حماد صبح إسرائيل هي كيان التجسس الأول في العالم من حيث الاهتمام بهذه المهنة ، واعتبارها ركنا فائق الأهمية لأمنها ووجودها . وأشهر أجهزتها فيها الموساد المختص بالشئون الخارجية ، وأمان المختص بالشئون العسكرية ، والشاباك المختص بالشئون الداخلية ، ومحورها مراقبة الفلسطينيين ومحاربة مقاومتهم لإسرائيل . ولتنوع جنسيات مستوطني إسرائيل فاعلية كبرى في نشاط هذه الأجهزة لما يوفره التنوع من إخفاء للجنسية الإسرائيلية باستخدام جوازات الدول التي يحملون جنسياتها إلى جانب جنسيتهم الإسرائيلية التي لها الانتماء الأهم عندهم ، ولتعدد لغاتهم تبعا لتعدد جنسياتهم ، ومن أهمها في التجسس اللغة العربية بحكم تركيز التجسس الإسرائيلي على العالم العربي .
وأسماؤهم غير العبرية تعين كثيرا على إخفاء هويتهم الإسرائيلية . وفي الأخبار أن إسرائيل حملت الحكومة العراقية مسئولية حياة إسرائيلية روسية الأصل اسمها إليزابيث تسوركوف (نصف إنجليزي ونصف روسي !)، وقد لا يكون اسمها الحقيقي، اتهمت حزب الله العراقي ب “اختطافها”، وأعلن باسم العوادي المتحدث باسم الحكومة العراقية البدء بتحقيق في القضية . وتتخوف إسرائيل من نقل إليزابيث إلى إيران التي ستقتضي ثمنا عاليا موجعا لإسرائيل لإطلاق سراحها ، قد يكون تحرير عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين ، وربما تطلب أثمانا أخرى تحسن كيفية اعتصارها من يد إسرائيل المغلولة إلى عنقها ومن نفسها الكزة، ولن يكون أمامها سوى دفعها . وفي الأخبار أن تسوركوف من ساكني مستوطنة “الداد” التابعة لمجمع ” جوش عتصيون ” الاستيطاني في جوار بيت لحم ، وأنها زميلة في معهد ” نيو لاينز للاستراتيجية والسياسية”، وزميلة في “منتدى التفكير الإقليمي” في القدس، وأنها كانت تعد رسالة دكتوراه عن الحركات السياسية في البلدين ورأي الناس فيها. وكل هذا النشاط المنسوب إليها ، على صحته ، وسائل تمويه لنشاطها التجسسي إلا أنها انكشفت ، وقد نعلم بعد حين كيف انكشفت . وستحرك إسرائيل أميركا ومن تستطيع تحريكه من القوى الدولية لإنقاذ جاسوستها دون أن تعترف علنا بأنها جاسوسة . وكان العراق دائما هدفا مركزيا لمؤامرات إسرائيل وعدوانها وتجسسها خوفا من صيرورته قوة عربية كبرى تهدد بقاءها في المنطقة . واعترف أنطوني زيني رئيس القيادة المركزية الأميركية الأسبق أن إسرائيل هي المحرض الحقيقي لعدوان 2003 الأميركي البريطاني على العراق . وفور احتلاله سارع عدد من اليهود إلى دخول بغداد، ومنهم من حلق ذقنه في قصور الرئيس صدام ، ورددوا مبتهجين شامتين: “عدنا إلى وطننا !”. واشتركت قوات إسرائيلية وقوات دولة ” عربية ” مع القوات الأميركية في تدمير الفلوجة . ومثلما أشاعت إسرائيل أسطورة جيشها الذي لا يقهر، وقهره الجيش المصري والجيش السوري في الأسبوع الأول من حرب أكتوبر 1973، وقهرته المقاومة العربية في لبنان وفلسطين ؛ أشاعت أسطورة موسادها الذي يجترح العجائب، وما له من غالب. وغلبته وغلبت الجهازين الآخرين المخابرات العربية المصرية والعراقية والسورية ، وحزب الله والمقاومة الفلسطينية . ويقدم الإعلامي هيثم سليمان حلقات يوتيوب متواصلة عن نجاحات المخابرات المصرية قبل معاهدة الصلح بين مصر وإسرائيل وبعدها في كشف عمليات الموساد. وفي 2018 كشفت أجهزة الأمن في غزة مجموعة تجسس إسرائيلية كانت تستقل سيارة شرقي خانيونس ولم تنقذها