دور قطري مهم في منظومة العمل الجماعي لمكافحة التصحر
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
تعد دولة قطر شريكا فاعلا في منظومة العمل الجماعي الدولي لمكافحة التصحر والجفاف، وأكدت من خلال جهودها ومبادراتها على إمكانية التغلب على تحديات قضايا التصحر وتدهور الأراضي والجفاف أو التخفيف من آثارها عبر التعاون والتآزر الدولي تحت مظلة الاتفاقيات الدولية البيئية متعددة الأطراف وتبني الاستراتيجيات وخطط العمل.
تشجير البر
وعلى المستوى المحلي تضطلع الجهات المعنية بدور رئيسي وهام في مكافحة التصحر، ومن ابرزها مشروع استزراع البر القطري بالاستفادة من مياه الري المعالجة، والذي يعد خطوة هامة في مكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية والحد من انجراف التربة المائي والريحي، ولقد بدأ مشروع الاستزراع في وقت سابق بتشجير حزم الجلتة بمدينة الخور، حيث تمت زراعة اكثر من 10 آلاف شجرة ليمون عماني، إلى جانب زراعة 34500 شجرة سدر، وشهدت بدايات المشروع تنفيذ تجربة ناجحة لتوفير استهلاك مياه الري بنسبة 50% مع المحافظة على الوضع الصحي للنباتات من حيث الخضرة والنمو مما يساعد مستقبلاً في زيادة ومضاعفة الرقعة الخضراء في أنحاء الدولة المختلفة، كما تم إدخال العشرات من الأصناف النباتية الجديدة إلى الدولة بهدف إغناء المجموع النباتي. وادخل نظام التشجير إلى موسم التخييم الشتوي لإتاحة فرصة مساهمة أصحاب المخيمات بالتشجير من خلال السماح بزراعة الأشجار.
وقامت الجهات المعنية بإعداد دراسة خاصة بوضع استراتيجية مستقبلية لزيادة رقعة المساحة الخضراء والتي تضاعفت 10 مرات منذ عام 2010، بالإضافة إلى التقليل والحد من آثار وخطر الانبعاثات السامة على مستوى الدولة.
تخضير المدن
وتعمل إدارة الحدائق العامة بالتعاون مع البلديات المختلفة على توسعة رقعة المسطحات الخضراء في البلاد من خلال زراعة الأشجار وتخضير الجزر وسط الطرق، بالإضافة إلى الحدائق في الفرجان والمتنزهات، وعملت أيضاً على تزيين الشوارع بالأشجار والأزهار الموسمية.
تخضير الطرق
كما يتم تخضير الطرق لا سيما التي أجريت عليها أعمال الصيانة. أما بقية المناطق والشوارع فما زالت في قائمة الانتظار لحين تتم صيانتها وتوسعتها ومن ثم يتم العمل على تخضيرها وتزيينها بالأشجار والأزهار الموسمية، وذلك وفقط خطة الوزارة التي وضعتها لتخضير المناطق والشوارع عقب الانتهاء من عمليات التطوير التي تشهدها معظم المناطق والشوارع، ويظهر توجه الوزارة نحو تخضير البلاد من خلال زيادة عدد الحدائق، حيث تضاعف العدد منذ سنة 2010 وحتى اليوم، فضلا عن أكثر من 70 حديقة ما زالت بانتظار الإنشاء في الفترة المقبلة.
