د.حماد عبدالله يكتب: فاقد الشىء لا يعطيه !!
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
لايمكن أن نطلب من فاقد الأهلية أن يكون "أهل " لثقة أو لقرار أو لتنفيذ مهام بعينها جادة أو محترمة ففقدان الأهلية تدخل تحت وصف العبث أو الجنون أو الإتصاف بالخروج عن المعقول ولا يمكن أبداَ أن نطالب " ثعبان " مثلاَ – حينما يتم " دفئه " بألا " يلدغ " من حوله أو " عقرب " حينما يترعرع فى صحراء أو فى حديقة بأن يمتنع عن ضرب "ذنبه" فيما يصادفه من أجسام سواء كانت لإنسان أو حيوان، ولكن من الطبيعى جداَ أن تتعايش هذه المخلوقات مع أمثالها دون ضرر كما قرأنا وكما عرفنا إلا الضرر الذى يمكن أن يقع فى الخلاف أو الشجار للفوز "بأنثى" من نفس النوع أو فريسة من الذكور الضعيفة وأيضًا تعلمنا ذلك على الأقل من المشاهدة لبرامج " جيوجرافيك تشانيل، أو "أنيمال بلانت " أو عالم الحيوان فى التليفزيون المصرى، وهذه الصفات التى تؤكد بأن فاقد الشىء لا يعطيه تنطبق أيضاَ على البشر الذى يُنْتَزَع ْمن قلوبهم الرحمة فلا يمكن أبداَ أن تطمأن أو تطمع لدفىء فى العلاقات معهم أو حتى بينهم، ولعل ما يصادفنا فى الحياة أيضاَ هؤلاء الجهلة الذين يتبوءون مراكز علمية أو قيادية فى البلد فنجد نتاجهم شىء غير منتظر شىء لا يصدقه العقل، حيث فاقدى لأدوات الإدارة فى وظائفهم وفاقدى العلم فى مسئولياتهم العلمية سواء كانت فى جامعات أو مدارس أو حتى مراكز للبحوث وهؤلاء الفاقدين لخواص ومواصفات مؤهلة لتولى مهامهم أكثر ضرراَ على المجتمع من تلك الزواحف أو الحشرات التى أشرنا إليها فى مبتدىء المقال حيث الضرر الواقع من الحشرة سوف يؤلم ويؤدى لإيذاء فرد ولكن الإيذاء والضرر الذى ستحصده نتيجة إدارة "جاهل" أو إشراف علمى "لمتخلف عقلياَ" على رسالة علمية أو تولى إدارة بحثية أو تولى شئون مستقبل أمة فى التعليم سوف يأخذ بنا إلى الدرك الأسفل سوف يَهزِمْ فى نفوسنا أملًا لمستقبل نحاول بكل ما نستطيع أن نزيد من تراكم النجاح فيه والخبرات ولكن من ( حظنا الهباب ) أن يأتى إلينا إختيارًا، وسوء سبيل وأعتقد عن دون قصد من صاحب الإختيار وأيضاَ عن دون قصد من الشخص الذى تم إختياره حيث يرى ذو الفاقد للأهلية بأنه أحكم وأعقل وأندر الشخصيات على بساط الخليقة، ولكن هو "حظنا الهباب"، ويجب أن نتدراك هذا الأمر وبسرعة فى اتخاذ القرار بالإستبعاد مثلما كانت السرعة فى اتخاذ قرار الإختيار دون أسباب واضحة أو دون مبررات وحيثيات مقبولة أو يمكن تجربتها أو إختبارها وليكن الأدب الشعبى نبراسًا فى هذا -فاقد الشىء لا يعطيه وكفى المؤمنين شر القتال وروح ياسيدى الفاضل ربنا يسامحك !!
وتحضرنى مقولة لنابليون بونابرت (الزعيم الفرنسى المشهور) حينما قال
""إذا أنشئت جيش من مئة أسد بقيادة كلب، فستموت الأسود كالكلاب فى أرض المعركة،أما إذا صنعت جيشًا من مئة كلب بقيادة أسد، فجميع الكلاب ستحارب كأنها أسود"
Hammad [email protected]
.المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
النظام ساقط… ولكن الظل قائم: في طقوس الإنكار وانفجارات الكذب الوجودي عند إبراهيم محمود
هل يمكن للظل أن يُلقي بنفسه في النهر ظانًّا أنه سينجو؟
هذا ما يفعله إبراهيم محمود، الرئيس المكلف لحزب المؤتمر الوطني، حين يقف على شاشة الجزيرة ليحاور الأستاذ أحمد طه، ليس بصفته مسؤولًا سياسيًا سابقًا، بل كممثل بارع لمدرسة “الإنكار العالي”، حيث الحقيقة ليست إلا مؤامرة، والوقائع ترف ذهني، والثورات… تجلٍ هوسي، و هلوسة جماعية لشعب مخدوع.
