لجريدة عمان:
2024-10-03@10:17:24 GMT

حسم مستقبل غزة.. لم يحن بعد!

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

في الوقت الذي تواصل فيه القوات الإسرائيلية الهمجية أعمالها العدوانية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، وعلى نحو تتسع إدانته ويتعاظم التنديد به من جانب شعوب العالم التي هالتها همجية السلوك الإسرائيلي، وعدم التزامه بقواعد الحرب والقتال حسبما حددتها قواعد القانون الدولي، ومن أبرزها اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، أي في العام الأول لقيام إسرائيل، فإنه كان من المنتظر أن تكون إسرائيل التي أنشئت وفق قواعد القانون الدولي أكثر التزاما واحتراما للمنظمة التي أفسحت لها مكانا بين دول العالم ووفاء لشرعيتها وميثاقها، إذ لولاها لما قامت إسرائيل في الواقع.

وإذا كان يهود أوروبا تعرّضوا في أربعينيات القرن الماضي لاضطهاد الأوروبيين لهم بما في ذلك الهولوكوست على يد النازي، فإنهم قد اعتنقوا ما تعرّضوا له بل وعملوا على تطبيقه عمليا وبشكل أكثر عنفا واضطهادا ضد الفلسطينيين الذين اغتصبوا أرضهم، ووصل الأمر إلى حد دعوة وزير التراث في حكومة نتانياهو إلى ضرب غزة بالقنبلة النووية، ما أجبر نتانياهو على وقف مشاركته في اجتماعات الحكومة والتنديد بتصريحاته التي أدانها العالم كدليل على تطرّف وعنصرية إسرائيل واستهانتها بالقانون الدولي وبحياة البشر وبحقهم في الحياة الآمنة وعلى قدم المساواة مع الشعوب الأخرى وفي الأرض التي عاشوا فيها على مدى التاريخ ودون انقطاع حتى الآن.

وإذا كان الاحتلال، حتى ولو كان احتلالا استيطانيا عنصريا، كالاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، لا ينشئ حقا ولا يقيم دولة ولا ينفي الحق الأصيل للفلسطينيين، مهما طال الزمن، فإن تمسُّك الفلسطينيين بأرضهم وإرادتهم القوية في استعادتها وتحريرها جيلا وراء جيل يشكّل في الواقع الصخرة الأساسية التي سيتكسر عليها الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما بدأت ملامحه في الظهور وتجسده الحرب الدائرة في قطاع غزة أكثر من أي وقت مضى حيث تشكّل حرب السابع من الشهر الماضي مرحلة جديدة مختلفة نوعيا عن المراحل والمواجهات الفلسطينية الإسرائيلية السابقة وتشير نوعية وخسائر الحرب إلى ذلك بوضوح. وفي هذا الإطار فإنه يمكن الإشارة إلى عدد من الجوانب من أهمها ما يلي:

أولا، أنه في حين تشكّل الحرب ضد الفلسطينيين غطاء لموقف إسرائيل ورئيس وزرائها نتانياهو الذي حاول التنصل من مسؤوليته في اندلاع الحرب واضطر إلى التراجع عن تصريحاته السابقة في هذا الخصوص، حفاظا على علاقته بالعسكريين الإسرائيليين الذين يزداد تبرُّمهم من إدارته للحرب، فإن انتقاد قراراته وخسارته لدى الرأي العام الإسرائيلي تزداد بشكل كبير حيث تراجعت نسبة مؤيديه إلى 29% بين الإسرائيليين مقابل 56% يؤيدون زعيم المعارضة جانتس، ويزداد الأمر تعقيدا إذا وضعنا في الاعتبار الخلافات بين نتانياهو ووزير الأمن القومي في حكومته بن غفير الذي يعمل لدعم موقعه داخل الحكومة ومع المتطرفين الإسرائيليين.

