الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:  على الرغم من البطش والعنف وجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال ضدّ الفلسطينيين العُزَّل، فإنّ أقطابه لا ينفكون عن التخطيط الإستراتيجيّ للسيطرة على ثروات الشرق والتحكّم بها وبتصديرها للغرب، والأخطر من ذلك أنّ قائدة الإرهاب العالميّ، الولايات المتحدة، تدعم دولة الاحتلال، فيما تؤدّي العديد من الدول العربيّة والإسلاميّة دور المُساعِد في إخراج المخططات الصهيونيّة إلى حيّز التنفيذ.

وفي هذا السياق، كشفت مصادر سياسيّة إسرائيليّة، وُصِفَت بأنّها رفيعة المُستوى، النقاب عن خطةٍ سريّةٍ لكيان الاحتلال تلقى دعمًا أمريكيًا، تهدف إلى ربط العديد من دول الخليج برًا بدولة الاحتلال، حيث يجري الإعداد لربط تلك الدول بميناء حيفا. بالإضافة إلى ذلك، كُشِف عن وثيقةٍ سريّةٍ تمّ إعدادها في وزارة الخارجيّة وجاء فيها: (اتفاقات إبراهيم) أدّت لتغيير الواقع السياسي في الشرق الأوسط وفتحت مسارًا لطرق مواصلات جديدة، مشروع ارتباطات برية إقليمي بين دول الخليج وإسرائيل، يغير اللعبة التي سترفع مستوى التجارة العالمية في الشرق الأوسط، تُحسِّن مكانة إسرائيل كمركز لنقل البضائع من الشرق الأقصى إلى العالم الغربي، وستبرز دور الولايات المتحدة في المنطقة، وفق ما أكّدته المصادر التي سرّبت الوثيقة لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة.

الصحيفة أوضحت أيضًا، نقلاً عن ذات المصادر، أنّ “تل أبيب وواشنطن تدفعان قدمًا بخطةٍ سريّةٍ لربط طريق بري متواصل بين الإمارات، والسعودية، والأردن، وإسرائيل، يتجه من الخليج مباشرة الى موانئ إسرائيل، لغرض تصدير البضائع من الشرق إلى أوروبا عبر إسرائيل، وبعد ذلك السياح أيضًا”.

وأشارت إلى أنّ ذلك: “سيتيح الربط البري للشاحنات نقل البضائع، في ظلّ اختصار كبير لكلفة النقل واختصار المدة الزمنية، مقارنة بالوضع اليوم“.

وبحسب الدراسة التي أُجريت بخارجية الاحتلال وبالإدارة الأمريكية، يدور الحديث عن اختصار الزمن من عدة أسابيع إلى يومين أو ثلاثة أيام، وتوفير حتى 20 بالمائة في كلفة الإرسال، اليوم تصل الشاحنات التي تخرج من الإمارات إلى ميناء حيفا عبر جسر اللنبي، أيْ عبر الحدود مع الأردن، لكن يتعين عليها أنْ تجتاز إجراءات بيروقراطية تتضمن استبدال السائق، لوحات الترخيص وانتظار طويل، هناك طريق آخر وباهظ الثمن لإرسال البضائع بالسفن عبر قناة السويس ومنها لموانئ أوروبا، وهذا أيضا باهظ الثمن جدًا”، على ما نقلته الصحيفة عن المصادر.

وشدّدّت الصحيفة على أنّ الفكرة، هي السماح بوصول شاحنة واحدة وسائق واحد من دبي إلى ميناء حيفا، مثلاً، دون استبدال السائقين والشاحنات في المعابر بين الدول، وعرضت وزارة الخارجية الإسرائيلية الخطة على المبعوث الأمريكي الخاص عاموس هوكشتاين، وحسب موظفين إسرائيليين كبار، “تحمست واشنطن للخطة، وبدأت بالدفع بها قدمًا مع الدول ذات الصلة وهي، الإمارات، السعودية، الأردن“.

