رأي اليوم:
2024-07-06@03:08:51 GMT

مختار غميض: صور بريغوجين في ليبيا تثير ضجة

تاريخ النشر: 8th, July 2023 GMT

مختار غميض: صور بريغوجين في ليبيا تثير ضجة

مختار غميض دارت الأيام وانكشف المستور، وعلى قول المثل “إذا تخاصم اللصوص ظهر المسروق”، بعد محاولة غزو زعيم فاغنر لموسكو كشفت العداوة بينه وبوتين النقاب عن محاولات الخداع الروسية المعتمدة في الحروب، وما توظيف الصراع الديني إلا إحدى أوجه تلك الحرب القذرة التي تُوظف المقدس. لقد قاتل يفغيني بريغوجين في صفوف قوات حفتر غداة محاولات غزو طرابلس في شهر رمضان المعظم عام 2019، كشفت الأسرار أخيرا عن ارتداء زعيم المرتزقة لحية مُركبة بمظهر سَلفي، وزيا عسكريا للقوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر.

تداعيات الغزو الفاضحة شاءت الأقدار أن تدور الأيام وتكشف عن بعض تفاصيلها، صديق الأمس بات عدوا اليوم، كان لزاما على روسيا أن تفضح زعيم ميليشيا فاغنر، كما أصبح يحلو لبوتين أن يسمي حليفه الذي انقلب عليه قبل أسابيع، وهدُده في منصب ومقتل. ورغم التحالف بين موسكو وزعيم فاغنر منذ غزوهم لأوكرانيا لإسقاط رئيسها الموالي للغرب، فإن العداوة ظهرت أخيرا بين المليشيا والقوات النظامية الروسية، في دليل واضح على الطبيعة البنيوية والهيكلية بين القوتين على الرغم من محاولات تقسيم الأدوار بين الجيش والمليشيا. لقد كشفت معركة باخموت حجم الفوارق الكبيرة بين القوات الرسمية والمرتزقة أو ما يسمى بالقوات الرديفة أو المساندة، التي دائما تبقى في منزلة أقل من جيش الكرملين الذي يحصد غالبا الانتصارات وتُسند له المآثر والبطولات، وتمنح له الترقيات والمنح المالية والنياشين، بل يزود بأفضل الأسلحة والعتاد التي لا تسند للمرتزقة. من هنا، كانت غضبة بريغوجين شديدة، فانقلب على بوتين فخامرته فكرة الغزو المضاد، للانقلاب على القيادة العسكرية العليا ممثلة في شخص وزير الدفاع، والسياسية، أو على الأقل للتزود بالسلاح، كما عبر عن ذلك جنود بريغوجين في تصريحاتهم، لكن سرعان ما أُعملت الوساطات لعدم الوقوع في المحظور، بعد أن ظهرت مدينة موسكو وهي تقيم الخنادق والمتاريس الترابية في مشهد أشبه بالعاصمة الليبية عندما اكتوت بنار فاغنر وقياداتها. هذا يؤكد أن من تعامل مع فاغنر فحتما يتعامل مع بقية المليشيات من الدول المجاورة، مثل جنجويد السودانية، ومتمردي تشاد والنيجر، وسبق تدريبهم ودعهم من الإمارات وروسيا، ما يعكس حجم الاستفادة من أعمالها، سواء في القتال أو في الأرباح التي تدرها من خلال شبكات تهريب السلاح والاتجار بالبشر. عصابات متشابهة تقدك جميع تلك الاختلافات والخلافات مع المرتزقة الدليل على أن قوة فاغنر في النهاية ليست سوى مجموعة من العناصر القائمة على الارتزاق ومرتبطة بمصالح محددة قد تُغير أهدافها في أي لحظة، إذا اختلفوا على الغنيمة أو المسروق، لذلك توظف الجانب القبلي في إفريقيا، وسبق أن دعمت الحراك الاجتماعي للتغلغل جنوب ليبيا حيث وجدت موطىء قدم، ثم قواعد عسكرية وطائرات مزودة بمنظومات دفاع جوي. كما تكشف طبيعة المطامع عن طبيعة عقد التحالفات، ففاغنر بنت غاياتها مع روسيا على أهداف بعيدة وراء البحار، خاصة في دول إفريقية، واتخذت من ليبيا بوابة رئيسية للتوغل في الأدغال الإفريقية ونهب مقدراتها، فهل أخطأت روسيا في إدخال الفاغنر في الساحة الداخلية؟ يعتبر الانسجام في الرؤى والطموحات إحدى القواسم المشتركة التي تلعب عليها السياسة الروسية خارج الديار، وغالبا ما تقوم بذلك سرا، وفي لقاءات لا يطلع عليها الإعلام. ويذكر الجميع زيارة خليفة حفتر في 2017 لحاملة الطائرات الروسية “أدميرال كوزني ستوف” قبالة سواحل بنغازي، والتي ظهر خلالها وهو يوقع وثائق مع الجانب الروسي، وقد رجح خبراء أن قد تكون تتعلق بجلب المرتزقة الروس حينها، هذا قبل أن يؤدي بريغوجين نفسه زيارة إلى بنغازي وطرابلس في أوج الحرب عليها. لكن عامل الزمن وحده كان كفيلا بظهور الحقائق وكشف المستور، فخلال محاولة غزو العاصمة الليبية طرابلس في 2019، انكشف وجود مقاتلين روس إلى جانب قوات حفتر، وقد ظلت موسكو تنفي هذه الأخبار المؤكدة التي سرّبها مقاتلون في بركان الغضب المدافعين عن طرابلس، قبل أن يسقط منهم جرحى وأسرى بين قوات حكومة الوفاق الوطني. بينما في المقابل زعم مقاتلوا حفتر والمتحدث باسم قواته، أحمد المسماري أن الجنود الروس كانوا للدعم الفني أو اللوجيستي دون المشاركة المباشرة في الحرب. بأن الأنظمة المليشياوية لا يمكن أن تدعم إلا مليشيات أو متمردين، طالما أن الغاية تبرر الوسيلة، فهي لا تقاتل لأجل الارتزاق فقط، بل للتمكين لذلك على نطاق واسع، ضمن بروباغندا جيوسياسية، وسياسة توسعية إحلالية لنهب الثروات من ذهب وسبائك وعملات مختلفة، على غرار ما ظهر في عملية مداهمة قصر زعيم فاغنر بمدينة سانت بطربرغ. يفغيني يقود الجهاد! تطوَّر أداء مرتزقة فاغنر في ليبيا ليشمل الترويج الإعلامي للقيادة العامة للقوات المسلحة بقيادة حفتر، على جميع المنصات الإعلامية والتسويق له في أي انتخابات، ضمن جهود تقودها شركة فاغنر التي تقاد خيوطها من موسكو، لولا الخلاف الأخير الذي كشف كثيرا مما ظل مخفيا..! قناة روسيا اليوم الذراع الإعلامي الروسي كشف أخيرا عن سماح جهاز الأمن الفدرالي ‎بنشر صور ووثائق عُثر عليها أثناء تفتيش قصر يفغيني بريغوجين قائد فاغنر، من بينها صورة له بمظهر ‎سَلفي يرتدي لحية مُركّبة، وهو في ليبيا وخلفه صورة لشعار القيادة العامة، وصورة أخرى وهو بالزي العسكري للقيادة العامة التابعة لحفتر، وبذات اللحية، فضلا عن صور أخرى وهو ملتحٍ أيضا، يبدو كشيخ مجاهد. صحيح أن الحملة تأتي ضد بريغوجين في إطار التخوف منه كجانب غير مأمون العواقب بعد فعلته الأخيرة لولا الوساطة البلاروسية، أو هكذا تم تخريجها لكون الحقائق المرتبطة بالعملية لا يزال يلفها الغموض في أكثر من جانب نظرا لسياسة التعتيم الروسية المتبعة. لكن لا بد هنا من التساؤل حول السياسة اللحى المركبة وادعاء السلفية، وصورة هذا التيار في السياسة والمجتمع، ولماذا تم توظيفه دون التيارات الأخرى، كتيار قابل لامتصاص الاستعمار، بل وإيجاد تفسيرات دينية وفتاوٍ تبيح القبول به! ولماذا كان حفتر نفسه يمجد التيار السلفي ويسمي أنصاره