عربي21:
2025-03-18@22:26:19 GMT

أخاف على غزة من مصر

تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT

لم يعد سرا أن إسرائيل بأذرعها الكثيرة والمتنوعة عبر العالم تسخِّر جهدا كبيرا لإقناع مصر بقبول اللاجئين من سكان غزة «مؤقتا».

الفكرة سابقة للحرب الحالية، لكنها بُعثت من جديد. يوميا يتسع نطاق تناولها وتصبح أكثر قابلية للنظر فيها إلى أن تنضج تماما.

صحيفة «الفاينانشال تايمز» أوردت الأسبوع قبل الماضي أن بنيامين نتنياهو طرح فكرة توطين سكان غزة في مصر على ضيوفه الأوروبيين، فمنهم من تأمَّلها مثل قادة جمهورية التشيك والنمسا، وبعضهم اعتبرها غير واقعية مثل قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا بحجة أن مصر سترفضها.



جميع الأفكار الشيطانية تبدأ بالونات اختبار.. غريبة محتشمة يلفها خليط من التمنع والاستغراب والرفض، ثم تأخذ في الانتشار لتنضج وتنتهي أمرا واقعا.

فكرة التوطين حلم إسرائيلي، كل حباكتها أمريكية وتنفيذها غربي بمباركة عربية.

من البديهي أن يرفض قادة مصر الفكرة في تصريحاتهم العلنية. هذا أقل الإيمان منهم. لكن مع المسؤولين العرب دعك من التصريحات العلنية والبطولات الإعلامية وابحث عمَّا لا يقال. مصر اليوم في حالة لا تُحسد عليها على كل الأصعدة، وحالها البائس لا يؤهلها لرفض الضغوط الغربية أو الصمود أمام الإغراءات.

طُرحت الفكرة (وستُطرح) في شكل أن التوطين سيكون مؤقتا وإلى مساحة فارغة مهملة من أطراف شبه جزيرة سيناء.

المقابل سيكون حزما من المساعدات المالية مصر في أشد الحاجة إليها، ووعود بدعم سياسي واستراتيجي في القضايا التي تؤلم مصر مثل سد النهضة الأثيوبي.

مشكلة مصر أن الضغوط والإغراءات لن تأتيها فقط من إسرائيل وأمريكا.

هناك الدور العربي ممثلا في عواصم إقليمية حلمها هو حلم إسحاق رابين أن يستيقظ يوما ويجد غزة قد ابتلعها البحر.

الطرف العربي في هذه المعادلة يملك المال وأثبت براعته في الدفاع عن الأفكار الأمريكية وترسيخها.

القناعة اليوم في بعض العواصم العربية أن حماس أساس المشكلة، وأن انتهاء الحرب الحالية دون القضاء عليها هزيمة لإسرائيل وحلفائها.

الدبلوماسي الأمريكي السابق دينس روس، الذي عمل طويلا في الشرق الأوسط، كتب في صحيفة «نيويورك تايمز» يوم 27 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي محرِّضا على رفض وقف إطلاق النار لأنه، في رأيه، سيُقوِّي حماس. يحتمي روس وراء الموقف العربي، فيقول: كل القادة العرب الذين أعرفهم منذ زمن طويل وتحدّثت إليهم شددوا على ضرورة تدمير حماس. قالوا لي إن انتهاء الحرب ببقاء حماس سيكون نصرا لها ولأيديولوجيتها، ومحفِّزا كبيرا لإيران.

مصر تملك هامش اقتراح شروط وتغيير بعض التفاصيل، لكنها لا تملك قوة أو ترف الرفض، بسبب هشاشتها الاقتصادية وتراجع دورها الاستراتيجي وانسحاب مركز النفوذ من القاهرة الى عواصم عربية في منطقة الخليج.

في كل الأحوال، الموضوع سار على قدم وساق. ومصر اليوم في حاجة إلى العرب الآخرين لنجدتها من نفسها ومن الفخ الذي يُنصب لها بموضوع التوطين. دعمهم سيعوّضها عن الدعم الغربي ويحميها من أثمانه.

يريدون غزةً على المقاس: من المؤكد أن قطاع غزة لن يعود بعد انتهاء الحرب الحالية كما كان قبل السابع من الشهر الماضي.

غير رائحة الموت وبقاياه ومن الخراب الإنساني، وغير الخراب المادي، المقصود بالكلام هنا المصير السياسي الإداري الذي يُبيَّت للقطاع. مَن سيحكمه وكيف وإلى أيّ مدى زمني.

أيًّا كان المشهد المقبل سيبدو للوهلة الأولى نصرا مظفرا لإسرائيل. لكن مخطئ من يُسلّم بذلك. اجتثاث حماس، على فرض أنه حدث، لن يكون النهاية بل بداية شيء جديد. هناك حروب لا نصر فيها، التي تشنها إسرائيل حاليا على سكان غزة واحدة منها.

أسباب كثيرة تمنع الانتصارات، منها أن القتال ليس بين جيشين تقليديَين يستسلم المنهزم للمنتصر ويوقّع اتفاقية هزيمته. ومنها أن النصر نسبي، فقد تحسم اليوم معركة بقوة ضارية، فقط لتفتح على نفسك أفق معارك أخرى في المستقبل.