حظر الرعي
ويأتي قرار حظر رعي الإبل والذي تبعه قرار حظر رعي الأغنام والماعز لمدة 6 اشهر من كل عام في إطار الحفاظ على الغطاء النباتي، حيث أظهرت نتائج دراسة تأثير حظر الرعي تعافي الروض واستعادة البر عافيته، وتشير المعطيات إلى أن قرار حظر الرعي قد ساهم في استعادة بعض الروض بالبر القطري لنموها الطبيعي، كما أن حظر رعي الإبل خفف الضغط الزائد على الروض لما تتميز به الإبل من نهم في أكل الأشجار البرية، بما في ذلك اللحاء، ما قد يؤدي لموت الأشجار، فالملاحظ في البر القطري خلال السنوات الأخيرة هو تجدد الأشجار البرية كالسمر.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر مكافحة التصحر من خلال
إقرأ أيضاً:
في اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا
بقلم : أحمد عصيد
يوم 15 مارس هو اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا، قررته الأمم المتحدة من أجل مواجهة كراهية الإسلام عبر العالم، وهذا أمر إيجابي لأن كراهية الأديان والمعتقدات الدينية ليست موقفا نبيلا أو إنسانيا، لكن بالمقابل، على المسلمين أكثر من غيرهم أن يعملوا على تغيير صورة الإسلام في العالم، ليس من خلال تفسير نصوصه وأركانه ومضامينه، فهذا عمل لا جدوى منه إذا لم يغير المسلمون سلوكاتهم التي هي أبعد ما تكون عن النموذج الإيجابي، فالآخر – الذي ارتكب بدوره أخطاء كثيرة وخاصة بعزل الجالية المسلمة في أحياء هامشية – لا يفهم الإسلام إلا من خلال سلوك أهله، وليس ملزما بالتعرف على النصوص والمرجعيات، فقد سأل أحد ملوك الصين القديمة الحكيم كونفوشيوس كيف يتحقق العدل ؟ فكان جوابه: “بطريقة بسيطة جدا، أن تكون عادلا أيها الملك”. فالصورة الإيجابية عن الإسلام ينبغي أن يصنعها المسلمون أنفسهم سواء من خلال إصلاح أنظمتهم السياسية الاستبدادية ومجتمعاتهم التي ما زالت تكرس التمييز والقهر باسم الدين، أو من خلال تقويم سلوكاتهم في بلدان الغير، والتي يتم تبريرها – ويا للأسف – باعتماد نصوص دينية. ولا داعي هنا لسرد النماذج الصاعقة والأمثلة الكثيرة جدا، والتي للأسف تمثل المصدر الرئيسي المغذي لليمين المتطرف المتصاعد بشكل مخيف. لكن تصحيح سلوك المسلمين ستواجهه عقبة كبيرة جدا، وهو أن ذلك التصحيح لابد أن يمر عبر تصحيح فهمهم وتفسيرهم هم أنفسهم للدين الإسلامي، لأنهم إذا كانوا يعتقدون بأنهم بسلوكاتهم الخاطئة يجسدون “الدين الإسلامي الصحيح”، فمن المستحيل أن يغيروا ما بأنفسهم، وأعتقد أن منطلق هذا التغيير هو تجاوز الفقه الإسلامي التراثي الذي يوقعهم في تصادم يومي مع بعضهم البعض ومع بقية العالم، وإبداع فقه اجتهادي جديد ملائم لعصرنا، كما سيكون عليهم أن يحرروا الإسلام من “الإسلام السياسي” الذي نجح في تسريع وتيرة تشويه سمعة الإسلام عبر العالم، وجعله مصدر خوف حتى داخل البلدان الإسلامية نفسها. لاشك أن هناك أيضا عوامل تاريخية ممهدة للإسلاموفوبيا حيث يعود الأساس الأول لظاهرة الخوف من الإسلام والمسلمين إلى سبب تاريخي هو الحروب الصليبية التي مثلت لقاء تصادميا دمويا بين الإسلام والغرب، لم ينته بنهاية الحروب بل استمر من خلال التمثلات التي غذتها الإنتاجات المكتوبة والشفوية لقرون طويلة. وتعود الظاهرة أيضا إلى المرحلة الكولونيالية التي كرست أشكالا من التعامل