يوسف عيد الضاحك الباكي.. «تميمة حظ الزعيم» ظلمته طيبة قلبه وقلة حيلته
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
لكل شعب طبيعته في كل شئ، حتى الضحك، فما يُضحك الغرب لا يُضحكنا هنا في الشرق، ورُبما العكس، وبعيدًا عن عالمنا العربي والشرق الأوسط، مصر لها طبيعتها الخاصة في فن الكوميديا، تستطيع أن تقول أن بميلاد كل مصري جديد، تكسب مصر كوميديان جديد، لذلك من أصعب المهام على أي فنان في هذا المُجتمع تقديم «الكوميديا»، شعرة صغيرة نستطيع أن نُفرقها جيدًا بين الضحك الحقيقي وبما يسمى «الاستظراف»، لذلك هناك وجوه في السينما المصرية أضحكتنا ثم فارقتنا، لكننا لم ننساها حتى اليوم.
يوسف عيد، واحد من بين هؤلاء الذي نُدين له بضحكة، لازالت باقيه، نُدين له بـ «أفيه» لا زال يقال بيننا حتى اليوم، والذي يحل اليوم ذكرى ميلاده، يوسف عيد الذي رحل فجأة دون سابق إنذار عن عالمنا في سبتمبر عام 2014، نتيجة أزمة قلبية طارئة اختطفته من بيننا عن عمر يناهز 66 عامًا.
من المفارقات غير الكوميدية في حياة هذا الكوميديان الكبير، حياته نفسها، والتي من المُمكن أن تطلق عليها أنها كانت أشبه بالمأساوية، على أكثر من مستوى، أولها حلمه في التمثيل، حيث كان يحلم في شبابه بالنجومية والشهرة والثراء، لكن خانه حلمه وظل طيلة حياته في خانة «الشقيان»، ولم يُكتب له من عطاء الدنيا ما تستحقه موهبته، وظل حتى آخر يوم في عُمره «عامل باليومية»، رغم زيادة مساحة الأدوار، لكن كان يخشى أن يفرض شروطه على المُنتجين، ما جعله يقع ضحية استغلال بعضهم حتى لا يخسر الدور ولا يخسر المال لأنه «على باب الله» وكان يصفه البعض بأنه غير طموح، لكن الحقيقية كانت «قلة حيلته.. وطيبة قلبة».
ابن حي الجماليةولد يوسف عيد عام 1948 في حي الجمالية، وظل يسكنه حتى آخر يوم في عمره في شقة متواضعة بميدان الجيش، وربما كان المكان الذي ولد فيه السبب في نجاحه الكبير الذي حققه في الكوميديا، لأن أول ما يُمكن أن تطلقه عليه أنه «شارب الكوميديا من الشارع المصري الأصيل»، بخلاف الطبع الكوميدي وبصمته الخاصة في إلقاء الإفيه، فأنه من كافة النواحي لون البشرة طريقة الحديث والشكل الخارجي، مصري مائة بالمائة.
يوسف عيد المُطربساهم الأزهر الشريف الذي درس فيه يوسف عيد حتى تخرج منه بعد مرحلة الثانوية، بالإضافة لوجوده دائمًا بجوار المُنشدين أو كما يُطلق عليهم «الفُقهة»، في حُبه وإجادته للغناء، فواحدة من أهم المواهب التي يتمتع بها الفنان يوسف عيد كانت الغناء، وربما يُمكن أن تقول بقلب مطمئن الطرب، فيوسف عيد كان واحدا من أجمل من يقولون الموال الشعبي في مصر، ومن الصعب أن تجده على الشاشة في أي فيلم من الأفلام أو المسلسلات التي شارك فيها، إلا وله جُملة أو موال، وظل هذا الموال في ذاكرة الملايين حتى اليوم ولعل مواله «ياحلو ياللي العسل سايل من الشفة» في فيلم «التجربة الدنماركية» في غزل نيكول سابا، شاهدًا على هذا الكلام، بخلاف أن من أهم ادوارة إعادة تقديم شخصية بوب مارلي في ثوبه المصري بفيلم «الحرب العالمية الثالثة».
ربيب النجوم وتميمة حظ الزعيممن أكثر الأشياء التي كتبت ليوسف عيد الحظ هو مشاركته لمعظم نجوم الصف الأول في وقته، بل وكان يحظى بحبهم الشديد، وحب إسناد الأدوار له، وفي مقدمتهم بالطبع الزعيم عادل إمام الذي شاركه عيد في معظم أفلامه ومنها «النمر والأنثى، رسالة إلى الوالي، التجربة الدنماركية، بوبوس»، حيث كان يُطلق عليه البعض «تميمة حظ» عادل إمام، حيث كان يتفائل به الزعيم دائمًا.
