موقع 24:
2024-12-28@16:07:32 GMT

الحرب على غزة: مأزق إيران وأدواتها

تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT

الحرب على غزة: مأزق إيران وأدواتها

لقد كشفت طهران هشاشة وضعف موقفها في ضوء 3 حقائق

لم تكن الصدفة وحدها وراء الإنكار المتعدد والمتكرر الصادر عن قادة إيران والميليشيات المسلحة التابعة لها في المنطقة، وتأكيد أن قرار عملية «طوفان الأقصى»، هو قرار حركة «حماس»، بمعنى أنه لم يكن لأي طرف «خارجي» دور أو معرفة في تلك العملية، وذهبت «حماس» إلى الأبعد في الإنكار بالقول إنه «قرار القيادة العسكرية للحركة في الداخل»، والإشارة في هذا كانت موجهة إلى محمد الضيف الموصوف بأنه القائد العسكري لـ«كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية.


إنكار إيران وأدواتها الصلة والمعرفة بـ«عملية الأقصى» لم يصدر فور حدوث العملية؛ بل بعد أن أخذت تداعياتها تتوالى وتتصاعد على المستويين الإسرائيلي والدولي؛ حيث أطلقت العملية جنون القوة الإسرائيلي إلى مداه الأقصى، وهو أمر كان منتظراً من حكومة متطرفة يقودها بنيامين نتنياهو، ويشارك فيها غلاة المتطرفين الإسرائيليين، وقد أخذت تتصاعد ردة فعلها بدعوات الحرب على القطاع وتدميره، وجرى تشكيل حكومة حرب مصغرة، ودفعت الآلة العسكرية الإسرائيلية في هجوم صاعق باتجاه القطاع، بدأ باستعادة السيطرة على مسرح «طوفان الأقصى» في محيط غزة، وفيه مستوطنات ومواقع عسكرية، كما بدأ هجوم جوي واسع على قطاع غزة، ترافق وإطلاق الجيش دعوة نحو 400 ألف من قوات الاحتياط الإسرائيلية.
ولا يمكن فصل قسوة وحجم الرد الإسرائيلي عن الموقف الدولي الذي تزعمته الولايات المتحدة، في دعم وتأييد شديدين لموقف إسرائيل وحربها على الفلسطينيين، مرفقين بإدانة حاسمة للهجوم واصفة إياه بالإرهاب، وقد تجاوبت بصورة سريعة الدول الأوروبية؛ لا سيما بريطانيا وألمانيا وفرنسا، واحتشدت 44 دولة في استنكار «عملية الأقصى» من جهة، ودعم موقف إسرائيل.
ويبدو أن إيران وأدواتها لم يدركوا في البداية حجم ردة الفعل الإسرائيلية- الأميركية، فأصدروا موجة من المواقف المعتادة، بينها تحذير إسرائيل من فتح جبهات متعددة عليها، والتهديد بالتدخل في حال قامت إسرائيل بغزو القطاع، وبدأت مناوشات بين «حزب الله» وإسرائيل في جنوب لبنان، وتهديدات من ميليشيات عراقية ويمنية، بينما تحرك وزير خارجية إيران باتجاه بلدان رغب في كسب دعمها لموقف إيران؛ لكن دون أثر ملموس.
لقد بدا من الواضح لإيران أن ردة الفعل الإسرائيلية- الأمريكية لا تقبل المناورة على نحو ما تفعل إيران عادة، وأنه لا مجال أمامها لتحقيق أي مكاسب عبر تسويات وتنازلات وعمليات ابتزاز. وأدركت طهران أن الأمر هذه المرة مختلف عما حصل من مواجهات عبر أدواتها مع الإسرائيليين والأميركيين في لبنان وفي سوريا والعراق وفلسطين؛ حيث كان الإيرانيون يحصلون على جوائز ترضية، أو شيء ما يستر تنازلهم، على نحو ما تم بينهم وبين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الذي سمح باستهداف صاروخي شكلي على قواعد أميركية في العراق، بعد عملية قتل جنرال «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني عام 2021.
لقد كشفت طهران هشاشة وضعف موقفها في ضوء 3 حقائق، تضاف إلى عدم وجود فرص المناورة والمساومة: أولها مضي الإسرائيليين والأميركيين إلى أعلى مستويات التصعيد، فالحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة، صعدت إلى أكثر مستوياتها وحشية من دون أن يكون لها أفق عملي تقف عنده، ومدت إسرائيل عملياتها إلى الضفة الغربية لمنع الفلسطينيين هناك من أي جهد يساعد فلسطينيي غزة. والثانية تصعيد أميركي وأوروبي في دعم إسرائيل بصورة غير مسبوقة، شمل زيارة زعماء ووزراء وقادة رأي عام، وتقديم مساعدات وأسلحة، وزاد إلى ما سبق تكثيف الوجود العسكري الأميركي في المنطقة بصورة لم تحصل منذ وقت طويل، بالتزامن مع تصعيد التهديدات الأميركية ضد إيران وأدواتها. والحقيقة الثالثة والأخيرة تتعلق بأدوات إيران وقدرتها على المشاركة في الحرب عبر فتح جبهات مع إسرائيل، والأهم في هؤلاء «حزب الله» الذي يواجه رفضاً لبنانياً واسعاً ضد جر لبنان إلى مواجهة عسكرية خاسرة مع إسرائيل، فذهب نحو أقصى ما يمكنه من التعامل مع إسرائيل في قصف عبر الحدود، ضمن تفاهم متفق عليه باسم قواعد الاشتباك.
وبخلاف وضع «حزب الله»، فإن أوضاع قوات إيران وقوات أدواتها في سوريا، لا تسمح لأسباب كثيرة بأي حركة ضد إسرائيل التي تستبيح معسكرات ومقرات الجميع، في عمليات واسعة ومتلاحقة من دون أدنى رد. أما الطرفان العراقي واليمني من أدوات إيران، فالأول قام بعمليات قصف شكلية ضد قواعد أميركية في العراق وسوريا، أعقبها صدور إنذارات بحقه، يقال إنها جدية، والطرف اليمني الذي يمثله الحوثيون قصف بعض صواريخ باتجاه إسرائيل دون تأثير ملموس.
وسط واقع حال يبين فوارق حرب إسرائيل على قطاع غزة في أبعادها المحلية والإقليمية والدولية، واختلافها عن حروب إسرائيل السابقة عبر العقدين الماضيين، سواء ما جرى منها في لبنان أو في فلسطين وفي قطاع غزة، فلم يكن أمام إيران وأدواتها إلا أن يحنوا رؤوسهم، والسير في سياسة التسويف عبر الانتظار وتمرير الوقت، ومنه انتظار «حزب الله» أسابيع قبل أن يخرج زعيمه بلا موقف من الحرب، مكرراً موقف إيران وبقية الأدوات في إنكارهم المعرفة والصلة تالياً بعملية «طوفان الأقصى»، وتخفيف حدة مواقفهم في مواجهة الحرب على الفلسطينيين، بما يؤكد امتناعهم عن الانتصار للأخيرين ودعمهم، على نحو ما سعى إلى تأكيده ترويج شعار «وحدة ساحات المقاومة والممانعة».
خلاصة القول: إن إيران وأدواتها تخلُّوا عما روَّجوا له طويلاً في نصرة الفلسطينيين في مواجهة الحرب الإسرائيلية عليهم، وتركوهم يواجهون حرباً مدمرة، رغم تفاهم إيراني مسبق مع «حماس» على مقدمة الحرب في «طوفان الأقصى»، ومساندة زائفة من القوى الأخرى، بما فيها قيادة «حماس» التي كرر كبار المسؤولين فيها أن مسؤولية العملية تقع على قيادة «كتائب القسام».
إن ما حصل لن يكرس تبدلاً في سياسة إيران وعلاقاتها بالموضوع الفلسطيني؛ بل إنها ستظل على الخط نفسه، وعندما تتعرض إلى امتحان فإنها لا بد من أن تجد مهرباً ولو على حساب أدواتها القريبة التي كانت وتظل أسيرة النفعية المادية والتضليل الآيديولوجي من جهة، وممارسة خديعة الجمهور عبر شعارات أثبتت أنها بعيدة جداً عنها.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة طوفان الأقصى حزب الله

