جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-22@10:37:01 GMT

التحكم بذكرياتنا.. فرص ومخاوف

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

التحكم بذكرياتنا.. فرص ومخاوف

 

مؤيد الزعبي

كثيرًا ما تمتلئ عقولنا بذكريات سيئة أو مؤلمة، وكثير ممن يعانون من صدمات نفسية لا يمكن تجاوزها أو تخطيها خصوصًا لأولئك الذين يعيشون في ظروف قاسية أو في مناطق النزاع، وتخيل كم هي الذكريات المؤلمة التي يتعرض لها الجنود في أرضية المعركة أو المدنيون وهم تحت القصف.

وبعيدًا عن هذه الأجواء، تخيل حجم الألم الذي تعتصر له القلوب من فقدان عزيز أو غالٍ وفي المقابل هناك عشرات المواقف أو الذكريات الجميلة التي تمر بخواطرنا التي لا نريد أن تزول وبمجرد تذكرها يتدفق السيروتونين في أجسادنا وتغمرنا السعادة، ربما جال في خاطرك العديد من الذكريات وأنت تقرأ هذه المقدمة، فماذا لو قلت لك إننا في طريقنا لنتحكم بكل هذا وتصبح ذكرياتنا "هارديسك" نُسجِّل عليه ما نريد ونحذف من عليه ما لا نريد؟ ضربٌ من الخيال يصعب تصديقه أو حتى تقبله ولكن صدقني إننا قريبون من هذا فعلًا وإليك الحجة والدليل.

بوجهة نظري أن ما يجعل الأمر مُمكنًا بشكل غير مسبوق أننا على أعتاب أن تتصل عقولنا بأجهزة وكمبيوترات، وأيضًا نحن على أعتاب أن تُزرع عقولنا بشرائح ومجسات، وهذا كفيل بأن نصل بعد بضع سنوات لتقنيات قادرة على التحكم بذكرياتنا أو التأثير فيها على الأقل، وحينها سيكون لدينا القدرة على محو الذكريات المؤلمة ومحاولة جعل أدمغتنا تركز أكثر على ذكرياتنا الإيجابية والسعيدة.

عند الحديث عن مثل هذه المسألة، قد يخطر ببالك العديد من المخاوف، وهذا أمر طبيعي، فنحن نتحدث عن تدخل التكنولوجيا والتقنية في العقل البشري وتؤثر فيه، وربما تُعيد تركيبته، وتُعيد خارطة أفكاره وذكرياته. وما كنا نتحدث عنه منذ سنوات من عمليات غسيل دماغ، سنجد أنها بدائية أمام تقنيات متطورة قد تجعل الشخص ينقلب رأسًا على عقب بين ليلة وضحاها، وما كان مؤمنًا به من أفكار تتحول لأفكار يحاربها ويتنصل عنها. الخطورة لا تكمن في هذا الجانب فقط بل هناك مخاوف من تعطل وظائف الدماغ وعدم عمله بشكل طبيعي بعد الخضوع لمثل هذه التدخلات، ومازلنا حتى الآن لم نؤمن التجربة من جميع جوانبها وهذا ما سيتطلب عملًا كبيرًا في قادم السنوات، ولكن وجهة نظري دائماً واحدة طالما الإنسان وضع الفكرة على الطاولة فسيحققها يومًا ما وسيتغلب على جميع مشاكلها وصعوباتها.

ومن المخاوف الكبيرة التي قد تخطر ببالك أيضًا عزيزي القارئ، مسألة الاستخدام الخاطئ لمثل هذه التقنيات من قبل المنظمات أو الجماعات الإرهابية ومعك حق فإنَّ هذه النقطة تحديدًا أجدها من أخطر الأمور المتعلقة بتقنيات التحكم بالذكريات أو التأثير بمخزون العقول البشرية، فتخيل كيف سيتم استخدامها في مسائل مخالفة للقانون أو توجيه بعض الناس للقيام بعمليات إرهابية أو حتى استخدامها في تدريب المرتزقة من الجنود، وغيرها الكثير من الأمور ولكن أجد أن التغلب على هذه المخاوف يكمن في جعل هذه التقنيات في أيد أمينة بعيدة عن أيدي التجار والشركات التي سيكون همها الأول والأخير تحقيق الربح وحينها لن يكون بمقدورنا أبدًا السيطرة على انتشار هذه التقنيات في أوساط الجماعات الإرهابية أو استخدمها في أغراض عسكرية مشينة.