ب”جنود الله” معترفا في نفس الوقت بوجود عناصر سلفية التوجه في صفوف قواته، وهنا يكفي الإشارة إلى كتيبة “أولياء الدم” سلفية التوجه، أو ما يعرف بسلفية ولي الأمر التي تحرم الخروج عليه مهما أتى من أمر. بريغوزين لم يظهر في صورة السَّلفي فقط، بل كان أقرب للمجاهد في شهر ‎رمضان عندما أعلن حفتر ساعة الصفر الأولى، للزحف على طرابلس لفتحها “فتحا مبينا”، وهو اسم العملية العسكرية. يعد توظيف هذا الجانب الديني والقدسي لشرعنة غير الشرعي، وهي ليست بالسابقة في النظم التي تحتكر الدين والسياسة، وهي أنظمة عسكرية توتاليتارية تنحو منحى استبداديا شموليا. وفي هذا السياق تجند الاستخبارات المنظمات والأحزاب الديكورية لتمرير أجندتها، وشهدت تجارب سابقة توظيف أحزاب دينية في الدعوة للانقلاب العسكري في مصر، بل استمرت نفس السياسة في ذات المنهج لتدجين المجتمع وفرض الوصاية عليه تحت مسميات “حراس الفضيلة”، برنامج هيىة الأوقاف الليبية الذي لا يزال يثير جدلا واسعا مع بقية هيئات المجتمع المدني الرافض للتسلط باسم الدين وحراسة القيم. ماسكيروفكا.. تمويه متعمد لسنا في حاجة للتأكيد بأن السلفية الحقة بريئة من جلب المستعمِر وقادته وعملائه وأعوانه، والسلف الصالح بريء من دنس الاستعمار والاستحمار، ويقدم قادة السلف الصالح دروسا في السيادة والتحرر الذاتي قبل الوطني، وأن الصالح لا يرضى بالعمالة والخيانة لوطنه ولشعبه وأرضه، أو أن يكون مركوبا أو مطية لغازٍ أجنبي، اللهم إلا إذا كان اختراقا للبعض ضمن حرب إعلامية نفسية وسياسة تمويه عادة ما يعتمدها المحتل، والاحتلال هنا ليس شرطا أن يكون خارجيا، بل إن ظلم ذوي القربى أنكى وأشد، فالاحتلال الداخلي هو الذي يسمح باستعباد رقاب العباد وسلب حرياتهم، وهو السبب الرئيس في اندلاع ثورات الربيع العربي المغدورة. الغزو السريع والانسحاب الدراماتيكي من موسكو قد يذكرنا بنفس السيناريو الذي شهده الانسحاب من جنوب طرابلس في اتجاه سرت، وهنا تتقارب السياسة الروسية وتتشابه، لكن ما من شك أن الخفايا الأعظم لا تزال طي الكتمان، وأن ما رجح ليس إلا نزرا قليلا، وهو لا شك ضمن حملة التشفي من زعيم العصابة الذي ارتد ضد سيده في الكرملين. ولا ريب أن ما خفي كثير في ظل اعتماد روسيا على التمويه والنكران، كما سبق وبينا نكران وجودها بطرابلس، وهي سياسة متوارثة اعتمدها الاتحاد السوفياتي في حرب ستالينغراد، قوامها تقنية عسكرية تسمى “ماسكيروفكا” أو التسويق للمؤامرة. نفس السياسة انتهجها بوتين للإخفاء والتعمية، حتى آخر لحظة عندما أعلن استقلال الأقاليم الأوكرانية المجاورة له، وأنكر غزوها بعدما اقتحمت دباباته الحدود الغربية. وبالتالي فإن الحقيقة ليست في ليبيا فحسب، بل لا شك أن كثيرين من بريغوجين تنكروا حيث ما وُجدوا، في ‎سوريا كمستشارين لوزارة دفاع النظام، وفي السودان كقادة لقوات العمليات الخاصة والدعم السريع التابعة لميلشيا حميدتي، وفي ‎الكونغو كضباط بالقوات المسلحة، وفي ‎بوركينا فاسو كملازمين، وفي جميعهما تتقاطع مطامع روسيا مع ربيبتها فاغنر، وربما ذلك أحد أسباب نزع فتيل “الفتنة” بينهما. كاتب تونسي

