وادي " الديسة " بتبوك.. طبيعة خلابة يقصدها السياح الأجانب
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
يبرز وادي "الديسة" - 200 كم - جنوب غرب مدينة تبوك بصفته وجهة سياحية، نظراً لما يتمتع به من طبيعة ساحرة وجميلة وما تحتضنه من آثار تشهد على حضارات قديمة مرت وعاشت بها، إضافة إلى ما يجاورها من وديان ومعالم جذابة.
وتقع "الديسة" في وادي داما المشهور بروعته وطبيعته المكونة من الرمال الحجرية، والطقس شبه المعتدل صيفاً ودافئًا في الشتاء، وترتفع عن سطح البحر بحوالي 400 متر، مما أهلها لتصبح منطقة زراعية تنتج أفضل الخضروات والفواكه ومنها: المانجو ذات الجودة العالية، و النخيل، وأشجار القصب، وورق البردي الكثيفة طوال العام.
وفي "الديسة" يفيض الماء العذب من العيون ويتقطر من بين الجبال شديدة الارتفاع الشامخة على مدار العام فتلقي الرواسي بظلالها الوارفة من هاماتها العالية ليستظل بها قاصدو الديسة من المتنزهين والزوار سواءً من منطقة تبوك أو من بقية مناطق المملكة، بالإضافة إلى زائرين من خارج المملكة كباحثين يستمتعون بأجوائها التي تجمع كل مقومات السحر والجمال.
وأبدى عددٌ من السياح الأجانب إعجابهم بما شاهدوه في وادي "الديسة"، واصفين طبيعتها الخلابة بالجمال الذي ينطق بالتفرد في كل شيء، عادين تجربتهم السياحية في وادي الديسة من أمتع التجارب التي عاشوها طوال فترة إقامتهم بالمملكة.
وقال يورغن موور من دولة إستونيا: "أنا مندهش جداً بأن أشاهد هذه الطبيعة الخلابة، فلم يكن لدي أدنى فكرة عن هذا المكان الممتع، ولقد رأينا الكثير من المناظر الطبيعية الخلابة، بالإضافة إلى الأشكال الصخرية العجيبة التي لم نشاهد مثيلها من قبل، وإني أدعو الجميع لزيارة هذا المكان الذي سيجدون فيه حرفيًا شيئًا لم يعيشوه من قبل، ومختلفًا عن أي مكان آخر رأوه خلال حياتهم".
فيما قالت السائحة البريطانية ماري بيريز: "أنا هنا اليوم لاستكشاف وادي الديسة، وأنا منبهرة بمدى خضرته وجماله، وعندما تستكشف المملكة العربية السعودية لا تتوقع رؤية الكثير من المساحات الخضراء الرائعة في وسط الصحراء، فإلى جانب ذلك ستجد الناس ودودين للغاية، حيث أظهروا جميعًا الترحاب بنا طوال الوقت، ولقد كان من الرائع جدًا اكتشاف هذا الجزء من المملكة، وأعتقد أنه سيكون من الرائع أيضاً تشجيع المزيد من الأشخاص على اكتشاف هذا الموقع الجميل.
أما السائحة الهندية سارة كاشا فقد ذكرت بأنها قارئة جيدة عن السياحة في المملكة، وتعرف الكثير عن المواقع المتفردة في طبيعتها، ولكن ما شاهدته وأصدقائها على أرض الواقع لم تنصفه القراءة، فالطبيعة على حد وصفها متفردة في كل شيء، والناس يمتازون بالدفئ والضيافة، مؤكدةً أنها ستوصي من تقابله ويرغب المجيء إلى المملكة بزيارة وادي الديسة الغني بالكثير من الثقافة والتاريخ والجمال.
