عندما عرض فيلم ناجي العلي عام ١٩٩٢، من بطولة نور الشريف، وتم إنتاجه بالاشتراك مع مجلة فن اللبنانية الممولة من وليد أبو ضهر، ومن تأليف بشير الديك وإخراج عاطف الطيب، فقد أثار هذا الفيلم ردود فعل غاضبة.
وقبل أن نخوض في التفاصيل، فناجي العلي للذي لا يعرفه، رسام كاريكاتيري فلسطيني ابتكر شخصية حنظلة الناقدة بسخرية تصل إلى حد المرارة؛ لما وصلت إليه المعطيات السياسية والاجتماعية للأنظمة العربية تجاه القضية الفلسطينية.
وقد وصل الأمر إلى غضب ياسر عرفات شخصيا، فقاد حملة كبيرة لمنعه من العرض الجماهيري في كثير من البلاد العربية، وقد نجحت مساعيه، ولكنه فشل في إقناع الرئيس مبارك بمنع عرضه في مصر، بعد أن أكد المستشار السياسي أسامة الباز أن الفيلم لا يسيء إلى مصر من قريب أو بعيد.
ولكن رغم هذا لم ينج نور الشريف من حملة صحفية وإعلامية شعواء، قادها الصحفي الكبير إبراهيم سعدة، وصلت مداها للتشكيك في وطنية نور، واتهامه بالعمالة التي تصل إلى حد الخيانة.
وقد نجحت هذه الحملة وحملات أخرى، في محاصرة نور الشريف فنيا، وقد حضر كاتب هذه السطور هذا الحصار الفني المراد منه كسر إرادة نور، عقابا له على الاشتراك في هذا الفيلم، إلى درجة دفعته وحفاظا ودفاعا عن وجوده الفني؛ إلى أن ينتج لنفسه مجددا لكسر حالة الحصار هذه.
ولكن لماذا كل هذه الضجة على فيلم ليس الأجود فنيا في حياة نور ممثلا ولا عاطف مخرجا ولا بشير كاتبا..؟!
بالطبع بسبب إدانة الفيلم للأنظمة العربية، وموقفها المتخاذل تجاه القضية الفلسطينية، متجاهلا دور عرفات، أيضا دور مصر في حرب السادس من أكتوبر، مما أشعل الغضب وكان على رأس الغاضبين ياسر عرفات شخصيا، لا سيما وأن أصابع الاتهام تشير إليه في اغتيال ناجي العلي في لندن، وهذا اتهام لا تدعمه الأدلة، ولكنه كان يثير غضب عرفات، كما يثيره أكثر اتهامه بالتخاذل عن قضية فلسطين.
ولكن كل هذا لم يفت في عضد نور الشريف؛ المتهم الأول الذي نال ما ناله من سهام الاغتيال المعنوي والفني، ولكنه صمد أمام كل هذا إلى أن عبر الأزمة واستعاد ألقه وتوهجه مرة أخرى، ليصبح فيلم ناجي العلي برغم تواضعه الفني والإنتاجي وثيقة تاريخية لا تتعرض فقط لحياة رسام الكاريكاتير الأشهر ناجي العلي، ولكنها أيضا تمثل صدمة وقتذاك (عام ١٩٩٢)، باتهام الجميع بتخليهم عن القضية الفلسطينية.
ومن هنا تأتي الأهمية الوحيدة والخطيرة لهذا الفيلم الاستثنائي.. ناجي العلي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ناجي العلي نور الشريف فلسطيني ياسر عرفات أفلام فلسطين ياسر عرفات ناجي العلي نور الشريف مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نور الشریف ناجی العلی
إقرأ أيضاً:
سلامة داود: الأزهر الشريف كان ولا يزال وسيظل يجمع شمل الأمة ويقاوم تفرقها
أكد الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس الجامعة، أن الأزهر الشريف كان ولا يزال وسيظل يعمل على جمع شمل الأمة ويقف بقوة ليقاوم تفرقها.
وقال رئيس جامعة الأزهر، خلال كلمته اليوم الجمعة في الاحتفالية التي ينظمها الأزهر الشريف بمناسبة ذكرى مرور (1085) على تأسيس الأزهر المعمور، إننا من رحاب الجامع الأزهر، قلعة العلم، وحصن الدين، وعرين العربية، نحتفل اليوم بمرور ألف وخمسة وثمانين عامًا مضت من عمر الزمن على تأسيس الجامع الأزهر الشريف، الذي يدل اسمه (الجامع) على أنه محراب عبادة ومنارة علم، والعلم عبادة، كما يدل اسمه (الجامع) على أنه يجمع شمل الأمة ويقاوم تفرقها وتشتتها لتعود كما أراد الله تعالى لها في قوله جل وعلا: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾(الأنبياء 92)، وتلك هي الغايةُ النبيلةُ.
وثمن رئيس جامعة الأزهر السعي الموَفَّق الدؤوب الذي يقوم به فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف حفظه الله تعالى، في الحوار الإسلامي الإسلامي الذي يسعى إلى نبذ الفرقة والتعصب والاجتماع على الثوابت والأصول المشتركة التي اتفقت عليها الأمة على اختلاف مذاهبها.
وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن العالم الإسلامي لم يجن من الفرقة إلا الضعف والوهن؛ ولم تكن الأمة أحوج إلى الاتحاد واجتماع الكلمة ولمِّ الشمل منها الآن بعد ما تداعت عليها الأمم.
