يحتفل العالم باليوم الدولي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، في 14 نوفمبر من كل عام، بهدف تذكير العالم بأن السرقة والنهب والاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية تحدث في جميع البلدان، وتسلب أهلها ثقافتهم وهويتهم وتاريخهم.
وتعتبر سرقة الممتلكات الثقافية والاتجار غير المشروع بها جريمة، وحسب قاعدة بيانات المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الانتربول» - قاعدة البيانات الوحيدة على المستوى الدولي - فإن عدد الأعمال الفنية المسروقة تبلغ 52 ألف غرض، بالإضافة إلى الأغراض غير المبلغ عنها في مختلف الدول.


ويمثل الاتجار بالممتلكات الثقافية ثالث أكبر نشاط إجرامي دولي، لا يسبقه سوى تجارة المخدرات والأسلحة، ويقدر الخبراء حسب تقارير دولية إجمالي الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية قد يصل بشكل منفصل إلى 10 مليارات دولار كل عام، وقد ارتفع هذا الرقم خلال العقد الماضي بحسب «الانتربول».
كما تشير التقارير المختلفة إلى أن عدد القطع الأثرية والممتلكات الثقافية التي تمت مصادرتها من قبل المؤسسات القانونية في أوروبا قد بلغ 567,465 قطعة، مما يعني أن أضعاف هذه الأرقام قد تم بيعها والتجارة بها، وفي العالم العربي تمت سرقة وتهريب أكثر من 14,000 مخطوطة من اليمن فقط لم يتضح حتى الآن مصيرها، كما لم تظهر حتى الآن لوحة زهرة الخشخاش (لـ فان جوخ) والتي تمت سرقتها من داخل أحد متاحف القاهرة وتبلغ قيمتها 60 مليون دولار.
ومن هنا تتواصل الجهود الدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، والسعي لاسترداد القطع والآثار التي خرجت من أماكنها الأصلية بصورة غير قانونية.
بالإشارة إلى مكتبة قطر الوطنية وهي واحدة من المؤسسات الثقافية القطرية التي وضعت على عاتقتها هذه القضية، وقامت بجهود كبيرة في هذا الصدد، وحول هذه الجهود أوضح السيد مكسيم نصره رئيس قسم صيانة مقتنيات المكتبة بإدارة المجموعات المتميزة بمكتبة قطر الوطنية، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية «قنا»: إن المكتبة بصفتها مركز الإفلا الإقليمي لصون المواد التراثية والمحافظة عليها في الدول العربية والشرق الأوسط، تقوم بدور محوري في الحفاظ على التراث الوثائقي وتيسير الوصول إليه سواء في دولة قطر والدول العربية والشرق الأوسط، من خلال الدورات التدريبية وورش العمل لبناء قدرات العاملين والمتخصصين، وتوفير المراجع باللغة العربية من خلال ترجمة المعايير الدولية المعتمدة وإلقاء الضوء على التحديات في المنطقة وعقد المؤتمرات والمنتديات لمناقشة الحلول واستدامتها وبالتعاون والشراكة مع المؤسسات التراثية في المنطقة والمؤسسات الإقليمية والدولية المعنية بالحفاظ على التراث.
وأكد أهمية التعاون الدولي الذي يعتبر أكثر الوسائل فعالية لحماية الممتلكات الثقافية في العالم، مشيرا إلى أن المكتبة أطلقت عام 2020 مشروع (حماية) الاستراتيجي، والذي يهدف إلى إشراك المنظمات الدولية والإقليمية وجميع المؤسسات المعنية وذات الصلة لتعزيز وتنسيق الجهود لمكافحة الاتجار غير المشروع وتداول التراث الوثائقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، موضحا أن المشروع يسعى كذلك إلى توفير التدريب وبناء القدرات للمتخصصين في مجال حماية التراث، والعاملين في الجمارك لرفع الوعي حول أهمية حماية التراث الوثائقي والمحافظة عليه.
وأضاف نصره، أن مكتبة قطر الوطنية قامت في هذا الصدد بتنظيم عدد كبير من الدورات التدريبية في مقرها، بالإضافة إلى دورات عبر الانترنت حول الإطار التشريعي والقانوني لحماية الممتلكات الثقافية ومكافحة الإتجار غير المشروع بها وباللغات العربية والانجليزية والتركية والفارسية، ونظمت دورات تدريبية متخصصة للعاملين في الجمارك في قطر والدول العربية، إلى جانب مؤتمر دولي حول ذات الموضوع يعقد سنويا في سبتمبر من كل عام في مقر المكتبة بالدوحة.
وحول جهود المكتبة لإحصاء الآثار والممتلكات الثقافية العربية التي تعرضت للسرقة والسلب، قال رئيس قسم صيانة مقتنيات المكتبة، إن المكتبة تتعاون مع منظمات محلية ودولية لتوعية المتخصصين والعاملين في المؤسسات التراثية على أهمية تسجيل المقتنيات المنهوبة في قاعدة بيانات الانتربول للمقتنيات المسروقة، بالإضافة إلى التوعية والتدريب بطريقة البحث في قاعدة البيانات والاستفادة من المعلومات المتاحة بها، كما تعمل المكتبة الوطنية وبالتعاون مع معهد قطر لبحوث الحوسبة في جامعة حمد بن خليفة على تطوير نظام إدارة محتوى ذكي يدعى (فهرس) لمراقبة الإعلانات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي والمتعلقة بالتجارة غير المشروعة للممتلكات الثقافية (مع التركيز على المخطوطات) مع القدرة على توثيق وأرشفة جميع هذه البيانات.
وقد شهدت دولة قطر الإعلان عن استراتيجية المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ألكسو» للمساعدة القانونية على استرداد الممتلكات التراثية التي تم الاستيلاء عليها في البلدان العربية بطرق غير مشروعة، وذلك خلال انعقاد ورشة الدوحة الدولية الثانية لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية.
وحول هذه الاستراتيجية قالت القاضية التونسية نجيبة الزاير مستشارة قانونية في»ألكسو»، في حوار مع وكالة الأنباء القطرية «قنا» إن استراتيجية «ألكسو» تناولت أهداف استرجاع الممتلكات الثقافية بما يعد انتصارا لهويتنا وتاريخ شعوبنا، لافتة إلى أن استراتيجية الاسترجاع من الناحية القانونية تضمنت التشخيص التشريعي والواقعي للاسترجاع، والمبادئ العامة بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بالاسترجاع، حيث إن الاتفاقيات الدولية تتضمن المبادئ العامة للحماية بكامل الحالات وضد أغلب الانتهاكات المسلطة على الملك المشترك للإنسانية المتكون من كل عنصر من عناصر الممتلكات الثقافية.
وشهدت دولة قطر إقرار استراتيجية منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة» الإيسيسكو» في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية، وذلك خلال انعقاد مؤتمر وزراء الثقافة في دول العالم الإسلامي الثاني عشر في سبتمبر الماضي.
وحول هذه الوثيقة أكد السيد محمد الهادي السهيلي مدير إدارة الشؤون القانونية والمعايير الدولية بمنظمة «الإيسيسكو» أن الوثيقة تعتبر امتدادا لجهود المنظمة في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية، حيث انخرطت المنظمة في الجهود الدولية لحماية التراث والحفاظ عليه لدى دولها الأعضاء، لافتا إلى وجود العديد من الوثائق المرجعية ذات الصلة بحماية التراث الثقافي المادي وغير المادي في العالم الإسلامي منها: الرؤية الاستراتيجية الجديدة التي انطلقت منذ سنة 2019، وخطة العمل متوسطة المدى 2022 - 2023، والإعلان حول حماية التراث الثقافي في العالم الإسلامي 2017، وجهود لجنة التراث في العالم الإسلامي، ولجنة الإيسيسكو للخبراء الآثاريين المكلفة بتوثيق الحفريات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى ومحاولاتها طمس وتهويد معالم التراث في مدينة القدس الشريف.
وأضاف السيد محمد الهادي السهيلي مدير إدارة الشؤون القانونية والمعايير الدولية بمنظمة «الإيسيسكو لـ «قنا»، أن الاستراتيجية الجديدة التي عرضت أول مرة في الدوحة تسعى إلى تعزيز القدرات المعرفية والمادية لأصحاب المصلحة في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، واستقراء أهم الآليات القانونية والعملية والمؤسساتية الناظمة للموضوع.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر الممتلكات الثقافية مكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية الممتلکات الثقافیة العالم الإسلامی لمکافحة الاتجار حمایة التراث فی العالم فی مجال

