غزة بعد الحرب.. أهداف إسرائيلية ضبابية بعيدة المنال
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
القدس المحتلة- أجمعت التقديرات السياسية والعسكرية في إسرائيل على أنه لا توجد إستراتيجية واضحة لتل أبيب بشأن مستقبل قطاع غزة ما بعد الحرب، وذلك باستثناء ما صرح به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بأن إسرائيل ستحتفظ بسيطرة أمنية على القطاع لمدة غير محدودة.
ويأتي عدم وضوح هذه الإستراتيجية وسط احتدام المعارك البرية بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال في شمال غزة، ووسط تباين التصريحات بالأهداف من الحرب بين المستوى العسكري الذي صرح أن هدفه تفكيك قدرة حماس العسكرية، بينما ذهب المستوى السياسي بعيدا بسقف أهدافه لإنهاء حكم حركة حماس والقضاء على قدرتها العسكرية والسياسية.
ووسط هذا التباين، أجمعت التقديرات الأمنية والعسكرية للمحللين الإسرائيليين أن المرحلة الأولى من التوغل البري في شمال القطاع لم تنتهِ، ولم تحقق أهدافها حتى الآن. وأشارت إلى أنه ما يزال هناك المزيد من المراحل لتحقيق الأهداف، ومنها القيام بعملية برية في جنوب القطاع، وهي المعركة التي ستكون أصعب مما يشهده شماله.
الوضع الأمني الجديد
ويعتقد الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أنه لا توجد إستراتيجية واضحة ومحددة لإسرائيل بشأن مستقبل غزة ما بعد الحرب، باستثناء تلك المواقف التي صرح بها نتنياهو، وحصلت على شرعية من الإدارة الأميركية، وتتلخص في إشراك إسرائيل بالوضع الأمني الجديد الذي سينشأ في غزة على افتراض أنها حققت أهداف الحرب.
وعليه، يقول شلحت للجزيرة نت إن كل السيناريوهات المطروحة والخطط التي تروج لها القيادة السياسية والعسكرية في تل أبيب، تضع الكثير من علامات الاستفهام بشأن إمكانية تحقيق أهداف الحرب، سواء إسقاط حكم حماس أو إضعافه وتقويض قوته العسكرية والسياسية، "علما أن سقف الأهداف عالٍ وتحقيقها يبدو صعبا".
وبشأن الإستراتيجيات العسكرية لمعركة التوغل البري في القطاع، أوضح شلحت أن تفكيك قدرة حماس العسكرية ما يزال بعيد المنال، خصوصا أن الجيش في المرحلة الأولى من معركة التوغل البري بشمال غزة التي تشهد معارك ضارية مع المقاومة الفلسطينية، وهي الاشتباكات التي تحول دون التقدم نحو بدء المرحلة الثانية.
شلحت: اسرائيل تسعى لتفكيك الكثافة السكانية بقطاع غزة عبر التهجير (الجزيرة) معركة طويلة الأمدوعدد شلحت السيناريوهات الإسرائيلية المتعلقة بمستقبل غزة ما بعد الحرب، سواء باحتفاظ إسرائيل بسيطرة أمنية، واحتلال القطاع، "وهو غير وارد بالحسبان لأنها احتلت القطاع لعقود وهربت من المكان"، وكذلك سيناريو إقامة حزام أمني على طول الحدود مع قطاع غزة على غرار الحزام الأمني بجنوب لبنان الذي انسحبت منه بالعام 2000.
ووسط هذه السيناريوهات، يقول الباحث بالشأن الإسرائيلي "تأتي خطط تفكيك الكثافة السكانية لقطاع غزة تحت مسميات مختلفة، وهي وجه آخر للتهجير "والترانسفير" الطوعي، وبغية تحقيقها هناك حاجة إلى موافقة وتعاون أطراف أخرى، حيث لا يوجد مثل هذه الجهات المستعدة للتعاون مع إسرائيل لتهجير سكان غزة".
وعن مدى واقعية الخطط الإسرائيلية العسكرية والسياسية بشأن مستقبل غزة وإمكانية تحقيقها، يقول شلحت "الحرب لم تنته بعد، والمقاومة الفلسطينية لم تقل كلمتها الفاصلة، حيث لديها قدرات عسكرية تمكنها من فرض معركة طويلة الأمد مع إسرائيل".
حماس لم تسقط
في قراءة لأبعاد العلميات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، يعتقد المحلل العسكري بصحيفة "يسرائيل هيوم" يوأف ليمور، أن الأنقاض تشير إلى أن "غزة لم تعد نفس المكان لكنها لم تنهار بعد، وحماس لم تسقط". ومع ذلك، فإن ما يمر به القطاع غير مسبوق بكل المقاييس، الدمار، قوة النار، وشدة القصف، كل هذا لم يحدث من قبل.
وأوضح المحلل العسكري أنه في حال أصرت إسرائيل على الغارات والقصف المدمر، فلربما تكون هناك فرصة لتحقيق الأهداف التي حددها المستوى السياسي من الحرب بتقويض حكم حماس سياسيا وعسكريا، لكنه يعتقد أن ذلك سيتطلب تصميما وقرارات صعبة وحصولا على "الشرعية"، فضلا عن الوقت والحظ.
أما النصر في هذه الحملة العسكرية، فيقول عنه ليمور "لن يتحقق في صورة واحدة. وحتى لو تمت تصفية يحيى السنوار أو محمد الضيف، فإن الحرب ستستمر. سيستغرق الأمر شهورا لكسر مفاصل الحكم السياسية والقوة العسكرية لحماس، ويلي ذلك سنوات من الاستمرار في الأنشطة والعمل التي تضمن عدم تعافيها وتأهيلها مجددا".