وإذا كان نتانياهو يعمل على إطالة أمد الحرب، أملا في تحقيق ما يمكن أن يقدمه للرأي العام الإسرائيلي مع مضي الوقت وإنهاك حماس، إلا أن الواقع لا يسير في صالح القوات الإسرائيلية، حتى الآن على الأقل، خاصة بعد تعثّر مفاوضات الإفراج عن بعض الأسرى المحتجزين لدى حماس وفشل حكومة نتانياهو في العثور على أماكنهم حتى الآن على الأقل، وهو ما يزيد الضغوط الداخلية على الحكومة والصعوبات التي تتعرّض لها، خاصة أن واشنطن تستخدم إمكاناتها في البحث عن أماكن احتجازهم في قطاع غزة الذي يكاد يتحوّل في معظمه إلى أنقاض تزيد في الواقع من صعوبات العثور عليهم وسط الركام مع كل ساعة ويوم يمر في ظل القصف الإسرائيلي العشوائي والمتواصل الذي يزيد من احتمالات تعرّضهم للقتل بسبب ذلك، وهو ما تخشاه أُسرهم.

ثانيا، أنه في الوقت الذي تزداد فيه خطورة الحرب بالنسبة لإسرائيل بسبب ازدياد خسائر قواتها، بشرا ومعدات، بعد توغل قوات متزايدة لها داخل غزة وصعوبة قتال قواتها داخل القطاع، ومع ازدياد وطأة الخسائر المالية والاقتصادية مع نفقات كل يوم من الحرب برغم التعويض المالي الأمريكي -أكثر من عشرة مليارات دولار- طلبها نتانياهو من بايدن وزادها بايدن من جانبه تأكيدا لدعمه غير المحدود للحرب الهمجية، وهو ما سبب له انتقادات متزايدة داخل الولايات المتحدة؛ فإن كثافة السكان في قطاع غزة وحجم الدمار الذي حدث منذ بداية الحرب وزيادة صعوبات التحرك داخل القطاع يزيد في الواقع من صعوبات تنفيذ المهمات القتالية ويحوّلها إلى مجرد تنفيذ لأوامر القصف والقتل بعد هدم نسبة كبيرة من المباني والمؤسسات واتباع سياسة الأرض المحروقة وهو ما يجعل الحرب في غزة نموذجا بشعا للانتقام والقتل العشوائي للمدنيين والأطفال والنساء، أما وصف نتانياهو للحرب بأنها نموذج «للحرب العادلة» وللحرب ضد الإرهاب و«حرب الخير ضد الشر» على حد زعمه، فهو هراء ومزاعم لا يمكن لأحد أن يأخذها مأخذ الجد إذا توفر له أي قدر من العقلانية، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يصدّقها على أي نحو، وتكفي المظاهرات التي تخرج في كبريات مدن العالم منددةً بالحرب سواء حول مسألة التهجير القسري وانتقال الفلسطينيين إلى سيناء ومطالبة بوقفها ولتعبّر عن إدانة العالم لها. وليس من المبالغة في شيء القول بأن الخسارة الإعلامية لإسرائيل ولسمعة جيشها وكذلك للولايات المتحدة ولمصداقيتها في العالم هي بالفعل خسارة كبيرة ومؤثرة ولن تنتهي آثارها سريعا لا سياسيا ولا أخلاقيا، فضلا عن تأثيرها على النظام الدولي والأوضاع في المنطقة ككل أيضا.

