لوس أنجليس (أمريكا) – (د ب أ- ت ك أ)- بعيدا عن المعارك الحزبية القوية في واشنطن بشأن الهجرة عبر الحدود الأمريكية المكسيكية، شهدت سوق عمل النساء المهاجرات في الولايات المتحدة مكاسب كبيرة خلال العامين الماضيين، بفضل تدفق اللاجئات الأوكرانيات بشكل أساسي. وفي تفرير نشرته صحيفة لوس أنجليس تايمز الأمريكية قال الكاتب دون لي إن الكثيرات من اللاجئات الأوكرانيات في الولايات المتحدة عاملات شبه ماهرات ولديهن دوافع قوية ودخلن الولايات المتحدة بطريقة شرعية وفق برامج هجرة طارئة خاصة.

وساعد وجود هذه الشريحة ليس فقط في تخفيف حدة أزمة نقص العمالة في قطاعات الفندقة وتجارة التجزئة وغيرها من القطاعات الخدمية، وإنما في زيادة معدل التوظيف في الولايات المتحدة ككل.  وفي حين يمثل المولودون خارج الولايات المتحدة 5ر17% فقط من إجمالي سكان الولايات المتحدة في سن العمل، فإنهم يمثلون 64% من إجمالي الزيادة في قوة العمل الأمريكية خلال العامين المنتهيين في 31 أيار/مايو الماضي،  مع استحواذ النساء على الجزء الأكبر من الزيادة بحسب بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي.  وتشير الإحصائيات الحالية إلى أن نسبة مشاركة النساء المولودات في الخارج في سوق العمل الأمريكية أقل من المستويات القياسية التي وصلت إليها في وقت سابق من العام الحالي، وتكاد تماثل نسبة الأمريكيات المولد اللائي مازالت أرقامهن أقل من مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا المستجد. تقول جوليا جيلات وهي كبيرة محللين في معهد سياسات الهجرة الأمريكي غير الحزبي “نرى تزايد أهمية الهجرة في دعم نمو قوة العمل  وستظل كذلك”.  ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر شباط/فبراير من العام الماضي، وصل حوالي 300 ألف أوكرانيا إلى الولايات المتحدة أغلبهم في إطار برنامج إدارة الرئيس جو بايدن للجوء الأوكراني. كما وصل أكثر من 100 ألف أفغاني  منذ سقوط كابول في قبضة حركة طالبان في صيف 2021، وعشرات الآلاف من فنزويلا وكوبا ودول أخرى لأسباب إنسانية.  ومن اللاجئات الأوكرانيات في الولايات المتحدة فيتا بوهيرا وناديا سينكيف من منطقة لفيف غير أوكرانيا. وصلتا إلى مدينة بورتلاند بولاية أوريجون وتعيشان مع أقارب لهما في الولايات المتحد منذ آب/أغسطس الماضي. وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي حصلت بوهيرا وسينكيف وكلاهما في الثلاثينيات من العمر على تصريح العمل. تقول بوهيرا الحاصلة على شهادة جامعية والتي كانت تعمل كمدرسة للغة الإنجليزية في أوكرانيا “كنت أجلس في المنزل وأفكر فيما يمكنني عمله في هذه الدولة”. وبدأت البحث عن وظائف عبر صحفات موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. وبعد شهرين من التدريب حصلت على وظيفة مترجمة طبية بأجر يتراوح بين 20 و40 دولارا في الساعة. وأحيانا تسافر مسافة طويلة للوصول إلى مكان العمل، و”تدفع الشركة بدل انتقال وهو أمر رائع” بحسب بوهيرا. هاجرت بوهيرا إلى الولايات المتحدة برفقة ابنين عمرهما 12 و16 عاما وبدون زوجها لآن أغلب الرجال في