متابعة بتجــرد: في خضم حرب مدمرة يعيشها السودانيون منذ حوالي سبعة أشهر، تضاعفت مأساتهم بعدما استفاقوا صباح أمس الإثنين على نبأ وفاة أحد أهم رموزهم الوطنية والإبداعية البارزة، الفنان والموسيقار محمد الأمين، بعد مسيرة فنية تجاوزت الستة عقود بقليل.

وتوفي محمد الأمين، في الولايات المتحدة الأمريكية، وقالت أسرته في بيان مقتضب إنه رحل إثر علة لم تمهله طويلاً.

محمد الأمين الملقب بالباشكاتب ولد بولاية الجزيرة القريبة من العاصمة السودانية الخرطوم في عام 1943.

والأمين، يعتبر أحد أيقونات الغناء والموسيقى السودانية المعاصرة، ومن أكثرهم شهرة، ولعب دورا كبيرا فى تطوير الموسيقى السودانية ونشرها خارج البلاد على مدى عقود من الزمن.

وجذبه إلى عالم الموسيقى والغناء من نعومة أظافره خاله الأستاذ بله يوسف الازيرق، فأجاد آلة المزمار ثم آلة العود التي تمكن منها وهو لم يتعد 12 عاما.

تلقى محمد الأمين تعليمه الأولى في مدينة ود مدني، والتقى بالصدفة في مدرسة الشرقية الأولية أستاذ محب للموسيقى ويجيد العزف على العود، وهو السر محمد فضل الذي تعهده وعلمه كيفية العزف على العود، غير أن ظروفه الصحية ومعاناته مع ضعف حاسة البصر تسببت في عدم إكماله مسيرته حينها.

وفي عام 1960 التحق محمد الأمين بموسيقى شرطة النيل الأزرق والتي كان على رأسها الموسيقار محمد آدم المنصوري، كما أسعفته اللحظة بوجود عدد مقدر من أميز العازفين حينها في ود مدني مثل الموسيقار حسين بطري.

برع محمد الأمين وقتها في أداء أغنيات لفنانين سبقوه مثل عبد الكريم الكابلي ومحمد وردي، ما أسفر عن قدراته الصوتية الكبيرة وأكسبه شعبية وجماهيرية في ود مدني، حيث أحب الجمهور أدائه لأغنية بدور القلعة من أغاني الحقيبة الأم درمانية في العاصمة الخرطوم.

وفور الإعلان عن وفاته تبارى ملايين السودانيين في تعداد مآثره، سرعان ما لحقت بهم الحكومة والسياسيين.

وأعلن مجلس السيادة أن رئيسه، عبد الفتاح البرهان، أجرى اتصالاً هاتفياً مع أسرة الراحل الموسيقار الفنان محمد الأمين، معبراً فيه عن الفقد الجلل والعظيم. كما نعته سفارة السودان بواشنطن.

فيما قال رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، أنه ‏منذ بواكير ظهوره في ساحة الإبداع في بلادنا – قبل حوالي سبعة عقود – ظل الأستاذ محمد الأمين كما نخلةٍ سامقة في تلك الساحة ينثر فيها ثمار منجزه الإبداعي المُعَبِّر عن آلام شعبه وآماله والمُساهِم في الوصل الوجداني بين مكوناته وتعزيز الشعور الوطني، والمنحاز لحقه في حياةٍ حرةٍ وعيشٍ كريم والمحتفي بنضاله وزحفه نحو “الشمس النايرة”.

وأضاف: ‏برحيل الباشكاتب “ينفصل الجمر عن صندل الغناء”، ويحزن الثوار والعشاق والصاعدون لقيم النبل والجمال، وتبكي الكمنجات وينتحب العود.. فقد كان صوتاً للحرية في مناخات الاستبداد والقهر وكان مغنياً للحب دافعاً به إلى معناهُ الأسمى ومحتفياً بقيم النبل والجمال، مثلما كان موسيقياً عبقرياً ومبهراً وعَوّاداً ماهراً وساحراً يُذَكِّر بقصة أبي نصر الفارابي – في مجلس سيف الدولة الحمداني – حين عزف على أوتار العود فأخرج منها لحناً أضحك الحاضرين، ثم نَوّع العزف على الأوتار فأبكاهم بلحنٍ حزين، أما اللحن الثالث فقد دفع به الحاضرين للنوم وغادر المجلس وتركهم نائمين.

 “وداعاً طائر الأحلام”، هكذا نعاه تجمع المهنيين السودانيين، وهي واحدة من أغنياته الشهيرة.

 وقال رحل أحد عظماء الكلمة واللحن والموسيقى الموسيقار، محمد الأمين حمد النيل الإزيرق بعد علةٍ مرضية لم تمهله كثيراً، مشيراً إلى أنه رحل بعدما رسم لوحةً زاهية في الكلمة والتلحين والأداء وقد ترك إرثاً أدبياً رفيعاً ومدرسة فنية نادرة رسخت في وجدان السودانيين وذاكرتهم، رحلةُ حياةٍ عامرة بدأت بمولده في فبراير 1943 وتعلمه العزف منذ أن كان تلميذاً في المراحل الأولية والابتدائية، واكتسابهِ المهارات وتعلم الموسيقى عزفاً وغناءً حتى إجازة صوته مطلع الستينات.

