الاحتباس الحراري يحفز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من ميكروبات التربة
تاريخ النشر: 8th, July 2023 GMT
تنفس التربة من العمليات الأساسية في النظام البيئي والتي تحرر الكربون على هيئة ثاني أكسيد الكربون عند تنفس الكائنات الحية الموجودة في التربة، والذي يشمل كلا من جذور النبات والغلاف الجذري والميكروبات وحيوانات المنطقة (المعروف بتنفس التربة غَيْرِي التغذية).
ويقدر أن خُمس ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ينشأ من التربة، وحيث إن ارتفاع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يعتبر حافزا أساسيا للاحترار العالمي، فإن دراسة عملية التنفس هذه مهمة للتنبؤ بمستقبل المناخ على كوكب الأرض.
وتشير نتائج دراسة جديدة نشرت في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز" (Nature Communications) في العاشر من يونيو/حزيران الماضي إلى وجود اقتران بين ارتفاع درجات الحرارة ونسبة ثاني أكسيد الكربون المنبعث من التربة، وبالتالي فإن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بواسطة ميكروبات التربة في الغلاف الجوي للأرض ليس من المتوقع أن تزداد فحسب، بل ستتسارع أيضا على نطاق عالمي بحلول نهاية هذا القرن.
ويذكر البيان الصحفي الذي نشر على موقع "يورك ألرت" (Eurek Alert) أن العلماء يتنبؤون أنه بحلول عام 2100 ستتصاعد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من ميكروبات التربة، ومن المحتمل أن تصل إلى زيادة بحوالي 40% على مستوى العالم -مقارنة بالمستويات الحالية- في ظل أسوأ سيناريو مناخي.
يقول ألون نيسان، المؤلف الرئيسي للدراسة وزميل المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا للهندسة البيئية في زيورخ إن "الزيادة المتوقعة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الميكروبية ستسهم بشكل أكبر في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، مما يؤكد الحاجة الملحة للحصول على تقديرات أكثر دقة لمعدلات التنفس غير المتجانسة".
هذه النتائج لا تؤكد الدراسات السابقة فحسب، بل توفر أيضا رؤى أكثر دقة حول آليات وحجم تنفس التربة غيري التغذية عبر المناطق المناخية المختلفة، فعلى عكس النماذج الأخرى التي تعتمد على العديد من العوامل فإن النموذج الرياضي الجديد الذي طوره نيسان يبسط عملية التقدير من خلال استخدام عاملين بيئيين حاسمين فقط: رطوبة التربة ودرجة حرارة التربة.
تأثير البكتيريا والمجتمعات الميكروبية على إطلاق ثاني أكسيد الكربون من التربة من خلال التنفس (ألون نيسان) تقديرات أكثر وضوحايمثل النموذج تقدما كبيرا لأنه يشمل جميع المستويات ذات الصلة من الناحية الفيزيائية الحيوية، بدءا من المقاييس الدقيقة لهيكل التربة وتوزيع مياه التربة إلى المجتمعات النباتية مثل الغابات والنظم الإيكولوجية (البيئية) بأكملها والمناطق المناخية وحتى النطاق العالمي.
ويسلط بيتر مولنار الأستاذ بالمعهد الفدرالي السويسري لتكنولوجيا الهندسة البيئية الضوء على أهمية هذا النموذج النظري الذي يكمل نماذج نظام الأرض الكبيرة، قائلا "يسمح النموذج بتقدير أكثر وضوحا لمعدلات التنفس الميكروبي بناء على رطوبة التربة ودرجة حرارة التربة. علاوة على ذلك، فهو يعزز فهمنا لكيفية مساهمة التنفس غيري التغذية في مناطق مناخية متنوعة في الاحتباس الحراري".
وتتمثل إحدى النتائج الرئيسية للتعاون البحثي بقيادة نيسان ومولنار في اكتشاف أن الزيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الميكروبية تختلف باختلاف المناطق المناخية، ففي المناطق القطبية الباردة يكون المساهم الرئيسي في الزيادة هو انخفاض رطوبة التربة بدلا من الارتفاع الكبير في درجة الحرارة، على عكس المناطق الحارة والمعتدلة، ويسلط نيسان الضوء على حساسية المناطق الباردة، قائلا "حتى التغيير الطفيف في محتوى الماء يمكن أن يؤدي إلى تغيير جوهري في معدل التنفس في المناطق القطبية".
توازن الكربون في التربة يتوقف على التفاعل بين عمليتين أساسيتين: التمثيل الضوئي والتنفس (شترستوك) تفاوت حسب المناطق المناخيةاستنادا إلى حساباتهم في ظل أسوأ سيناريو مناخي، من المتوقع أن ترتفع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الميكروبية في المناطق القطبية بنسبة 10% كل عقد بحلول عام 2100، أي ضعف المعدل المتوقع لبقية العالم، ويمكن أن يُعزى هذا التفاوت إلى الظروف المثلى للتنفس غيرية التغذية، والتي تحدث عندما تكون التربة في حالة شبه مشبعة، أي ليست جافة جدا ولا رطبة جدا، وتسود هذه الظروف أثناء ذوبان التربة بالمناطق القطبية.
من ناحية أخرى، تُظهر التربة في المناطق المناخية الأخرى -والتي هي بالفعل أكثر جفافا نسبيا وعرضة لمزيد من الجفاف- زيادة صغرى نسبيا في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الميكروبية، ومع ذلك -وبغض النظر عن المنطقة المناخية- يظل تأثير درجة الحرارة ثابتا؛ فمع ارتفاع درجة حرارة التربة، ترتفع انبعاث ثاني أكسيد الكربون الميكروبي.
ومنذ عام 2021، نشأت معظم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من ميكروبات التربة بشكل أساسي من المناطق الدافئة على الأرض. على وجه التحديد، يأتي 67% من هذه الانبعاثات من المناطق المدارية، و23% من المناطق شبه الاستوائية، و10% من المناطق المعتدلة، و0.1% فقط من المناطق القطبية الشمالية والجنوبية.
ويتوقع الباحثون نموا كبيرا في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الميكروبية في جميع هذه المناطق مقارنة بالمستويات التي لوحظت في عام 2021، حيث تشير توقعاتهم إلى أنه بحلول عام 2100 ستحدث زيادة بنسبة 119% في المناطق القطبية، و38% في المناطق المدارية، و40% في المناطق شبه الاستوائية، و48% في المناطق المعتدلة.
انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الميكروبية تختلف باختلاف المناطق المناخية (شترستوك) مزيد من الدراساتويتوقف توازن الكربون في التربة وتحديد ما إذا كانت التربة تعمل كمصدر للكربون أو مصرف له، على التفاعل بين عمليتين أساسيتين وهما التمثيل الضوئي، حيث تمتص النباتات ثاني أكسيد الكربون، والتنفس الذي يطلق ثاني أكسيد الكربون، لذلك تعد دراسة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الميكروبية أمرا ضروريا لفهم ما إذا كانت التربة سوف تخزن أو تطلق ثاني أكسيد الكربون في المستقبل.
ويوضح نيسان "نظرا لتغير المناخ، فإن حجم تدفقات الكربون هذه -التدفق من خلال عملية التمثيل الضوئي والتدفق الخارج من خلال التنفس- لا يزال غير مؤكد. ومع ذلك، فإن هذا الحجم سيؤثر على الدور الحالي للتربة كمصارف للكربون".
في دراستهم المستمرة، ركز الباحثون بشكل أساسي على التنفس غيري التغذية، ومع ذلك لم يتحققوا بعد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تطلقها النباتات من خلال التنفس الذاتي التغذية، وسوف يوفر المزيد من الاستكشاف لهذه العوامل فهما أكثر شمولا لديناميات الكربون داخل النظم البيئية للتربة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
العربية للتصنيع: نستهدف الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون وتحقيق الاستدامة البيئية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهد اللواء أ.ح مهندس "مختار عبداللطيف" رئيس الهيئة العربية للتصنيع، والمهندس "عصام النجار" رئيس الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات، احتفالية حصول مصنع أتيكو للصناعات الخشبية " التابع للهيئة العربية للتصنيع علي تقرير البصمة الكربونية , ذات الإعتماد الدولي في مجال التطبيق الصناعي لمعايير الإقتصاد الأخضر.
واوضحت البيئة في بيان لها اليوم، انه تأتى هذه الاحتفالية في اطار تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي لتوطين أحدث تكنولوجيات التصنيع وزيادة نسب التصنيع المحلي، وفقا لإشتراطات ومعايير الاقتصاد الأخضر.
حيث شهد الاحتفالية كل من اللواء مهندس عبد الرحمن عبد العظيم عثمان، مدير عام الهيئة العربية للتصنيع، والدكتور مهندس شريف رأفت رئيس مجلس إدارة مصنع أتيكو للصناعات الخشبية وقيادات من الهيئة .
وبحضور المهندس "هاني الدسوقي " المدير التنفيذي للمجلس الوطني للإعتماد "إيجاك"، و"ياسر عبد الله " الرئيس التنفيذي لجهاز إدارة المخلفات بوزارة البيئة، والمهندس "ايهاب درياس " رئيس المجلس التصديري للأثاث.
في هذا الصدد، أوضح اللواء أ.ح مهندس "مختار عبد اللطيف" رئيس الهيئة العربية للتصنيع أن هذا الإنجاز تم نتيجة لجهود متواصلة وعمل دؤوب من الكوادر البشرية بمصنع أتيكو للصناعات الخشبية التابع للهيئة، وتطوير المصنع للتوافق مع نظم الجودة العالمية، حيث تم المنح بعد مراجعة شاملة من الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات التابعة لوزارة الإستثماروالتجارة الخارجية , لمراحل التصنيع بمصنع أتيكو للصناعات الخشبية وتم التأكد من المطابقة لكافة إشتراطات البصمة الكربونية.
وأشار أن ما نشهده من اليوم يستهدف به في المقام الأول الإنتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون وتحقيق الإستدامة البيئية وتعظيم الكفاءة وخفض التكاليف واستخدام الطاقة النظيفة في كافة مجالات التصنيع, وتلبية كافة الإحتياجات المحلية والتصدير, بمنتجات فائقة الجودة، وزيادة قاعدة عملائنا المحليين والدوليين، فضلا عن تعزيز مستقبل أخضر للأجيال القادمة.
وأضاف أن هذا يأتي في سياق تنفيذ خطة طموحة مدروسة بشكل علمي لحصول جميع مصانع وشركات الهيئة العربية للتصنيع علي تقرير البصمة الكربونية في العديد من مجالات الصناعة المختلفة, في اطار رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030 .
وحرص رئيس الهيئة العربية للتصنيع على توجيه بالشكر والتقدير لوزارة الإستثمار والتجارة الخارجية , علي دعمها لكافة أوجه التعاون المشترك ولكل من ساهم في تحقيق هذا الإنجاز، منوها أن هذه نقطة انطلاقة لتعزيز التعاون مستقبلا في مجالات صناعية واستثمارية أخري .
وشهدت فعاليات حفل التكريم، تسليم الشهادات التقديرية للمكرمين من مصنع أتيكو للصناعات الخشبية، والهيئة العامة للرقاية علي الصادرات والواردات لما بذلوه من جهد وتفان لتطوير وتحديث خطوط الإنتاج وفقا لأحدث آليات الإقتصاد الأخضر والإستدامة البيئية.