«كوب».. رحلة متواصلة لإنقاذ الكوكب
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
طه حسيب (أبوظبي)
منذ تمخض من «قمة الأرض» التي عقدت في ريودي جانيرو بالبرازيل خلال الفترة من 3 إلى 14 يونيو1992، يتطلع العالم إلى مؤتمر الأطراف «كوب»، ليكون فعالية عالمية كبرى تضع جميع دول العالم أمام فرصة حقيقية لإنقاذ الكوكب من تداعيات التغير المناخي، بتوحيد جهود دول العالم لحماية الكوكب، وإعادة الاعتبار للطبيعة كونها أصلاً من الأصول الثابتة للاقتصاد العالمي والاستقرار الاجتماعي.
ومؤتمرات الأمم المتحدة للتغير المناخي، تنعقد سنوياً ضمن إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي (UNFCCC)، أو الاجتماع الرسمي للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي لتقييم التقدم المحرز في التعامل مع التغير المناخي- بدءاً من منتصف التسعينيات- للتفاوض بشأن اتفاقية كيوتو لوضع التزامات ملزمة قانوناً للدول المتقدمة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
عُرف كل مؤتمر من المؤتمرات منذ عام 2005 على أنه «مؤتمر الأطراف العامل كاجتماع للأطراف في اتفاقية كيوتو»، وخلال الفترة من 2011 وحتى 2015 شكلت هذه المؤتمرات ساحة للتفاوض على اتفاقية باريس، علماً بأن الموافقة على أي نص نهائي لمؤتمر الأطراف يتم إقرارها عبر توافق الآراء.
البداية من برلين
عقد أول مؤتمر للأمم المتحدة حول التغير المناخي في عام 1995 في برلين. ومن خلال إطلالة سريعة على تاريخ انعقاد مؤتمرات الأمم المتحدة المناخية، نستنتج المحطات التالية: «كوب 1» انعقد في برلين، ألمانيا 1995، وانعقد المؤتمر الأول للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي في الفترة من 28 مارس إلى 7 أبريل عام 1995 في برلين في ألمانيا. وانعقدت النسخة الثانية من مؤتمر الأطراف في جنيف بسويسرا من 8 إلى 19 يوليو عام 1996.
وشهدت النسخة الثالثة من مؤتمر الأطراف «كوب3» التي انعقدت في كيوتو باليابان في ديسمبر عام 1997، إطلاق بروتوكول كيوتو الذي يلزم الدول الصناعية والبلدان التي تحولت لاقتصاد السوق بتخفيض الانبعاثات لستة أنواع من الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 5% عن مستوياتها في عام 1990 على أن يتم التنفيذ خلال الفترة من 2008 إلى 2012. البرتوكول يلزم الدول الصناعية فقط ولم يتطرق للدول النامية، لكنه لم يحقق النجاح المنشود.
وفي بيونس آيريس، عاصمة الأرجنتين، انطلقت فعالت «كوب 4» خلال الفترة من 2 إلى 13 نوفمبر 1998. واستضافت مدينة بون الألمانية النسخة الخامسة من مؤتمر الأطراف «كوب5» خلال الفترة من 25 أكتوبر إلى 5 نوفمبر1999.
وفي «لاهاي» الهولندية، انعقد «كوب 6» خلال الفترة من 13 إلى 24 نوفمبر 2000، ولأن هذه النسخة لم تتوصل لنتائج، تم الإعلان عن استئنافها من جديد في مدينة بون الألمانية في يوليو 2001، ويمكن اعتبار «كوب 6 المكرر» نقطة تحول لكونه سلط الضوء على الاحتياجات التمويلية للدول النامية وبدأت الاقتراحات الخاصة بصناديق المناخ. وخلال المؤتمر، تم اقتراح ثلاثة صناديق جديدة لتقديم المساعدة في مواجهة التغير المناخي: صندوق التغير المناخي يدعم مجموعة من الإجراءات المناخية. وصندوق مخصص للدول الأقل تنمية لدعم برامج العمل الوطنية للتكيف. وصندوق للتكيف وفق اتفاقية كيوتو مدعوم بضريبة من آلية التنمية النظيفة ومساهمات طوعية.
