هيئة فنون العمارة والتصميم تُطلق مبادرة «استراتيجية الأبحاث في مجال العمارة والتصميم»
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
أطلقت هيئة فنون العمارة والتصميم مبادرة "استراتيجية الأبحاث في مجال العمارة والتصميم"، والتي تتطلّع من خلالها إلى إنشاء منظومة بحثية تعاونية لتمكين التقدّم والنمو في مجال البحث والتطوير في قطاع العمارة والتصميم بالمملكة؛ وذلك لتفعيل منظومة الأبحاث في هذا المجال للمساهمة في تحقيق الأولويات الوطنية، والمشاركة في الحوار البحثي العالمي.
وقالت الرئيس التنفيذي لهيئة فنون العمارة والتصميم الدكتورة سمية بنت سليمان السليمان: "نهدف عبر هذه المبادرة إلى توفير بيئة حيوية تسهم فيها الجهات الفاعلة في مجال أبحاث العمارة والتصميم، وتعزيز التعاون بين هذه الجهات لتحقيق الأهداف المشتركة"، مشيرةً إلى أن الاستراتيجية وضعت رؤيتها لخلق ثقافة بحثية تسهم في تحقيق أثر مستدام اجتماعياً واقتصادياً وبيئياً لقطاع العمارة والتصميم، والعمل وفق رسالتها المتمثّلة في تمكين منظومة بحثية تشاركية في مجالات العمارة والتصميم، وأضافت: "تسعى الهيئة عبر استراتيجية الأبحاث في مجال العمارة والتصميم إلى المساهمة بفاعلية في دعم تحقيق القيمة والإبداع، والأثر على مستوى الجوانب الاجتماعية، والفرص الاقتصادية، والصحة البيئية على الصعيدين الوطني والدولي".
وقد حددت استراتيجية الأبحاث في مجال العمارة والتصميم أربعة أهداف استراتيجية، تتمثّل في تطوير البنية البحثية من خلال إنشاء بيئة بحثية مُحفزة، وتطوير بنية تحتية تسهم في تسهيل الوصول للموارد البحثية، وجذب الاستثمار في مجالات البحث والتطوير والابتكار لتحفيز القطاع، وتنمية القدرات والمواهب والكفاءات البحثية، وتعزيزها في مجتمع العمارة والتصميم، إضافةً إلى المشاركة في حوار العمارة والتصميم عن طريق رفع مستوى الوعي بمشاركات القطاع البحثية لتتصدّر المملكة في المشهد البحثي العالمي للعمارة والتصميم.
وطوّرت الهيئة ثمانية مشاريع استراتيجية مستوحاة من الممارسات العالمية الرائدة في قطاع الأبحاث، وذلك ضمن مساعيها الهادفة لتفعيل استراتيجية الأبحاث، والتي تركّز في المقام الأول على دعم المِنَح البحثية بالقطاع، ونشر هذه الأبحاث، ورعاية الفعاليات البحثية المجتمعية، فيما يسعى المشروع الثاني إلى تقديم برامج الزمالة والإقامة البحثية في القطاع لتمكين نشر المعرفة، وتطوير المهارات. وأما المشروع الثالث فيهدف إلى تقديم برامج تدريب حول المنهجيات البحثية، والكتابة والنشر لتمكين وتطوير القدرات البحثية، مثل تنظيم الدورات التدريبية، وورش العمل حول المنهجيات البحثية، والكتابة، والنشر، وكتابة طلبات المنح، وبراءات الاختراع، بما في ذلك تنظيم برامج للكتابة، وتوفير البيئة المناسبة للباحثين ونشر الأبحاث، ويهتم المشروع الرابع بتقديم حوافز للباحثين في القطاع، وتطوير مقاييس للأداء البحثي ومخرجاته.
وسيتولى المشروع الخامس دعمَ البُنية البحثية للقطاع، ووضع سياسات لتشجيع التعاون بين المكتبات والمرافق البحثية، في الوقت الذي سيعمل فيه المشروع السادس على تفعيل شبكة الأبحاث عبر تطوير منصة تخدم الباحثين، وتُشجّع على التعاون، وتبادل المعرفة لتحسين جودة الأبحاث، بينما يُعنى المشروع السابع بتنظيم مؤتمر سنوي، وفعاليات تواصلية بحثية دورية لتعزيز الحوار المشترك والتعاون، ويأتي أخيراً مشروع دعم نشر مخرجات الأبحاث الإبداعية في القطاع.