وأكد رئيس الجامعة أن الأزهر الشريف نسب شريف يعود في نبعته المباركة إلى أم أبيها السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تسميته (الأزهر) جمال من الزهر؛ لأنه يتفتح عن العلوم كما تتفتح الأزهار عن أكمامها، وفي تسميته (الأزهر) بصيغة اسم التفضيل دلالة على أنه يعيش مع أشرف العلوم وأعلاها، والأزهر المعمور لا يرضى لمن ينتسب إليه إلا أن يكون هو الأزهر والأنور والأبهر والأقدر، فلا يرضي لمن ينتسب إليه أن يكون تابعًا لغيره في مضغ العلوم والمعارف؛ بل يتمثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «اليد العليا خير من اليد السفلى»، واليد العليا هي اليد التي تملك قوة العلم وتنتج العلم، واليد السفلى هي اليد التي تستورد العلم وتعيش عالة على ما أنتجته عقول الآخرين؛ لذا عاش الأزهر الشريف هذه القرون الطويلة وهو ينتج المعرفة.
وأوضح رئيس الجامعة أن البعثات التي أرسلها محمد علي باشا إلى أوروبا كانت من النابهين من أبناء الأزهر الذين قامت على أكتافهم في مصرنا الحبيبةِ كلياتُ الطب والهندسة وغيرها من كليات العلوم التطبيقية؛ فكانت النهضة الحديثة في مصر على أيدي علماء الأزهر، لافتا إلى أن الأزهر الشريف بماضيه وحاضره كالشمس من اقترب منها ذاب فيها، فما من بلد في الدنيا إلا وللأزهر الشريف عليه يد بيضاء في نشر العلم والوسطية والاعتدال.
ودلل رئيس جامعة الأزهر على قيمة ومكانة الأزهر المعمور بالطلاب الوافدين في رحابه وهم اليوم نحو ستين ألف طالبٍ وافد من نحو مائة وثلاثين دولة يحملون مشاعل النور والإسلام والوسطية إلى بلادهم، وهم سفراء للأزهر الشريف جامعًا وجامعةً في دول العالم، موضحًا أن الأزهر الشريف جهزهم وصنعهم على عينه؛ فله الفضل عليهم بحق الأستاذية والتعليم والرعاية، وما قطعوا بلدًا أو نشروا علمًا إلا وكان للأزهر الشريف نصيبٌ من أجره وثوابه؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا»؛ وقد جهزهم الأزهر الشريف للأمة كلِها وللعالم كلِّه هداةً مهديين؛ فإذا نشروا علمه في البلاد كان لهم فضلٌ عليه أيضًا؛ لقول علمائنا: «ما من أحد إلا وللشافعي عليه فضل إلا البيهقي فإن له الفضل على الشافعي لنشره مذهبه»؛ وهذه هي رحم العلم بين الأستاذ وتلميذه.
وقال رئيس جامعة الأزهر: لقد أدركنا من علمائه مَن يستنكف أن يتكلم في درسه ومحاضرته بكلمة عامية واحدة، فإذا اضطُرَّ إلى نطقها قال: أقولها بالعامية وأستغفر الله؛ حرصًا منه على نشر اللسان العربي المبين الذي نزل به القرآن الكريم وتكلم به سيد السادات -صلى الله عليه وسلم- وحرصًا منه على تقويم اللسان وتنشئة الجيل على حب العربية، وأدركنا من علمائنا من كان يقول لنا: في البحث العلمي لا تكرر من سبقك، بل ابحث عن رَوْضٍ أُنُفٍ، والروض الأنف الحديقة الغناء التي لم تطأها قدمٌ، أي: ابحث عن موضوع لم يدرسه أحد قبلك لتقف على ثغرة ليس عليها مرابط، وهي كلمة جليلة قالها شيخنا المحمود الدكتور محمود توفيق، عضو هيئة كبار العلماء الذي فقده الأزهر الأسبوع الماضي ونعاه إمامُه الأكبر حفظه الله، كلمةٌ جليلة تربط البحث العلمي بالدفاع عن ثغور الأمة، والمرابطة عليها؛ لأن حماية الفكر من حماية الوطن.
وقال رئيس الجامعة: لقد تعلمنا من علمائك أيها الأزهر المعمور أنه لا يخلو كتاب من فائدة، وأنه لا يغني كتاب عن كتاب، وأن يجعل الكاتب كتابه يغني عن غيره ولا يغني عنه غيرُه، تعلمنا من علمائك أن نضحي من أجل العلم بأوقاتنا وأقواتنا وشرخ شبابنا وزهرة أعمارنا وماء عيوننا، حتى قال أحدهم لتلميذه يومًا: «بع الجبة والقفطان واشتر اللسان» يقصد معجم لسان العرب، الذي ينمي الثروةَ اللغويةَ والمحصولَ اللغويَّ لمن يقرؤه.
وختم رئيس الجامعة كلمته ناصحًا طلاب العلم في الأزهر الشريف بقراءة تراجم سير علماء الأزهر والاقتطاف من أزاهيرها والتأسي بهم في علو الهمة وغزارة العلم ومكارم الأخلاق، قائلًا لهم: تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح وإني لأرجو أن يوفَّقَ بعضَ أولي العزائم الصادقة إلى جمع هذه الشمائل والمكارم من سيرهم وحُسْنِ عرضها وتجليتها وكشفِ جوانبها المضيئة؛ لتكون نبراسًا يضيء لنا وللأجيال القادمة؛ فإن الأخلاق تعدي، وإن التأسي بالتجارب الرائدة والنماذج المشرقة هو خير باعث على النهضة والتقدم.