د. نبيه القاسم وسط الأتون المُلتهب الذي يُحيق بالبلاد منذ صعود اليمين المُتطرّف إلى الحكم قبل ما يزيد على الستة أشهر، وإصراره على القيام بانقلاب تشريعي، وسَنّ مختلف القوانين العنصرية ممّا دفع بمئات الآلاف للخروج إلى الشوارع والتّظاهر دفاعا عن الديمقراطية التي يخافون اندثارها وتثبيت حكم دكتاتوري يميني متطرّف يُوجّهه المستوطنون العنصريون، وبالتزامن مع مختلف القوانين المُستهدِفة الجماهير العربية في البلاد مثل قانون القومية وقانون كمينتس وقانون الصهيونية، وبالمقابل انكفاء معظم الجماهير العربية وعدم مشاركتها في المظاهرات التي تعمّ البلاد، وسط هذا الأتون المُلتهب وحالة القلق التي تسود البلاد أصدر الصديق عضو الكنيست ورئيس القائمة المشتركة أيمن عودة كتابه “الوطنيّة والمواطنة – رؤيا لتجديد المشروع السياسي للفلسطينيين في إسرائيل” عن مكتبة كل شيء في حيفا.
يفتتح أيمن عودة برنامجه المستقبلي بالجَدل القديم الجديد الذي رافق كلّ مَراحل نضالات الجماهير العربية في إسرائيل منذ سبعينيات القرن الماضي القرن العشرين، وخاصّة بعد يوم الأرض آذار 1976 حول: الأولويّة في تنظيم وتقوية الجماهير العربية أم توسيع الشَّراكة مع القُوى الديمقراطيّة اليهوديّة؟ ويجيب أيمن بالتأكيد على أهميّة الإثنين: هذا وذاك معا. ويؤكّد قائلا: “يسعى هذا الكتاب: أوّلا: لتقديم مشروع متكامل يرمي بالأساس إلى تطوير الرؤية المستقبليّة للفلسطينيين في إسرائيل، مُوضّحا الدّافع لذلك “نظرا للتغيّرات التّراكميّة والنوعيّة التي طرأت عليهم في العقدين الأخيرين. ثانيا: الانفتاح على بناء شراكات مع قوى ديمقراطيّة يهوديّة تهدف إلى دَحْر الاحتلال والفاشيّة في مُواجهة تغوّل اليمين الاستيطاني والشعْبَوي في العقدين الأخيرين وتغلغله في الدولة العميقة، لا سيّما بعد انتخابات تشرين الثاني نوفمير 2022″. ويطمح أيمن عوده أنْ يُساهمَ مشروعُه المطروح في الكتاب في تعزيز علاقة الفلسطينيين الذي بقوا فوق تراب وطنهم رغم نكبة العام 1948 مع سائر أبناء الشعب الفلسطيني، في ظلّ المُتغيّرات السياسيّة منذ أوسلو وتوطيد العلاقة مع مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينيّة وتطوّر وسائل التواصل المختلفة، وفي العمل على إحْداث تغيير جذري في عملية انتخابات السلطات المحلية العربية، وفي تطوير وتعزيز المشروع الثقافي الوطني التقدّمي في مواجهة الفَوْقيّة اليهوديّة العرقيّة، ومن أجل مجتمع كريم، حضاريّ ومُتنوّر.” (ص9-10) بعد ذلك يُدْخلنا في المعضلة التي تُواجه العربي مواطن دولة إسرائيل حامل جواز السّفر الإسرائيلي عندما يُواجَه بالسّؤال خارج البلاد: من أين أنتَ؟ هل يقول: من إسرائيل؟ وهو لا يشعر بالانتماء. وهل يقول: فلسطين؟ وهو يحمل جواز السّفر الإسرائيلي ويُقيم في بلد يعرفها العالم باسم إسرائيل، وفي العقدين الأخيرين نصفُ الأنظمة العربية إنْ لم تكن مُعظمها في علاقات عَلنيّة أو سريّة معها بما فيها السّلطة الفلسطينيّة. هذا المواطن العربي كان ولا يزال يُواجَه – خاصّة من الأشقاء العرب في الدول العربية – وإلى حدّ ما من أبناء شعبنا الفلسطيني في الأراض المحتلة وحتى بعض المُقيمين داخل حدود دولة إسرائيل- بالاستغراب والاستنكار إذا ما ذكر كلمة “إسرائيل” حتى أنّ الكثيرين أتقنوا تَبديل هويّاتهم حسب المكان الذي يكونون فيه والناس الذين يُجالسونهم، ففي تل أبيب مثلا ومع اليهودي هو إسرائيلي يُطالب بالمساواة والعدالة والديمقراطية، وفي دول العالم خارج المحيط العربي يُبرز جواز السفر الإسرائيلي دون حَرَج وتردّد، أمّا في الدول العربية والأراضي المحتلة فيُشدّد على فلسطينيّته. وأنا أفهم هذه الحالة النفسية الصّعبة التي يُعاني منها العربي المُقيم في إسرائيل، وكأنّه في حالة اتّهام دائمة عليه الدّفاع عن نفسه وتبرير كلّ ما يقوم به، حتى أنّ إميل حبيبي، كما يذكر أيمن عودة، أصيب بالحَرَج والتَّردّد عندما سُئل في قبرص: من أين أنتم؟ (ص9). مع أنّ أميل حبيبي كما أعرفه لم يُعان من هذا الانفصام، بل كان واضحا في مواقفه ورؤيته طوال فترة قيادته للحزب الشيوعي حتى استقالته من الحزب الشيوعي والخروج عليه. الرؤية المُستقبليّة ووظيفة القائد أيمن عودة في تحليله للواقع السياسي الذي تعيشه جماهيرنا العربية يضع يدَه بقوّة على مَكْمَن المشكلة في “انعدام رؤية مستقبلية سليمة لدى قيادة الجماهير العربية، رغم أنّ التّشخيص للأمور جرى ويجري بشكل صحيح وحتى عميق ودقيق، لكنّ العَيْب في عدم بناء برنامج يقود الناس”، وهنا يُشدّد على “دور القائد في إيجاد إجابة شافية وخَلْق خطّة عمليّة تبني للمستقبل وتضع الخطوط الرئيسية للمرحلة القادمة” (ص13) ويرى أيمن أنّ الانقطاع بين القيادة والشعب يحوّل التنظيم السياسي إلى ما يُشبه النادي المُغْلَق على ذاته، ويقتصر على جماعة من الناس دون غيرهم مما يُسبّب في نشوء حالة اغتراب مُضاعَفَة، تحول دون انضمام أناس جُدد، أو رَفد الهيئة بكوادر شابّة تنحدر من مَشارب اجتماعية مختلفة، ممّا يؤدّي إلى انفصال وابتعاد وتعميق للفَجْوة بين التنظيم وكوادره من جهة، وبين عامّة الناس من جهة أخرى”.(ص14) يقول أيمن: “على القيادة ألّا تكون قنوعة بالحالة الرّاهنة، بل إنّ الواجب الوطني يفرض عليها صياغة رؤيا وطنيّة متقدّمة مشمولة برؤيا مستقبليّة قابلة للتنفيذ، حينها لن يتردّد الجمهور في السّير خلف قيادته”. (ص16) ولهذا يُقدّم أيمن عوده اقتراحا لمشروع واقعيّ وطموح في آن، “نحو تنظيم عمل المواطنين العرب الفلسطينيين وتدعيمه بآفاق رؤيويّة قادرة على تثبيته وترسيخه للتعامل مع الواقع الرّاهن، بما يشمل وضع خطّة للعمل مع المجتمع الإسرائيلي برمّته”. (ص17) العناوين الأساسية للمشروع المُقترَح يرتكز مشروع أيمن عودة المُقتَرَح على خمسة فصول تتناول مختلف القضايا المهمة التي يُواجهها مجتمعنا العربي وهي: مواصلة تمكين المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل. توسيع الشراكة العربية اليهوديّة. المؤتمر الوطني الفلسطيني، والتكامل الوظيفي الفلسطيني. النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنيّة. المشروع الثقافي الوطني والتقدّمي. يقوم أيمن – في كل فصل من فصول المشروع المقترَح – باسترجاع التطوّرات والتغيّرات التي أحاقت بالجماهير العربية، ففي الفصل الأوّل يستعرض التّحوّلات المختلفة التي حدثت وبشّرَت بتحوّلات جذرية ومهمة في وضع الجماهير العربية مثل: عقد مؤتمرات المثقفين والشعراء والمحامين العرب، وإقامة لجنة الطلاب العرب في الجامعة العبرية سنة 1959 وبناء الجبهة العربية