومنع انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
واعتبر هيلبرون أن هذا التوجه "يعكس ضعف واشنطن أمام قوى مثل روسيا والصين، مما قد يشكل سابقة خطيرة في السياسة الخارجية الأميركية". وحذر الكاتب من أن أوكرانيا "قد تكون أولى محطات فشل إدارة ترامب في تحقيق أهدافها الدولية".
إعلان