أبوظبي: سلام أبوشهاب

أكد الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السموّ رئيس الدولة، أن مؤتمر «كوب 28» يمثل أحد الأمثلة عن التزام الإمارات بالعمل المتعدد الأطراف – لإقامة شراكات مع الدول الأخرى لمواجهة التحديات المشتركة. مشيراً إلى أنه مبدأً أساسي في علاقات الإمارات الدولية. ودولة الإمارات وضعت خطة واضحة تسعى إلى تحقيق نتائج طموحة لتسريع مسار انتقال عادل ومنظّم للطاقة، ومواصلة تطوير تمويل المناخ.

كما أنها تركز على الحياة وسبل العيش، وتعزيز الإدماج.

وقال في الكلمة الرئيسة التي ألقاها صباح الإثنين في «ملتقى أبوظبي الاستراتيجي» العاشر بعنوان: «سياسة قديمة في عصر جديد»، فيما يتصل بالتعامل مع التحديات في المنطقة والعالم، إن الركيزة الرئيسة تتمثل في جهود دول الإمارات بالعمل على خطة من الاستقرار والازدهار المشترك في المنطقة، والأدوات التي تمتلكها لخفض التصعيد والشراكات وبناء الجسور والدبلوماسية والتركيز على الآفاق الجيو اقتصادية.

وأضاف أن التصعيد منذ هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر الماضي، والأزمة التي تلت ذلك أديا إلى إدخال المنطقة في مرحلة أخرى من العنف والفوضى، لافتاً إلى أن دولة الإمارات التي تعدّ الممثل العربي الوحيد في مجلس الأمن، حاولت ولا تزال، تواصل المساعدة في التخفيف من حدة المعاناة الحتمية في مثل هذه الأحداث المأساوية.

وقال إن المستوى غير المسبوق للهجمات على المدنيين الإسرائيليين التي أشعلت هذه الأزمة، يمثل تصعيداً خطراً في الصراع، وأن لا شيء يمكن أن يبرّر الهجمات التي تستهدف المدنيين. معبراً في الوقت نفسه عن قلق عميق إزاء الرد العسكري غير المسبوق من جانب الحكومة والجيش الإسرائيليين. ولا يمكن تبرير الهجمات غير المتناسبة على المدنيين وأن الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي يستحقّان الاستقرار والازدهار.

وعن النزاع في أوكرانيا، أكد أن دولة الإمارات تنظر إلى النزاع في أوكرانيا من موقف مبدئي يتماشى مع القانون الدولي، واحترام السيادة الوطنية، وتؤكد دوماً أن من مصلحة النظام الدولي التوصل إلى حل سياسي للحرب في أوكرانيا.

وقال إنه على مدار عقد كامل قدم الملتقى فرصة كبيرة لتعزيز تبادل الأفكار عن كيفية إمكانية التقدم باتجاه الوصول إلى منطقة مستقرة ومزدهرة. وهناك أهمية لوجود منتديات حوارية مثل ملتقى أبوظبي الاستراتيجي، تجمع الخبراء وتبحث كيفية تجاوز الأزمات الراهنة، وتسعى لوضع مسار أكثر إيجابية للمضي قدماً.

نهج إيجابي

وأكدت الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات في كلمتها، أنّ نهج دولة الإمارات في سياستيها الداخلية والخارجية يقوم على تبنّي الإيجابية والتفاؤل والمرونة وسرعة التكيّف؛ وكانت الإمارات في كثيرٍ من الملفات والقضايا تمتاز بالاستباقية والجرأة في اتخاذ الخطوة الأولى فكانت واضحةً في توقيع شراكاتٍ استراتيجيةٍ واسعةٍ مع قوى دوليةٍ كبرى واقتصاداتٍ صاعدةٍ، وتدشين المصالحات الإقليمية مع إيران وتركيا، والخروج من اليمن، وتوقيع الاتفاق الإبراهيمي، والانفتاح على سوريا، والاستعداد لما بعد النفط، بترسيخ التنافسية الإماراتية في التجارة والاستثمارات واللوجستيات والبنية التحتية وجودة الحياة، وقد كانت حصيلة هذا النهج اليوم حجم اقتصادٍ إماراتي بنحو نصف تريليون دولار، ونجاحاً في الوصول إلى أسواق عالم، والاستمرار في تقديم نموذجٍ تنموي متطورٍ في منطقةٍ ملتهبةٍ.