أما أهم الأسباب فهو أن الحرب لا تدور من أجل حدود جغرافية أو آبار نفط أو معبر مائي تنتهي بالسيطرة عليه أو فقدانه. قد تسيطر على الأرض والجو والبحر وتغلق المعابر وتقطع الكهرباء والماء والشمس والهواء، لكن هل تضمن أنك ستتمكن من السيطرة على القلوب.

الأمر كله مرتبط بسُنَّة الحياة وغريزة البقاء. إنها معركة وجود.

انظروا إلى احتلال أمريكا لأفغانستان طيلة عشرين سنة ثم فرارها تاركة أفغانستان للعدو ذاته الذي جاءت بسببه وجنّدت العالم كله لدعمها في قتاله. لو لم يهرب الأمريكيون كانت طالبان ومعها ملايين الأفغان سيقاتلونها 400 سنة أخرى.

انظروا إلى نكسة فرنسا في الجزائر بعد 132 سنة من احتلال استيطاني غاشم.. إلى أمريكا في فيتنام. إلى نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وبريطانيا في شبه القارة الهندية.

بعد مائة سنة، أقل أو أكثر، ستُضاف غزة إلى القائمة ويتحدّث المؤرخون عن غرق إسرائيل في مستنقع غزة.

الوضع الجديد الذي يُعدّه الإسرائيليون والأمريكيون بالتواطؤ مع قادة عرب لغزة سيكون بداية مرحلة جديدة من صيرورة القطاع وعلاقته بالاحتلال.

واهم من يتنفس الصعداء لنهاية حماس. ومخطئ مَن ينسى أن الإرهاب الوحشي الذي تمارسه إسرائيل على سكان القطاع اليوم هو والأرضية التي سيبني عليها الجيل المقبل من السكان علاقتهم الخاصة بمن قتل الآلاف من آبائهم وأمهاتهم وأجدادهم وسوَّى بيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم بالأرض في أقل من شهر.

ستقتل قيادات حماس وما استطعت من أفرادها، وتهدم البنايات، لكن ماذا عن حماس الفكرة؟ ماذا عن الجيل الذي ستصنعه الحرب الحالية، مَن سيستطيع إطفاء نار الانتقام بداخله؟

الإبادة الإسرائيلية لسكان القطاع اليوم هي الأسس التي سيصقل بها السكان علاقتهم مع هذا العدو الذي تفوّق في جرائمه على جرائم النازيين. واهم من الإسرائيليين مَن ينتظر من هذه العلاقة أن تكون سوّية لا أحقاد فيها ولا رغبة جامحة فيها للانتقام. الأفضل لهم أن يستعدوا للقادم.

(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر غزة مصر غزة تهجير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

عودة الحرب على غزة.. إسرائيل تتوعد "بالجحيم" وأول تعليق من واشنطن

استأنفت إسرائيل حربها على أنحاء عدة من قطاع غزة، فجر اليوم الثلاثاء، بسلسلة من الغارات العنيفة، أدت إلى مقتل وجرح مئات المدنيين بينهم أطفال.

وأعلن المكتب الاعلامي في القطاع أن أكثر من 200 مدني سقطوا جراء القصف الإسرائيلي الذي استهدف وسط وشمال وجنوب غزة. 

"مفاجأة ودون سابق إنذار"

وشنت إسرائيل ضربات جوية جديدة في أنحاء قطاع غزة، متوعدةً بـ"تصعيد القوة العسكرية" بعد تعثر المحادثات بشأن الإفراج عن مزيد من الأسرى.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي: "يتم تنفيذ موجة غارات جوية واسعة النطاق في أنحاء القطاع بهدف القضاء على مسلحين، واستهداف البنية التحتية لحماس، وتسليحها".

وأضافت: "تشارك عشرات طائرات سلاح الجو في عملية القصف، التي تستهدف عشرات الأهداف في القطاع"، معتبرة أن "العنصر الرئيسي في الهجمات هو عنصر المفاجأة"، في إشارة إلى أن الهجمات تمت دون إنذار مسبق أو حتى تسريب للإعلام عنها.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن "العملية العسكرية غير محددة المدة ومن المتوقع أن تتوسع".

وأفاد شهود عيان بأن القصف تركز على شمال ووسط القطاع، حيث سُمع دوي انفجارات متتالية، فيما تواجه طواقم الإسعاف والدفاع المدني صعوبات في الوصول إلى المناطق المستهدفة بسبب كثافة الهجمات، حسب رويترز.

وأفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، فجر اليوم، بمهاجمة أهداف تابعة لحركة حماس في جميع أنحاء قطاع غزة.

وقال مكتب نتانياهو في بيان إن إسرائيل "تستأنف عملياتها العسكرية ضد حماس في غزة بعد رفض الحركة مقترحات أمريكية لتمديد وقف إطلاق النار".

وأردف: "من الآن فصاعداً ستعمل إسرائيل ضد حماس بقوة عسكرية متزايدة"، مضيفاً "الخطة العملياتية عُرضت من قِبل الجيش وصادق عليها المستوى السياسي".