فيما أكدا السائحين بفيك انديانا القادم من إسبانيا وجو تتريش القادم من سويسرا أنهما أمضيا معاً في منطقة الديسة التي جمعتهما على اختلاف أعراقهم؛ وقتاً ممتعاً ومليئاً بالتجارب التي لاتُنسى، حيث تعرفوا على تشكيلات طبوغرافية وتضاريس لم يكونوا قد زاروها أو سمعوا عنها من قبل، مؤكدين في ذات الوقت بأنهم سيعودون إلى الأماكن التي زاروها مرة أخرى لما وجدوا فيها من ترحيب كبير وجمال في الطبيعة التي فاقت ماكانوا يتوقعون أو عنها قد سمعوا.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: تبوك وادي الديسة
إقرأ أيضاً:
مناصرة الجيش السوداني بين الكيد السياسي وفهم طبيعة الصراع
في خضم الصراعات السياسية والعسكرية التي يمر بها السودان، يبرز الجدل حول موقع الجيش ودوره في المشهد السياسي والأمني، خاصة في ظل استمرار تفريخ المليشيات المسلحة، وهذه المرة بطابع إسلامي متشدد. ورغم إدراك الجميع لهذه الظاهرة، فإن بعض القوى السياسية والناشطين ما زالوا يمارسون مناصرة غير مشروطة للجيش، لا استنادًا إلى رؤية استراتيجية تحمي الدولة، بل بدوافع الكيد السياسي والمكايدات الظرفية. هذا الانحياز العاطفي، القائم على تصفية الحسابات مع الخصوم، يُعمي كثيرين عن حقيقة الصراع وطبيعته المعقدة.
الجيش السوداني: مؤسسة الدولة أم طرف في الصراع؟
لطالما كان الجيش السوداني مؤسسة قومية، لكن بفعل الأحداث المتلاحقة، أصبح جزءًا من معادلات السلطة، سواء خلال فترات الحكم العسكري أو في ظل الانتقالات الديمقراطية المتعثرة. المشكلة ليست في وجود الجيش كحامٍ للأمن القومي، بل في تداخله مع الفاعلين السياسيين، مما جعله طرفًا في الصراع بدلاً من أن يكون ضامنًا للاستقرار.
أخطر ما في الأمر أن هذا الجيش، الذي يتم الترويج له كحائط الصد الأخير أمام انهيار الدولة، لم يتمكن من منع انتشار المليشيات المسلحة، بل في بعض الأحيان، استُخدمت هذه الجماعات كأدوات ضمن استراتيجيات عسكرية وسياسية. الآن، مع عودة موجة التفريخ المليشياوي بطابع إسلامي، يُطرح سؤال جوهري: هل مناصرة الجيش تعني دعم استمرارية هذا النمط من التحالفات الخطرة، أم الدفع به ليكون مؤسسة قومية منضبطة خاضعة للقانون؟
تفريخ المليشيات: إعادة إنتاج الفوضى؟
لا يمكن فصل استمرار تفريخ المليشيات المسلحة عن ضعف الدولة وانقسام مكوناتها. فالموجة الجديدة من المليشيات ذات الطابع الإسلامي المتشدد تعكس أزمة داخل المؤسسة العسكرية نفسها، حيث تظهر تيارات تسعى لإعادة تجربة التسعينيات، حينما كان التحالف بين الإسلاميين والمؤسسة العسكرية هو السائد. لكن الفرق أن هذا النهج لم يعد مستساغًا في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، مما يجعل استمراره قنبلة موقوتة ستؤدي إلى مزيد من الانقسامات داخل المؤسسة العسكرية نفسها.
من ناحية أخرى، فإن استمرار هذا التفريخ يعني أن أي تحول سياسي في المستقبل سيظل رهينة لمجموعات مسلحة لها ولاءات عقائدية أو جهوية. وبما أن هذه المليشيات لا تمتلك عقيدة وطنية جامعة، فإنها قد تتحول إلى أداة لفرض أجندات سياسية معينة، أو حتى إلى فصائل متمردة في حال تغيّرت موازين القوى.