أوكرانيا ممنوعون من السفر  بسبب إمكانية استدعائهم للخدمة العسكرية. أما سينكيف  فتبلغ من العمر 31 عاما وليس لديها أطفال لكنها تركت أيضا زوجها في أوكرانيا وتقيم مع شقيقها الأصغر الموجود في الولايات المتحدة من عدة سنوات. وكان طريقها للحصول على وظيفة في الولايات المتحدة مختلفا لأنها حاصلة على شهادة التعليم المهني. وهي تعمل حاليا في شركة لتجهيز الزلابية وغيرها من الأغذية شبه الجاهزة . وعلمت سينكيف بوجود وظيفة خالية في مدينة بورتلاند  من سيدة كانت تحضر معها الصلاة في نفس الكنيسة الأوكرانية. ومنذ آذار/مارس الماضي تعمل بدوام كامل كطاهية في روضة أطفال بمدينة بورتلاند، إلى جانب العمل لمدة ساعتين يوميا في تنظيف الموائد وغسل الأطباق بمركز للمسنين مقابل 75ر14 دولار في الساعة.  ولا تحصل سينكيف على دخل كبير من العمل في روضة الأطفال لكنها تعلمت بسرعة التعبير الأمريكي الشائع “راتبي جيد لكن الضرائب كثيرة جدا”. وتضيف أنها سعيدة بوظيفتها  لأنها تحب العمل مع الأطفال “الأطفال يحبون العناق، لكننا لا نتعانق كثيرا في أوكرانيا”، بحسب تعبيراتها التي ترجمها ابن عمها.  ورغم النمو الضعيف للاقتصاد الأمريكي، هناك أكثر من 10 ملايين وظيفة  خالية في الولايات المتحدة، حيث يوجد وظيفتان تقريبا لكل عاطل رسمي بحسب أحدث بيانات الحكومة الأمريكية. وزاد عدد الوظائف الخالية في قطاعات الرعاية الصحية والمساعدات الاجتماعية بنسبة 50% عن مستويات ما قبل جائحة كورونا، كما زادت بنسبة 22% في قطاعي الخدمات الغذائية والسكنية. ووفقا لأحدث التقديرات  هناك ما يصل إلى 50 ألف وظيفة  تشمل أعمال غسل الأطباق متاحة، وفقا لموقع إعلانات الوظائف  “إنديد”.  يقول يارون شفارتس المدير الأمريكي لمنظمة “خيمة الشراكة للاجئين” وهي منظمة غير هادفة للربح تستهدف حشد الشركات لتشغيل وتدريب اللاجئين “نحن أمام لحظة فريدة سياسيا واقتصاديا”. وهناك أسباب أخرى لزيادة مساهمة المهاجرات في سوق العمل الأمريكية. فمثل النساء بشكل عام، فإن المهاجرات أفضل تعليما وهو ما يعني زيادة فرصهن في العمل.  وبلغ صافي عدد المهاجرين إلى الولايات المتحدة بما فيهم اللاجئون خلال الفترة من 2021 إلى 2022 أكثر من مليون شخص، وهو ما يزيد عن ضعف الرقم في كل عام من العامين السابقين عندما أدت جائحة كورونا وسياسات تشديد الرقابة على الحدود في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب إلى تراجع عدد المهاجرين الأجانب لأقل مستوياته منذ عقود. ورغم أن الخبراء لا يتوقعون تكرار مثل هذه القفزات الكبيرة في أعداد المهاجرين خلال الأعوام المقبلة بسبب الحدود القصوى وفقا للقانون الأمريكي، من المنتظر استمرار زيادة أعداد المهاجرين  من خلال البرامج الإنسانية المختلفة  التي تسمح باستقبال أعداد شهرية من القادمين من فنزويلا وكوبا وهايتي ونيكارجوا. وأخيرا من المتوقع أن تزداد أهمية قوة العمالة المهاجرة في الولايات المتحدة بعد انضمامها إلى قائمة الاقتصادات التي تعاني من انكماش السكان.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی الولایات المتحدة فی أوکرانیا