ثالثا، أنه بغض النظر عما يجري في الكواليس حول صفقة إطلاق سراح المدنيين الإسرائيليين في المرحلة الأولى مقابل إدخال إسرائيل كميات من الوقود إلى قطاع غزة، وذلك تخفيفا للضغط الذي يتعرّض له نتانياهو من عائلات الأسرى ولتشغيل المستشفيات والمرافق التي توقفت في قطاع غزة بسبب نفاد الوقود، فإن قيام نتانياهو بالحديث عن مستقبل قطاع غزة وقيام واشنطن بالحديث عن المسألة نفسها يثير الدهشة ليس فقط لأن ذلك من قضايا ما بعد الحرب والتي ستستغرق بالضرورة وقتا طويلا حتى لو بدأت مفاوضات ما في هذه المرحلة المبكرة جدا، ولكن أيضا لأن طرح هذه المسألة الآن من شأنه شغل الرأي العام في إسرائيل وفلسطين والمنطقة ومحاولة خلط الأوراق من ناحية فضلا عن استكشاف ردود فعل مختلف الأطراف حول ما يطرح من أفكار بشأن خيارات ومواقف لم تتحدد بشكل رسمي أو متكامل حتى الآن على الأقل من ناحية ثالثة، ومنها على سبيل المثال مسألة التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء وفق خيارات مختلفة ولا تزال موضع أخذ ورد، ولعل ما يساعد على ذلك أن الجدل لا يزال قائما ومتواصلا وأن المواقف وردود الفعل لا تزال أقرب إلى جس النبض والتعرّف على حدود المواقف واحتمالاتها وهو ما يفسّر في الواقع ما حدث ويحدث من تغيرات في الصيغ التي تطرح حتى تتبلور المواقف بشكل أكثر جدية خاصة من جانب واشنطن وباريس ومن ثم استهلاك قدر من الوقت حتى تتبلور مواقف يمكن التحرّك والبناء عليها. وعلى ذلك فإن الحديث عن ترحيل الفلسطينيين قسريا إلى سيناء قد واجه معارضة مصرية وفلسطينية وأردنية وعربية عامة تجسّدت في قمّة الرياض الأخيرة مما أدّى إلى تعديلات أمريكية ملموسة لمواقف كانت واشنطن قد أيّدتها في بداية الحرب. وعلى أي حال فإن مسألة التهجير القسري لمواطني غزة هي مسألة تخالف قواعد القانون الدولي بل تعد جريمة من جرائم الحرب ولا يمكن القبول بها؛ إذ إن الفلسطينيين هم من لهم الحق النهائي في ذلك باعتبارهم أصحاب الأرض وأصحاب الكلمة الأخيرة فيها، أما إذا أرادت إسرائيل السيطرة على غزة أو جزء منها فإنها بذلك تهيئ المناخ لسنوات من عدم الاستقرار وتأجيل فرص التسوية العادلة للقضية الفلسطينية وفق حل الدولتين إلى سنوات لاحقة ولا يخدم ذلك مصلحة أي من الأطراف المعنية لا اليوم ولا في المستقبل ويظل من المبكر الحديث الآن عن صيغ حكم غزة والأولوية هي لوقف القتال والتوافق على السلام وحل الدولتين فالسلام للفلسطينيين هو ضرورة للإسرائيليين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی قطاع غزة فی الواقع حتى الآن وهو ما

إقرأ أيضاً:

عن كثب.. ما هي جرائم الحرب التي ارتكبتها اسرائيل؟

1 أكتوبر، 2024

بغداد/المسلة/ (رويترز) – أدى الصراع المستعر منذ عام بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة إلى تقديم العديد من الدعاوى القانونية إلى المحكمتين الدوليتين في لاهاي للمطالبة بإصدار مذكرات اعتقال وبتوجيه اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية.

ما هي القضايا القانونية المرتبطة بالحرب في غزة؟

المحكمة الجنائية الدولية تنظر في طلب قدمه المدعي العام بالمحكمة لإصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وتواجه إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية أيضا اتهامات بمسؤولية الدولة عن انتهاكات لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 في إطار الحرب في غزة.

ما الفرق بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية؟

تأسست المحكمة الجنائية الدولية بناء على نظام أساسي يختص بمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان.

وقبلت المحكمة الجنائية الدولية عضوية الأراضي الفلسطينية في 2015 وفتحت في 2021 تحقيقا في جرائم مزعومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، رغم أن إسرائيل ليست عضوا بالمحكمة ولا تعترف بولايتها القضائية. ويمكن للجنائية الدولية محاكمة مرتكبي الجرائم في الدول الأعضاء وعددها 124 دولة، أو نظر الجرائم المرتكبة على أراضي الدول الأعضاء من جهات فاعلة أخرى.