وأضافت: “يدور الحديث عن مشروع بنية تحتية يتجاوز الحدود، يبدأ في الإمارات، يمر عبر السعودية وينتهي بموانئ إسرائيل، ولاحقًا سيوسع أيضًا للبحرين وعُمان“.

وطبقًا للصحيفة فإنّ “إسرائيل تعتقد أنّه توجد فرصة قيِّمة جدًا لدفع الخطة قدمًا بسرعة نسبية، بل وحتى قبل التطبيع مع السعودية، وذلك كون جميع الأطراف ستكسب من اختصار زمن وكلفة الشحن بين الشرق الأقصى والأدنى إلى أوروبا، علمًا أنّ إسرائيل تعمل على الخطة بالتوازي أيضًا مع دول الخليج، لكنها تتمتع بدعمٍ أمريكيٍّ كاملٍ”.

علاوة على ما ذُكِر أعلاه، لفتت الصحيفة إلى أنّ “الجسر البري سيقوم على أساس طرق قائمة، لكنه يحتاج إلى رفع مستوى بعض المسارات وشق أجزاء معينة، وستستوجب الخطة من كل الدول الوصول لتوافق على معايير الشاحنات كي تتمكن من التحرك بين كل الدول، وأنْ توافق أيضًا على رخص سياقة السائقين، الذين سيسمح لهم بالتحرك على طول المسار بشكل سلس ودون عراقيل”.

وبحسب الخطة المتبلورة فإنّه “في مرحلة متأخرة سيستخدم الرابط البري لأغراض السياحة والسفر، والمشروع سيدفع قدمًا ارتباطات بين إسرائيل ودول المنطقة في مجال المواصلات، والبنى التحتية، والمعلومات“.

وشدّدّت محافل تُشارِك في إخراج الخطّة إلى حيّز التنفيذ في حديثها للصحيفة العبريّة على أنّ “المشروع أتيح بفضل التوقيع على “اتفاقات إبراهيم” (التطبيع)، والتعهد الأمريكي بتحقيق السلام في المنطقة، بحيث يمكنه أنْ يغير وجه الشرق الأوسط كله“.

بالتوازي، “تواصل واشنطن العمل على خطة لربط الخليج بإسرائيل بسكة حديدية ومنها إلى أوروبا، لكن هذا مشروع سيستغرق سنوات أخرى للتنفيذ، بينما الرابط البري يمكنه أنْ يدخل إلى العمل في غضون فترةٍ زمنيّةٍ قصيرةٍ”. 

وبحسب مزاعم وزير خارجية الكيان، إيلي كوهين، فإنّ “وزارة الخارجية تعمل على توسيع دائرة التطبيع وتحقيق مشاريع إقليمية تعزز مكانة إسرائيل في الشرق الأوسط، واستثمار في مشروع بنية تحتية بهذا الحجم، سيساهم في تقدم التجارة بين الدول وآسيا وأوروبا، ويؤدي إلى ازدهار الدول المشاركة“.

وفي الخلاصة أكّدت الصحيفة العبريّة أنّ مشروع (الربط البري بالشاحنات) سيوفر “حلاً سهلاً لتحسين التجارة على الأرض، ويوفر منصة لكل المشاركين، الولايات المتحدة، الإمارات، السعودية، الأردن، مثلما أيضًا دول مهتمة أخرى في المنطقة كالبحرين وعُمان“.