ويحسب لـ«كوب 6 المكرر»، طرحه ما يمكن وصفه بمسارات مرنة للاتجار في الانبعاثات وفتح المجال أمام الدول المتقدمة لتعويض حجم انبعاثاتها بخطوات أخرى للحد من الانبعاثات في الدول النامية، ودعم الدول الأقل نمواً للتكييف مع تداعيات التغير المناخي، وبدا كما لو أن المؤتمر يحاول تعويض الانتكاسة التي مُني بها بروتوكول كيوتو الذي لم تلتزم به آنذاك الدول الصناعية. وخلال الفترة من 29 أكتوبر إلى 10 نوفمبر 2001، ركزت فعاليات «كوب 7» بمراكش المغربية، على «مجموعة قرارات» تهدف لدفع الدول المتقدمة للتصديق على بروتوكول كيوتو.
كوبنهاجن وسقف الاحترار
وحدد مؤتمر COP15 في كوبنهاجن عام 2009 عتبة الاحتباس الحراري العالمي التي نعرفها حالياً البالغة درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
مؤتمر «كانكون»
وفي المكسيك، وخلال الفترة من 29 نوفمبر إلى 10 ديسمبر 2010، ساهمت فعاليات مؤتمر «كوب 16»، من خلال اتفاقية «كانكون»، في إنشاء مؤسسات وأطر عمل جديدة تشمل إطار «كانكون» للتكيف ولجنة التكيف وآلية التكنولوجيا والتي تتضمن «الصندوق الأخضر للمناخ» لجمع مساعدات بقيمة مئة مليار دولار لصالح الدول الفقيرة، وتم تكليفه ككيان تشغيلي جديد للآلية المالية للاتفاقية. اللجنة التنفيذية للتكنولوجيا ومركز وشبكة تكنولوجيا المناخ.
«كوب 21»
نقطة تحول كبرى في العمل المناخي العالمي كانت نتاج «كوب21» الذي استضافته العاصمة الفرنسية باريس خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 11 ديسمبر 2015، حيث تم التوصل إلى اتفاق تاريخي لمكافحة تغيّر المناخ، تتعهد فيه جميع دول العالم باتخاذ إجراءات بشأن تغيير المناخ لمنع زيادة احترار الأرض، بحيث لا تتجاوز درجتين مئويتين فوق المستوى الذي كان عليه قبل الثورة الصناعية، بحلول 2050. اتفاقية باريس ألزمت الدول بالإعلان عن مساهمات محددة وطنياً لكبح التغير المناخي ووضع حد للاحتباس الحراري ووقف زيادة درجة الحرارة العالمية إلى درجتين مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعية.
مبادرات لإنقاذ الأرض
مؤتمرات «الأطراف» فرصة لتصحيح المسار العالمي في التعامل مع التغير المناخي، وبدأ الوعي الدولي يتشكل مطالباً بخطوات عالمية وخطط واقعية يمكن تنفيذها لاحتواء هذا التحدي الإنساني المشترك. وبإطلالة موجزة على ما تم إنجازه من مبادرات في «كوب 26» الذي انعقد في جلاسكو بأسكتلندا خلال الفترة من 31 أكتوبر إلى 13 نوفمبر2021، يأتي «التعهد العالمي بشأن الميثان» كمبادرة قادتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، للحفاظ على هدف الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، وجعل هذا الهدف قابلاً للتحقق. وتلتزم الدول المنضمة إلى «التعهد» بالحد من انبعاثات الميثان العالمية بنسبة 30% على الأقل مقارنة بمستويات 2020 بحلول عام 2030 والتوجه نحو استخدام أفضل الأدوات لتحديد كمية انبعاثات الميثان، مع التركيز بشكل خاص على مصادر الانبعاثات العالية. تمثل الدول التي انضمت إلى التعهد جميع مناطق العالم، وتضم ممثلين من الدول المتقدمة والنامية. وقد وقع على هذا التعهد أكثر من 100 دولة تمثل 70% من الاقتصاد العالمي، وتساهم بنصف انبعاثات غاز الميثان بشرية المنشأ، والتزمت 9 دول عربية بالتعهد: السعودية والإمارات والكويت وجيبوتي والعراق والأردن والمغرب وليبيا وتونس.