وقالت، تطمح الإمارات إلى أن يكون «كوب 28»، الذي تستضيفه بعد نحو أسبوعين، هذا العام «فرصةً لتسريع الانتقال (العادل)، عبر بناء نظامٍ مستقبلي للطاقة مع إزالة الكربون بسرعةٍ، لكي يبقى هدف 1,5 درجة مئوية في متناول اليد. وهذا يتطلب بناء توافقٍ عالمي عريضٍ لمعالجة تحديات الانتقال وتوفير التمويل وإشراك القطاع الخاص، والتضامن الحقيقي مع الدول النامية.

وضوح الملامح

وأكدت أنّ العصر الجديد، ما يزال غير مكتمل الملامح، والجدل بين الخبراء والباحثين والدبلوماسيين مستمرّ في النظام الدولي، وسْط مرحلةٍ انتقاليةٍ يسودها تشتت القوى العظمى وترددها، وعدم مقدرتها على توظيف قواها الكامنة في حل كثيرٍ من الصراعات والأزمات المتفجرة والتحديات العالمية.

وقالت في حرب غزة المشتعلة، نحن أمام أزمةٍ معقدةٍ تتجاوز المحلّي إلى الإقليمي والدولي، وتتجاوز الأمني والعسكري إلى الإنساني والحقوقي والسياسي وما هو أبعد، لقد وجدنا طيْفاً من القطبية الأحادية في عصرٍ جديدٍ تؤدي فيه القوى المتوسطة وقوى ما دون الدولة دوراً مؤثّراً في تشكيل الوقائع والأحداث، وإنّ حرب غزة لا تقلّ تأثيراً عن حرب أوكرانيا في أهمية تساؤل المراقبين عن إعادة ضبط الحقائق عن طبيعة التحوّل في النظام الدولي الناشئ، والتحديات وعن المخاطر التي تواجهها مقولة «خفض التّصعيد».

عشوائية وانتقائية

وأوضحت أن ثمة عشوائيةً وانتقائيةً في مدى التزام الدول الكبرى بمسؤوليتها على الساحة الدولية، وفي حفظ الأمن والسلام، وحيث المطلوب إعادة الأهمية للسياسة والدبلوماسية والمواثيق الدولية والعيش المشترك، ما نزال نتساءل عن تصاعد تأثير القوى المتوسطة في تشكيل المشهد العالمي وخفض التصعيد.

خمس جلسات

وعقدت أمس خمس جلسات تناولت الأولى «الإمارات وكوب 28 نحو توافق عالمي في مواجهة تغير المناخ»، والثانية عن «الشرق الأوسط منطقة متغيرة»، والثالثة «حرب غزة والمآلات الإقليمية والدولية»، والرابعة «الحرب الروسية الأوكرانية.. فهم المشهد الاستراتيجي العالمي»، والخامسة «التنافس الجيو اقتصادي العالمي.. الموارد والفاعلون والتكنولوجيا الفائقة والاتجاهات».

وأجمع الباحثون في الجلسة الأولى، على أن التغير المناخي لم يعد موضوعاً مرتبطاً بالبيئة فقط، بل بالاقتصاد والأمن والتكنولوجيا أيضاً، ولا يمكن لدولة واحدة أن تجابه مشكلة الاحترار، بل لا بدّ من تضافر الجهود الجماعية ومتعددة الأطراف للوفاء بالالتزامات، وتحقيق خطوات متقدمة في المسألة المناخية.

وقال زاهر فاكير، المستشار لشؤون المفاوضات في فريق دولة الإمارات لمؤتمر «كوب 28» إن هناك طموحاً بأن يحقق المؤتمر إنجازات في التمويل وتخفيف الديون. وخطة المناخ لا تعمل بشكل منفصل عن خطط التنمية ومحاربة الفقر والبطالة. وهناك ضرورة خلق فرص اقتصادية لدعم حياة السكان.