PM: IDF launching strikes throughout Gaza after Hamas refused repeated hostage deal offers https://t.co/bb0QN3HFiC

— The Times of Israel (@TimesofIsrael) March 18, 2025

ووفق مكتب نتانياهو فإن "رئيس الوزراء ووزير الدفاع أصدرا تعليمات للجيش باتخاذ (إجراء قوي) ضد حماس في غزة".

من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إن "جيش الدفاع وجهاز الأمن العام (الشاباك) ينفذ غارات واسعة النطاق على أهداف تابعة لحماس في قطاع غزة".

وأوضح الجيش الإسرائيلي أن "القيادة الداخلية أمرت بتقييد النشاط المدني بالقرب من قطاع غزة في أعقاب الضربات على حماس".

وأمرت إسرائيل تأمر بوقف التدريس اليوم في المناطق المتاخمة لقطاع غزة.

BREAKING: Israel launches new strikes in Gaza after it said talks with Hamas on further hostage releases stalled. https://t.co/d3khoecyVa

— CBS News (@CBSNews) March 18, 2025 إسرائيل تتوعد بالجحيم

وذكر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس أن إسرائيل "استأنفت القتال" ضد حماس، مؤكداً أن العمليات العسكرية ستستمر حتى يتم الإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين في غزة.

وفي بيان مقتضب، قال كاتس: "ستُفتح أبواب الجحيم في غزة" إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن.

وأضاف: "لن نتوقف عن القتال حتى يعود جميع رهائننا إلى ديارهم ونحقق جميع أهداف الحرب".

Live: Israel launches full-scale strikes against Hamas in Gaza after talks stall
➡️ https://t.co/WTzqrWs5RZ pic.twitter.com/pEheB8qPEL

— FRANCE 24 English (@France24_en) March 18, 2025 واشنطن تعلق

وفي واشنطن، أفادت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارولين ليفيت أن إسرائيل تشاورت مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غاراتها على غزة.

وقالت ليفيت في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز: "تشاور الإسرائيليون مع إدارة ترامب والبيت الأبيض بشأن هجماتهم على غزة الليلة".

ومن جهته، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، بريان هيوز، إن حركة "حماس كان بإمكانها إطلاق سراح الرهائن لتمديد وقف إطلاق النار، لكنها اختارت الرفض والحرب بدلا من ذلك".

ونقل موقع "أكسيوس" الأمريكي عن مسؤولين إسرائيليين قولهم، إن "إسرائيل أبلغت إدارة ترامب مسبقاً بالهجمات المخطط لها وأهداف العملية العسكرية الجديدة في غزة".

وأضافت المتحدثة باسم البيت الأبيض "مثلما أوضح الرئيس ترامب، فإن حماس والحوثيين وإيران، وكل من يسعى لإرهاب ليس إسرائيل فحسب، وإنما الولايات المتحدة أيضاً، سيدفع ثمناً باهظاً. ستُفتح أبواب الجحيم".

⚡️????????????????BREAKING: White House Press Sec. Karoline Leavitt:

The Trump administration and the White House were consulted by the Israelis regarding their attacks on Gaza tonight.

All those who seek to terrorize not just Israel but America will pay a price. All hell will break loose. pic.twitter.com/1ETQukSZRY

— Suppressed News. (@SuppressedNws) March 18, 2025

في المقابل، قال قيادي في حماس لرويترز إن إسرائيل أنهت اتفاق وقف إطلاق النار من جانب واحد.

وذكر مسعفون وشهود أن الغارات الإسرائيلية أصابت 3 منازل في دير البلح وسط غزة، إلى جانب مبنى في مدينة غزة وأهداف في خان يونس ورفح.

وقال الدفاع المدني الفلسطيني إن إسرائيل نفذت ما لا يقل عن 35 غارة جوية على غزة

تأتي هذه الهجمات بعد قرابة شهرين من وقف إطلاق النار الذي أوقف الحرب المستمرة منذ 17 شهراً، والذي تم خلاله تبادل عشرات الأسرى مقابل ما يقرب من ألفي أسير فلسطيني.

مقالات مشابهة

  • لماذا فجّرت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار ؟
  • محللون: استئناف الحرب ورقة ضغط على حماس لقبول شروط إسرائيل
  • كاتس: إسرائيل ستزيد الضربات على غزة إذا لم تطلق “حماس” جميع الرهائن
  • هآرتس تتحدث عن إستراتيجية إسرائيل لاستئناف الحرب بغزة
  • شالوم حماس.. ماذا تخفي إسرائيل في حربها الجديدة؟
  • خبير سياسي: إسرائيل تريد بعودة الحرب أن توقع حماس على اتفاق استسلام
  • رئيس الوزراء: الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية
  • عودة الحرب على غزة.. إسرائيل تتوعد "بالجحيم" وأول تعليق من واشنطن
  • عودة الحرب "على مراحل".. خيار إسرائيل البديل إن فشلت المفاوضات
  • أغلبية في إسرائيل تفضل إعادة الأسرى على القضاء على حماس