لقد جلس الرجل، في قشرة مدنية صقيلة تحاكي هيئة النظام لا جوهره، ونبرة لا تخلو من يقين أن العالم ما يزال يدور حول “المشروع الحضاري”، ليقول لنا ببساطة: “نحن لم نربِّ الوحش، لم نغذّيه بمكر سياسي حتى تضخمت مخالبه، لم نحرق دارفور، ولم نرَ ديسمبر أصلًا، بل رأينا سحابة صيف عبرت من الخارج، ثم غرّرت ببعض القُصّر.و الحالمين”
أيها الإله الذي نفاك المؤتمر الوطني ثم أعاد استيرادك بشروطه: قل لنا، هل هذا هو التجسيد الحداثي الجديد لسياسة “عليّ الطلاق ما حصل”؟ هل هذه المقابلة كانت درسًا في محو التاريخ أم إملاءً في بنية معماريّة دقيقة لتشويه المعنى؟
إبراهيم محمود لم يُجب، بل ناور، دار، لفّ، وحوّل كل سؤال إلى متاهة. بدا كأنه يفاوض الحقيقة على شاشة البث المباشر، كأنها صفقة سياسية قابلة للتأجيل.
هل المؤتمر الوطني مسؤول عن تضخيم الدعم السريع؟
“لا، قوى الحرية والتغيير فعلت ذلك.”
ومن الذي شرعن له برلمانيًا؟
“البرهان، تحت الضغط الخارجي.”
ومن الذي أوجد البرهان؟
“القدر، ربما… أو إحدى المعجزات السياسية.”
هكذا يجيب من لا يملك شجاعة القول، ومن ما زال يعتقد أن الناس قطيع، وأن الزمن يمكن إعادة تطويعه بدهاء السوقة وشطارة المكر السياسي، وأن الكذب مهارة إدارية.
يا سيدي، إنكم أنتم من نصبتم خيمتكم على مفاصل الدولة، حوّلتم الإسلام إلى سلعة، والوطن إلى غنيمة، والجيش إلى شركة أمن خاصة. ثم جئتم بعد السُكر الطويل، وأنتم تترنحون في محراب الإعلام، لتقولوا: لم نكن هناك.
لا أحد منكم يريد أن يعترف، لأنكم – وكما قال إريك فروم – “لا تحتملون الحرية”، أنتم أبناء الطاعة، تخافون من الحقيقة لأنها تفكّك السلطة، وأنتم عبدة السلطة.
إن إبراهيم محمود، في تلك المقابلة، لم يكن يمثل حزبه فقط، بل جسّد بأمانة كاملة عقلية الإسلام السياسي حين يُستدعى للمساءلة:
أولًا ينكر،
ثم يتّهم الآخر،
ثم يتذكّر أن الله معه،
ثم يختم بابتسامة مُرّة توحي بأنه يعلم أنه يكذب، لكنه قرر أن لا يختشي.
أي نقد يُقدَّم لهؤلاء يُقابل بتهمة “الحرب على الإسلام”، وكأن الإسلام وُكِّل إليهم دون سواهم، وكأن الله نفسه عقد معهم اجتماعًا مغلقًا، ووقّع على بيان رسمي قال فيه: هؤلاء وكلائي الحصريون.
ياللمفارقة التراجيدية! كيف تؤول النصوص، وتُسرق القيم، وتُختطف الأخلاق، ليُقال إن من اختلف مع حزب سرق السلطة لثلاثين عامًا، ونهب الوطن، ودفع به إلى حرب أهلية، إنما هو “عدو للإسلام”!
لقد قدم إبراهيم محمود درسًا في الاستبداد الديني المغلّف: ليس في ما قال، بل في كيف قال. بنبرة فوقية لا تعترف بالمُحاوِر، ولا بالشعب، ولا بالتاريخ، بل تُخاطب جمهورًا متخيّلًا، جمهورًا مخصيًا ذهنيًا، يصفّق لكل شيء، حتى لو قال لهم إن الشمس تشرق من دار المؤتمر الوطني.
لقد خرجت الثورة، يا سيدي، لا من مؤامرة، بل من رحم الغضب.
من دم الشهداء في عطبرة، و نيرتتي من ليل المعتقلات، من جوع الأحياء الطرفية، من حنجرة حميد، من صمت الأمهات، من دعاء أولئك الذين رأوا أطفالهم يُدفنون في خيام النزوح باسم المشروع.
ولكنك، كاهنٌ آخر في معبد الإنكار لا يصغي حتى لصدى خطواته في الخراب.
فلا بأس، سنكتب.
وسنضحك، ساخرين من “الرئيس المكلف” لحزب منحل، يجلس على طاولة الكلام وكأنه ما زال يحكم.
zoolsaay@yahoo.com