على الجانب الآخر، أجدُ أن وصولنا لمثل هذه التقنيات سيخفف الكثير من الأعباء على أطباء النفس أو حتى تقليل أعداد حالات الانتحار عالميًا، فأغلب المشاكل النفسية تكمن في ذكرياتنا وتعاطي عقولنا مع هذه الذكريات. ولهذا فإن دخول تقنيات تكنولوجية قادرة على محو ذكريات مُعينة من أدمغتنا قد يزيل مشاكل نفسية لا حصر لها، أيضًا يمكن من خلالها معالجة بعض الأمراض الجسدية التي تكون ناتجة عن صدمات نفسية، وبخلاف هذا يمكن تعزيز الروح الإيجابية في المجتمعات من خلال توجيه العقول نحو الأمور الإيجابية والسعيدة من ذكرياتهم، وسيكون لدينا الفرصة لتصحيح مسارات اجتماعية كثيرة من خلال هذه التقنيات.

تخيل معي عزيزي القارئ، مع وصولنا لهذه التقنيات، سيكون بمقدورنا معالجة مشاكل اجتماعية لا حصر لها، من مشاكل داخل الأسرة وطبيعة العلاقات بين الأزواج والمشاكل الناتجة عن عدم القدرة على تجاوز موقف أو حدث مُعين، أو حتى محو أخطاء ارتكبها آباء تجاه أبنائهم وهم في أمسِّ الحاجة للبدء بصفحة جديدة يكفرون من خلالها ما اقترفته يداهم، وبعيدًا عن الجدال في هذه المسألة وعدم قدرتنا على تقبلها ولكن عندما تتوفر التقنية لذلك سنفكر بشكل جدي بإمكانية استخدامها لتصحيح العديد من المشاكل الاجتماعية والأسرية.

التحكم بذكرياتنا فرصة للبشرية لمعالجة الكثير من الأمور، وفي نفس الوقت مخاطرة كبيرة إذا ما استُخدمت هذه التقنية بطريقة سلبية. ورغم كل شيء تأكد عزيزي القارئ، أن محاولاتنا البشرية ستمضي بلا توقف لنصل للحظة نستطيع من خلالها أن نتحكم بذكرياتنا والتحكم بعقولنا البشرية؛ هدف بذلنا الغالي والنفيس من أجله، واليوم نحن على أعتاب تحقيقه.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حدث ليلا: حادث طعن بإسرائيل.. وأكبر موجة نزوح للفلسطينيين بالضفة.. وغضب إيراني.. ومخاوف ترامب من حرب نووية.. عاجل

شهدت الساحة الدولية تطورات متسارعة، نتيجة للعديد من الأحداث، بداية من التصعيد الإسرائيلي تجاه سوريا، والتوسع في العمليات العسكرية في الضفة الغربية، وحتى استعداد حركة حماس لتسليم جثامين 4 أسرى إسرائيليين، ووقوع حادث طعن بالقدس المحتلة، ومرورًا بالغضب الإيراني من التصريحات الإسرائيلية، ونهاية بحديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول مخاوفة من وقوع حرب نووية، ومحاولته الحصول على معادن أوكرانيا الثمينة.. فماذا حدث ليلا؟

آخر تطورات الوضع في سوريا

أكدت مصادر سياسية في تل أبيب أن الغارة الجوية التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على محيط بلدة سعسع في جنوب سوريا كانت بمثابة تحذير واضح، تهدف إلى رسم «خطوط حمراء» جديدة لا يُسمح لأي قوة عسكرية بتجاوزها في المنطقة.

أوضحت المصادر أن إسرائيل أرادت توجيه رسالة مباشرة إلى النظام السوري، خاصة في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها دمشق.

أكبر موجة نزوح للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ عقود

كشفت وكالة أسوشيتد برس أن أكثر من 40 ألف فلسطيني اضطروا إلى ترك منازلهم في الضفة الغربية، بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة خلال الأسابيع الأخيرة والتي يُطلق عليها «السور الحديدي»

تعتبر هذه الموجة الأكبر منذ نكسة 1967، حيث شنت إسرائيل عمليات عسكرية عنيفة في جنين وطولكرم ونور شمس.

وصفت بعض العائلات الفلسطينية ما يحدث بـ«نكبة جديدة»، حيث اضطر العديد منهم لترك منازلهم قسرًا وسط إطلاق النار والقصف الإسرائيلي.

أكد مسئولون في الأمم المتحدة أن تدمير البنية التحتية الفلسطينية أصبح يجعل المخيمات غير صالحة للسكن، وسط تحذيرات من أزمة إنسانية متفاقمة في الضفة.

تسليم جثث 4 أسرى إسرائيليين من غزة

تستعد حركة حماس لتسليم جثث 4 إسرائيليين إلى الصليب الأحمر صباح اليوم الخميس، في خطوة تعد الأولى من نوعها ضمن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

الجثث تعود إلى أم وطفليها ورجل مسن، وستُنقل إلى إسرائيل عبر معبر مخصص لهذا الغرض، حيث ستخضع الجثث لفحوصات طب شرعي في معهد أبو كبير جنوب تل أبيب، قبل إبلاغ عائلات الضحايا رسميًا.

حادث طعن في إسرائيل

شهدت إسرائيل حادث طعن جديدًا أدى إلى إصابة امرأة بجروح خطيرة في البلدة القديمة بالقدس، ووصفت حالتها بــ«الحرجة».

وفقًا لخدمة الإسعاف الإسرائيلية، وقع الهجوم مساء الأربعاء، وأسفر عن إصابة السيدة في اليد والرأس، حيث تلقت إسعافات أولية قبل نقلها إلى المستشفى.

وأكدت السلطات الإسرائيلية أنها بدأت تحقيقًا في الحادث، فيما أشارت وسائل إعلام عبرية إلى أن المهاجم كان مسلحًا بفأس وتمكن من الفرار.

غضب إيراني وتصعيد في الخطاب العسكري

تزايدت حدة التوترات بين طهران وتل أبيب، بعد أن صعدت إيران لهجتها التحذيرية ردًا على تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي هدد بأنه مستعد «لإنجاز المهمة» في إشارة إلى استهداف البرنامج النووي الإيراني، في حال تلقى دعمًا أمريكيًا.

كشفت تقارير استخباراتية أمريكية أن إسرائيل تدرس تنفيذ ضربات عسكرية كبرى ضد المنشآت النووية الإيرانية خلال النصف الأول من العام الجاري، وفقًا لما أفادت به قناة القاهرة الإخبارية.

وأوضحت المصادر أن إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف الصعبة التي تمر بها إيران لتنفيذ هذا الهجوم.

فيما أكد بيان الحرس الثوري أن إيران نفذت أكبر عملية إطلاق صواريخ باليستية في العالم، مؤكدًا أن الضربات الإيرانية نجحت في اختراق المنظومات الدفاعية الإسرائيلية.

ترامب يحذر من حرب نووية

أكد ترامب أن منع اندلاع حرب نووية هو أحد أولوياته، مشيرًا إلى أنه يعتزم التحدث مع روسيا والصين لبحث تقليل عدد الرؤوس النووية، حيث قال ترامب: «إذا حدث ذلك (استخدام الأسلحة النووية)، سيتم تدمير العالم».

كما أعلن عن نيته عقد قمة ثلاثية مع روسيا والصين لمناقشة سبل خفض الترسانات النووية، معتبراً أن الولايات المتحدة يجب أن تقلل إنفاقها العسكري إلى النصف.

حيلة ترامب للحصول على معادن أوكرانيا

كشف تقرير مطول لوكالة رويترز أن الرئيس ترامب قد يلجأ إلى استراتيجية أخرى للحصول على المعادن الأوكرانية.

وأفاد مصدران مطّلعان للوكالة بأن ترامب يسعى لعقد صفقة مبسطة مع أوكرانيا بشأن المعادن الحيوية، بحيث يُنفَّذ الاتفاق بسرعة، على أن تُناقش التفاصيل الدقيقة لاحقًا، بما في ذلك حجم الموارد التي ستذهب إلى الولايات المتحدة.

وأوضحت المصادر أن هذه الأزمة كشفت أن التوصل إلى اتفاق شامل سيستغرق وقتًا، إلا أن ترامب يهدف إلى إبرام الاتفاق سريعًا قبل اتخاذ قرارات بشأن زيادة الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا أو الشروع في جهود رسمية للتوسط في محادثات سلام بين كييف وموسكو لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات.

مقالات مشابهة

  • دراسة تكشف فوائد "التحكم الصارم" في ضغط الدم
  • حظك اليوم برج العقرب الجمعة 21-2-2025.. لا تنجرف وراء الذكريات
  • قائد الحرس الوطني يطلع على أحدث التقنيات
  • مناقشة رواية «ورق الذكريات» في «بحر الثقافة»
  • صور نادرة للعائلة.. أحمد الفيشاوي يستعيد الذكريات بهذه الصور
  • 7 أبراج «متجيش» بالعتاب واللوم.. الأسد والسرطان الأبرز
  • حدث ليلا: حادث طعن بإسرائيل.. وأكبر موجة نزوح للفلسطينيين بالضفة.. وغضب إيراني.. ومخاوف ترامب من حرب نووية.. عاجل
  • 5 نصائح للتخلص من التدخين في شهر رمضان
  • نفي رسمي ومخاوف شعبية: انتشار الدينار العراقي المزوّر يثير هلع المواطنين والتجار
  • نفي رسمي ومخاوف شعبية: انتشار الدينار العراقي المزوّر يثير هلع المواطنين والتجار - عاجل