إقرأ أيضاً:

باحث بعد الغارات الإسرائيلية على اليمن: إيران أصبحت غير قادرة على صد الهجمات

قال أبو بكر باذيب، رئيس المركز الأوروبي لقياس الرأي، إن ميليشيات الحوثي تعتقد أنها تلاصق القضية الفلسطينية بضربها لإسرائيل، ولكنها تغرق اليمنيين في وحل ومستنقع استهداف للممرات الدولية في مضيق باب المندب وهو عمق استراتيجي له علاقة بممرات جيوسياسية مختلفة، ويسمح الحوثي لإسرائيل باستمرارها في الحرب.

تعليق قوي من مصطفى بكري بشأن الهجوم الإسرائيلي على اليمن (فيديو) عاجل| الحوثيون يُعلنون سقوط 3 قتلى و11 جريحًا جراء الغارات الإسرائيلية على اليمن الشعب اليمني يتعرض لعدوانين

وأضاف "باذيب"، خلال مداخلة هاتفية على فضائية "القاهرة الإخبارية"،  أن إسرائيل تضرب اليمن في المواقع غير تابعة للحوثيين، وأصبح الشعب اليمني يتعرض لعدوانين في نفس الوقت، وهما عدوان من دولة الاحتلال الإسرائيلي باعتقاد أنها تستهدف ميليشيات الحوثي وعدوان من ميليشيات الحوثي نفسها وإيران بالمنطقة.

وتابع "أدركت إيران اليوم أن هناك قرار دولي بالحد من نفوذها في سوريا ولبنان والعراق، فأصبح ليس أمامها إلا العمل على الميليشا التي لا تكلفها كثيرًا، وهي لا يعنيها إيران أو إسرائيل أو اليمن، وأصبحت إيران غير قادرة على الدفاع عن الحوثيين ولا صد هجمات إسرائيل، واليمن بالمؤشرات الاقتصادية العالمية في الوقت الحالي هي تعيش في مجاعة تشمل أكثر من 85% من اليمنيين".

مقالات مشابهة

  • ملفات معقّدة تنتظر الفلسطينيين في 2025
  • اليمن في مواجهة (إسرائيل وأدواتها)
  • صواريخ الحوثي تجاه تل أبيب تضع إسرائيل في مأزق .. تقرير
  • إيران: الضربات الإسرائيلية على اليمن انتهاك للسلم والأمن الدوليين
  • باحث بعد الغارات الإسرائيلية على اليمن: إيران أصبحت غير قادرة على صد الهجمات
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: الرد على هجمات الحوثيين هو قصف إيران وتدمير اقتصادها
  • "الصحفيين الفلسطينيين": الجرائم الإسرائيلية في غزة تستدعي اتخاذ إجراءات لوقف هذه المذبحة
  • نقابة الصحفيين الفلسطينيين تدين استهداف إسرائيل مخيم النصيرات
  • مأزق الحرب والإسلاميين
  • انعكاسات أزمة تقييد القضاء في إسرائيل على الفلسطينيين