جيش الاحتلال الإسرائيلي يغتال الأجنة في أرحام أمهاتهم
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
جلبة وذعر وصوت جهورى يستغيث بالأطباء، هنا حالة طارئة لسيدة تضع مولودها الأول داخل إحدى غرف العمليات فى مستشفى الشفاء وسط قطاع غزة، فى ما لا تنقطع أصوات القصف المتواصل فى محيط المجمع الطبى، إلا أنّ خديجة الشريف، البالغة من العمر 30 عاماً، كُتبت لها النجاة من عملية ولادة مُتعسّرة بعد إصابتها بنزيف فى الرحم أدى إلى استئصاله، لتفقد جنينها قبل أن تُفجع بنبأ استشهاد زوجها أثناء مغادرته منزلهم الكائن بمخيم جباليا شمال القطاع لرؤية نجله، ليجمع جسديهما كفن وقبر واحد.
عقب يوم من خضوعها لعملية الولادة واستئصال الرحم، وجدت «خديجة» نفسها وحيدة على البوابة الرئيسية لمجمع الشفاء الطبى الذى استهدفته صواريخ الاحتلال الإسرائيلى وأوقعت عشرات الشهداء والجرحى، تجر قدميها الثقيلتين، لتبدأ تغريبة أخرى من النزوح إلى جنوب وادى غزة حالها كحال عشرات الآلاف من الفلسطينيين داخل المستشفى، لتسكن الآلام قلب وجسد خديجة حتى العودة إلى الديار ووقف العدوان.
الحوامل بين خيار الولادة دون تخدير أو الإجهاضكابوس مزدوج تعيشه السيدات الحوامل فى غزة، إذ تُعد «خديجة» واحدة من ضمن آلاف الحوامل اللاتى يحوم شبح الموت حولهن.
«مها»: خضعت لـ«قيصرية» دون مخدر والجرح مهدّد بالتلوث بسبب الإقامة وسط النازحينفبوجه يتقاسم الخوف ملامحه، تقف مها عكيلة، 25 عاماً، أمام غرفة العمليات بمجمع ناصر الطبى بخان يونس، جنوبى قطاع غزة، برفقة والدتها، لانتظار دورها فى الولادة، فيما ترتجف قدماها بعد أن أخبرهما الطبيب أنها ستخضع لعملية ولادة قيصرية ولكن من دون تخدير لعدم توافر «البنج»، لتدخل الفتاة العشرينية فى نوبة بكاء قبل أن تفقد الوعى أثناء المخاض، وتستيقظ «مها» بعد الوضع على آلام مبرحة يتوجّب عليها التعايش معها، فى ظل نقص المسكنات والأدوية، ولم تكن الأوجاع الجسدية هى الأزمة الوحيدة التى عاشتها «مها»، إذ إنّ جرحها -أسفل البطن- بات مهدَّداً بالتلوث بسبب إقامتها وسط النازحين فى المجمع الطبى المكتظ بآلاف الفلسطينيين، وتقول والدتها لـ«الوطن»: «ما فى نظافة، لأن الأعداد كبيرة وجرح الولادة كبير، وعندى مخاوف من تلوثه، وبالتالى تهديد حياة بنتى، بالإضافة إلى عدم قدرتها على استخدام الحمام غير مرة واحدة فى اليوم.. نقف فى طابور طويل، عندى خوف مضاعف على المولود من العدوى ومش هنلاقى دواء لعلاجه، ومافيش مكان نروحه، لأن بيتى أنا وبنتى انقصف ونزحنا كلنا للمستشفى».
من مستشفى الشفاء، مروراً بمجمع ناصر، وصولاً إلى «العودة» للنسا والتوليد، لم يختلف الأمر كثيراً، فالمشاهد باتت متشابهة، السيدات اللاتى خضعن للولادة دون مضاعفات أو استئصال للأرحام، بتن مهدّدات بفقد أطفالهن بسبب الحضّانات التى توقف عدد كبير منها بسبب أزمة الكهرباء، الأمر الذى دفع الأطباء إلى إجراء عمليات الولادة على ضوء كشافات الهواتف المحمولة، وهى التجربة التى خاضتها «سامية سلوم»، 35 عاماً، حيث فضّلت البقاء فى منزلها، خوفاً من النزول إلى الشارع بسبب القصف المتواصل: «القصف دمّر شوارع حى الرمال اللى باسكن فيه، وبالتالى خُفت أنزل أروح المستشفى رغم شعورى بآلام الولادة»، لتستعين بزوجها وابنيها التوأم، 12 عاماً، لإتمام عملية الولادة: «حاولت أولد طبيعى فى البيت بس تعبت جداً وقررت أتوكل على الله وأنزل لمستشفى (عودة) القريبة من المنزل وفوجئت أن الأطباء يجرون العمليات على ضوء الجوالات، لأنه ما فيه كهرباء»، ليظهر فصل آخر من المعاناة، إذ تلقت إدارة المستشفى تهديداً بالقصف وخطاباً شديد اللهجة بسرعة إخلائه.