وغنيٌّ عن القول إنّه في حال نجاح الخطّة المذكورة فإنّ الكيان سينعم بالأموال العربيّة دون أنْ يدفع شيئًا، وعلى وجهٍ خاصٍّ في القضية الفلسطينيّة، التي تعهد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الأسبوع الفائت بشطبها نهائيًا عن الأجندة.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الشرق الأوسط ة إسرائیل

إقرأ أيضاً:

قراءة اشتراكية لمداخلة فياض: الصيغة اللبنانية ليست هشة والكيان، لا الطوائف، يواجه التحديات الوجودية

الحلقة الأولى من سلسلة نقاشات يفتتحها "لبنان 24" في 1-6-2024، عقدت حركة "تجدد للوطن" مؤتمرها السنوي تحت عنوان "من لبنان الساحة... إلى لبنان الوطن" في البيال، ومن ضمن فعاليات هذا المؤتمر ألقى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض مداخلة بعنوان"موقع لبنان في النظام الاقليمي الجديد" أثارت ردود فعل استثنائية داخل المؤتمر وعلى مدى الأسابيع الماضية، بحيث جرى تداولها على نحو واسع وجذبت اهتمام الاحزاب لما تضمنته من طروحات جديدة تفتح الباب أمام مناخ حواري لبناني لمناقشة قضايا غير مسبوقة خاصة وأن فياض هو أحد مسؤولي حزب الله ونوابه البارزين.

تضمنت المداخلة الدعوة إلى التعاطي مع هواجس الطوائف كما هي حتى لو كانت تستند إلى أوهام لأن تلك الهواجس ذات أثر واقعي، واعتبر فياض أن الهاجس الاساس عند الطائفة السنية هو حماية اتفاق الطائف الذي اعطى موقعا متميزاً لرئيس الحكومة في البنية الدستورية، أما الهاجس الدرزي الاساسي، فهو حماية الدور في ظل التحولات والاضطرابات التي تخيم على لبنان والمنطقة، اما الهاجس المسيحي الأكبر فهو يتمثل بحماية الوجود واستعادة الدور والصلاحيات في ظل مشكلة التضاؤل الديمغرافي في حين أن الهاجس الشيعي هو حماية الوجود في مواجهة العدوانية الاسرائيلية، معتبراً أن الهاجسين السني والدرزي هما هاجسان سياسيان طبيعيان، أما الهاجسان المسيحي والشيعي فهما هاجسان وجوديان يستدعيان أدوات معالجة من خارج المنطق الطبيعي للدولة.

ويرى فياض أن الصيغة اللبنانية هشة جداً بحيث أنها تنتج بطرفة عين أزمة حكم ومؤسسات، وقوية جداً بحيث لا يستطيع أي من المكونات إحداث تغييرات فيها. ووفق قراءته للدستور وما ينص عليه مدخل المادة 95 بأن ما دون مرحلة الاصلاحات الجذرية هي مرحلة انتقالية، وما لم تطبق هذه الإصلاحات، جاز القول أيضاً أن الدولة أيضاً هي دولة انتقالية. ومن ناحية أخرى يرى فياض أن البيئة الاقليمية تمر في مرحلة انتقالية لولادة نظام اقليمي قيد التشدد في ظل صعود جيواستراتيجي لـ"محور المقاومة" الذي يعاني في المقابل من ضعف جيواقتصادي، في حين أن الخريطة المجتمعية على المستوى الاقليمي "الجيو مجتمعي" تعاني من انقسامات خطيرة.

وبحسب النائب فياض فإن المعالم الكبرى لهذا النظام الاقليمي هي، إسرائيل أكثر ضعفاً، والولايات المتحدة أقل قدرة على الإمساك بملفات المنطقة، ومحور المقاومة أكثر فعالية.

يشدد فياض على نجاح تجربة التكامل بين المقاومة والدولة بعيداً عن علاقة الاحتواء ، ومشدداً على ضرورة المحافظة على المسافة الفاصلة بين الدولة والمقاومة وقد خلص في مداخلته إلى الانتقال من المعالجات العائمة إلى المعالجات العميقة مؤكداً على الأهمية الحاسمة لثلاث خلاصات وهي : قيمة الدولة وقيم التفكير الدولتي. المقاومة لمواجهة التحديات الكبرى التي يواجهها لبنان. اعتماد منهجية تبادل الهواجس والضمانات بين المكونات اللبنانية.

