تحت العنوان أعلاه، كتب سيرغي مانوكوف، في “إكسبرت رو”، حول أسباب الأزمة التي يُتوقع أن تعصف بأسواق النفط. وجاء في المقال: إحدى النتائج المؤسفة لارتفاع أسعار الفائدة على أسواق النفط هي الزيادة الحادة في تكلفة تخزين النفط. وهذا يجبر التجار، كما أوضحت محللة النفط المعروفة أمريتا سين في “فاينانشيال تايمز”، على بيع النفط في أسرع وقت ممكن وتخزين أقل قدر ممكن منه.

وهي تتوقع انخفاضًا تدريجيًا في مخزونات النفط إلى أدنى مستوى لها في عقد من الزمن، ما قد يثير مفاجآت غير سارة في السوق. الاتجاه إلى خفض احتياطيات النفط هو نتيجة تشديد سياسة البنوك المركزية النقدية، وقبل كل شيء، نظام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي يستعد، بعد وقفة يونيو، لزيادة أخرى في معدل الفائدة. وكلما ارتفع سعر الفائدة، زادت تكلفة تخزين النفط على المتداولين. وأشارت سين إلى أن أولى مصافي التكرير، التي ترى أن الانخفاض في احتياطيات النفط قد ذهب بعيداً، ظهرت بالفعل في آسيا، وهذه المصافي تحاول زيادة الاحتياطيات من النفط العربي، على الرغم من الزيادة الأخيرة في الأسعار. احتياطيات النفط المنخفضة تلاحظ، بشكل خاص الآن، في الولايات المتحدة. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الحكومة قامت، العام الماضي، مرارًا بطرح النفط من الاحتياطي الاستراتيجي في الأسواق من أجل خفض سعره. وتحذر أمريتا سين من أن “ذلك كله يترك السوق عرضة للصدمات وقرارات غير متوقعة من أوبك+ بحلول نهاية العام”، وتقول: “لقد حان الوقت لشد الأحزمة”. (روسيا اليوم)

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

أمراء الحرب يدمّرون السودان وشعبه

معاناة السودان وأهله لا تنتهي منذ سقوط حكومة جعفر نميري في 1985. فمنذ انفصال جنوبه عن شماله، كان هناك توقع بأن يكون التقسيم نهاية لحقبة من التوتر وأنّ ما تبقّى منه سوف يتعلم الدرس القاسي ويبتعد عن الخلافات التي قد تؤدي إلى تقسيم آخر. تصاعد هذا الأمل بعد أن  تراجعت حدّة التوتر في إقليم دارفور، وشارك بعض أفراد ذلك الإقليم في الحكومة المركزية. ولكن سرعان ما اختلف الفرقاء على السلطة فأصبح هناك نزاع عقيم بين الرئيس (الذي قاد الانقلاب على الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك) ونائبه.

وها هو السودان اليوم يدفع ثمن ذلك الصراع بين الجنرال عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي وبأشكال شتى. فالحرب بينهما امتدت إلى أقاليم عديدة منذ أن اندلعت في العاصمة، نجم عن ذلك أزمتان كبريان: مجاعة شرسة ونزوح غير مسبوق. ومن المؤكد أن هناك أيادي خارجية تعبث بالسودان الآن كما عبثت سابقا، هناك سباق مع الزمن لمنع هذا البلد العربي الأفريقي من ممارسة دور يتناسب مع حجمه وإمكاناته وثرواته.  فقوات الدعم السريع التي يقودها حميدتي مدعومة من أطراف خارجية بالمال والسلاح وهي التي بدأت النزاع داخل العاصمة ومنها امتدت إلى المناطق الأخرى. في هذا الخضم بدأ أهل السودان يدفعون فواتير تلك الحروب وحرموا من التمتع بحياة آمنة واستقرار سياسي وازدهار اقتصادي مدعوم بالثروة النفطية التي اكتشفت متأخرة. وفقا لما هو متوفر من معلومات فإن هناك ما يقرب من مليون شخص يعانون من المجاعة، وأكثر منهم مهددون بها. وتقول الإحصاءات أن نصف سكان البلاد أصبحوا بحاجة للعون الإنساني. فكيف يمكن لهذا البلد الذي بإمكانه أن يوفر الطعام لكل الدول العربية مجتمعة فيما لو اتخذ قرار عربي بذلك، أن تشح موارده الغذائية حتى توصل شعبه إلى درجة المجاعة. أليس هو البلد الذي يحظى بمياه من نهرين كبيرين، النيل الأبيض والنيل الأزرق، اللذين يلتقيان عند العاصمة لينجم عنهما نهر النيل الذي يصل إلى مصر قبل أن يصب في البحر المتوسط؟ أليس هو البلد الغني بالغابات الاستوائية ذات الموارد الزراعية والثروة الحيوانية؟ أليس هو الذي يصدّر المواشي للسعودية وبلدان الخليج والأردن تعود عليه بمليارات الدولارات؟