التي انقسمت فيما بعد إلى شيوعيين وقوميين وتأسيس حركة “الأرض”. وما حدث بعد انتهاء الحكم العسكري عام 1966 وتبلور ظهور الطبقة العمالية وزيادة الوعي الاجتماعي والثقافي والسياسي بزيادة عدد طلاب الثانويات والجامعات واستعداد الناس لمُواجهة القوانين الظالمة، والعمل على إنشاء تنظيمات لمُقارعة السلطات ولتحصيل الحقوق المُستَحَقَّة. وما أسفرت عنه هزيمة الجيوش العربية في حزيران 1967 واحتلال الجيش الإسرائيلي لكامل التراب الفلسطيني والتقاء كلّ أبناء الشعب الفلسطيني. كما شهدت سنوات السبعين الطفرات القويّة في وعي الجماهير والشعور بالانتماء الفلسطيني والعمل على بناء أُطُر وطنية قوية لمُتابعة الكفاح والتوعية. وكانت “لجنة المبادرة الدرزية” أوّل تنظيم سياسي ظهر بعد حزيران 1967، وقد كان مؤسسها وصاحب الفكرة المرحوم عاصم الخطيب من الرامة، الذي كنتُ وإيّاه قريبين وصديقين ونحملُ نفسَ الأفكار ونفس الهموم، نكتبُ المقالات الصّحفية التي تتناول قضايا أبناء الطائفة الدرزية، وأهمها قضية التجنيد الاجباري ومصادرة الأراضي، ونتصدّى لكلّ القوانين الجائرة حتى كان وعرضَ فكرته بإقامة تنظيم من الشباب الدروز لمواجهة القوانين الظالمة، وبالفعل تبلورت الفكرة وتقبّلها بعضُ الأصدقاء ومنهم: حاتم إسماعيل حلبي من دالية الكرمل، شفيق زاهر من عسفيا، صيّاح كنعان من يركا، نهاد ملحم من كفر ياسيف، هاني فراج من الرامة، عزّات عساقله من المغار. ومع تزايد عدد المنضمين للعمل المناهض للقوانين المجحفة اتخذ القرار بإعلان إقامة “لجنة المبادرة الدرزية” رسميا في عام 1972 في الرامة وانتخب الشيخ فرهود فرهود رئيسا لها والمرحوم عاصم الخطيب سكرتيرا ظل يُشْغله حتى وفاته يوم 2 تموز 1982. كذلك تأسست في سنوات السبعين “اللجنة القطرية للطلاب الثانويين” سنة 1974، و”جبهة الناصرة الديمقراطية” سنة 1974 والجبهات في الكثير من المدن والقرى العربية، و”لجنة الدفاع عن الأراضي” سنة 1975، و “الاتحاد القطري للطلاب الجامعيين” سنة 1975، و “لجنة المبادرة الإسلامية” سنة 1976 و”الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة” عام 1977. ثم أقيمت “لجنة المتابعة العربية” عام 1980 التي أصبحت بمثابة البرلمان الأعلى للجماهير العربية. لكنّ انهيار الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي وحرب الخليج 1991 كان الحاسم في كبْح المَدّ الوطني واليساري بين الجماهير الواسعة. يتوسّع أيمن عودة في هذا الفصل بالتركيز على أهميّة العمل لبَعْث الحياة والعمل الثوري القويّ في كلّ التنظيمات التي كانت القاعدة الشعبيّة القويّة، كما يقترح أنْ يكون لكلّ من هذه التنظيمات مُمثل في لجنة المتابعة لتستكمل وبحق تمثيلها لكلّ الجماهير العربية. ويلتفت أيمن إلى قضيّة مهمّة طالما تجاهلها الكثيرون وهي انعزاليّة أبناء الطائفة الدرزية والبدو، ويؤكّد على أهميّة دَمْجهم في النضال العام للجماهير العربية. وهو بهذا يُنبّه إلى الاجْحاف الذي عانت منه القوى المناضلة الوطنيّة اليعربية في الطائفة الدرزية، الاجْحاف الذي ساهمت فيه القوى الرجعية العَميلة من الدروز وكلّ القوى المثقفة والواعية والمسؤولة لجماهيرنا العربية وكلّ وسائل الإعلام في فصل الدروز عن باقي العرب، ووضع القوانين