وقالت الدكتورة عائشة السريحي، الباحثة في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية: إن منطقة الخليج تتعايش بشكل جيد مع التغير المناخي، بالرغم من ضعف القطاع الزراعي للوفاء بشكل كامل بالحاجات الوطنية. وهناك حاجة للاستفادة من فرصة «كوب 28» وتعزيز تبادل الخبرات العلمية والتكنولوجية والإدارية وإشراك الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

وأوضح الدكتور برايان مانتلانا، مدير البرنامج الإقليمي عن الأثر الكلي لتغير المناخ في مجلس البحوث العلمية والصناعية في جنوب إفريقيا، أنه خلال السنوات الماضية، ظهرت مكانة المجتمع المدني في تعزيز العمل المناخي، وهناك طموحات في تحقيق «كوب 28» إنجازاً في صندوق الخسائر والأضرار.

وناقش خبراء دوليون في الجلسة الثانية الديناميات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وأجمعوا على أنه يجب على القوى العظمى إعادة النظر في سياستها الراهنة تجاه المنطقة، والنأي بها عن دائرة الاستقطاب الحاد الناتج عن تنامي التنافس بين القوى العالمية الكبرى.

وقال د.بريان كاتوليس، نائب الرئيس لشؤون السياسات في معهد الشرق الأوسط في واشنطن: إن هجوم السابع من أكتوبر وما خلّفه من تداعيات مثل لحظة فارقة على مسار النزاع، وإقليمياً أيضاً. وإن الهجوم لم يأت مصادفة، بل كان مقصوداً لأنه أتى بعد التطورات الحاصلة على مسار التطبيع بين إسرائيل وكثير من الدول الفاعلة في المنطقة. كما أنه أعقب إعلان إنشاء الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.

وأوضح د. كيليتش بوجرا كانات، مدير الأبحاث في مؤسسة سيتا للبحوث السياسية والاقتصادية والاجتماعية،أنه يتعين العمل على إنشاء نظام أكثر كفاءة في الأمم المتحدة، لحل النزاعات في الشرق الأوسط، وفي غيرها من مناطق العالم. ولإحداث تقدم حقيقي في الشرق الأوسط يجب أن تسعى القوى العالمية العظمى على اجتراح سياسات جديدة تجاه المنطقة وقضاياها.

وقال الدكتور بهجت القرني، مدير منتدى الجامعة الأمريكية في القاهرة: إننا نحتاج لسياسات جديدة لإدارة النزاعات القديمة في منطقة الشرق الأوسط، وهذا يتطلّب التفكير في البدائل الممكنة، وليس تشخيص النزاعات القائمة فقط.

وقالت الدكتورة لينا الخطيب، مديرة معهد الشرق الأوسط في جامعة لندن: إننا نرى شرق أوسط جديداً، آخذاً في الظهور، ولهذا يتعين على المجتمع الدولي أن يتعاطى بجدية أكبر مع هذه المنطقة وصراعاتها الممتدة.

وأوضح الدكتور عبد العزيز الغشيان، من جامعة لانكستر أنه من بين الطرائق الممكنة لمعالجة المعضلات الإقليمية، إيجاد قاعدة للعمل المشترك من أجل التنسيق والاتفاق على الاتجاه الذي يتعين أن تمضي إليه المنطقة.

وقال الباحث الدكتور محمد زغول: إن أسباب الهشاشة الإقليمية القائمة في الشرق الأوسط تعود إلى تداخل إشكالات عدة، يعمل كل منها على تأزيم المنطقة, كما أنها باتت تدعم أثر بعضها في بعض، محوّلةً المنطقة إلى بؤرة أزمات متواصلة، تهدد مسيرة التنمية الطموحة لدى بعض أطرافها الإقليمية عبر توسع نطاق الأزمات، ما يعني أن معالجة هذه الإشكالات يجب أن تتم بالتزامن.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات أنور قرقاش فلسطين إسرائيل دولة الإمارات الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

"اتمنى" تطلق خاصية "التسوق مع الأصدقاء" لأول مرة في الشرق الأوسط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 أعلنت "اتمنى"، الشركة المصرية الرائدة في التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية، عن إطلاق النسخة التجريبية من خاصية "التسوق مع الأصدقاء" عبر تطبيقها في مصر والسعودية، لتكون الأولى من نوعها في المنطقة.