وخلال مؤتمر جلاسكو، أطلقت الإمارات والوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» «منصة تسريع التحول إلى الطاقة المتجددة»، وذلك في إطار تمويل عالمي جديد هدفه تسريع التحول إلى الطاقة المتجددة في الدول النامية، وتعهدت الإمارات بتقديم 400 مليون دولار من خلال «صندوق أبوظبي للتنمية» لدعم المنصة في جمع تمويل لا يقل عن مليار دولار.
وكانت حماية الغابات حاضرة في أجندة اهتمام «كوب 26» عندما تعهدت أكثر من 130 دولة لديها 90% من غابات العالم بوقف إزالة الغابات، بل والسير في اتجاه استعادتها. صحيح أن تعهداً سابقاً صدر عام 2014، لكن هذه المرة جاء التعهد مدعوماً بالتزامات مالية بقيمة 1.7 مليار دولار لدعم الشعوب الأصلية من أجل الحفاظ على الغابات الآسيوية، وأيضاً تعهد بمقدار 1.5 دولار لدعم الحفاظ على حوض الكونغو.
وخلال مؤتمر جلاسكو، انتقلت الولايات المتحدة من التعهد بخفض الانبعاثات بنسبة 24 إلى 26% بحلول عام 2025 إلى تخفيضات بنسبة 50 إلى 52% بحلول عام 2030، وأطلقت واشنطن «مبادرة عالم صافي الصفر»، وهي محاولة لجعل الخبرة الفنية الأميركية والدعم المالي الخيري متاحين للبلدان التي تتطلع إلى التحرك بقوة أكبر بشأن تغير المناخ.
جلاسكو و«جناح الصحة»
وكان «كوب 26» أول مؤتمر عالمي لتغير المناخ يخصص جناحاً للآثار الصحية للاحترار- وهو تطور مشجع لمجتمعات الصحة العالمية والعامة. ولفت مؤتمر جلاسكو الانتباه إلى الدور الواعد للذكاء الاصطناعي في تسريع العمل المناخي، وتخفيف تداعيات التغير المناخي من خلال إطلاق خريطة طريق الذكاء الاصطناعي من أجل المناخ من الشراكة العالمية بشأن الذكاء الاصطناعي (مبادرة عالمية مدعومة من 18 دولة) تقدم إرشادات مفصلة وقابلة للتنفيذ حول كيفية دعم الحكومات لتطبيقات الذكاء الاصطناعي من أجل المناخ.
وجددت الدول الجُزرية الصغيرة صرختها للتحذير من خطر التغير المناخي، فقد أشارت رئيسة وزراء بربادوس «ميا موتلي»، خلال خطابها في مؤتمر «كوب 26» إلى حاجة بلادها كدولة جُزرية إلى وقف زيادة درجات الحرارة العالمية وارتفاع منسوب مياه البحار، قائلة: «درجتان مئويتان تعني عقوبة الإعدام.. نحن لا نريد حكم الإعدام المخيف.. جئنا اليوم لنقول: حاولوا بجهد أكبر.. حاولوا بجهد أكبر».
الانتقال العادل في «كاتوفيتشي»
وشهدت فعاليات مؤتمر جلاسكو توقيع أكثر من 30 دولة على «وثيقة الانتقال العادل»، لإعادة التأكيد على الحاجة لضمان عدم ترك أي عامل أو مجتمع متأثر باستخدام الكربون، وقعت أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ على التضامن والانتقال العادل تحت اسم إعلان سيليسيا الذي دعا إلى مزيد من التقدم في معالجة ضعف العمالة بالأسواق في القطاعات كثيفة الكربون التي تواجه مخاطر التحول. وهو بند بدأ يتفاعل منذ مؤتمر «كوب 24» في كاتوفيتشي ببولندا (5 إلى 18 ديسمبر عام 2018)، آنذاك صدر إعلان يدعو إلى مزيد من التقدم في معالجة ضعف العمالة بالأسواق في القطاعات كثيفة الكربون التي تواجه مخاطر التحول في مجال الطاقة. والحديث عن الانتقال العادل يندرج ضمن اتفاق باريس للمناخ الذي يدعو الدول الموقعة عليه إلى مراعاة «ضرورات الانتقال العادل للقوى العاملة، وخلق عمل لائق ووظائف جيدة وفقاً لأولويات التنمية المحددة وطنياً».