أما محكمة العدل الدولية، المعروفة أيضا باسم المحكمة العالمية، فهي أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، وتختص بالنظر في النزاعات بين الدول وانتهاك معاهدات الأمم المتحدة.

وفي ديسمبر كانون الأول من العام الماضي رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية ضد إسرائيل تتهمها بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948 في إطار الحرب في غزة.

* أين وصلت قضية جرائم الحرب المرفوعة ضد نتنياهو؟

طلب ممثلو الادعاء في مايو أيار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وجالانت، قائلين إن هناك أسبابا معقولة للدفع بأن الرجلين ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية عبر حرمان المدنيين في غزة على نحو ممنهج من “أشياء لا غنى عنها لبقاء الإنسان”، ومنها الغذاء والماء والأدوية والطاقة.

ولا يوجد موعد نهائي محدد للقضاة لاتخاذ قرار بشأن مذكرات الاعتقال. وعادة ما يستغرق القضاة قبل المحاكمة شهورا لاتخاذ قرار في مثل هذه الطلبات. وقدمت عشرات الدول مذكرات في هذه القضية البارزة.

واعترضت إسرائيل على الطلب في 20 سبتمبر أيلول. ويرجح أن أي محاكمة محتملة أمام المحكمة الجنائية الدولية بشأن الصراع بين إسرائيل وحماس لن تجرى إلا بعد سنوات.

* ماذا يحدث في حالة إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال؟

جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية ملزمة باعتقال وتسليم أي شخص صدرت بحقه مذكرة اعتقال عن المحكمة بمجرد دخوله أراضيها.

ليس للمحكمة جهاز شرطة، وتعتمد على الدول الأعضاء في القبض على المشتبه بهم. ولم تتلق الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية التي رفضت تنفيذ أوامر اعتقال في وقت سابق أكثر من توبيخ دبلوماسي.

* ماذا عن قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل؟

في ديسمبر كانون الأول الماضي، رفعت جنوب أفريقيا قضية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة انتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.

وطلبت جنوب أفريقيا عدة مرات اتخاذ تدابير طارئة فورية حتى يحين وقت عقد جلسات الاستماع الذي قد يستغرق سنوات. وفي يناير كانون الثاني، خلص القضاة إلى معقولية اتهام إسرائيل بانتهاك بعض حقوق الفلسطينيين في غزة بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، وأمروا إسرائيل بضمان عدم ارتكاب قواتها أي أعمال تندرج تحت تلك الجريمة.

وأمرت المحكمة إسرائيل بضمان توفير الإمدادات الغذائية الأساسية للفلسطينيين في غزة ووقف هجومها العسكري على رفح فورا.

ويتعين على جنوب أفريقيا تقديم قضيتها كاملة بحلول أواخر أكتوبر تشرين الأول، وأمام إسرائيل حتى يوليو تموز المقبل للرد.

وفي حال عدم امتثال أي من الدول لأوامر محكمة العدل الدولية، يمكن للمحكمة أن تأمر بدفع تعويضات، بما في ذلك التعويض المالي.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • “الاتحاد لائتمان الصادرات” تشارك في “منتدى مستقبل الصناعات الغذائية”
  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب
  • وزير الاقتصاد يفتتح منتدى مستقبل الصناعات الغذائية 2024
  • الحرب على حزب الله تُجدد شعبية نتانياهو
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها
  • غداً… انطلاق منتدى مستقبل الصناعات الغذائية 2024 لرسم خارطة طريق تطور القطاع في المنطقة
  • عن كثب.. ما هي جرائم الحرب التي ارتكبتها اسرائيل؟
  • مستقبل الإسلام السياسي في السودان بعد الحرب
  • قمة “AIM للاستثمار 2025” من 7 إلى 9 أبريل المقبل في أبوظبي
  • قمة AIM للاستثمار 2025 تناقش أحدث الاتجاهات في رقمنة التمويل