وليوسف عيد موقف لا يُنسى مع الإمبراطور أحمد زكي، وذلك أثناء تصوير أحد المشاهد الخاصة به في فيلم «إضحك الصورة تطلع حلوة»، حيث ظل أحمد زكي صامت بعد انتهاء كلمات يوسف عيد، واضطروا لإعادة المشهد، الأمر الذي فسره زكي بأن طريقة يوسف عيد الخلابة المباغتة جعلته يخرج عن تركيزه وفجأة تحول لمشاهد بدلًا من أن يكون مشارك في المشهد.
كما شارك «عيد» العديد من نجوم الفن الأخرين من بينهم محمود عبد العزيز، محمد صبحي والفنان أحمد حلمي، محمد هنيدي، محمد سعد، علاء ولي الدين، وطلبه كبار المُخرجين على رأسهم يوسف شاهين وشريف عرفة وغيرهم، لكن هذا لم يشفع له في زيادة مساحة الدور أو زيادة الأجر.
ليه أنا مطلعتش ملك؟في عام 1991 استعان المُخرج شريف عرفة بيوسف عيد في فيلم «يامهلبية يا»، في شخصية مونولوجيست قدم خلالها استعراض قال فيه بعض كلمات الشاعر بهاء جاهين رُبما تُلخص قصة حياته: «يا دنيا أنا بسألك.. ليه أنا مطلعتش ملك».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: يوسف عيد ميلاد يوسف عيد عادل إمام أحمد زكي یوسف عید
إقرأ أيضاً:
ما الذي ينتظر الجيش بعد وقف إطلاق النار؟
كتب عماد مرمل في"الجمهورية": تنتظر الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة تحدّيات كبرى، خصوصاً انّه سيعزز انتشاره في جنوب الليطاني وسيكون ركيزة تطبيق القرار 1701 في تلك المنطقة، إضافة إلى استمراره في تحمّل المسؤوليات الأمنية في المناطق اللبنانية الأخرى. لَكن الدور الحيوي الذي سيناط بالجيش في الجنوب بعد سريان وقف إطلاق النار، لم يكن كافياً لحمايته من الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة التي اتخذت طابع الاستهداف المتعمّد والمتكرّر حتى تجاوز عدد الشهداء العسكريين الأربعين، إلى جانب سقوط عشرات الجرحى.
بل لعل هذا الدور المرتقب كان أحد اسباب الاستهداف المقصود للجيش، وفق مصادر رسمية، استنتجت بأنّه كان يُراد من خلال الاعتداءات الإسرائيلية على المراكز العسكرية إيصال رسالة دموية إلى المؤسسة العسكرية بأنّ عليها أن تفك علاقة
التعاون والتنسيق التي كانت سائدة بينها وبين «حزب الله »، وأن تستعد لمهمّة من نوع مختلف تتناسب مع مقتضيات المرحلة الجديدة، ولو أدّى ذلك إلى الاحتكاك بالبيئة الشعبية في البلدات والقرى.
وتلفت المصادر الرسمية إلى أنّ الجيش يدرك حجم المسؤولية المناطة به لتثبيت الأمن والاستقرار في الجنوب، وهو سيكون حريصاً على تنفيذ ما يتوجب عليه ضمن القرار 1701 ، لكنه من جهة ليس معادياً للناس وإنما حاضناً لهم، ومن جهة أخرى هو ليس حرس حدود لإسرائيل بل حامي الحدود اللبنانية بالدرجة الأولى.
وتشير المصادر الرسمية إلى انّه لا يجوز أن يبقى الجيش مكشوفاً في مراكزه داخل المنطقة الحدودية، كما كان خلال شهرين من الحرب الواسعة، نتيجة افتقاره إلى الوسائل الدفاعية الضرورية، ما اضطره إلى اعادة التموضع والانسحاب من بعض المواقع في الخط الأمامي لحماية عناصره.
وتشدّد المصادر على ضرورة وضع استراتيجية او سياسة دفاعية تلحظ مستقبلاً تسليح الجيش بأنظمة صاروخية ومعدات متطورة، وتجهيزه بأفواج قتالية مدرّبة على خوض حرب العصابات وتكون لديها مرونة ميدانية على الارض لكي تستطيع تأمين الحدّ الأدنى من متطلبات حماية لبنان في مواجهة أي اعتداء اسرائيلي.
وتلفت المصادر إلى أنّ هذا الشأن يقع على عاتق مجلس الوزراء الذي يشكّل مركز القرار السياسي، وهو المعني بإقرار خطة تطويرية للجيش، إمكانات ووظيفة، حتى يصبح على مقدار آمال اللبنانيين وطموحاتهم عندما يتعرّض بلدهم لأي تهديد او
خطر خارجي، خصوصاً من الكيان الإسرائيلي.
وتنبّه المصادر إلى انّه من غير المقبول أن يظل الجيش في موقع من يواجه التحدّيات باللحم الحي وبالزجل السياسي، معتبرة انّ الوقت حان لتسييل العواطف الداخلية والخارجية إلى قدرات حقيقية.