لندن- تواجه الحكومة البريطانية ومعها حزب المحافظين انتقادات حقوقية وقانونية واسعة، على خلفية مشروع قانون "الأنشطة الاقتصادية للمؤسسات العمومية" الذي يمنع على المجالس البلدية والهيئات العمومية أن تقاطع الاستثمار في إسرائيل أو في الشركات التي تستثمر فيها.

هذا القانون المثير للجدل الذي تم تمريره بالقراءة الثانية في مجلس العموم البريطاني، في انتظار عرضه على اللجان البرلمانية المختصة واجه معارضة حتى داخل حزب المحافظين بل ومن طرف قيادات كبيرة في الحزب، التي حذرت من أن القانون يضرب بالالتزامات القانونية للمملكة المتحدة وكذلك يحد من حرية التعبير.

ويدافع وزير الإسكان البريطاني مايكل غوف عن هذا القانون، مدعيا بأن هذا القانون سيمنح قوة للخارجية البريطانية في تحديد المواقف الخارجية للبلاد، عكس ما يحدث الآن حيث تقوم المجالس المحلية أحيانا بإصدار قرارات معارضة للسياسة الخارجية البريطانية.

وفي المقابل فإن المجالس المحلية وكذلك صناديق التقاعد البريطانية التي تعتبر من أكبر الصناديق الاستثمارية في البلاد، تضع معايير أخلاقية وعلى أساسها تقرر الاستثمار في شركة ما أو دولة ما، وبناء على هذه المعايير فإن الكثير من المجالس المحلية وصناديق التقاعد سحبت استثماراتها من الكثير من الشركات التي تتعامل مع المستوطنات أو شركات تتعاون مع دول تنتهك حقوق الإنسان.

خرق قانوني وحقوقي

يحتوي مشروع القانون الجديد على فصول يقول خبراء قانونيون إنها ستكون سببا في إسقاطه لو تمت معارضته وعرضه على المحاكم البريطانية، ولعل أبرز بند هو الذي يوسع من نطاق منع مقاطعة أي شركة أو مؤسسة حتى تلك التي تشتغل في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما هو متعارف عليه في القانون الدولي وكذلك الأمر بالنسبة للجولان المحتل.

ورغم مرور القانون في القراءة الثانية بتصويت 268 نائبا جلهم من المحافظين مقابل معارضة 70 نائبا، فإن التصويت أظهر معارضة شديدة للقانون من طرف أغلبية الأحزاب البريطانية وفي مقدمتها حزب العمال الذي حاول عرقلة عملية التصويت من خلال الغياب عن الجلسة، إضافة لغياب 84 من نواب حزب المحافظين، إضافة لإعلان الحزب الليبرالي الديمقراطي (ثالث الأحزاب البريطانية من حيث عدد المقاعد) عن معارضته لهذا القانون.

وكان لافتا، المعارضة الشديدة التي عبّرت عنها النائبة أليسيا كيرنز للقانون بصيغته الحالية، وهي نائبة محافظة تشغل رئيسة لجنة العلاقات الدولية في البرلمان البريطاني، محذرة من الخلط الموجود في القانون "بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة"، مضيفة أن هذا القانون يخالف "السياسة الخارجية البريطانية التي تعتبر الضفة الغربية والقدس الشرقية مناطق محتلة".

وحسب صحيفة "غارديان" البريطانية، فإن كيرنز كانت من أشد المعارضين لهذا القانون بالصيغة التي عرض بها، وضغطت في الكواليس من أجل تعديله قبل عرضه على البرلمان، خصوصا بوجود بند في القانون يتحدث صراحة عن إسرائيل ويمنحها حصانة خاصة من أي نشاط للمقاطعة.

معارضة داخلية وخارجية

يشير نائب رئيس حملة التضامن مع فلسطين في بريطانيا البرفيسور كامل حواش، إلى بعض التفاصيل المثيرة في هذا القانون، من بينها مثلا "أن هذا القانون يمنع على المجالس المحلية حتى أن تصرح بأنها كانت تنوي مقاطعة شركة ما لكن القانون يمنعها"، ليصف هذا القانون بأنه "إسكات للجميع ودون استثناء".