عشرات آلاف النازحين فروا إلى مراكز الإيواء ومناطق جنوب قطاع غزة (الأناضول) خطة التهجير القسريفي موازاة السيناريوهات العسكرية والمرحلة الأولى من التوغل البري التي تحظى بمقاومة شرسة من مقاتلي فصائل المقاومة الفلسطينية، يطرح المستوى السياسي الإسرائيلي تصورا جديدا يدفع نحو تقليل الكثافة السكانية في قطاع غزة، وهو ما بات يعرف بـ "الترانسفير المقنع".
ويتلاقى هذا الطرح، مع خطة التهجير القسري التي وضعتها وزارة الاستخبارات الإسرائيلية مع بدء الحرب على غزة، حيث أوصت باحتلال القطاع وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهو ما يتناغم مع تقدير الموقف الصادر عن معهد (مسغاف) "للأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية" الذي أعده الباحث رافائيل بن ليفي.
ويوصي معهد "مسغاف" المقرب من نتنياهو، بضرورة أن تستغل إسرائيل الحرب من أجل دفع السكان الغزيين إلى الهجرة الطوعية خلال المعارك، ومن ثم العمل على تفكيك الكثافة السكانية لقطاع غزة وتهجير السكان إلى سيناء ودول أجنبية.
تهجير الغزيين من شمال غزة إلى جنوبها ضمن مخطط لدفعهم إلى سيناء (مواقع التواصل) جيل أيديولوجية حماسوعزا الباحث الإسرائيلي بن ليفي التوصيات بتفكيك الكثافة السكانية ونقل السكان إلى دول مختلفة، قائلا إن "هناك جيلا كاملا يعيش في غزة اليوم نشأ على أيديولوجية حماس. إذ تفتقر غزة إلى أي حركة معارضة محلية لحماس يمكن أن تحكم مكانها".
إضافة إلى ذلك، يقول بن ليفي إن "السلطة الفلسطينية هيئة معادية لإسرائيل، ولا تحظى حتى بدعم أغلبية الفلسطينيين في الضفة الغربية، فالنموذج الحالي للحكم الفلسطيني بالضفة غير مستقر، وعليه لا يمكن نسخه في غزة".
ووفقا لتوصيات معهد "مسغاف"، فإنه في حال تحقق سيناريو إسقاط حكم حماس في غزة، لا توجد إمكانية طويلة المدى لنشوء حكم عسكري إسرائيلي بالقطاع، ولا حتى تشكيل حكومة عربية فلسطينية ملتزمة بالعيش بجوار إسرائيل.
لذا، يقول بن ليفي "فمن الممكن جدا، أن تعود حماس، أو أي كيان آخر معاد لإسرائيل، بالسنوات المقبلة للسيطرة على قطاع غزة، وهذا بحد ذاته سيكون فشلا تاريخيا، وضربة قاتلة للقدرة الوطنية على الصمود، وتهديدا وجوديا لمستقبل إسرائيل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: التوغل البری بعد الحرب قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
حماس: شروط إسرائيلية جديدة تؤجل اتفاق الرهائن
ارتفعت حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حتى اليوم الأربعاء، إلى 45,361 قتيلاً و107,803 إصابات، وفق وزارة الصحة في غزة.
وقالت الوزارة في اليوم الـ 446 للحرب على القطاع، إن "قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت 3 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 23 قتيلاً و39 إصابة خلال 24 ساعة".
وأكدت أن عدداً من الضحايا ما يزالون تحت الركام وفي الطرقات، حيث لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وأهابت الوزارة بذوي القتلى ومفقودي الحرب على غزة ضرورة استكمال بياناتهم، لاستيفاء جميع البيانات عبر سجلات وزارة الصحة.
بيان لحماس بشأن المفاوضاتوفي الأثناء، قالت حركة حماس، إن مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى تسير في الدوحة بالوساطة القطرية والمصرية بشكل جدي.
وأضافت الحركة، في بيان عبر قناتها الرسمية بتطبيق "تليغرام"، أنها أبدت المسئولية والمرونة خلال المفاوضات، غير أن الاحتلال وضع قضايا وشروطاً جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجّل التوصل للاتفاق الذي كان متاحاً.
????بيان عاجل من حركة "حماس" حول مفاوضات وقف اطلاق النار وتبادل الأسرى
اقرأ المزيد: https://t.co/jQEt4mhEjc
وفي وقت سابق، كشفت وسائل إعلام عبرية، أن إسرائيل لم تتلق بعد من حركة حماس قائمة بالرهائن الأحياء والأموات الذين من المقرر إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة المرتقب.
إسرائيل تنتظر رد حماس على قائمة الرهائن - موقع 24ذكرت مصادر إسرائيلية أن السلطات في تل أبيب لم تتلقّ قائمة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.ويتواصل القصف الإسرائيلي على مختلف مناطق قطاع غزة، ما يسفر عن سقوط قتلى وجرحى، ويتركز على محافظة الشمال حيث يمعن الجيش بالإبادة والتطهير العرقي منذ أكثر من شهرين.
وفي 5 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اجتاح الجيش الإسرائيلي مجدداً شمال قطاع غزة، ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتحويلها إلى منطقة عازلة بعد تهجيرهم منها، تحت وطأة قصف دموي، ومنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.