بين الإنسان الغربي الأبيض وباقي سكان المعمور، قوامها نوع من التعالي والمركزية الغربية، وقد لعب الإسلام دور اللحام الإيديولوجي بين مكونات المجتمعات الإسلامية في مواجهة الاحتلال وتأطير المقاومة والحركات الوطنية. هذه العوامل حكمت نظرة الإنسان الغربي للجاليات المسلمة بعد المرحلة الاستعمارية، فأظهر نوعا من التعاملات العنصرية لم يكن الجيل الأول من المهاجرين يشعر بها، حيث كان يعطي الأولوية لعلاقته بالدولة وللمكتسبات المادية والخدمات الاجتماعية، على العلاقة بالأفراد. ويفسر هذا الإعجاب الشديد الذي كان يعبر عنه أفراد هذا الجيل بالدول الغربية ومؤسساتها مقارنة بواقع بلدانهم المتردي، كما كانت أزمة الهوية الناتجة عن حالة الاغتراب متحكما فيها عبر الحفاظ على علاقة وطيدة بالجذور وبالوطن الأصلي وبالتقاليد والعادات الأصلية. هذه الروابط التي كانت تلعب دور التوازن النفسي سرعان ما شرعت في التلاشي والذوبان مع الجيل الثاني والثالث من المهاجرين، وذلك بسبب ضعف العلاقة بالوطن الأصلي، وظهور عامل جديد هو تنظيمات الإسلام السياسي السلفية منها والإخوانية العالمية المتشددة التي تمتلك شبكات تمويل هائلة، والتي نجحت في استقطاب نسب كبيرة من أعضاء الجالية، حيث أصبحت تلعب دور العزاء النفسي والتعويض عن حالة الاغتراب وفقدان المرجعية بالنسبة لأعضاء الجالية الذين عانوا من ضعف الاندماج، وساهم في ذلك بشكل كبير تفاقم الأزمة الاقتصادية وتزايد البطالة مما دفع بالعديد من الشباب نحو المساجد التي يؤطرها أئمة بعضهم لا يكتفي بإمامة الصلاة والوعظ والإرشاد الديني بل يركزون على تكريس الخصوصية بمعناها المغلق، ونشر ثقافة الممانعة ضد قيم حقوق الإنسان على الخصوص، وضرب ثقافة التعايش في الصميم إلى حد يصل إلى درجة زرع مشاعر النفور والكراهية للمواطنين غير المسلمين، مما يظهر في سلوك أبناء الجالية بشكل عنيف. وقد كان لأوضاع تهميش الجالية المسلمة، واستعمال القضية الفلسطينية وأخطاء السياسة الخارجية الأمريكية بشكل كثيف دور كبير في تيسير عملية التأطير المنحرف هذه. و زاد من تأزم هذا الوضع بشكل كبير انتشار ظاهرة الإرهاب المسلح وظهور القاعدة وفروعها، مما جعل الإسلام مرتبطا في وجدان الإنسان الغربي بالعنف والدم، خاصة بعد أن تكاثرت الحوادث والوقائع الدموية التي أبطالها إسلاميون وسلفيون في كل من مالي والجزائر وليبيا وتونس ومصر والعراق واليمن والصومال وكينيا ونيجيريا وأفغانستان وباكستان وغيرها من البلدان. من جانب آخر كان لتخلف الدول الإسلامية وفشلها في بناء ديمقراطيات ناجحة، وفي تنمية مجتمعاتها، وإفراطها في استعمال الدين في اضطهاد أبنائها وخاصة من النساء وعرقلة تطور بلدانها، تأثير كبير في ترسيخ فكرة ارتباط الإسلام بالاستبداد والقهر والظلم لدى الغربيين. من الخطأ إذن البحث عن حلول لـ”الإسلاموفوبيا” فقط عبر السعي إلى إقناع الغربيين بتغيير نظرتهم إلى الإسلام والمسلمين اعتمادا على بعض النصوص، ذلك أن هذه النظرة لا يمكن أن تتغير بدون أن يغير المسلمون سلوكاتهم واقعيا، سواء في بلدانهم أو في بلدان المهجر. ذلك أنّ الحقيقة التي ينبغي أن تظلّ نصب أعيننا هي أن الغرب لن يفهم أبدا الإسلام إلا من خلال ما يفعله المسلمون، سواء بأنفسهم وببعضهم البعض أو بغيرهم