في الأسبوع الماضي كشف تقرير صادر عن «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي» عن أن نحو 755 ألفا في السودان يواجهون وضعا كارثيا هو أحد أسوأ مستويات الجوع الشديد. بينما يعاني نصف السكان نقصا في الغذاء قد يسفر عن سوء تغذية حاد ووفاة أو يتطلب استراتيجيات تعامل طارئة. هذه المنظمة مظلّة لتعاون مشترك  بين عدة جهات تشمل وكالات في الأمم المتحدة وحكومات وجماعات إغاثة وتصدر عنها تقييمات معترف بها دوليا بشأن أزمات الغذاء. ودفعت أزمة الجوع، التي قال برنامج الأغذية العالمي مؤخرا إنها الأسوأ في العالم، بعض السودانيين إلى أكل أوراق الشجر والتراب. وشمل تقرير لرويترز الأسبوع الماضي تحليلا لصور التقطت بالأقمار الصناعية أظهرت أن وتيرة اتساع مناطق المقابر ترتفع بسرعة مع انتشار المجاعة والمرض. هذا الوضع الغذائي المضطرب بالإضافة لاستمرار النزاع المسلح الذي يدفع المدنيون ثمنه بأرواحهم دفع الملايين للنزوح من مواطنهم بحثا عن الأمن والغذاء. وهناك الآن نازح واحد من بين كل ثمانية نازحين (داخل بلدانهم) في العالم، أي ما يتجاوز 12 بالمائة من مجموع النازحين في العالم. وتقول الأرقام أن أكثر من 12 مليون من السكان اضطروا للنزوح. وما يزال الصراع المسلح يدفع الملايين من السودانيين إلى الفرار إلى المناطق الريفية ما يعمق الأزمة ويزيد حدة النقص في الأمن الغذائي. ومن المناطق المهددة بالمجاعة جزيرة توتي على نهر النيل وحي مايو الذي تسكنه الطبقة العاملة في الخرطوم، ومدني، وهي مركز تجاري وعاصمة ولاية الجزيرة، ومدينة الفاشر المحاصرة في ولاية شمال دارفور. كما تشمل مخيمات النازحين واللاجئين حول نيالا عاصمة جنوب دارفور، وفي غرب دارفور وجنوب كردفان. الحرب التي انطلقت شرارتها في العاصمة الخرطوم يوم 15 أبريل/نيسان 2023، لم تلبث أن تمددت إلى 4 من ولايات دارفور الخمس، ثم إلى ولايات كردفان والجزيرة المتاخمة وسنار، كما لم تسلم حدود ولاية القضارف الواقعة شرق السودان والمتاخمة لولاية الجزيرة من معارك متفرقة بين الجيش وقوات الدعم السريع. تقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن الدول المجاورة للسودان تعيش أيضا واحدة من أضخم الأزمات الإنسانية وأزمات اللجوء وأكثرها تعقيدا على مستوى العالم. تقارير الأمم المتحدة من جانبها تؤكد أن نحو 25 مليون شخص في السودان بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية العاجلة، من بين هؤلاء نحو 14 مليون طفل يعانون من نقص حاد في الأمن الغذائي وأن نحو 37 في المائة من السكان في البلاد، أي حوالي 17.7 مليون شخص، يعانون من الجوع الحاد.