الخاصّة بهم التي تعمل لإبعادهم عن باقي أبناء شعبهم، وأخطرها قانون “التجنيد الاجباري” وقانون “فصل المحاكم الشرعية الدرزية عن الإسلامية” وقانون “فصل التعليم في المدارس الدرزية عن التعليم في المدارس العربية”. وعليه فاقتراح أيمن عودة من منطلَق أنّ جوهر “لجنة المتابعة العربية” هو الوحدة، أن تكون اللجنة القطرية ولجنة المُتابعة شاملتين جملة وتفصيلا لكل مركّبات شعبنا، وأن يكون للدروز والبدو وجودهم في الإطار الجامع. حتى لو بقيت الأُطر الخاصّة بالدروز والبدو إلى مرحلة معيّنة. (ص56) ويقترح أيمن فكرة “الصندوق الوطني” وأهميّة وجود مثل هذا الصندوق لما تحتاجه مُؤسساتنا العربية من تمويل لمختلف الفعاليّات خاصّة البَحثية منها، ولكنه حسّاس لما يُرافقه من إشكاليّات مُختلفة، ولهذا يجب أنْ تقوم لجنة من اختصاصيين بدراسة المُقتَرح وتقديم ما تراه من حَلّ. المؤتمر الوطني الفلسطيني والتكامل الوظيفي الفلسطيني توزّعُ الشعب الفلسطيني في العديد من المناطق والبلدان في العالم يحول دون التواصل فيما بين فئاته المختلفة، وهذا الواقع يستدعي إقامة تنظيم يجمع أبناء الشعب الواحد أينما كانوا، فبناء مظلّة فلسطينية لكل الفلسطينيين كما يقول أيمن عودة “من شأنه أن يُعزّز الانتماء الواحد، ويقود مشاريع جامعة انتمائيّة وثقافيّة وحتى مشاريع تمكين وغيرها” لكن بناء هذه المظلّة الفلسطينية التي يسمّيها “المؤتمر الوطني الفلسطيني” ستكون في صدام صعب مع وجود منظمة التحرير الفلسطينية التي تجمع داخلها كل مكونات الشعب الفلسطيني وعليه فالمشروع التنظيمي لكل فئات الشعب الفلسطيني لا يتحقّق إلّا بقرار من منظمة التحرير الفلسطينية فقط وبتكامل مضبوط بالعلاقة معها، وهنا تكمن صعوبة أو استحالة استمراريّة مثل هذا المشروع التنظيمي في الزّمن القريب والظروف القائمة. قضيّة القضايا الشّراكة العربية اليهوديّة كان السؤال الهاجس منذ السنوات الأولى بعد النكبة: هل هي شراكة السيّد والعبد؟ أم شراكة المنتصر والمهزوم؟ أم شراكة.. وكُنّا نضحك ونحن نُردّد في المناسبات الوطنيّة “جبهة جبهة قويّة يهوديّة عربية” وشارلي بيطون يتقدّم الصفوف ويُحيي الجماهير. أو عندما نشعر بمدى استعلائيّة بعض الرّفاق أو الأصدقاء اليهود مثل الكاتب يورام كانيوك وهو يشرح لنا سبب عدم مشاركة الكثير من الكتاب اليهود في الاجتماع الذي عُقد في تل أبيب لإدانة الاحتلال والأعمال التي تُمارَس في الأراضي المُحتلة بأنّهم تعبوا ولم يجدوا أيّ فائدة من احتجاجاتهم ومُشاركاتهم. طبعا كلّ ما ذكرتُ لا يُلغي أهميّة الطّرح الذي قدّمه الصديق أيمن عودة حول ضرورة مثل هذه المشاركة. فعندما قام أعضاء القائمة المشتركة على مختلف انتماءاتهم من جبهة وتغيير وتجمّع وإسلامية برئاسة أيمن عودة بتزكية غانتس لرئاسة الحكومة كان التأييد التام لهذه الخطوة الشجاعة، وكانت بالمقابل ردّة الجميل الاستعلائية برفض غانتس إقامة حكومة تعتمد على أصوات العرب، وانضمّ إلى حكومة نتانياهو، ومثله صرّح لبيد وغيره بأنّه يرفض الشراكة مع القوائم العربية لإقامة حكومة برئاسته. وفقط بعد أنْ شرّع لهم نتانياهو شَراكة العرب سبقوه لاختطاف القائمة الإسلاميّة لتكون في الائتلاف الحكومي ضامنة أمينة لاستمرارية الحكومة. كل ما ذكرتُ قد يكون دافعا لرَفض