إقرأ أيضاً:

«المرأة العاملة» تستحوذ على 1.039 مليون وظيفة

سامي عبد الرؤوف (أبوظبي) 

أخبار ذات صلة نهيان بن مبارك: الحوار البنّاء بين الأديان ركيزة أساسية لمستقبل مزدهر «الأنهار النظيفة» تعزز التعاون بين الإمارات وإندونيسيا

أعلنت وزارة الموارد البشرية والتوطين، أبرز المهن والمجالات الوظيفية التي تشغلها القوى العاملة من الإناث في القطاع الخاص، مشيرة إلى نجاح وتميز الإمارات في تعزيز التوازن بين الجنسين، وتمكين المرأة في المجالات كافة، وتعزيز بيئة العمل، وإتاحة فرص متساوية للنساء في قطاعات العمل، بالإضافة إلى تطوير وتعزيز دور النساء كشريكات رئيسات في بناء المستقبل.
وأظهرت البيانات الرسمية للوزارة، أن المرأة العاملة تتركز في 8 مجالات وأنشطة اقتصادية، حيث يستحوذن على أكثر من 1.039 مليون وظيفة في هذا المهن، من بينها أكثر من 72 ألف امرأة تعمل مديرة تقود العمل في إحدى المنشآت والشركات بالقطاع الخاص، أو في إحدى الإدارات، أو المشاريع التابعة. 
وكشفت عن زيادة مشاركة المرأة في القطاع الخاص بنسبة 20.95%، خلال عام 2024، مقارنةً بعام 2023، مشيرة إلى نمو في الشركات التي ساهمت في تعيين نساء بنسبة 27.54%. 
وأشارت، إلى حدوث نمو في العاملات الإناث في المناصب القيادية بنسبة 33.8%، وذلك في شغل وظائف المشرعين والمديرين، ومديري الأعمال، فيما شكلت القوى العاملة النسائية الماهرة نسبة 46.07% من إجمالي القوى العاملة النسائية. 
وذكرت، أن القوى العاملة النسائية الماهرة، أصبحت تمثل 28.86% من إجمالي القوى العاملة الماهرة بالقطاع الخاص، مشيرة إلى أن 64.05 من الوظائف في المهن الصحية تشغلها نساء، بينما تشغل النساء 16.61% من نسبة الوظائف في المهن التعليمية بالقطاع الخاص. 
ووفقاً لتحليل إحصائي، أجرته «الاتحاد»، فإن أكثر المهن التي تشغلها النساء في القطاع الخاص، هي عاملات الخدمة والمبيعات، التي تأتي في المركز الأول بـ 314.986 امرأة، ثم المهن الأساسية بنحو 249.597 وظيفة للإناث. 
وجاء في المركز الثالث، الوظائف المهنية التي يوجد فيها 178.052 من القوى العاملة من الإناث، يليها عاملات الدعم الإداري، بـ 112,960، وبعدها الفنيات والمهنيات المساعدات، اللواتي يشغلن 84.447 وظيفة. 
وفي المرتبة السادسة، حلت المرأة المديرة، التي تشغل 72.447 وظيفة قيادية كمديرة بالقطاع الخاص، بالإضافة إلى 15.762 من العاملات في الحرف والصناعات ذات الصلة، فضلاً عن 11.064 من مشغلات المصانع والآلات والعاملات المساعدات.