ووضعت هيئة فنون العمارة والتصميم أولويات بحثية خاصة بمجال العمارة والتصميم في كل من: النظريات والتوثيق، والإنسان والمجتمع، والممارسات والتطبيقات، والتقنية في التصميم، والتعليم والتعلّم، والتصميم المستدام، والتي تسعى من خلالها إلى المساهمة بفاعلية في دعم تحقيق القيمة والإبداع، والأثر على صعيد الظروف الاجتماعية، والفرص الاقتصادية والصحة البيئية.
وتندرج مبادرة استراتيجية الأبحاث في مجال العمارة والتصميم تحت برنامج تطوير المحتوى - أحد برامجها الاستراتيجية الستة التي تضم 33 مبادرةً نوعية -، وتهدف هذه المبادرة إلى تحفيز وتعزيز القدرات البحثية، وسد الفجوات في المنظومة البحثية بالقطاع؛ للوصول إلى بيئة بحثية تحقق التطلعات التي تطمح إليها هيئة فنون العمارة والتصميم.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: هيئة فنون العمارة والتصميم
إقرأ أيضاً:
تونس.. فنون الخط العربي تستعيد جمالياتها العريقة
حين تتجول في أحد القصور القديمة للبايات (الأمراء) في تونس، أو داخل أعرق المساجد في المدن العتيقة، تلحظ تلك الزخارف والخطوط العربية المنقوشة في كل ركن من أركان المعمار القديم، لا سيما وأن رواد الخط العربي في تونس لم يقتصروا في أعمالهم الفنية على المحامل الخشبية أو القماش، بل أبدعوا في تخليد فنهم خصوصا في المعمار القديم حتى في بعض البنايات الحديثة. وما زالت نقوشهم تلك تشهد على عراقة هذا الفن في تونس. ولعل أهمها ما نقش في جامع عقبة بن نافع بالقيروان منذ عام 256 هجري.
فالعديد من المساجد ما زالت تحمل أشكالا فنية زخرفية ومخطوطات، حتى إنها جسدت الهوية الثقافية التي خلدها فن الخط العربي في تونس، الذي أبدع فيه عشرات الخطاطين.
ونقشت أجزاء من أسقف وجدران بعض المتاحف الكبيرة بأنواع مختلفة من الخطوط العربية، مما جعل تونس تسجل الخط العربي عام 2021 ضمن قائمة التراث اللامادي للإنسانية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو".
خطوط عثمانية وأندلسيةوقال الخطاط عمر الجمني إن فصول حركة الخط العربي في تونس بدأت بظهورها على النقوش بين القرنين الثاني والثالث للهجرة في عهد الأغالبة بالقيروان، ثم جاءت مرحلة بني زيري وأضافت العديد من الكتابات الرائعة على الخشب والرق الأزرق والرق الأبيض بخطوط كوفية متنوعة وكذلك في عهد الحفصيين الذين وظفوا أيضا الخط الكوفي المربع المستورد من المشرق على العمارة في سنة 910 هجرية، ثم جاء العهد الأندلسي وبعده العهد العثماني حافلين بأساليب حضارتيهما، إذ رسخ العثمانيون أساليبهم في خطوط الثلث والنسخ التي تعلو أبواب المساجد والمداخل والتكايا والمدارس.
وأوضح في حديث لوكالة الأنباء القطرية أنه كان "للأندلس خطوط منها المبسوط الأندلسي، والمجوهر والثلث المغربي وكانت قيد الاستعمال في تونس إلى حين استبعاد التدريس الإسلامي من جامع الزيتونة في أوائل ستينيات القرن الماضي. أما الخط التونسي الذي يعد من مشتقات الخط الأندلسي والمغربي فكان من ضحايا هذا الاستبعاد وتم تعويضه بخطوط مشرقية لسد الحاجات المطبعية والجرافيكية فقط ومنها خط النسخ الذي تم توظيفه في المناهج المدرسية واستبعاد الخط العربي كمادة فنية من مدرسة الفنون الجميلة مما تسبب في ركود على المستوى الفني والإبداعي امتد إلى حدود العشرية الأولى من هذا القرن حيث بدأ الخطاطون التونسيون يستعيدون تراثهم وهويتهم الخطية ابتداء من تعلم كتابات القرن الخامس الهجري إلى كتابات هذه المرحلة التي نعيشها مرورا بمخرجات المراحل المذكورة ومواكبة للحركة الفنية العالمية ذات الأسلوبين التقليدي والمعاصر".