وأضاف البيان لم يسجن الموسيقار الراحل نفسه في لونيةٍ محددة بل ساهم بصورة كبيرة في رفع الحس الوطني بغنائه لأوبريت الملحمة (قصة ثورة أكتوبر) والمتاريس وغيرها من الأكتوبريات.

وتابع كان الفقيد وطنياً مخلصاً لكملته وقدم نموذجاً فريداً في أغانيه الوطنية، ورغم المرض نذكر دائماً كلماته المبكية بعد صعوده في مسرح اعتصام القيادة العامة مُغنياً لانتصار ثورة ديسمبر المجيدة.

 وأكمل: يُمثل محمد الأمين بإسهاماتهِ الموسيقية والوطنية ذاكرةً للسودان والسودانيين، تُعبر عن الإنسان والمكان وهو فخرٌ وطني أسهم في سعيهم للحرية والسلام والعدالة.

حزب الأمة القومي بدوره نعى الهرم الفني الكبير محمد الأمين، بعد رحلة زاخرة بالعطاء الفني والإنساني.

وقال إن الراحل يعد أحد أعمدة الفن السوداني الذي أثرى الوجدان السوداني بأغنيات خالدات وبصم على الثورات السودانية المتعاقبة بملاحم وطنية ساهمت في تعبئة السودانيين نحو الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، وأسس مدرسة فنية متفردة وكان مخلصاً لوطنه ومحباً للناس، وبرحيله فقدت الساحة الفنية والأدبية واحداً من عظمائها.

main 2023-11-13 Bitajarod

المصدر: بتجرد

كلمات دلالية: محمد الأمین

إقرأ أيضاً:

المتحف القومي ينظم حفلا في ذكرى مرور مائة عام على رحيل الموسيقار سيد درويش

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهد المسرح الكبير بالمتحف القومي للحضارة حفلًا غنائيًا موسيقيًا بمناسبة مرور مائة عام على ذكرى رحيل الموسيقار سيد درويش، وذلك بالتعاون مع جمعية أصدقاء المتحف ومجموعة غطاطي للإطارات والبطاريات.

وجاء ذلك بحضور الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، والمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الأسبق، وغادة والي مساعد أمين عام الأمم المتحدة والمدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة في فيينا ومدير مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات، والدكتور أشرف العربي رئيس جمعية أصدقاء المتحف وأعضاء الجمعية، وعدد من قيادات وزارة السياحة والآثار، وعشاق ومحبي الفن وموسيقى سيد درويش من الجمهور المصري.

واستهل الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف الحفل، بكلمة رحب خلالها بالحضور، معربًا عن سعادته بهذه الاحتفالية والتي تعد أولى الفعاليات الفنية التي تقدمها جمعية أصدقاء المتحف، لتسليط الضوء على أحد أهم معالم تراثنا الفني، وأهمية البعد الحضاري للموسيقى والغناء العربي، والذي يؤكد عليه المتحف من خلال فعاليته بالإضافة إلى إبراز أثر الفنان سيد درويش والذي يعد واحد من الأسماء والنوابغ الفنية التي صاغت الموسيقى العربية الحديثة، كما يعد مؤسس النهضة الموسيقية فى مصر والعالم العربى، ورغم رحيله إلا أن تراثه الفنى ما زال حيًا نابضًا ومتجددًا وما زال المطربون الكبار والشباب أيضًا يتغنون بأعماله.

ومن جانبه تحدث الشاعر جمال بخيت في كلمته عن تاريخ الفنان سيد درويش، وأبرز أعماله وأهم مراحل ومحطات حياته، وأبرز المقطوعات الغنائية والموسيقية التي عزفها، وأشهر الأغاني التي لحنها وغناها وارتبطت في وجدان المصريين بمناسبات مختلفة.  

وتضمن الحفل فقرة غنائية موسيقية استمتع خلالها الجمهور بباقة متميزة ومختارة من أبرز أعمال فنان الشعب سيد درويش، والتي أثرت في المشهد الفني المصري والعربي، وقدمها الفنان محمد محسن بمصاحبة فرقته الموسيقية.

IMG-20240709-WA0011 IMG-20240709-WA0012 IMG-20240709-WA0013 IMG-20240709-WA0010

مقالات مشابهة

  • الأعرجي في أربيل “للتأكد” من وصول القوات التركية إلى أطراف مركز محافظة دهوك!
  • “إسقاط جوي مرتقب” للأدوية على الفاشر السودانية
  • 21 عامًا على رحيل كمال الطويل
  • الجنيه السوداني ينهار مجددا وسط موجة هروب أموال كبيرة
  • إسقاط جوي مرتقب للأدوية على الفاشر السودانية
  • هل تفلح التحركات الدبلوماسية الأخيرة في تطويق الأزمة السودانية؟
  • “الأرصاد”: موجة حارة على أجزاء منطقة الرياض غداً
  • وكيل تعليم أسوان يتفقد امتحانات الشهادة المتوسطة لأبناء الجالية السودانية
  • متحف الحضارة يحيي ذكرى مرور 100 عام على رحيل الموسيقار سيد درويش
  • المتحف القومي ينظم حفلا في ذكرى مرور مائة عام على رحيل الموسيقار سيد درويش