المرأة والتوازن
أثمرت رؤية حكومة الإمارات الداعمة للمرأة، وإيمانها بأهمية دورها شريكاً رئيساً في التنمية وصناعة المستقبل، عن تحقيق الإمارات مكانة مرموقة في التقارير الدولية، ومؤشرات التنافسية العالمية المعنية بتمكين المرأة والتوازن بين الجنسين. 
وتساهم السياسات والإجراءات في الإمارات، في دعم تحقيق التوازن بين الجنسين وتكافؤ الفرص في بيئة العمل بالقطاعين الحكومي والخاص، حيث تم توحيد إجازات الأمومة والأبوة، وكذلك المساواة في الأجر للعمل المماثل وحظر التمييز بأشكاله كافة، ما يسهم في دعم أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز النمو الاقتصادي.
وتحظر التشريعات في الإمارات التمييز بين الجنسين في مكان العمل، كما تحفّز هذه التشريعات انضمام المزيد من النساء إلى القوى العاملة في سوق العمل.
وتمثل المساواة في الأجور بين النساء والرجال في ذات العمل، أو الأعمال ذات القيمة المتساوية أحد أبرز جوانب احترام حقوق الإنسان في دولة الإمارات والتزامها بمسار تحقيق التوازن بين الجنسين الذي سجلت فيه قفزات نوعية خلال السنوات الماضية.
وينص قانون تنظيم علاقات العمل بالدولة، على حصول المرأة الموظفة على أجر الرجل نفسه إذا كانت تؤدي العمل نفسه، ويضمن القانون حماية حقوق المرأة، وتمتعها بفرص عمل متساوية مع الرجل، ما يعزز من تنافسية الدولة، إقليمياً وعالمياً، فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين على مختلف الصعد والمجالات.
وإلى جانب المساواة في الأجور، لا يسمح القانون لصاحب العمل بإنهاء خدمة المرأة العاملة، أو إنذارها بسبب حملها، كذلك يحظر قانون تنظيم العمل التمييز بين الموظفين في الحصول على الوظائف والترقي، كما يمنع التمييز بين الجنسين في الأعمال ذات المهام الوظيفية الواحدة.
وفي إطار تعزيز تمكين المرأة في المجال الاقتصادي، ودعم مشاركتها في سوق العمل، يحظر القانون جميع أشكال التمييز في مجال العمل ليس فقط على أساس النوع الاجتماعي، بل على أساس العرق واللون والأصل الوطني أو الأصل الاجتماعي. 
واعتمدت الإمارات استراتيجية التوازن بين الجنسين 2022 - 2026، التي تستند إلى رؤية مستقبلية واضحة تتمثل في أن تكون الإمارات نموذجاً عالمياً للتوازن بين الجنسين.
وتتضمن الاستراتيجية 4 ركائز وأهداف رئيسة، هي: المشاركة الاقتصادية، وريادة الأعمال والشمول المالي، والرفاه وجودة الحياة، والحماية، والقيادة والشراكات العالمية، بهدف الانتقال من مرحلة سد الفجوات، والاطلاع على أفضل الممارسات إلى مرحلة وضع الدولة كمُصّدِر لأفضل ممارسات التوازن بين الجنسين، والتركيز على مرحلة ما بعد التنافسية العالمية.

مقالات مشابهة

  • نيران صديقة.. كاتب إسرائيلي عن ترامب: قراراته تدمر القيم الأمريكية
  • الولايات المتحدة تطلب من الأوروبيين تقديم ضمانات بشأن مساهماتهم في أوكرانيا
  • خبير عسكري: الولايات المتحدة الأمريكية هي المستعمر الجديد للشرق الأوسط
  • أول زبون في أفريقيا…الولايات المتحدة الأمريكية تعلن عن مبيعات عسكرية قياسية للمغرب
  • زيلينسكي: فرصة أوكرانيا للصمود ستكون ضئيلة بدون دعم أمريكي
  • أمريكا اللاتينية تواجه ضغوطاً للاختيار بين الولايات المتحدة والصين
  • زيلينسكي: الولايات المتحدة لا ترغب في انضمام أوكرانيا إلى الناتو
  • أمريكا تدعو أوكرانيا إلى دبلوماسية جريئة لإنهاء الحرب
  • «المرأة العاملة» تستحوذ على 1.039 مليون وظيفة
  • 143 نائبًا أمريكيًا: خطة ترامب بشأن غزة ستضر بمكانة الولايات المتحدة