ومن بين فصول المأساة الأكثر قسوة ما عاشته «شذى لملوم»، 22 عاماً، بعد أن اضطر الأطباء فى مستشفى الشفاء إلى إجهاضها فى شهرها السادس، بعد وصولها مصابة جرّاء تطاير شظايا أحد الصواريخ التى قصفت حى الشيخ رضوان شمال القطاع، يقول زوجها محمد حميدة، 27 عاماً، لـ«الوطن»: «الأطباء أجروا عملية إجهاض لزوجتى لأن إصابتها كانت فى منطقة البطن، وكان لازم الجنين ينزل وبعدها استأصلوا الرحم بسبب النزيف، وآلامنا ووجعنا مضاعف وما نقول إلا لله ما أخذ ولله ما أعطى»، ويُبدى الزوج خوفه وقلقه من تدهور صحة زوجته المصابة، التى أجرت عمليتين جراحيتين بسبب عدم توافر الدواء أو الغذاء: «حالتها الصحية سيئة جداً وفقدت دماً كثيراً، ولازم أدوية وغذاء وطعام صحى، ولكن هذا الأمر غير متوافر فى غزة، يعنى شذى من قبل العملية بيومين ما أكلت غير قطعة خبز صغيرة، لأن كل الأسواق خلصت بضاعتها، وحتى المخابز قفلت، لأن ما صار فيه طحين فى البلد».
من جهته يقول الدكتور عابد أبوحصيرة، رئيس قسم النساء والولادة بمستشفى الشفاء، إنّ عمليات الإجهاض تضاعفت 3 مرات، لافتاً فى تصريحه لـ«الوطن»، إلى أنّ إصابة الحوامل فى القصف الذى يشنّه الاحتلال الإسرائيلى يتسبّب فى انفصال المشيمة، وبالتالى حدوث خطر مضاعف على حياة الأم والجنين: «نلجأ إلى إجراء عمليات ولادة مبكرة وولادة قيصرية دون تخدير، بالإضافة إلى عمليات الإجهاض للحفاظ على حياة السيدات فى ظل الحرب المستعرة واستهداف المدنيين، وبسبب عدم توافر الدم أخذنا قراراً باستئصال رحم عدد من السيدات الحوامل، وذلك بسبب تعرّضهن لنزيف أثناء الولادة، وبسبب قلة الإمكانات الطبية، رغم صغر سنهن، وهذه تُعد كارثة، ولكن ليس لدينا خيار آخر وتتعمق هذه المأساة مع إجبار المريضات على النزوح، فى ظل حالتهن الصحية السيئة للغاية والتى تشكل خطراً على حياتهن»، مشيراً إلى أنّ هناك ما يزيد على 130 من المواليد الجدد بحاجة إلى حضانات، فيما يواجهون شبح الموت لعدم توافر الكهرباء اللازمة لعملها.
«القدرة»: لدينا 55 ألف سيدة حامل فى قطاع غزةالدكتور أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية فى غزة، أكد لـ«الوطن» أنّ هناك 166 حالة ولادة غير آمنة يومياً، وهناك 55 ألف سيدة حامل فى قطاع غزة، منهن 5500 من المتوقع وضعهن خلال الأسابيع المقبلة ومهدّدات بالإجهاض أو الولادة المبكرة أو الموت،.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المرأة الفلسطينية الولادة القيصرية الإجهاض قطاع غزة لـ الوطن
إقرأ أيضاً:
محكمة الاحتلال تضيف سنة على حكم أسيرين مقدسيين
القدس المحتلة - صفا
أصدرت محكمة الاحتلال العليا، يوم الأربعاء، قرارا بزيادة حكم أسيرين مقدسيين من حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، بالسجن عاما لكل واحد منهما.
وقال عضو لجنة حي الشيخ جراح محمود السعو لوكالة "صفا" إنه تفاجأ بصدور حكم بحق نجله معتز (23 عاما) بالسجن لمدة عام، إضافة لحكمه السابق، بعد 7 أشهر من نظر المحكمة باستئناف المستوطنين على الحكم الصادر بحقه، والأسير بلال الجعبري (23 عاما) بالسجن لمدة عام.
وأوضح أن شرطة الاحتلال اعتقلت نجله معتز وبلال بتاريخ 13 – 2- 2021، بتهمة الاعتداء على المستوطن تال وحرق منزله.
ولفت إلى أن المستوطن تال اعتدى على نجله وشبان الحي عدة مرات، ورشهم بغاز الفلفل، ومحكمة الاحتلال تعاملت بمكيالين وأغلقت جميع ملفات الاتهام بحقه.
وبين أن المحكمة المركزية قضت في حينها بسجن نجله معتز لمدة 4 سنوات، وبلال الجعبري لمدة 5 سنوات، ودفع كل واحد منهما غرامة مالية قيمتها 12 ألف شيكل للمستوطن، و3 آلاف شيكل للمحكمة.
ووصف محمود إضافة حكم جديد بحق نجله والأسير الجعبري لمدة عام بالقرار الجائر والظالم، ودون وجه حق.