«كوب 27» و«العدالة المناخية»
وخلال الفترة من 8 إلى 18 أكتوبر نوفمبر 2022، استضافت مدينة شرم الشيخ المصرية النسخة السابعة والعشرين من «مؤتمر الأطراف» كوب 27، بآمال كبيرة وطموحات تسعى لخطوات عملية، تجعل من هذه النسخة في قلب «مرحلة التنفيذ» وليس فقط مجرد محطة جديدة للوعود والتعهدات، حتى يتسنى خفض انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ، وتعزيز دعم التمويل والتكنولوجيا وبناء القدرات التي تحتاج إليها البلدان النامية، وحشد الجهود لجعل الانتقال إلى تنمية منخفضة الانبعاثات ومقاومة للمناخ عادلاً وطموحاً.
نتائج مهمة
«كوب 27» حصد نتائج مهمة على طريق تطوير العمل المناخي العالمي، أبرزها: مقترح تمويل الخسائر والأضرار للبلدان الضعيفة التي تضررت بشدة من الفيضانات والجفاف والكوارث المناخية الأخرى. خطوة وُصفت بالتاريخية، وقال عنها أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنها «خطوة نحو العدالة».
معضلة التمويل
سلط «كوب 27» الضوء على مسألة التمويل لكونها تقع في صميم مكافحة تغير المناخ، خاصة أن هدف البلدان المتقدمة لم ينجح في تعبئة 100 مليار دولار أميركي سنوياً بحلول عام 2020 لدعم العمل المناخي في الدول النامية. فلا يمكن التخفيف، والتكيف، والحد من الخسائر والأضرار، وتفعيل تكنولوجيا المناخ من دون أموال كافية للعمل بشكل صحيح وتحقيق النتائج المرجوة. وضمن هذا الإطار، أطلق مؤتمر شرم الشيخ مساراً لمواءمة تدفقات التمويل الأوسع نحو تنمية منخفضة الانبعاثات وتواجه التحديات المناخية. كما أن التحول العالمي إلى اقتصاد منخفض الكربون يحتاج استثمارات لا تقل عن 4 إلى 6 تريليونات دولار أميركي سنوياً.
منصة للتعاون الدولي
ظهرت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ كتطور عالمي كبير، تمخض من «قمة الأرض» التي انعقدت في ريودي جانيرو بالبرازيل خلال الفترة من (3 إلى 14 يونيو 1992)، في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، والذي احتفى آنذاك بمرور 20 عاماً على مؤتمر استكهولم، الأول من نوعه في الاهتمام بالبيئة البشرية. حققت «قمة الأرض» العديد من الإنجازات العظيمة: إعلان ريو ومبادئه العالمية السبعة والعشرون، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) التي أسست لمؤتمرات المناخ السنوية التي تضم الدول الموقعة على الاتفاقية الإطارية، والتي بدأت من «كوب1» في برلين عام 1995. وحققت قمة «ريو» إنجازات أخرى واتفاقية التنوع البيولوجي، وإعلان مبادئ إدارة الغابات. كما أدت «قمة الأرض» إلى إنشاء لجنة التنمية المستدامة، كما تم عقد المؤتمر العالمي الأول للتنمية المستدامة للدول الجزرية الصغيرة النامية في عام 1994، والمفاوضات من أجل إنشاء اتفاقية بشأن الأرصدة السمكية المتداخلة المناطق والأرصدة السمكية الكثيرة الارتحال.