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: بریغوجین فی فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

ناشونال إنترست: هل تشعل واشنطن حربا ثالثة في الكونغو الديمقراطية؟

قال باحث أميركي إن الصراع الأكثر دموية في القرن الـ21 لم يكن في أوكرانيا، أو قطاع غزة، أو ليبيا، أو أفغانستان، أو السودان، بل في جمهورية الكونغو الديمقراطية (زائير سابقا).

وأضاف مايكل روبين، كبير الباحثين في معهد "إنتربرايز" الأميركي ومدير تحليل السياسات في منتدى الشرق الأوسط، أن حرب الكونغو الثانية (1998-2003) تسببت في مقتل أكثر من 5 ملايين شخص بين المدنيين، وفقا لبعض التقديرات.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست تحذر من نشوب حرب مرعبة بين حزب الله وإسرائيلlist 2 of 2لماذا تصنع روسيا طائرة جديدة مع بيلاروسيا؟end of list

وحتى لو كان العدد الحقيقي للضحايا هو نصف الرقم الذي أشارت إليه التقديرات، فإن الباحث أعرب، في مقالة بمجلة "ناشونال إنترست" الأميركية، عن اعتقاده بأن حصيلة الوفيات لا تزال أكبر بكثير من المذبحة التي وقعت في إقليم دارفور غربي السودان في الفترة ما بين عامي 2003-2005.

وانتقد سياسات وزارة الخارجية الأميركية والأمم المتحدة، التي قال إنها تعمل على تأجيج نيران الصراع وتهدد بإشعال الحرب من جديد.

إهمال الدبلوماسية

وقال إن المشكلة الأولى تكمن في أن تجاهل دور الدبلوماسية يُلهب جذوة الحرب، مضيفا أن بإمكان الولايات المتحدة أن تنفق عشرات الملايين من الدولارات على الدبلوماسية والاستخبارات، ولكن إذا كان التقاعس هو سيد الموقف فإن المشاكل ستنتشر مثل السرطان.

وضرب روبين أمثلة على ذلك بما فعلته الإدارات الأميركية المتعاقبة من غض الطرف عن الكثير من الأزمات حول العالم وهي ذات السياسة التي تُميّز السياسة الأميركية الحالية إزاء منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا، وفق المقال.

ولفت الباحث الأميركي إلى أن معظم الناس في الغرب يعتقدون أن الإبادة الجماعية ضد أقلية التوتسي العِرقية في رواندا عام 1994 قد انتهت عندما طردت الجبهة الوطنية الرواندية متطرفي الهوتو وعصابات "إنتراهاموي" المدعومة من فرنسا عبر الحدود إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وقد مرت 3 عقود على تلك الإبادة الجماعية في رواندا وهي واحدة من أحلك الأحداث في تاريخ العالم.

تشبه ما قبل الإبادة برواندا

وأوضح كاتب المقال أن الوقائع في شرق الكونغو حاليا تشبه على نحو لافت الأحداث التي سبقت الإبادة الجماعية في رواندا قبل 3 عقود.

وقال إن شرق الكونغو يشهد حاليا ازدهارا لمليشيات مسلحة، بعضها عصابات إجرامية، وأخرى عرقية، وغيرهما من مليشيات حماية محلية، في طريقه إلى الفوضى.

وزعم روبين أن السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة حاليا في منطقة البحيرات العظمى في أفريقيا هي تأجيل الأمور إلى ما لا نهاية، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، ومديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور لا يدركون أن الأوضاع تتسارع.

الخطابة لا تمنع حربا ثالثة

وخلص الكاتب إلى أن الخطابة وحدها لن تمنع اندلاع الحرب، وبدلا من ذلك، ينبغي على إدارة بايدن وخليفتها اتباع نهج عدم التسامح مطلقا مع خطاب الإبادة الجماعية والتحريض العرقي.

ويختم مقاله بأن على العالم الاستعداد لاندلاع حرب ثالثة في الكونغو إذا استمرت إدارة بايدن في اعتماد الإهمال نهجا للتعامل مع ما يحدث في منطقة البحيرات الأفريقية العظمى، محذرا من أن الحرب ستوقع الملايين من القتلى وسيكون كل الشعب الكونغولي هو الخاسر في نهاية المطاف.

مقالات مشابهة

  • طبيعية أم مدبرة؟ وفاة لونا الشبل تثير روايات متضاربة
  • بيسكوف يستبعد تغير السياسة البريطانية تجاه العلاقات مع روسيا
  • السياسة والعقيدة: بؤس الأيديولوجيا أم بؤس غيابها؟
  • بعيداً عن السياسة
  • مدير الموانئ السودانية: لم نستقبل بوارج أميركية في بورتسودان
  • “بوشناف” يبحث مع السفير الروسي لدى ليبيا المستجدات المحلية والدولية
  • ناشونال إنترست: هل تشعل واشنطن حربا ثالثة في الكونغو الديمقراطية؟
  • رقصة آلاء الهندي تثير غضب جمهورها
  • سفير الإتحاد الأوروبي يبحث مع رئيس أركان القوات البرية اللواء حفتر سبل مكافحة تهريب البشر
  • رسائل شكر من وزراء الحكومة المصرية السابقين قبل توديع مناصبهم