إسرائيل إلا بهجوم جوي مركز على مكان اكتشافها . وأخفت أجهزة حماس الأمنية الجندي شاليط بعد خطفه خمس سنوات ونصفا دون أن تعرف إسرائيل مكان إخفائه، واضطرت في النهاية إلى افتدائه بأكثر من 1000 أسير فلسطيني . وحتى الآن ، بعد تسع سنوات، مازالت عاجزة عن إنقاذ أسراها الأربعة لدى حماس أحياء وأمواتا . ولا تستثني إسرائيل أي دولة من تجسسها، العدو منها والصديق والمحايد . تتجسس على أميركا حاميتها وحاضنتها ، وتجسس بولارد موظف البحرية الأميركية مثال شهير ، وحين خرج من سجنه استقبله نتنياهو في المطار استقبال البطل العائد من حرب ظافرة دون أن يخز الاثنين أي تأنيب ضمير على طعن الأول لوطنه ، وطعن الثاني لحامية كيانه وحاضنته ، والأسوأ والأغرب من الاثنين هو المطعون الذي تلقى الطعنتين مثلما يتلقى قبلتين على الخدين من حبيبين أثيرين . وستنال قضية تسوركوف متابعة إعلامية ملحة ، والمهم المأمول ألا تستعيدها إسرائيل دون ثمن عالٍ غالٍ ، ولن تدفع هذا الثمن إلا إذا كانت الآن في إيران . كاتب فلسطيني
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!
نتحدث عن البطالة، ونتحدث عن إرتفاع مؤشراتها، والحلول التى تقدم حلول حكومية، حيث هناك مثل شعبى قديم يقول ( إن فاتك الميرى إتمرغ فى ترابه ) وهذا ينطبق على عصور قديمة، حينما كانت الوظيفة الحكومية محترمة !!
وظلت هذه العادة مترسخة فى الضمير المصرى حتى تكدست المصالح الحكومية "بملايين ستة " من الموظفين وهو عكس ما يحدث فى كل إدارات المصالح فى دول العالم بالتنسيب لعدد السكان، وربما قرأنا وسمعنا عن عشرات ومئات الوظائف الخالية الباحثة عن قدرات ومهارات بشرية غير متوفرة حيث لا صلة بين مخرجات التعليم وسوق العمل فى "مصر"!!.
وهذا ربما جعل بعض الوزراء يخلق أسواق موازية للتعليم والتدريب فنجد وزارة الصناعة والتجارة قد أنشئت مركز تدريب وتحويل المهارات العلمية الخارجة من الجامعات، إلى مهارات جديدة يحتاجها سوق العمل فى الصناعة وهو نفس ما يتم فى وزارة السياحة ووزارة النقل ووزارة البيئة ووزارة الإستثمار وغيرها من الهيئات والشركات، كل هذه الجهات الحكومية وبعض الخاصة، أنشأت وزارات صغيرة للتربية والتعليم والتعليم العالى لكى تعمل
على سد الحاجة فى مجال تخصصها من خريجى جامعات غير مناسبين لأسواق العمل المتاحة !!.
والجديد فى الأمر أن "مصر" تعانى من نقص شديد فى المهن الحرة الصغيرة مثل السباكين والنقاشين والمبيضين ومركبى السيراميك والكهربائية وغيرهم من المهنيين
هذا القطاع الضخم من السوق العقارى لا يجد أى عمالة مدربة إلا على بعض (قهاوى) "الإمام الشافعى أو فى السيدة زينب وسيدنا الحسين"، وحتى هذه الطوائف إنقرضت، فأصبح المهنى الذى تستدعيه للعمل فى صيانة أى منشأة حسب حظك وحسب قدراته، وحسب ما يتراءى للطرفين من إتفاق شفهى على أتعاب شيىء من الخيال !!
والسؤال هنا، لماذا لا نساعد على انتشار مكاتب مقاولين صغار؟؟، مقاول صيانة صغير خريج هندسة، دبلومات (الصنايع) المدارس الصناعية، لماذا لا نخلق مكاتب لمهندسين صغار ونؤهلهم ونزودهم بشهادات خبرة للعمل فى مجالات الصيانة(تراخيص بالعمل من جهات ذات صلة بالخدمة).
نحن فى أشد الإحتياج لعشرات الآلاف من هذه الفئات بشرط أن نضمن مهارة، ونضمن سمعة ونضمن، أن لا نستعين (بغبى) أو (حرامى)، من المسئول عن مثل هذا القطاع فى البلد !!؟؟
[email protected]