كانت مخرجات «كوب3» عام 1997 في كيوتو باليابان، التي تمثلت في بروتوكول كيوتو، هي المرة الأولى التي يتم حشد توافق دولي، خاصة بين الدول المتقدمة، للحد من الانبعاثات بخطوات ملزمة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: كوب 28 مؤتمر الأطراف المناخ التغير المناخي تغير المناخ قمة المناخ أزمة المناخ التغيرات المناخية مؤتمر المناخ العالمي بشأن تغیر المناخ التغیر المناخی الدول المتقدمة خلال الفترة من العمل المناخی مؤتمر الأطراف ملیار دولار بحلول عام قمة الأرض فی برلین من خلال من أجل
إقرأ أيضاً:
أستراليا في مواجهة تركيا للفوز باستضافة محادثات المناخ الحاسمة 2026.. البلدان يحاولان حشد الدعم لمؤتمر محور اهتمامه الحد من الاحتباس الحراري العالمي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تخوض أستراليا مواجهة مع تركيا حول من سيستضيف محادثات المناخ الحيوية للأمم المتحدة في عام ٢٠٢٦، حيث من المرجح أن يتم البت في مسألة ما إذا كان العالم قادرًا على الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بما يتماشى مع المشورة العلمية.
تريد الحكومة الأسترالية استضافة القمة بالشراكة مع دول المحيط الهادئ، التي تعد من بين البلدان الأكثر عرضة للتهديد بانهيار المناخ.
وتصنف تركيا كدولة نامية في إطار منظومة الأمم المتحدة، وقد تحظى بدعم العديد من الدول المضيفة في المنطقة نفسها.
خلف الأبواب المغلقةويتم البت في هذه المسألة خلف أبواب مغلقة في مؤتمر الأطراف في باكو أذربيجان، ومن المفترض أن ينتج مؤتمر المناخ ٢٩ تسوية مالية عالمية جديدة بشأن المناخ والتي بموجبها تضمن الدول المتقدمة حصول الدول الفقيرة على الأموال التي تحتاجها لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتكييف بنيتها التحتية للتعامل مع تأثيرات الطقس المتطرف.
ومن المرجح أن يتطلب هذا الجهد ما لا يقل عن تريليون دولار سنويا بحلول عام ٢٠٣٠. ولا ينبغي أن يأتي كل هذا، بل جزء كبير منه، من البلدان الغنية التي كانت تاريخيا الأكثر مسئولية عن انبعاثات الكربون. ولكنها رفضت حتى الآن تقديم وعود ثابتة بتقديم الأموال، بحجة أن الاقتصادات الناشئة الكبرى مثل الصين والدول النفطية مثل المملكة العربية السعودية ينبغي لها أيضا أن تساهم في الصناديق.
وذكرت صحيفة "الجارديان" أنه من المرجح أن تقترح الدول المتقدمة هدفًا بقيمة ٣٠٠ مليار دولار من ميزانياتها للمساعدات الخارجية، وهو ما يمثل ثلاثة أمثال التعهد الحالي البالغ ١٠٠ مليار دولار سنويًا، حسبما علمت صحيفة الجارديان، على الرغم من أن آخرين اقترحوا أنه يمكن طرح رقم أقل قدره ٢٠٠ مليار دولار.
ويمكن بعد ذلك الحصول على بقية التريليون دولار من القطاع الخاص ومجموعة متنوعة من المصادر الأخرى، بما في ذلك أشكال جديدة من الضرائب على الوقود الأحفوري والأنشطة ذات الكربون العالي.
وتقول الدول الفقيرة، إن هذا المستوى من التمويل المضمون- المعروف في المحادثات باسم "الكم" ــ من الدول المتقدمة لن يكون كافيا.
وقال إيفانز نجيا، المفاوض من مالاوي ورئيس مجموعة الدول الأقل نموا، لصحيفة "الجارديان" إن المجموعة تريد ما لا يقل عن ٩٠٠ مليار دولار على مستوى العالم في صورة تمويل مضمون من مصادر عامة في العالم المتقدم، وإن أغلب هذا التمويل ينبغي أن يكون في هيئة منح وليس قروضا.