وكشف البروفيسور حواش في حديثه مع الجزيرة نت أن حملة التضامن مع فلسطين تشتغل مع 70 منظمة حقوقية وقانونية من "أجل إسقاط هذا القانون وإن كان عبر القضاء لأن هذا القانون لن يؤثر فقط على مقاطعة إسرائيل بل سيؤثر على عمل المؤسسات الحقوقية التي تعنى بمقاطعة الدول المتورطة في انتهاكات حقوقية خطيرة".

في خطوة صادمة لمناصري #فلسطين.. اتخذ 14 نائبًا مسلمًا في البرلمان البريطاني موقفًا وصف بالمتخاذل بالامتناع عن التصويت ضد مشروع قانون "تجريم مقاطعة إسرائيل" الذي تم تمريره، رغم معارضة عدة جهات حقوقية أكدت بأنه يعد انتهاكًا سافرًا لحرية التعبير#العرب_في_بريطانيا AUK pic.twitter.com/7Yc1wVH63j

— AUK العرب في بريطانيا (@AlARABINUK) July 7, 2023

وإلى جانب التكتل الذي تشتغل ضمنه حملة التضامن مع فلسطين، فقط أعلنت مؤسسة "غرين بيس" التي تعنى بحماية البيئة أنها أيضا تشتغل رفقة 60 منظمة حقوقية ضد هذا القانون لأنه "يتعارض مع الحريات الأساسية"، وحسب الفرع البريطاني للمؤسسة فإن هذا القانون سيضرب عددا من الحملات ضد شركات الأسلحة والشركات التي تضر بالمناخ والمؤسسات المتورطة في انتهاك حقوق الإنسان.

أما منظمة "هيومن رايتس ووتش" فأصدرت هي الأخرى بيانا غاضبا ذكرت فيه بريطانيا بتاريخ له دلالة وهو سنة 1980 حينما حاولت الحكومة البريطانية إصدار قانون يمنع مقاطعة نظام الفصل العنصري "الأبارتايد" في جنوب أفريقيا، وقالت المنظمة الحقوقية في بيانها "إن المملكة المتحدة يجب ألا تقف مرة أخرى في الجانب الخطأ من التاريخ من خلال معاقبة المؤسسات العمومية التي تحاول أن تقوم بالقرارات الصحيحة".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

6 مرشحين.. البرهان يقترب من تسمية رئيس وزراء ويتشاور مع قيادات سياسية سودانية

الخرطوم- اقترب رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان من تسمية رئيس وزراء وتكليفه بتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة، وفي سياق ذلك استدعى قادة كتل وقوى سياسية إلى بورتسودان العاصمة المؤقتة للتشاور بشأن الخطوة.

وكشفت مصادر سياسية للجزيرة نت أن البرهان عقد لقاءين في بورتسودان يومي الأربعاء والخميس مع قيادات سياسية دعاها على عجل إلى بورتسودان من داخل البلاد وخارجها.

وأوضحت أن البرهان أبلغ القيادات السياسية عزمه تسمية رئيس وزراء خلال أسبوعين، وتكليفه بتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة بسلطات كاملة لإدارة البلاد إلى حين عقد مؤتمر حوار سوداني – سوداني للتوافق على مرحلة ما بعد الحرب، ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

وأفادت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها أن لقاء البرهان مع القيادات السياسية ناقش أيضا المؤتمر الذي دعت إليه مصر عشرات من ممثلي القوى السياسية والمدنية في 6 يوليو/تموز المقبل بالقاهرة لبحث حل الأزمة السودانية في مساريها العسكري والسياسي.

وأضافت المصادر نفسها، أن زعماء الكتل والتنظيمات السياسية عقدوا اجتماعا منفصلا مساء الخميس حيث تباينت الآراء حول عمر الحكومة وفترة تفويضها، ورهن بعضهم دعمها سياسيا بالتوافق على برنامجها، كما تم طرح مقترح بتشكيل برلمان مؤقت لمراقبة أداء الجهاز التنفيذي، وستسلم هذ القوى رؤية موحدة إلى البرهان خلال 24 ساعة.

ورأت المصادر السياسية أن ثمة تحد مرتبط بتمسك الحركات المسلحة في دارفور بالحصة الوزارية التي نص عليها اتفاق جوبا للسلام الموقع في أكتوبر/تشرين الأول 2020، والذي منحها 25% من مقاعد مجلس الوزراء، وستصبح الحكومة موزعة بين كفاءات مستقلة وممثلين عن حركات مسلحة.