تتيح هذه الخاصية للمستخدمين التسوق معًا عن بُعد، مما يضفي طابعًا اجتماعيًا على تجربة التسوق عبر الإنترنت، حيث يمكن تصفح المنتجات وإضافتها إلى سلة مشتركة مع الأصدقاء والعائلة، مما يمنح إحساسًا بالتسوق الجماعي كما لو كانوا في متجر حقيقي. كما تمكن الخاصية المستخدمين من التواصل الفوري أثناء التسوق لتبادل الآراء حول المنتجات المختارة في الوقت الفعلي، عبر واجهة سهلة الاستخدام توفر تجربة تسوق سلسة وممتعة.

أكد هاني دبا، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة "اتمنى"، أن الخاصية الجديدة تمثل نقلة نوعية في مفهوم التسوق الإلكتروني، حيث تجمع بين متعة التسوق والتواصل الاجتماعي، وتعزز من روح المشاركة بين المستخدمين. 

وأضاف: "نفخر بأن هذه الخاصية تم تطويرها بالكامل بأيدي مطورين مصريين، ما يعكس الإمكانات الكبيرة للكفاءات المحلية وقدرتها على تقديم حلول تكنولوجية منافسة عالميًا. كما نؤكد التزام "اتمنى" بمواصلة الابتكار لتقديم منتجات وخدمات ترتقي بتجربة المستخدمين وتدفع عجلة التحول الرقمي في قطاع التجارة الإلكترونية بالشرق الأوسط."

وأشار دبا إلى أن التجارة الإلكترونية في المنطقة تشهد نموًا متسارعًا، حيث من المتوقع أن يتجاوز حجمها 50 مليار دولار في 2025، مدفوعًا بزيادة انتشار الإنترنت والتحول الرقمي وارتفاع ثقة المستهلكين في المعاملات الإلكترونية. وتتصدر الإمارات والسعودية ومصر قائمة الأسواق الأسرع نموًا، مما يفتح فرصًا كبيرة للشركات لتعزيز التجربة الرقمية للمستخدمين ودفع عجلة الابتكار.

توفر خاصية "التسوق مع الأصدقاء" خيارات متعددة تتيح للمستخدمين الانضمام إلى سلة تسوق مشتركة أو إنشاء سلة جديدة، مع إمكانية تخصيص إعدادات الخصوصية، مما يجعل التجربة أكثر مرونة وراحة.

تشهد التجارة الإلكترونية نموًا غير مسبوق عالميًا، حيث بلغت قيمتها 6.3 تريليون دولار في 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 8.1 تريليون دولار بحلول 2026، مدفوعة بالتوسع في الخدمات الرقمية وتزايد الاعتماد على التسوق عبر الإنترنت.

 

مقالات مشابهة

  • إيران: يمكن شراء الأمن من خارج منطقة الشرق الأوسط
  • إيران: الأمن في منطقة الشرق الأوسط يجب أن يتم داخلياً
  • ماذا يخطط ترامب لمنطقة الشرق الأوسط؟
  • ماذا بعد المشادة غير المسبوقة في المكتب البيضاوي؟
  • بريطانيا: حل الدولتين السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط
  • "اتمنى" تطلق خاصية "التسوق مع الأصدقاء" لأول مرة في الشرق الأوسط
  • حماس: تمديد اتفاق غزة بصيغة الاحتلال مرفوض
  • كيا الشرق الأوسط وأفريقيا تعلن عن عقد شراكة مع ريوت جيمز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • خطباء الجمعة: القراءة والتعليم مفاتيح التقدم والازدهار
  • إلى ماذا يسعى ترامب حقا في الشرق الأوسط؟