بالاستناد إلى ذلك يستضيف "لبنان 24" تباعاً أصحاب رأي أكاديميين يعبرون عن اتجاهات سياسية مختلفة لمناقشة ما ورد في مداخلة فياض من أفكار حوارية جديدة.

الحلقة الأولى مع استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية والقيادي في "الحزب التقدمي الاشتراكي" الدكتور وليد صافي.

من المهم، بحسب الدكتور صافي، أن نلاقي بعضنا البعض في منتصف الطريق، وذلك لإطلاق حوار جدي ومسؤول حول القضايا الشائكة التي نختلف عليها. ولبنان بتركيبته السياسية والطائفية التعددية محكوم بالحوار والتسويات، وقد أكدت التجربة اللبنانية منذ الاستقلال وحتى اليوم أن الاقتتال الداخلي ومواجهة القضايا الخلافية بمقاربات مضادة ،كانت كلفتها كبيرة على المستويات كافة ولم تؤد إلى حل مشاكلنا المستعصية. لذلك يبقى الحوار والتسوية أقل كلفة بكثير ومن شأنهما أن يفتحان الأفق على حلول مستدامة ويعززان الثقة بين الطوائف .

لكل طائفة هواجسها المختلفة، وهذا أمر ليس جديداً في لبنان. والأزمة التي يمر بها البلد على المستوى الوطني والانسداد في أفق التسوية السياسية بدءا من انتخاب الرئيس وصولاً إلى البحث في المسائل الخلافية كافة ، هي المسؤولة، بحسب صافي، عن عودة الهواجس لتتصدر المشهد السياسي.
ولا يوافق القيادي في الاشتراكي، نائب حزب الله أن هناك طوائف تواجه تحديات وجودية لا يمكن حلها من خلال منطق الدولة. بالاساس، لبنان الكيان يواجه التحديات الوجودية وليس بعض الطوائف، وأن الدولة هي المرجعية التي يمكن أن نعهد إليها بتبديد الهواجس وتقديم الضمانات للجميع. فالطوائف تستطيع من خلال مواقفها العقلانية والواقعية أن تطمئن بعضها البعض. أما الضمانات فهي مسؤولية الدولة. واحترام دستور الدولة وقوانينها والحفاظ على اللعبة الديمقراطية والحريات والتنوع السياسي، كل ذلك يشكل أهم الضمانات للطوائف كافة.

ويعتبر الدكتور صافي أن اتفاق الطائف لم يكرس هواجس الطوائف ولا يوجد في علم السياسة ما يبرر القول أننا في دولة انتقالية. ويلفت الانتباه إلى اهمية الفصل بين الدولة والنظام السياسي. عناصر الدولة هي الاقليم الجغرافي، السكان والحكومة او السلطة السياسية. الدولة اللبنانية مكتملة الشروط، ويمكن الحديث عن المرحلة الانتقالية في النظام السياسي الذي ينتظر إكمال الإصلاحات التي حددها اتفاق الطائف وهي تتناول الإصلاح السياسي والاقتصادي والقضائي وفي مقدمها إنشاء مجلس شيوخ ، وإعداد قانون انتخابي على أساس وطني وتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية واعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة . ويبقى الطائف في رأي الدكتور صافي هو العقد الاجتماعي الناظم لحياتنا السياسية والدستورية، ومن الحكمة اليوم التمسك به وعدم القفز فوق ، أو تفسيره بما يتوافق مع المصالح الضيقة، والحفاظ على روحه الميثاقية وعدم إخضاعه للعبة ميزان القوى.