المشاركة في المظاهرات التي تعمّ البلاد، وإيثار الوقوف بعيدا بانتظار الفَرَج الذي سيأتينا من السماء، وقد يكون هو الذي حال دون مشاركة الجماهير العربية في المظاهرات التي تُطالب الحكومة بوقف الانقلاب التشريعي والانحراف نحو الدكتاتورية العنصرية التي سنكون نحن العرب ضحاياها الأوائل، حتى أنّ التّفكير قد أخذ ببعضنا أن اتركوهم يُعانون ما عانينا السنين الطويلة، وليذوقوا ما ذقناه من الظلم وتحكّم القَويّ بالضّعيف وتَرسيم بن غفير وسموتريش والأحزاب الدينية الأخرى لكل اليهود في البلاد وحتى في العالم نمطَ الحياة الذي عليهم اتّباعه حسب ما تفرضه التوراة على بني إسرائيل. وقد ذهب بي الخيال بإمكانية أنْ يتقدّم أحد أعضاء الكنيست بقانون “حماية يوم السبت” وفيه يفرَض وقف كلّ آليات السفر وإقفال الشواطئ والمُتنزّهات والحدائق العامة ومنع الألعاب الرياضية وإقامة المناسبات السعيدة والاجتماعات العامة للمحافظة على قُدسية يوم السبت”. وقد يكون خوف الكثيرين من أن يحدث ذلك هو ما يدفع بمئات الآلاف للخروج والمشاركة في المظاهرات الصاخبة ضدّ كلّ التّشريعات التي تعمل حكومة بن غفير وسموتريتش لإقرارها. المهم في رؤية أيمن للشراكة العربية اليهودية “أنّه يوجد للمواطنين العرب، ككل أقليّة قوميّة في العالم، موقف قيميّ يتطابق مع مصالحها بتوسيع المساحة الديمقراطيّة، دون أن يكون ذلك عوضا عن السّعي الاستراتيجي لتشكيل البديل الديمقراطي الجذري لكل المنظومة العنصرية قوميّا، والرأسمالية اقتصاديا، بل من الواجب كما يقول “أن يكون ذلك الموقف جزءا أساسيّا من العملية النضالية لتحقيق الهدف الاستراتيجي” (ص75) وأيمن يربط بين الشراكة العربية اليهودية وإنهاء الاحتلال للأراضي المحتلة، فالاحتلال كما يرى يُهزَم وينتهي بمقاومة الشعب الواقع تحت الاحتلال، وكذلك بارتفاع وازدياد وتعاظم الأصوات الرّافضة داخل الدولة التي تُمارس الاحتلال، سواء كانت أصواتا ثابتة قيميّا أو كانت ديناميّة متأثّرة بالخسائر السياسية أو الماديّة أو الدبلوماسية. ودور الجماهير العربية من مواطني الدولة استقطاب قوى السلام للمساهمة كفاعل أساسيّ لإنهاء الاحتلال لأنه لا يُمكن لإسرائيل ذاتها أن تكون دولة ديمقراطية أو دولة مساواة أو دولة عدالة اجتماعيّة ما دام هناك احتلال.” (ص76) وهو واثق من وجود عشرات آلاف اليهود في أوساط مؤسسات المجتمع المَدني وحوالي مائة ألف شخص من حركات وجمعيات مختلفة يؤيدون السلام على أساس انهاء الاحتلال من كل مناطق ال67، وتحقيق المساواة الجوهرية للأقلية العربية، وصَدّ الفاشيّة المُتصاعدة. (ص85). على هذه المعطيات التي ذكرها والنضالات المشتركة التي خاضها بَنى أيمن عودة رؤيتَه لكيفية الشراكة العربية اليهودية والأسُس التي تقوم عليها والأهداف الكبيرة التي يسعى لتحقيقها. وتزيد أهميّة دعوة أيمن عودة للشراكة العربية اليهوديّة في ظلّ هذه الهجمة العنصرية ضدّ جماهيرنا العربية وخاصّة تقديم قانون ” الصهيونية كقيمة مُوجّهة لسياسات الحكومة”، قدّمه وزير النقب والجليل إسحق فـيسرلاوف (من حزب עוצמה יהודית -عظَمة يهودية) وتُمنح بموجبه “القِيَم الصهيونية وزنًا حاسمًا، وقيمة إرشادية في جميع أعمال الوزارات الحكومية”، وَفقًا لروح قانون القومية الذي سُنّ عام 2018. وحسب