فما أسباب تفجر الأزمة؟ ولماذا عجز حكماء البلاد عن احتوائها؟ وكيف سمحوا لها بأن تأتي على الأخضر واليابس؟ هذه التساؤلات لا تحظى بإجابات شافية، لأن أحدا لا يدرك آليات الصراع ومسبّبيه بعد ان استُبدل العقل والمنطق والحوار بالسلاح. ويزيد من صعوبة الوضع جنوح أطراف النزاع للتصعيد من جهة والتشدد في المواقف من جهة ثانية وتكثيف العنف ثالثا. وبرغم الانزعاج العالمي إزاء هذه الممارسات لم تُطرح مبادرات دولية جادّة لاحتواء الوضع برغم سعة التغطية الإعلامية لما يحدث من مجاعة وتوتر سياسي وأمني ومواجهات دموية واسعة. وقد أكد مسؤول الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، أن ممارسات الأطراف في الحرب السودانية تشمل التطهير العرقي والقصف العشوائي والعنف الجنسي والاتجار بالبشر والاحتجاز التعسفي والتجنيد القسري والنهب. وأغلب هذه الممارسات تصنّف ضمن «الجرائم ضد الإنسانية» ولكن الفرقاء يعلمون أن المجتمع الدولي ليس جادا في تطبيق القوانين الدولية التي تحكم الحرب. في الأسبوع الماضي اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوة ذات دلالات محدودة، بفرض عقوبات على ست شخصيات سودانية تمتلك قدرات سياسية وعسكرية ومالية، والسؤال هنا: ما مدى تأثير ذلك الإعلان على مسار الحرب؟ المتفائلون يرون أنها ستردع قادة الطرفين عن التمادي في استخدام القوة، وقد تدفعهم للبحث الجاد عن مسارات لإنهاء الأزمة. بينما يرى آخرون أن النزاع اتخذ أبعادا خطيرة لا تسمح بتراجع أطرافه عن مواقفهم وسياساتهم. وبذلك يتوقع هؤلاء استمرار الأزمة فترة اطول. فإن حدث ذلك فمن المرجّح بروز المجاعة التي تحذر منها وكالات الإغاثة على نطاق أوسع، وسوف يكون حل الأزمة أنذاك عصيًّا.

السودان بلد كبير مترامي الأطراف ومتعدد الأعراق، ويستطيع التعايش مع أوضاعه الحالية وما ينجم عنها من انتهاكات إنسانية وتداعيات سياسية بشرط أن تكون هناك إرادة حقيقية للحل لدى السياسيين وأن يغلّبوا مصلحة الوطن على المصالح الشخصية والفئوية. فما يعانيه المواطنون يمثل عارًا على «أمراء الحرب» الذين يحمّلون المواطنين تبعات صراعاتهم الناجمة عن التسابق على الحكم.
أما اقتصاد السودان فقد تفاقمت مشاكله بعد سنة من الحرب بالنظر إلى التضخم، وتدهور القوة الشرائية للسودانيين، وهروب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية، وفقدت العملة السودانية أكثر من نصف قيمتها الشرائية، وتراجع الاحتياطي الدولي النقدي للبلاد، ومؤشرات أخرى. وعلى الصعيد العسكري غاب الحسم وتوسعت المواجهات ومعها الضحايا والاضطراب الأمني والغذائي والمجاعة. فبعد عام من القتال العبثي الذي أدى لمقتل أكثر من 15 ألفا، أصبح واضحا استحالة الحسم العسكري وتوسع نطاق المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتضاعف عدد النازحين واللاجئين وساءت الأوضاع الإنسانية والاقتصادية.

مطلوب ممن يهمهم أمر السودان كبلد عربي أو مسلم أو أفريقي المبادرة لإنهاء الحرب المدمّرة لإنقاذ ما تبقى من البلد، وقطع الطريق على نزعات العنف والانفصال. إنها مسؤولية إنسانية ملحّة تتطلب الاهتمام العاجل قبل فوات الأوان، وقبل أن تصل الأوضاع إلى الهاوية التي يسقط فيها السودان وشعبه.

(القدس العربي)

مقالات مشابهة

  • "الأدوية في مصر".. أسباب وتداعيات الأزمة وضرورة التحرك السريع
  • «برلمانية الوفد»: على الحكومة المرتقبة إيجاد أدوات التعامل مع التحديات
  • النفط يرتفع والدولار يتراجع والذهب يستقر
  • أمراء الحرب يدمّرون السودان وشعبه
  • أسباب ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه
  • هل أثر الذكاء الاصطناعي على معدلات التوظيف في الولايات المتحدة؟
  • «الاحتياطي الفيدرالي» يبدد توقعات المحللين بخفض الفائدة في النصف الأول
  • بنك باركليز يتوقع تخلي الاحتياطي الفيدرالي عن «التشديد الكمي» دون اضطرابات في أسواق المال
  • النفط يتراجع وسط ضعف الطلب على الوقود في أمريكا
  • أسعار النفط ترتفع بنحو 6 بالمئة في شهر