وأضاف أنه ينبغي توجيه ما لا يقل عن ٢٢٠ مليار دولار من إجمالي المبلغ إلى البلدان الـ٤٥ الأقل نموا في العالم.
وتابع نجيا "أنا متأكد من أن الدول المتقدمة تدرك الصعوبات التي نواجهها. لا أحد يريد أن يكون من بين الدول الأقل نموًا. الجميع يود الخروج من هذه المجموعة".
وتعهدت الدولة المضيفة، أذربيجان، بإعداد نصوص جديدة لمشروع اتفاق على أمل توضيح القضايا الأساسية وإحداث التقدم المطلوب بشدة في المحادثات المتوقفة.
دور رئيسي لأسترالياوتلعب أستراليا دورًا رئيسيًا في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، حيث تتولى إلى جانب مصر دور رعاية التسوية المالية الجديدة من خلال المفاوضات المعقدة وحتى التوصل إلى اتفاق نهائي.
وأعطى كريس بوين، وزير تغير المناخ الأسترالي، لمحة عن صعوبة المحادثات. وقال: "لقد سمعت من الدول النامية مطالبة بتعبئة ١.٣ تريليون دولار من التمويل. لكننا سمعنا مقترحات مختلفة للتقسيم بين العناصر المقدمة "المنح" والعناصر التي سيتم تعبئتها "القروض والاستثمار الخاص". وأضاف: "لقد سمعنا ثلاثة مقترحات مختلفة بشأن المبلغ المقدم، وهو ٩٠٠ مليار دولار، و٦٠٠ مليار دولار، و٤٤٠ مليار دولار. وذكر آخرون حدًا أدنى قدره ١٠٠ مليار دولار".
ويسعى بوين بشكل منفصل إلى حشد الدعم لمحاولة أستراليا استضافة مؤتمر الأطراف الحادي والثلاثين. وقال إنه يحترم محاولة تركيا لكن "الوضوح سيكون مفيدًا للجميع المعنيين - نحن وتركيا وجميع الأطراف، وخاصة زملاؤنا في المحيط الهادئ، يشعرون بحماس شديد إزاء الفرص المتاحة".
إذا نجحت محاولة تركيا، فإن هذا يعني بقاء مؤتمر المناخ في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لمدة أربع سنوات من أصل خمس: مؤتمر المناخ السابع والعشرون في عام ٢٠٢٢ في مصر؛ ومؤتمر المناخ الثامن والعشرون في عام ٢٠٢٣ في الإمارات ومؤتمر المناخ التاسع والعشرون في أذربيجان، ومؤتمر العام المقبل في البرازيل.
ومن المعلوم أن أستراليا تحظى بدعم ٢٣ دولة من أصل ٢٩ دولة في مجموعة تتألف في الأساس من دول غرب أوروبا التي ستُعقد القمة في ٢٠٢٦. ولكن عملية اتخاذ القرار في الأمم المتحدة تعتمد على الإجماع، وقد أعادت تركيا تأكيد محاولتها في الأيام الأخيرة.
تركيا لن تنسحبوذكرت وسائل إعلام تركية أن الرئيس رجب طيب أردوغان أبلغ رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز خلال اجتماع جانبي خلال قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو أن بلاده لن تسحب ترشيحها.
كما نقلت عن مسئولين أتراك قولهم إنه ينبغي تفضيل تركيا جزئيا لأنها على عكس أستراليا ليست من كبار مصدري الوقود الأحفوري. وحظيت المساعي الأسترالية بدعم كبير من زعماء منطقة المحيط الهادئ. فقد صرح رئيس بالاو، سورأنجيل ويبس الابن، لمؤتمر كوب ٢٩ بأنه "يأمل بشدة" أن تنجح مساعي أستراليا والمحيط الهادئ خلال قمة باكو.
وحث أولئك الذين شاركوا في هذا القرار على عدم حرمان منطقة المحيط الهادئ من هذه الفرصة النادرة للمساعدة في استضافة المنتدى الدولي الأكثر أهمية لمستقبلنا.