إيواء مكلف وتحديات نفسية.. كيف تتعامل إسرائيل مع أكبر نزوح في تاريخها؟
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
بينما كانت أصوات مبتهجة تسمع داخل إحدى قاعات فندق "غولدن كراون" في الناصرة، كانت روضة الأطفال ممتلئة بثلاثين طفلا من قرية "عرب العرامشة"، في إسرائيل القريبة من الحدود مع لبنان.
وأصبح 800 من سكان القرية يعيشون في المنطقة التي يقع فيها الفندق على بعد 44 ميلا من بيوتهم، حيث تم إجلاؤهم في منتصف أكتوبر الماضي، بسبب التوتر على الحدود والقصف المتبادل بين حزب الله والقوات الإسرائيلية.
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز"، إن هذه الفئة من السكان جزء صغير من أكبر عملية نزوح داخلي في تاريخ إسرائيل، لأكثر من 125 ألف شخص، حيث تم إجلاء سكان بلدات في الشمال مع الحدود مع لبنان، والجنوب، بالقرب من غزة، بعد هجوم مقاتلي حركة حماس المباغت في السابع من أكتوبر.
وتصاعدت التوترات في الأيام الأخيرة على الحدود بين لبنان وإسرائيل، مع زيادة وتيرة العنف والهجمات المتبادلة. وأعلن مقتل ستة عسكريين على الأقل وثلاثة مدنيين، وفق الجيش الإسرائيلي ومسعفين.
وفي الناحية الأخرى، في لبنان، ينزح السكان القريبون من الحدود أيضا، حيث قتل 91 شخصا، بينهم 68 مقاتلاً في حزب الله و11 مدنياً على الأقل، ضمنهم مصور لدى وكالة أنباء رويترز وامرأة مع حفيداتها الثلاث، وفق حصيلة جمعتها وكالة فرانس برس.
وخاض حزب الله واسرائيل حرباً مدمّرة صيف 2006، خلّفت أكثر من 1200 قتيل في الجانب اللبناني معظمهم من المدنيين، و160 قتيلا في الجانب الإسرائيلي معظمهم من العسكريين. وتسبّبت الحرب التي استمرت 34 يوماً بنزوح نحو مليون لبناني من بلداتهم.
وبحسب الخبراء، فإن عملية احتواء النازحين معقدة لوجستيا ومكلفة للدولة الإسرائيلية، التي تدفع تكاليف إيواء الأشخاص الذين تم إجلاؤهم إلى أجل غير مسمى، "في 280 فندقا ودار ضيافة منتشرة في جميع أنحاء البلاد"، بحسب "نيويورك تايمز".
الخبير الأمني الإسرائيلي، آفي ميلاميد، أكد في حديثه مع موقع "الحرة" أن تكلفة إيواء النازحين "كبيرة على الدولة"، معتبرا أن "الظروف الحالية لا تسمح بعودتهم حتى تهدأ الأمور سواء على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية وكذلك في مناطق غلاف غزة"، مؤكدا أن "لا أحد يعلم متى ستنتهي الحرب".
غير أنه أشار إلى أن "حزب الله أيضا يدري أنه لن يستطيع الاستمرار في هذه المغامرة للأبد، مع وجود موجة نزوح في لبنان، وأن هذا سيكون له تأثير ملموس على وضعه السياسي في المستقبل".
ومع امتداد الأيام إلى أسابيع، تقوم الحكومة الإسرائيلية بإنشاء مدارس وعيادات طبية مؤقتة.
وفي الجنوب، حيث نجا العديد من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من هجمات حماس، تم تعيين متخصصين لتقديم المشورة في مجال الصدمات النفسية.
ويقدر الخبير الاقتصادي الإسرائيلي، يحزقيل يعقوبي، في حديثه إلى موقع "الحرة" مبالغ إيواء النازحين الإسرائيليين حتى الآن بنحو 200 مليون دولار.
ويقول يعقوبي إن "هذا الرقم يتضمن التعويضات المبدئية، واستضافة النازحين في الفنادق وأماكن الإيواء المؤقتة وتقديم المساعدة المادية، فضلا عن الدعم النفسي للناجين من مأساة السابع من أكتوبر في مناطق غلاف غزة".
وأضاف أنه "تم صرف تعويضات أولية بقيمة ما بين 200 إلى ألف دولار لكل أسرة متضررة"، مشيرا إلى أنه ستكون هناك تعويضات أخرى بعد الاتفاق على الميزانيات.
وأشار إلى أنه تم إنشاء هيئة جديدة للتعامل مع هذه الأزمة، وتم تخصيص نصف مليون دولار لها بشكل مبدئي".
وتشير الصحيفة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين يقدرون أن تستمر عملية إيواء النازحين، حتى نهاية العام الحالي.
وتم تحويل فندق غولدن كراون، الذي يقدم خدماته عادة للسياح الذين يزورون المواقع التوراتية في مسقط رأس السيد المسيح، إلى ما يشبه منتجع للنازحين، وبات نموذجا لحياة القرية، حيث تم إغلاق متجر الهدايا التذكارية، وتجفيف حوض السباحة، فيما تقدم غرفة الطعام 3 وجبات في اليوم، وتمتلئ الردهة بعربات الأطفال، وينشر الغسيل في شرفات الغرف المكتظة بالعائلات.