إقرأ أيضاً:

بازار مواهب ذوي الإعاقة يضيء حملة “أحسن صاحب” احتفالًا باليوم الدولي

نظمت  وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع مؤسسة صناع الحياة بازارًا استثنائيًا لعرض إبداعات ومواهب ذوي الإعاقة، الذين شاركوا في مسابقة اكتشاف المواهب ضمن حملة “أحسن صاحب”.

وشهد البازار عرض مجموعة متنوعة من المواهب، شملت الرسم، الخط العربي، الأعمال اليدوية، وتصميم المنتجات الجلدية، حيث أظهرت هذه الأعمال القدرات الإبداعية المذهلة لذوي الإعاقة، مؤكدة أن الإبداع يمكن أن يكون جسرًا للتواصل والاندماج المجتمعي.

وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أهمية دعم ذوي الإعاقة وتوفير منصات تُبرز إبداعاتهم وتتيح لهم الفرصة لعرض منتجاتهم وإثبات قدراتهم في مختلف المجالات.

وأشارت إلى أن وزارة التضامن الاجتماعي ملتزمة بدعم مثل هذه المبادرات التي تعزز من دمج ذوي الإعاقة في المجتمع وتساهم في تقليل عزلتهم الاجتماعية.

يُذكر أن البازار كان جزءًا من فعاليات حملة “أحسن صاحب”، التي تنفذها وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع مؤسسة صناع الحياة، وتهدف إلى تعزيز الدمج الاجتماعي لذوي الإعاقة من خلال اكتشاف ودعم مواهبهم وتشجيع التفاعل المجتمعي الإيجابي معهم.

مقالات مشابهة

  • وفد من جامعة القاهرة يزور معرض"تراثنا" للحرف بمركز مصر للمعارض الدولية
  • بازار مواهب ذوي الإعاقة يضيء حملة “أحسن صاحب” احتفالًا باليوم الدولي
  • سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة تحتفي باليوم العالمي للغة العربية
  • إنجازات مضيئة وأثر بارز.. جهود الأعلى للشئون الإسلامية خلال 2024
  • لجنة حماية التراث الثقافي بمطروح تطلق مبادرة لجمع مقتنيات لمتحف التراث
  • جامعة الفيوم تحتفل باليوم العالمي للغة العربية.. صور
  • ختام فعاليات برنامج الوعى الأثري "تراثنا نحميه ونحييه" بالشرقية
  • اليوم.. "التنمية" تحتفل باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة
  • ضبط عدد من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة
  • مبادرات وحلقة نقاشية احتفالا باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة