ميلاد الجمعية المغربية للصحفيين الشباب
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
انعقد السبت الموافق 11 نونبر في الدار البيضاء الجمع العام التأسيسي لإطار مهني جديد تحت اسم "الجمعية المغربية للصحفيين الشباب"، وذلك بحضور صحافيات وصحافيين يمثلون جزءًا من فسيفساء المشهد الصحفي والإعلامي المغربي.
تأتي المبادرة المدنية المهنية الشابة تماشيًا مع تطلعات الصحفيين الشباب العاملين بالقطاع الصحفي الإلكتروني- الورقي والسمعي البصري نحو تعزيز مكانة الصحفيين الشبان في المجال الإعلامي.
وتنشد الجمعية المغربية للصحفيين الشباب تأطير وتأهيل العاملين في القطاع وكذلك طلاب المعاهد الصحفية في المجال الإعلامي والسمعي البصري، في مسعى نبيل للنهوض المشترك بالعمل الصحفي على الصعيدين الوطني والمهني، وتوحيد الرؤى والمعايير الخاصة بالأخلاقيات الصحفية وكذا تنزيل أمثل لقوانين الصحافة والنشر ومعها وضعية العاملين بالقطاع.
وتسعى المبادرة المدنية الشابة عبر برنامجها إلى تعزيز المهارات الصحفية من خلال تنظيم دورات تكوينية في المجال الصحفي والسمعي البصري وكذا دراسات وأبحاث تعنى بالمجال الصحفي بروافده السمعية البصرية وكذا الإلكترونية والورقية.
وفي هذا الصدد، انتخب الجمع العام التأسيسي لتسيير دفة التكتل الصحفي الشاب الزملاء : أيوب أجوادي رئيسًا، عبد الله القصراوي نائبًا، فاطمة الزهراء غالم كاتبة عامة، عزيز صفي الدين نائب كاتبة العامة، معاذ جمالي الإدريسي أمين المال، أحمد الواحي نائب أمين المال، إبراهيم الزكري مستشارًا أول، خالد بلغربي مستشارًا ثاني، وحيد لخيار مستشارًا ثالث.
مع الإشارة إلى انفتاح الجمعية المغربية للصحفيين الشباب على مختلف المؤسسات والهيئات التمثيلية العاملة في القطاع، وذلك في إطار المساعي النبيلة للإرتقاء بوضعية الصحافة بالمغرب.
وتتعهد الجمعية المغربية للصحفيين الشباب فتح باب التشاور المشترك والجماعي حول قضايا الصحافيين الشبان اجتماعيًا واقتصاديًا، كما تعكس هذه الخطوة رغبة الصحفيين الشباب تحسين وتطوير الإطار المهني الخاص بالصحافة، وتعزيز دور الصحفيين الفعّالين في خدمة المجتمع وتقديم محتوى إعلامي ذو جودة عالية.
للمزيد من المعلومات والتفاصيل، يرجى زيارة الصفحة الرسمية للجمعية المغربية للصحفيين الشباب.
الجمعية المغربية للصحفيين الشباب
المكتب الإعلامي
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
رحلة التحقيق الصحفي في تكريت: بين المهمة الرسمية والتشابكات الأمنية والاجتماعية!!
بقلم : تيمور الشرهاني ..
في عام 2000 تحديداً ، كُلّفتُ مع مجموعة من الزملاء بمهمة صحفية رسمية إلى مدينة تكريت، محافظة صلاح الدين، لإجراء تحقيق شامل عن حياة الرئيس المخلوع آنذاك، صدام حسين. كان الهدف إعداد مادة صحفية تُنشر بمناسبة عيد ميلاده، تُسلط الضوء على نشأته وتفاصيل حياته.
عندما وصلنا إلى المحافظة، لاحظنا تمثالاً ضخماً لصدام حسين يزيّن إحدى الساحات العامة. قرر المصوّر المرافق لنا التقاط صورة للتمثال، كونها ستكون ضرورية للتحقيق الصحفي. وبينما كان المصوّر منهمكاً في عمله، فوجئنا برجل مرور يقترب منا غاضباً، مطالباً بالتوقف فوراً عن التصوير. قال لنا بلهجة صارمة:
“هنا لا يجوز التصوير في هذه الأماكن، عليكم مغادرة الموقع فوراً!”.
حاولت تهدئته وقلت له:
“أنت رجل مرور، وعملك يقتصر على تنظيم السير ومحاسبة المخالفات المرورية. لا علاقة لك بموضوع التصوير”.
لكن رده كان حاداً:
“أنا رجل مرور، نعم، لكن عليكم مرافقتي الآن”.
بعد لحظات، استدعى دورية أمنية، وأُخذنا إلى مديرية الأمن الخاص في المحافظة. هناك، استقبلنا مدير الجهاز الأمني، وهو شاب بدا متفهماً. سألنا عن سبب التقاط الصورة، فأجبناه بأننا في مهمة رسمية بموافقة الجهات العليا لجمع معلومات عن حياة الرئيس صدام حسين. حاولنا طمأنته بأن الصورة كانت جزءاً من التحقيق الصحفي فقط. بعد نقاش طويل، قال لنا:
“نحن نخشى أن تُستخدم هذه الصور ضدنا بطريقة ما. لكن طالما أنكم مكلفون رسمياً، فلكم الأمان. توكلوا على الله وانطلقوا”.
بعد انتهاء هذا الموقف، واصلنا مهمتنا حتى وصلنا إلى شيخ عشيرة صدام حسين. استقبلنا بحفاوة كبيرة وأبدى تعاوناً ملحوظاً. جلسنا معه لساعات نستمع إلى تفاصيل عن طفولة صدام حسين، حياته العائلية، والمسار الذي قاده إلى رئاسة الجمهورية.
لكن أثناء الحديث، لفت انتباهي شاب من الحاضرين، وهو ابن الشيخ. بدا منشغلاً بالتقرب من زميلتنا الفاتنة التي كانت معنا ضمن الفريق، وربما كان معجباً بها. حاولنا تجاهل الموقف، لكن لاحقاً اقترب مني الشاب وسألته:
“أين تعمل؟”.
أجابني طالباً في الكلية العسكرية، ومن هنا بدأنا نكوّن علاقة سطحية استمرت بعد انتهاء اللقاء الصحفي.
بعد فترة من انتهاء المهمة، كنتُ أمارس عملي كالمعتاد في دائرة الإعلام بمحافظة كربلاء. المقدسة قبل عقدين ونصف في أحد الأيام، فوجئت بزيارة سيدة مسنّة إلى داري وهي تبكي بحرقة. قالت لي إنها جاءتُ من محافظة النجف بحثاً عن مساعدة. أخبرتني بأن ابنها، الذي كان طالباً في الصف السادس الإعدادي، اختفى منذ أربعة أشهر، ولا تعلم أي شيء عن مصيره.
سألتها:
“من الذي وجهك إليّ؟”.
فقالت: “أحد أقربائك في النجف نصحني باللجوء إليك”.
شعرت أنني بحاجة إلى مساعدة شخص مطّلع على الأجهزة الأمنية ودهاليزها، ففكرت في ابن الشيخ الذي أصبح صديقاً لي بعد لقائنا في تكريت. عندما زارني لاحقاً إلى مقر عملي باستمرار، طلبت منه أن يبحث عن الشاب المفقود، زودته بالاسم الرباعي ومكان السكن.
بعد أسبوع، عاد إليّ ابن الشيخ وقال:
“أحتاجك أن تذهب معي إلى مكان معين”.
لم يخبرني الوجهة، لكنني وافقت. ركبنا سيارته الفارهة نوع BMW، وبعد مسافة طويلة، وجدنا أنفسنا أمام سجن أبو غريب. هناك، استُقبلنا بحفاوة من مدير السجن الإصلاحي الخاص، الذي أحضر الشاب المفقود برنه جرس.
كان الموقف صادماً. عندما جلسنا مع الشاب، سألناه عن سبب سجنه. قال:
“كنت في المدرسة الإعدادية، وبدون قصد مُزقت ورقة معلقة على لوحة الإعلانات. لم أكن أعلم أن الورقة تحمل في طياتها النشيد الوطني العراقي. شاهدني بعض الطلاب، وأبلغوا المدير الذي اقتادني إلى أمن المحافظة. ومن هناك، تعرضت للتحقيق والتعذيب حتى اُتهمت بالإساءة للرموز الوطنية، وانتهى بي المطاف هنا في السجن”.
كانت القصة مؤلمة للغاية بالنسبة لنا، خاصة عندما علمنا أنه قضى أربعة أشهر في زنزانة انفرادية بسبب خطأ بسيط وغير مقصود.
بعد خروجنا من السجن، سألني ابن الشيخ: أرآكَ منزعجاً “هل يعود لك هذا الشاب دون تردد؟” فأجبته: “نعم، يعود إلى والدتي.” فعلق قائلاً: “لو أخبرتني بذلك سابقاً، لأحضرناه معنا خارج أسوار السجن. تفاجئت من كلامه ” فقلت طالما لديك الإمكانية بأخراجه ما زلنا قريبين من السجن ابتسم ابتسامة عريضة ، وبعد أيام قليلة، أخبرني أن الشاب قد أُطلق سراحه. لم أصدق في البداية، لكنه شرح لي أن والده قد تقدم بطلب رسمي إلى الرئيس صدام حسين، يلتمس فيه العفو الخاص عن ابن أهالي الوسط فقد استجاب الرئيس للطلب، مدوناً هامشه عليه : “يُطلق سراحه فوراً.” وبالفعل، تم إطلاق سراح الشاب، وعاد إلى أسرته في النجف.
ظلت هذه القصة عالقة في ذهني لسنوات طويلة، حيث تعكس مدى تعقيد الحياة في ظل نظام قاسٍ، حيث يمكن لخطأ بسيط أن يُدمر حياة فرد، وفي المقابل، يمكن للعلاقات الشخصية والنفوذ أن تلعب دوراً حاسماً في تغيير المصير. هذه الحادثة تبرز أهمية العلاقات والصلات في مجتمعات تسيطر عليها الأنظمة الاستبدادية، حيث تكون العدالة أحياناً رهينة للواسطة والامتيازات.
لكنها أيضاً تثير تساؤلات عميقة حول مفهوم العدالة والمساواة. ففي حين أن هذا الشاب نجا بفضل تدخلنا ولله الحمد ،بالمقابل كم من الأشخاص الآخرين يظلون محرومين من حقوقهم بسبب عدم امتلاكهم نفس النفوذ أو العلاقات؟
هذه القصة تذكرنا بأهمية بناء أنظمة مؤسسية قائمة على مبادئ العدل والشفافية، حيث يتمتع الجميع بفرص متساوية، بغض النظر عن خلفياتهم أو صلاتهم الشخصية. العلاقات قد تكون أداة قوية في ظروف معينة، ولكنها لا يجب أن تكون العامل الحاسم في تحديد مصير الأفراد.