وخدم العديد من سكان عرب العرامشة في الجيش الإسرائيلي وقوات الشرطة. ويرفرف العلم الإسرائيلي على مدخل قريتهم. ومع ذلك، فإن أسئلة الهوية لم تبتعد أبدًا عن السطح في إسرائيل، وهي تتجلى بطرق أخرى خلال هذا النزوح الجماعي.
وعلى بعد عشرين ميلا شرق الناصرة، في منتجع طبريا، يقيم مئات الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم من بلدات وتجمعات سكنية على طول الحدود اللبنانية في فندق سيزار بريمير طبريا. ولديهم إطلالة رائعة على بحيرة طبريا ومرتفعات الجولان من خلفها.
مئات الأسر الإسرائيلية تم إجلاءها من المناطق على الحدود مع لبنان وتقيم حاليا في فنادق في طبرياورغم عدم معاناتهم نفسيا مثل الناجين من هجمات السابع من أكتوبر في الجنوب، إلا أن مزاجهم ليس كالمعتاد ويتساءلون إلى متى سيبقون بعيدا عن منازلهم، وما إذا كان هذا المنفى القسري ستكون له آثار باقية.
وقالت ليا رايفيتز، التي تبلغ من العمر 68 عاما، وكانت تعيش في كيبوتس يبعد أقل من ألف قدم فقط عن الحدود مع لبنان: "حاولنا أن ننشئ حياة طبيعية من هذا الوضع غير الطبيعي، لكن كونك نازحا، حتى لو كنت في مكان فاخر، تظل لاجئا. لا يمكننا التنبؤ بالمستقبل. لا يمكننا التفكير في الماضي. نحن نعيش اللحظة الحالية فقط"، بحسب ما نقلت عنها "نيويورك تايمز".
ونقلت الصحيفة عن رئيس بلدية "كريات شمونة"، أفيخاي ستيرن، أن السكان لا يمكنهم العودة إلا إذا ضمنت إسرائيل أن حزب الله لن ينفذ هجوما شبيها بهجوم حماس.
وقال ستيرن، إنه يرى مقاتلي حزب الله على السياج، "وإلى أن نزيل هذا التهديد، لا يمكن لأحد أن يعدني بأنني لن أستيقظ في صباح أحد الأيام لأرى ما حدث في مناطق غلاف غزة يتكرر في البلدات على الحدود مع لبنان".
ويرى ميلاميد، في حديثه مع موقع "الحرة" أن مهمة إعادة السكان إلى بيوتهم في مناطق غلاف غزة "ستكون أصعب بكثير، نظرا لأنها تعرضت لتدمير وتخريب وتحتاج إلى الترميم بشكل كامل قبل أن يستطيع مواطنونا العودة إليها".
وأشار إلى أن بعض السكان قد يخشون العودة إلى مناطقهم "هناك أصوات تطالب الحكومة بتوفير الأمن والأمان، والحفاظ على ممتلكاتهم كما ينبغي".
وقال يعقوبي لموقع "الحرة"، إن "إعادة النازحين إلى بيوتهم أو إلى بيوت أخرى قد يكلف إسرائيل عشرات المليارات من الدولارات، لأن هذا يستلزم إعادة ترميم المناطق المتضررة وبناء مساكن جديدة"، مشيرا إلى أن "هذا سيستمر لنحو عامين أو ثلاثة، لكن سيتم إعادة السكان إلى مباني مؤقتة في الكيبوتسات أو المدن".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی مناطق غلاف غزة الحدود مع لبنان تم إجلاؤهم على الحدود حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
إذاعة الجيش الإسرائيلي: "الكابينت" يجتمع هذه الأثناء وعلى جدول أعماله التطورات في سوريا
أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي، بأن "الكابينت" يجتمع هذه الأثناء وعلى جدول أعماله التطورات في سوريا.
وأعلنت إسرائيل، موافقتها رسميًا على الخطة التي اقترحتها الولايات المتحدة الأمريكية، لوقف إطلاق النار بين حزب الله وتل أبيب والذي دخل حيز التنفيذ في الساعة العاشرة من صباح يوم الأربعاء بتوقيت العاصمة اللبنانية بيروت.
وفي وقت سابق، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، عملية برية محدودة في جنوب لبنان تستهدف البني التحتية لحزب الله، وسط تحليق مكثف للطيران وقصف مكثف بالمدرعات والدبابات على مناطق الجنوب.
وقد شهدت لبنان حادثة مؤلمة بعد انفجار المئات من أجهزة الاتصال "البيجر" المستخدمة من قبل عناصر حزب الله، ما أسفر عن مقتل 11 أشخاص وإصابة نحو 3000 آخرين.
هذه الحادثة أثارت اهتمامًا دوليًا واسعًا، حيث كانت الأجهزة المنفجرة تُستخدم للتواصل بين عناصر الحزب.