الاقتراح، ستكون قِيَمُ الصهيونية القِيَمَ الموجهة والحاسمة في تحديد سياسات الإدارة العامة والسياسات الداخلية والخارجية والتشريعات وإجراءات الحكومة، وجميع وَحْداتها ومؤسساتها”. ووَفقًا للاقتراح، تُمنَح قِيَم الصهيونية أفضلية ومَكانة تفوقان القِيَمَ الأساسية الأخرى (كالديموقراطية والحَقّ في المساواة، على سبيل المثال). ويؤكد مركز “مدى الكرمل” للدراسات الاجتماعية التطبيقية داخل أراضي الـ 48″ “أنّ هذا الاقتراح يعكس الخطوط العريضة للحكومة، وأنه ترجمة لاتفاقيات التّحالف ولمساعي الحكومة إلى ترجمة قانون القومية العنصري عبْر السياسات الحكومية، وتحويل قانون القومية من قانون تصريحي إلى قانون عملي ومؤثر، وبخاصّة في مجال الاستيطان والتخطيط والإسكان.” ويُنبّه “مركز مدى الكرمل” في ورقته التي أصدرها ” أنّ الحكومة الإسرائيلية تستطيع أنْ تسنّ قوانين وتتخذ قرارات وسياسات عنصرية تجاه المجتمع العربي دون أيّ وازع أو رادع، ودون اعتراضات تُذْكَر من داخل المجتمع الإسرائيلي أو من أحزاب المعارضة البرلمانية، بحيث لا يُعتبَر ذلك ضررًا “بالديموقراطية اليهودية”، والأهم أنّ السياسات تمرّ دون أيّ احتجاج جِدّي لدى المجتمع العربي. من هنا، ثمّة حاجة ماسّة أنْ تقوم المؤسسات الجماعية- لجنة المتابعة واللجنة القطْرية والأحزاب العربية- ومؤسسات المجتمع المَدني بالتّعامل مع هذه السياسات على أنّها خطر إستراتيجي على مَكانة المجتمع العربي وحقوقه، وأن تَشْرع في وضع تَصوّر للتّصدّي لهذه السياسات.” ويوضّح “مركز مدى الكرمل” بأنّ “إقرار هذا القانون سيوفر للحكومة والوزارات الذرائعَ القانونية لإعطاء أفضلية للمجتمع اليهودي، دون أن تكون ثمّة إمكانية للطعن أو الاعتراض على هذه السياسات أمام المحاكم. هذا سيُضْعِف إمكانيات العمل والنضال السياسي للفلسطينيين في إسرائيل، في مجالات عديدة، وسيقلص إمكانيات العمل البرلماني ونضال السلطات المحلية أو العمل القضائي ومؤسسات المجتمع المدني. كما يؤكد أنّ اقتراح القانون لم يَلقَ معارضة جديدة في الشارع الإسرائيلي، ولا من قِبل أحزاب المعارضة، بل إنّ بعض أعضاء المعارضة دعموا اقتراحات قوانين مشتقة من هذا الاقتراح، كقانون لجان القبول، على سبيل المثال، وهو ما يعني أنّه يحظى بإجماع في المجتمع الإسرائيلي، وأنّ أيّ انتقاص من حقوق المجتمع العربي لا يعني للمجتمع الإسرائيلي، ولا لحركات الاحتجاج، أنّه انتقاص من الديمقراطية، بل هو خارج حدود حركات الاحتجاج. فقِيَم تهويد الجليل والنقب وإعطاء أفضلية للمجتمع اليهودي مشتركة لجميع مُركّبات المنظومة السياسية والحزبية في إسرائيل”. هذا الواقع المُخيف الذي تعيشه البلاد وخاصّة جماهيرنا العربية يُعطي الأهمية الأكثر لما يطرحه أيمن عودة في “الوطنية والمواطن” ويجعلنا نُعيد التفكير والتّعديل لكثير من المواقف التي اتّخذناها والمُسلّمات التي آمنا بها. الرامة- فلسطين
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
الشعب الفلسطینی
فی إسرائیل
العربیة فی
الوطنی ة
التی ی
التی ت
ة التی
إقرأ أيضاً:
عمرو جمال يكشف موعد عودته للملاعب.. والسبب الحقيقي لأزمة حسام غالي وأسامة نبيه
كشف عمرو جمال مهاجم حرس الحدود الحالي ونجم الأهلي السابق عن سبب غيابه عن الملاعب وموعد عودته.