وفي السياق، يتردد في بعض الصالونات السياسية أن الدروز يخوضون اليوم معركة البقاء، وأن مصلحتهم تكمن في الوقوف إلى جانب العروبة. ومن هذا المنطلق يقول القيادي في الحزب الاشتراكي أن الدروز يخوضون اليوم بقيادة الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط معركة وجود لبنان والحفاظ على رسالته ونظامه الديموقراطي وهم لا يشعرون البتة أن وجودهم مهدد. فالدروز يشعرون بالتحديات التي تواجه لبنان والعالم العربي والقضية الفلسطينية، لذلك هم اليوم أكثر من أي وقت مضى متمسكون بخياراتهم السياسية التي تنسجم مع تاريخهم العروبي والإسلامي. ففي الماضي لقبهم الأب يواكيم مبارك "بالأرستقراطية المحاربة"، نظراً إلى دورهم الطليعي في مواجهة كل مشاريع الإخضاع التي تتعرض لها المنطقة. أما اليوم فيمكن وصفهم "بالأرستقراطية السياسية"، التي تتميز بالحكمة في قراءة الأحداث وطرح المقاربات للحفاظ على لبنان في إطار التنوع ضمن الوحدة، وعدم الانسياق وراء الأوهام والمشاريع التي لا تتفق مع تاريخنا وانتمائنا العربي. فموقف الدروز من القضية الفلسطينية وتأييد حق الفلسطينيين بالمقاومة للاعتراف بحقوقهم وتأسيس دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية هو موقف تاريخي ومبدئي كرسه الشهيد كمال جنبلاط وحافظ عليه النائب السابق جنبلاط رغم كل التحديات والمخاطر. وللتذكير فإن اتفاق الطائف الذي كرس نهائية الكيان اللبناني، قد أكد أيضاً دون أي لبس انتماء لبنان وهويته العربية. لذلك، فالدروز متصالحون مع أنفسهم في اعتقادهم الراسخ بعدم تناقض انتمائهم اللبناني مع انتمائهم العربي، إذ ينظرون إلى العروبة على أنها رابطة حضارية وليس قومية مغلقة. كما أنهم، بحسب الشهيد كمال جنبلاط، "وديعة الاسلام" في هذا الشرق الغني بثقافته وتقاليده وقيمه. وبالنتيجة، الدروز هم إلى جانب العروبة وحريصون على أن يستعيد العالم العربي مكانته الاقليمية والدولية، وهذا الموقف لا يتعلق بالمصالح الآنية والظرفية، إنما هو مرتبط بتاريخهم وهويتهم والتي تعرضت لتحديات كبيرة، لكنهم عرفوا كيف يدافعون عنها ويحافظون عليها.

يرى صافي أن الصيغة اللبنانية ليست صيغة هشة، معتقداً أن الممارسات السياسية التي لا تتفق مع روحية هذه الصيغة والتي تخالف أحكام الدستور، هي التي تقف وراء هشاشة المشهد السياسي الحالي وتعطل آليات اتخاذ القرار في المؤسسات الدستورية. فالصيغة اللبنانية قائمة في روحها على التوافق، وهي تحتاج إلى رجال سياسة توافقيين ويعرفون معنى الحوار والتوافق وأهميتهما.

ولذلك، ليست الصيغة السياسية بمفردها من يمنع أي حزب من السيطرة على السلطة بالكامل، يقول صافي، فهناك دور أساسي للمواطنين اللبنانيين في هذا الموضوع. فاللبناني عبر تاريخه هو مقاوم لكل أنواع الإخضاع والاحتلالات والوصايات. والفكرة الواحدة أو نظام الحزب الواحد لا يمكن أن يعيشا في لبنان لأنهما ضد طبيعة رسالة لبنان. لبنان يقوم على الحريات والمبادرة الفردية والتعددية الدينية والسياسية، هو "ملتقى الإسلام والمسيحية"، كما وصفه الشهيد كمال جنبلاط، لذلك فهو مقبرة الفكرة الواحدة، والتوجهات التوتاليتارية.