وكلف البرهان الحكومة الحالية منذ يناير/كانون الثاني 2022، وتضم وكلاء وزارات مكلفين بمهام الوزراء، بالإضافة إلى وزراء يمثلون الحركات المسلحة ويشغل هؤلاء وزارات المالية والمعادن والطرق والثروة الحيوانية والحكم الاتحادي.

مشاورات بورتسودان

وذكرت منصات إعلامية قريبة من مجلس السيادة والجيش أن القيادات التي استدعاها البرهان ضمت رئيس تحالف قوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية، جعفر الميرغني، ورئيس كتلة التراضي الوطني (رئيس حزب الأمة) مبارك الفاضل المهدي، ورئيس تحالف الحراك الوطني، وزعيم حزب التحرير والعدالة التيجاني السيسي، ورئيس تنسيقية القوى الوطنية مالك عقار، ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، وزعيم حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، ورئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة محمد الأمين ترك.

وكانت هذه القيادات مع آخرين من القوى المساندة للجيش وقعت ميثاقا بالقاهرة في مايو/أيار الماضي لحل الأزمة والتأسيس لمرحلة انتقالية في البلاد، وإجراء حوار سوادني – سوداني لتحديد شكل ونظام الحكم، وأقرت شراكة عسكرية مدنية في مجلس السيادة وحكومة بلا محاصصات حزبية.

لائحة المرشحين

وقالت مصادر قريبة من مجلس السيادة للجزيرة نت إن البرهان لم يطرح على زعماء الكتل والقوى السياسية أسماء مرشحين لرئاسة الوزارة، لكن لجنة كلفها في وقت سابق برئاسة مالك عقار سملته أسماء بمرشحين، ثم رشحت أسماء أخرى.

وكشفت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها أن لائحة المرشحين ضمت 6 شخصيات أبرزها وزير المالية وزعيم حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، والأمين العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية والدبلوماسي السابق وأستاذ القانون الدولي في جامعة الخرطوم السابق كامل إدريس، وحاكم ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة.

وأبانت أن تسمية رئيس الوزراء يتطلب تعديلا في الوثيقة الدستورية التي تنص على أن ترشح قوى الحرية والتغيير رئيس الحكومة، وتم تجميد كل النصوص المتعلقة بتحالف قوى التغيير في الوثيقة منذ إجراءات البرهان في أكتوبر/تشرين الأول 2021 بحل الحكومة، مما يحتم تعديل الوثيقة عبر اجتماع مشترك بين مجلسي السيادة والوزراء بما يتيح لمجلس لسيادة اعتماد رئيس الوزراء.

وكان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" هدد في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي أنه في حال أقدم البرهان على تشكيل حكومة في بورتسودان، سيشرع في مشاورات لتشكيل سلطة في مناطق سيطرته، وأن الخرطوم ستكون عاصمة لها، ولن يسمح بخلق أي عاصمة بديلة.

مقالات مشابهة

  • استمرار الاحتجاجات الشعبية في كينيا رغم إلغاء قانون الضرائب
  • هجوم إسرائيلي على الإعلام البريطاني بزعم انحيازه للفلسطينيين في حرب غزة
  • 6 مرشحين.. البرهان يقترب من تسمية رئيس وزراء ويتشاور مع قيادات سياسية سودانية
  • منظمات حقوقية تقاضي الحكومة الهولندية لانتهاكها حظراً على تزويد الاحتلال الإسرائيلي بقطع غيار لمقاتلات حربية
  • وزير الطيران المدني يلتقي نائب السفير البريطاني ورئيس غرفة التجارة المصرية البريطانية
  • الحكومة في ورطة بعد مقاطعة كبيرة لطلبة الطب للامتحانات بنسبة 94 في المائة
  • بالصور والذكاء الاصطناعي.. كيف خدع مهرجان موازين جمهوره بالمغرب بسبب غزة؟ (شاهد)
  • بعد موافقة النواب نهائيًا.. تفاصيل تعديلات قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية وأهدافه
  • الرئيس الكيني يرضخ لاحتجاجات دامية .. ويتراجع عن رفع الضرائب
  • الرئيس يسحب مشروع قانون الموازنة بعد مقتل محتجين الحكومة الكينية ترضخ لمطالب الشعب وتلغي فرض الضرائب