وقال جمال في تصريحاته لقناة دي إم سي: "شعرت بوجود مشكلة في العضلة الخلفية وبعد فترة من العلاج أجريت أشعة على الظهر واتضح أن لدي "عرق النسا" وهذا يأتي بدون مقدمات".
وأضاف "العلاج يتطلب بعض الوقت ولكننا في المراحل الأخيرة وبإذن الله خلال أسبوع سأكون في الملعب".
وتابع "لا أعتقد أني قصرت في حق نفسي كلاعب، ربما كانت هناك بعض القرارات التي كان يمكنني تحسينها ولكن على مستوى المجهود والتركيز والجوانب البدنية والفنية فأنا لم أقصر".
وواصل "قراري بالرحيل عن الأهلي كان خاطئا، ولكني قدمت موسما جيدا في إعارتي لطلائع الجيش وكنت أشعر أني بحاجة لاتخاذ قرار في هذه الفترة".
وأوضح "كنت أريد العودة للأهلي عن قناعة بأنني سأكون متواجدًا مع الفريق، والتواصل كان مستمرا فقال لي أمير توفيق إنه سيمنحني الرد النهائي بعد نهائي دوري أبطال إفريقيا".
وتابع "تأخر الرد قليلا فاجتمعت مع عدة أندية، واخترت فاركو في النهاية. فعاد توفيق وقال لي إن أحمد ياسر ريان سيخرج معارا وبالتالي موسيماني يريد تواجدي، فقلت له: لدي مشكلة لأني وقعت مع فاركو بالفعل".
وأكمل: "قلت له إنه تركني أكثر من اللازم والسوق يوشك على الانتهاء، فرد بأن النادي أغلق عدة صفحات في التفاوض مع مهاجمين بناء على اختيارهم لي.. كان لابد أن أتخذ القرار ولو أتاني الرد أبكر لكنت في الأهلي بالفعل".
وكشف "حسام البدري كان يحبني ولكني لا أعرف شكل هذا الحب. في 2018 كنت ألعب وحسمت كأس مصر وقال لي إني لن أرحل ولكني قلت له: "أنا مش قادر ألعب معاك انت تعبتني نفسيا". لم أعد أعرف ما إن كنت مهما أم لا".
وعن أزمة حسام غالي وأسامة نبيه في منتخب مصر قال: "حدث خلاف في الملعب وحاول نبيه تهدئة الموقف. كنت طرفا في المشكلة وكان غالي منفعلا فتدخل نبيه وقال لنا إنه لن يستبعدنا لأن الأمر سيتم تفسيره بأنه "أهلي وزمالك".
وأضاف "اعتذرت لحسام غالي بعدها أثناء تناولنا الطعام. بعد العشاء جاء نبيه فوجدنا نعانق بعضنا البعض فقال لنا: "انتم عصابة"، وهنا نشبت المشادة بينه وبين غالي. كذلك كان هناك لاعبين يشكون لغالي من نبيه في ذلك الوقت".
وأوضح "هناك منتج عرض عليَّ الظهور في إعلان مع ياسمين رئيس ولكني رفضته لأني لا أحب هذه الفكرة.. لا يوجد شبه بيننا فأنا رجل لدي قصة شعري العادية وأي فنان يريد قص شعره بطريقة معينة له كل الاحترام والتقدير".
وأتم حديثه: "طالما أن الأمر لا يتجاوز المزاح فلا مشكلة ولكن لا يمكن أن يتحول هذا لأمر جاد".