ويعتقد القيادي في الاشتراكي أننا اليوم بحاجة إلى مراجعة طريقة إدارة الصيغة أكثر من الحاجة للنظر في التعديلات المطلوبة، كما يعتقد بأهمية تطبيق الطائف في كل محاور الإصلاح الذي تطرق إليه، فهذه أفضل طريقة للكشف عن الحاجة إلى التعديلات الضرورية وجعل النظام أكثر فعالية، فنحن بحاجة لتغيير الممارسات القائمة والعودة إلى احكام الدستور لقيام حكم القانون Rule of law. ويسأل ما هي منافع أية تعديلات في الصيغة، إذا بقيت الممارسة السياسية على حالها من تقويض لسلطة القانون، وتعميم ثقافة الإفلات من الحساب. لقد آن الأوان للنظر إلى فعالية النظام التي تخدم اللبنانيين كافة، بدلاً من السعي لبعض التعديلات التي تهدف إلى تحسين موقع هذا أو ذاك الطرف في الصيغة السياسية.

ويرى صافي أن الدولة المركزية قائمة في لبنان، وهي تمارس وظائفها السيادية في العلاقات الدبلوماسية والقضاء وصك العملة والأمن الوطني. لكن الاشكالية تكمن على مستوى السياسة الدفاعية اذ تعجز الدولة حالياً عن ممارسة دورها في قرار السلم والحرب. فحزب الله يتمسك بسلاحه ويعتبره ضمانة للتحديات الوجودية التي تواجهها الطائفة الشيعية بحسب الكلام الأخير للنائب فياض. وهناك تقدم في طرح الحزب من خلال الاقتراح القاضي بالحوار على وظيفة هذا السلاح. في الواقع، إن سلاح حزب الله هو مسألة اقليمية والكلمة الفصل فيه تعود للجمهورية الإسلامية. ومن حيث المبدأ، لا يجوز للدولة أن تتنازل لأي طرف عن أي من وظائفها السيادية لاسيما الأمن الوطني والدفاع . وهذا الأمر يكتسب أهمية بالغة في بلد مثل لبنان حيث أن السلاح بأيدي أي طائفة ومهما كانت وظيفته يعطي أرجحية لها في ميزان القوى الداخلي. ولكن لا يجب أن نقلل من أهمية الدور الذي أداه هذا السلاح والتضحيات التي بذلت في تحرير الجنوب ومواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وآخرها العدوان المستمر منذ عملية طوفان الأقصى. لذلك نحتاج إلى مقاربة واقعية لمسألة هذا السلاح والتفكير بسياسة دفاعية تعيد للدولة قرار السلم والحرب، وتتيح للجيش تحديد استراتيجية دفاعية قادرة على الاستفادة من خبرات المقاومة، لمواجهة التحديات والمخاطر الاسرائيلية القائمة، وما أكثرها مع حكومة بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف.

وإلى أن تنضج شروط تسوية إقليمية تساعد في حل هذه المسألة، يحتاج لبنان، وفق صافي، في هذه المرحلة إلى تفعيل العمل الدبلوماسي لتطبيق القرار 1701، وتفويت الفرصة على حكومة نتنياهو من إشعال حرب واسعة لا قدرة للبنان على تحمل تداعياتها. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • هجوم يمني على هدف حيوي في حيفا بدولة الاحتلال
  • إسرائيل تبدأ المرحلة الثالثة من حربها في غزة
  • الإفراج عن أبو سلمية يكشف حالة التخبط والفوضى بدولة الاحتلال
  • وثيقة لرئيس الشاباك تكشف عن رقم هائل للمعتقلين الفلسطينيين.. عواقب استراتيجية
  • الشجاعية … ميدان الشجاعة
  • حرب ضروس قد تلتهم الشرق الأوسط
  • إذاعة جيش الاحتلال: متضررون من 7 أكتوبر يرفعون دعوى ضد إيران وسوريا وكوريا الشمالية
  • تصدير 51 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا إلي الصين
  • تصدير 51 ألف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا إلي الصين
  • قراءة اشتراكية لمداخلة فياض: الصيغة اللبنانية ليست هشة والكيان، لا الطوائف، يواجه التحديات الوجودية