لم نفهم إلى حد الآن سرّ صمت فرنسا ورئيسها بعد الصفعة الصهيونية على المباشر، وأمام ملايير الناس، خلال ندوة صحفية لمجلس الحرب الصهيوني على غزة؛ فالرجل الأول في الكيان الصهيوني، خلال حديثه عن إصراره على أن يواصل الحرب على غزة، قال إن فرنسا قدّمت لإسرائيل “أمورا جيدة”، وفضح ما تم إرساله من فرنسا إلى سلطات الكيان، من سفينة من دون تحديد عملها، ومستشفى عائم، ثم تحدّث بكثير من التأنيب وليس اللوم، فقال إن الرئيس الفرنسي ارتكب خطأ لا يُغتفر، عندما اتهم إسرائيل بقتل الأطفال وقصف المستشفيات، وأعاد التأنيب بما يشبه الصفعات الحادة لفرنسا، البلد الذي حاول من أول قطرة من طوفان الأقصى، التودّد لإسرائيل والتقرُّب منها، ليس بكلام العزاء، وإنما بالتعدّي على شعارات فرنسا نفسها، عندما طار رئيسها إلى تل أبيب في طابور إعلان الولاء للكيان الصهيوني، ومنع لأي مظاهرة تضامن مع أطفال غزة ونسائها، من الذين يُقتلون بالآلاف.
يقال إن فرنسا هي التي ساعدت إسرائيل في برنامجها النووي، ويعترف اليهود بأنهم لم يجدوا حضنا دفّأهم مثل الحضن الفرنسي، فعاش قرابة نصف مليون يهودي في فرنسا بنفس امتيازات الفرنسيين وربما أكثر، ويشهد التاريخ بأن فرنسا لأجل “عيون” موشي دايان، شاركت في الحرب على مصر، جنبا إلى جنب مع الصهاينة سنة 1956، ووقفت معهم بعد إذلالهم في السابع من أكتوبر الماضي كما لم تقف مع أي بلدٍ في العالم، ومع ذلك كلما نطق نتنياهو وأتباعه، ومدحوا الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وحتى ألمانيا وإيطاليا، ولم يذكروا فرنسا التي قال رئيسها بالحرف الواحد، إنه يقف مع إسرائيل اليوم وغدا وبعد غد.
نتنياهو في كلمته أمام الصحافة الإسرائيلية، طلب من الرئيس الفرنسي أن يقول إن “حماس هي التي قتلت الأطفال والنساء”، وبأنها هي المستبّبة في نسف المدارس والمساجد والمستشفيات، لأنها كما يزعم، وهو نفسه لا يصدِّق زعمه، بأن حماس تستعمل الأطفال والأطباء والغزاويين “دروعا بشرية”، وأفهم الفرنسيين بأنهم بعيدون عن عينه وعن قلبه، فأسطول الطائرات الأمريكية ووفاء بايدن للصهونية العالمية، جعله يتعامل مع فرنسا في حالة كرمها، بكونها أدت وظيفتها غير مشكورة عليها، وفي حالة لومها أو تسمية الأمور بأسمائها، فهي مخطئة ويجب أن تعتذر لكيانه.
لم تمض سوى بضع ساعات عن تأنيب نتنياهو لماكرون أو بعبارة أكثر دقة، توبيخه، بسبب لومه فقط لإسرائيل على قتلها الأطفال والمرضى، حتى قام مستشار الأمن القومي الأمريكي سوليفان، بتأنيب الصهاينة، بقوله إنه يرفض أن تُمسّ المستشفيات، من دون أن تعلق إسرائيل كما علقت بكثير من الحدّة والثورة ضد تصريح الرئيس الفرنسي.
برغم طوفان الدم والدموع الذي تُرعده الحروب، إلا أن أجمل ما فيها، أنها تقدِّم لنا الناس كما هم، من دون أقنعة ولا ماكياج.
(الشروق الجزائرية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فرنسا غزة فرنسا غزة الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
باحثة: قرار «الجنائية الدولية» ضد نتنياهو صفعة دبلوماسية لإسرائيل
قالت الدكتورة تمارا حداد، الأكاديمية والباحثة في الشؤون السياسية، إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، يمثل خطوة بالغة الأهمية، إذ يُعتبر بمثابة صفعة دبلوماسية لكلاهما.
قرار الجنائية الدولية مُلزم لـ124 دولةوأضافت «تمارا»، خلال مداخلة عبر شاشة قناة «إكسترا نيوز»: «رغم أن تل أبيب واأمريكا ليستا من أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن القرار يُلزم 124 دولة، ما يعني أن هذه الدول ملزمة بتنفيذه في حال زيارة نتنياهو وجالانت لها».
ولفتت إلى أن هذا يعكس عزلة دبلوماسية للكيان الإسرائيلي، حيث لم يعد الأمر مقتصرًا على بُعد سياسي فحسب، بل أن بعض الدول بدأت تُعلن قطع علاقاتها، خصوصًا فيما يتعلق بحظر إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، بينما لا تزال بعض الدول تتحدى هذا القرار، حيث أرسلت دعوات لزيارة نتنياهو.
الجنائية الدولية لا تملك قوة تنفيذيةوأشارت «تمارا»، إلى أن حكم المحكمة الجنائية الدولية، يُعتبر ملزمًا للدول الأعضاء، وأي دولة لا تلتزم به ستتلقى تنبيهًا دبلوماسيًا، نظرًا لأن المحكمة الجنائية الدولية تفتقر إلى القوة التنفيذية أو الشرطية، لكن هذا القرار يُعتبر جزءًا من السياق القانوني بامتياز.