المزايدات السياسية والاصطفافات العاطفية
يمارس جزء كبير من القوى السياسية والناشطين مناصرة الجيش ليس إيمانًا بإصلاحه أو بضرورة تقويته كمؤسسة وطنية، بل كرد فعل على سياسات الخصوم السياسيين. وهذا ما يجعل هذه المناصرة مجرد موقف تكتيكي، لا استراتيجية تهدف إلى بناء جيش محترف بعيد عن التجاذبات.
فالعديد من هؤلاء الذين يناصرون الجيش اليوم كانوا في وقت سابق يطالبون بتحجيم دوره وإبعاده عن السياسة، ولكن عندما تغيرت الظروف السياسية، انقلبت مواقفهم. هذا النفاق السياسي يعرقل أي مشروع جاد لإصلاح القطاع الأمني، ويبقي المؤسسة العسكرية في دائرة الاستغلال السياسي المتبادل.
كيف يمكن بناء جيش بعيد عن التفريخ المليشياوي؟
إذا كانت الغاية الحقيقية من دعم الجيش هي حماية الدولة، فيجب أن تكون هناك رؤية واضحة لإصلاحه، تتضمن:
تفكيك العلاقة بين الجيش والمليشيات: لا يمكن بناء مؤسسة عسكرية مستقرة في ظل استمرار اعتمادها على مليشيات عقائدية أو جهوية.
إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية: عبر تبني عقيدة قتالية موحدة تقوم على حماية الحدود والسيادة، وليس الدخول في الصراعات السياسية.
ضمان الرقابة المدنية: إخضاع الجيش لسلطة مدنية ديمقراطية يقلل من فرص استغلاله سياسيًا، ويمنع إعادة إنتاج تجارب الأنظمة العسكرية السابقة.
التعامل مع القوى السياسية بميزان واحد: بدلاً من أن يكون الجيش أداة لقمع فصيل سياسي وتمكين آخر، يجب أن يحافظ على مسافة واحدة من الجميع.
خاتمة
إن مناصرة الجيش السوداني يجب أن تكون قائمة على رؤية إصلاحية، لا على ردود الأفعال السياسية قصيرة المدى. فالجيش ليس مجرد طرف في معركة سياسية بين قوى مدنية متصارعة، بل هو مؤسسة تحتاج إلى إعادة بناء بعيدًا عن التفريخ المليشياوي، سواء كان بغطاء إسلامي أو غيره. الاستمرار في هذا النهج سيقود السودان إلى إعادة إنتاج نفس الأزمات، ولن يحل المشكلة الأمنية، بل سيوسع رقعتها. السؤال الحقيقي الذي يجب أن يُطرح: هل نحن نناصر الجيش كقوة وطنية، أم كأداة لتصفية الحسابات السياسية؟
رؤية مستقبلية
لتحقيق إصلاح حقيقي في المؤسسة العسكرية السودانية، يجب أن تكون هناك خطوات عملية وجادة، تشمل:
إصلاح الهيكل القيادي: تعيين قيادات عسكرية على أساس الكفاءة والخبرة، وليس الولاءات السياسية.
تدريب وتأهيل الجنود: تعزيز القدرات العسكرية عبر برامج تدريبية متطورة تركز على الأمن القومي وحماية الحدود.
تعزيز الشفافية: إخضاع المؤسسة العسكرية للمساءلة والرقابة العامة لضمان نزاهتها وفعاليتها.
تعزيز التعاون الإقليمي والدولي: بناء شراكات مع دول الجوار والمنظمات الدولية لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
في النهاية، فإن إصلاح الجيش السوداني يتطلب إرادة سياسية قوية ورؤية استراتيجية واضحة، بعيدًا عن المزايدات السياسية والاصطفافات العاطفية. ويمكن للجيش أن يستعيد دوره الحقيقي كحامٍ للأمن القومي وضامنٍ للاستقرار، بدلاً من أن يكون طرفًا في الصراعات السياسية.
zuhair.osman@aol.com