وتنافس الخطاطون في تونس في تجويد الخط العربي الذي استعمل في البداية خصوصا في المساجد والقصور والمتاحف لا سيما في عهد العثمانيين، ذلك أنهم كتبوا المصاحف الشرقية بأجمل الخطوط ونبغوا في الخط العربي. وظهر التأثر البالغ بالنسق التركي في مختلف الكتابات التي ظهرت في المساجد والجوامع خاصة الحنفية بالعاصمة تونس، وبالمنابر والقباب. حيث إن هذا التأثر أفرز ظهور بعض الخطاطين التونسيين الذين تميزوا بتقليد الخط المشرقي.
ويبرز هذا الفن في تونس جيدا في الاهتمام بخطوط المصحف الشريف على الأخص وبعض البراعات والأختام ومصحف المملوك زهير المخطوط والمحفوظ في أصله بالمكتبة الوطنية بتونس.
ومن بين أبرز الخطاطين في العصر الحديث، السيد محمد صالح الخماسي مدرس الخط العربي سابقا في جامعة الزيتونة وبالمدرسة الصادقية وصاحب مؤلف "المنهج الحديث لتعليم الخط العربي"، حيث يعد رائدا ومجددا في هذا الفن بتونس، وقد أبهر الجميع بما قدمه من أعمال فنية راقية.
فن عالميوتوجد في تونس حاليا هيئة رسمية مرجعية واحدة للخط العربي، هي "المركز الوطني لفنون الخط"، الذي أنشئ في العام 1994، ومن أهدافه حماية فن الخط العربي وتطويره وترويج أساليبه في العالم العربي والإسلامي.
وتمسك بعض الخطاطين بهذا الفن، جعل فنهم يصل إلى العالمية على غرار نجا المهداوي الذي سافر في ستينيات القرن الماضي لدراسة الفنون الجميلة بأكاديمية الفنون بجامعة سانت اندريا بروما وتخرج منها، ليتحول فيما بعد إلى باريس لتلقي تدريبات أكاديمية بالمدينة الدولية للفنون.
وترك نجا لمساته الفنية في عدة معالم على غرار واجهة مسجد الجامعة بجدة. كما أنجز أعمالا قيمة لعدد من الشركات العالمية.
أما لوحاته وجدارياته فهي مقتناة ضمن مجموعات أهم المتاحف في العالم على غرار المتحف البريطاني ومتحف سنيثونيان في العاصمة الأميركية واشنطن.
وأصدر المهداوي العديد من المؤلفات من بينها "كتاب الألف"، وهو عمل على نص ثنائي اللغة لإدوارد مونيك وعزالدين المدني، كما أصدر كتاب "فن الكوليغرافيا"، وغيرها.
فيما اختص الخطاط محمد نجيب الزعلوني في كتابة القرآن. وهو من مواليد 1962، ظهرت موهبته منذ الصف الابتدائي، واكتشف موهبته المدرسون حتى تجاوز مرحلة الثانوي، فنصحه مدرس العربية عبد الحميد نور بالالتحاق بمعهد الفنون الذي كان يدرس فيه محمد الخماسي.
وتخصص نجيب الزعلوني في رسم الخرائط التي تتناغم مع الخط. ونظرا لموهبته تلك تم إرساله إلى معهد تاريخ العسكر والثقافة والإعلام، ليكمل فيه تدريبا مدته سنتان، إلى أن تحصل على شهادة، ليلتحق فيما بعد بكلية القيادة والأركان ليتولى رسم الخرائط.
وغادر الزعلوني الحياة العسكرية واتجه إلى بعض الصحف. وباشر فيها أيضا كتاباته بالخط العربي، ثم التحق بالعمل الإداري في عدة إدارات مركزية، ودور نشر.
اقتدى الزعلوني بعدة خطاطين مثل موسى عزمي وهاشم البغدادي، وتعلم موازين الحروف ومواقعها، والتزم بالقواعد وضوابط الخط العربي كخط النسخ وخط الثلث والخط الفارسي والخط الكوفي الذي يتفرع عنه المورق والخط القيرواني والخط المغربي، وغيرها من الخطوط الأخرى.
كتب محمد نجيب الزعلوني دستور 2014 بخط يده، والذي استغرق منه 3 أشهر وهو أول دستور يكتب بخط اليد. كما كان يخط بيده الشهادات والتكريمات. وصار اليوم متخصصا في كتابة القرآن، من خلال تطويره للخط من حيث الشكل والحجم والجودة، وطريقة الكتابة بأسلوب يسهل على القارئ فك حروفه.
وأشار إلى أن كتاب القرآن بالخط العربي قليلون جدا في تونس. وتخضع تلك المصاحف التي تكتب بخط اليد إلى لجنة مراجعة نص المصاحف بشكل دقيق.
وأكد الزعلوني وجود مصاحف كتبت في تونس بالخط العربي يدويا. وقد تتطلب كتابة سورة واحدة في ورقة ذات حجم كبير سنتين وأكثر. فقد استغرق الخطاط الزعلوني 4 سنوات لكتابة سورة البقرة بشكل مبدع.
خطوط تونسيةلم تتوقف أعمال الخطاطين عند اللوحات أو المحامل الخشبية بل تجاوزتها إلى محامل أخرى على غرار الجدران والسجادات والأثواب وحتى الجلود والأواني الفخارية. ويعد سامي غربي من بين أشهر الخطاطين في تونس اليوم، وهو خطاط عربي تشكيلي يبدع على جميع المحامل مهما اختلفت. سواء الورق أو الجلد أو الآلات الموسيقية، مستعملا الخط المغربي والخط الكوفي المستنبط من النبطية، إضافة إلى بعض الرسوم الشرقية لإضفاء الطابع الشرقي على بعض أعماله. كما ابتكر خطا خاصا به سماه "الخط البنزرتي" نسبة إلى مدينته بنزرت شمالي تونس.
لم يكن سامي الغربي متفرغا للخط العربي إلا بعد بلوغ سن الأربعين. فقط كان موسيقيا وممتهنا لبعض المهن البعيدة عن الفن التشكيلي والخط العربي. ولكنه اختار العودة إلى هوايته التي باتت تشغل كامل وقته اليوم. يتنقل بين المدن التونسية ويسافر إلى بعض الدول لرسم لوحاته بالخط العربي على جميع المحامل. كما أنه باحث في جميع الزخارف والخطوط على امتداد العصور والفترات، لاكتشاف جميع تلك الخطوط التي مرت على الإنسانية وتم توثيقها.
درس سامي الغربي الفنون الجميلة في بعض المعاهد الخاصة، كما درست بعض أعماله في جامعة إسطنبول. وأبدع في تطويع الخط العربي لإنتاج لوحات تشكيلية على عدة محامل.
وقد أبدع الخطاطون في تونس كل حسب هوايته وشغفه، بين من تمسك بالخط المقروء الذي يقدم معنى، وبين من طوع الخط لإنتاج لوحات فنية تراجيدية.
المدرسة الزيتونيةلم يحظ الخط العربي في تونس سابقا بالعناية الكافية، نظرا لارتباطه بالمدرسة الزيتونية. لكن منذ مارس/آذار 2023 تم الإعلان عن مشروع المركز العالمي لفنون الخط بتونس ليكون أحد أهم المراكز في العالم التي تهتم بالخط بمختلف اللغات خاصة أن العديد من الجهات أبدت استعدادها للمساهمة في تنفيذ هذا المشروع الرائد.
وسيمكن هذا المركز من المساهمة في النهوض بالبحث والتجارب وإنجاز الدراسات وجمع البيانات والتوثيق في مجال الخط العربي على وجه الخصوص، وسائر الخطوط الأخرى عموما، إلى جانب إقامة المعارض وتنظيم الملتقيات والندوات.
وسيشتمل المركز على قاعات للمؤتمرات وفضاءات للتكوين والورشات إضافة إلى متحف للخط العربي ولعديد الخطوط الأخرى، وذلك بهدف إعادة إشعاع الخط العربي كفن وجزء من الحضارة العربية الإسلامية، والحفاظ على الموروث الثقافي الوطني، إلى جانب أنه سيكون قبلة لكل من يهتم بالثقافات الأخرى.