السندات والصكوك الخضراء.. تمويل مستدام يعزز جهود الإمارات
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
62.4 مليار درهم حجم سوق الصكوك والسندات والقروض الخضراء إنشاء «صندوق دبي الأخضر» بقيمة تصل إلى 100 مليار درهم
أبوظبي: «الخليج»
كثّفت دولة الإمارات جهودها في مواجهة تداعيات التغير المناخي وحماية البيئة، عبر عمل مؤسسي ممنهج شمل جميع المجالات، سعياً للوصول إلى متطلبات الاستدامة وتحقيق الحياد المناخي وتقليل الانبعاثات، ضمن سلسلة متواصلة من المبادرات والقرارات على مدى السنوات الماضية، حققت من خلالها الريادة في مجال العمل المناخي، لا سيما وهي تستعد لاستقبال العالم في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «مؤتمر الأطراف COP28» الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي.
وأظهرت دولة الإمارات التزامها الراسخ تجاه مبادرات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية المستدامة، من خلال استخدامها مجموعة متنوعة من الأدوات المالية المستدامة. وقد ساهمت الكيانات الرئيسية بشكل كبير في دفع إجمالي المساهمات المصنفة في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في الإمارات حيث بلغت هذه المساهمات 9.45 مليار دولار، وهو ما يؤكد التزام المنطقة بالتمويل المستدام ودورها الحيوي في معالجة تحديات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية على المستوى العالمي، وذلك بالإضافة إلى العديد من المبادرات الأخرى.
وقد ظهرت آثار اهتمام حكومة دولة الإمارات بتعزيز الحلول التمويلية المستدامة في كثير من المبادرات عبر إصدار السندات والصكوك الخضراء وتشجيع القروض التمويلية الصديقة للبيئة حتى وصل حجم سوق الصكوك والسندات والقروض الخضراء في الدولة خلال السنوات الماضية إلى ما يقارب 17 مليار دولار أي ما يعادل 62.44 مليار درهم.
وتنسجم جهود الإمارات في مجال الحلول التمويلية المستدامة وإصدار الصكوك والسندات الخضراء مع أهداف محور «الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي» ضمن حملة «استدامة وطنية» التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لاستضافة «مؤتمر الأطراف COP28».
مبادرات بطابع عالمي
و تعدّ جهود التمويل المستدام والصكوك الخضراء في دولة الإمارات سلسلة متصلة من المبادرات ذات الطابع العالمي التي تستشرف آفاق الحلول التمويلية الصديقة للبيئة، وتضع الاستراتيجيات والخطط التي تضمن استقطاب رأس المال لإيجاد حلول مبتكرة لمكافحة آثار التغير المناخي.
وخلال الأعوام الماضية رسخت دولة الإمارات مكانتها في ميدان حلول التمويل الخضراء، حيث بدأت بإحداث تغيير جوهري في قطاع التمويل وتأسيس شراكات استراتيجية مع أهم المؤسسات الوطنية العاملة في مجال الاستثمار والتمويل، علاوة على وضع السياسات والأطر التنظيمية الملائمة لتحفيز القطاع الخاص على المشاركة بصورة أكبر للاستثمار في المشاريع الخضراء.
وتنوعت المبادرات التي تبنتها دولة الإمارات خلال الفترة الماضية في مجال التمويل المستدام، وكان من أبرزها إعلان أبوظبي للتمويل المستدام في عام 2019، الذي أضاف دعامة أخرى إلى جهود دولة الإمارات الهادفة إلى تشجيع الاستثمار في الحلول المالية المستدامة من خلال الصكوك والسندات الخضراء، كما شكّل الإعلان منصّة رائدة لتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتطوير حلول مبتكرة لجذب وزيادة الاستثمارات الخضراء والمستدامة، وإتاحة المجال أمام تمويل المشاريع والمبادرات التي تدعم قطاع التمويل المستدام وتخدم رؤية الإمارات وأجندتها الخضراء، ومثّل منطلقاً للمبادئ الإرشادية حول التمويل المستدام لدولة الإمارات المنشورة في عام 2020 وهي المبادرة الأولى من نوعها في ضوء أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والتي تهدف إلى دفع أولويات الاستدامة التي تشكل جوهر أجندة التنمية الاقتصادية للدولة.
وحسب إحصائيات نُشرت مطلع العام الجاري، وصل عدد الجهات التي انضمت إلى «إعلان أبوظبي للتمويل المستدام» منذ إطلاقه إلى أكثر من 117 عضواً، حيث يعمل الأعضاء على إنشاء قطاع تمويل مستدام مزدهر إضافة إلى عقد حوار بناء على مستوى القطاع محلياً ودولياً، الأمر الذي يرسي أسس قطاع التمويل المستدام بما يدعم جهود الدولة في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
وفي عام 2021 اتخذت سياسة السندات والصكوك الخضراء منحى بارزاً تجلّى في «الإطار الوطني للتمويل المستدام 2021» الذي يعد إطاراً تنظيمياً للصناديق والمحافظ الخضراء والخاصة بالتحوّل المناخي، والسندات والصكوك الخضراء المرتبطة بالاستدامة، الأمر الذي شكّل خطوة مهمة لتوجيه رؤوس الأموال لتمويل مشاريع التحول نحو الحياد المناخي، حيث أعلن سوق أبوظبي العالمي، خلال العام الجاري، عن بدء تطبيق الإطار التنظيمي للتمويل المستدام، والذي يعزز مكانة السوق كمركز رائد للتمويل المستدام وبيئة محلية لأنشطة التمويل المستدام.
وتعتبر استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، إحدى أبرز المبادرات التي تبنتها دولة الإمارات خلال الفترة الماضية في مجال التمويل المستدام، والتي تهدف لإنتاج 75 في المئة من احتياجات دبي من الطاقة من مصادر نظيفة بحلول عام 2050. وتضمنت الاستراتيجية خمس مسارات رئيسية هي البنية التحتية، والبنية التشريعية، والتمويل، وبناء القدرات والكفاءات، وتوظيف مزيج الطاقة الصديق للبيئة.
وقد ارتبط مسار التمويل بإيجاد حلول تمويلية للاستثمار في مجال البحث والتطوير المرتبط بالطاقة النظيفة وتطبيقاتها، حيث اندرج تحت هذا المسار إنشاء «صندوق دبي الأخضر» بقيمة تصل إلى 100 مليار درهم، والذي سيسهم من خلال موارده المالية في توفير قروض ميسرة وأدوات تمويلية لمستثمري قطاع الطاقة النظيفة في الإمارة وبنسب فائدة مخفضة.
وتم بعد ذلك إطلاق إعلان دبي للتمويل المستدام خلال اجتماع الطاولة المستديرة الرابع عشر لمبادرة التمويل لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP-FI، والذي عقد بدبي في أكتوبر 2016، بهدف إبراز جهود دولة الإمارات في مجال الاستدامة والتزامها بدعم تحوّلها نحو اقتصاد أخضر ومستدام من خلال إقامة شراكات إستراتيجية مع مؤسسات التمويل الهادفة لإحداث تغيير جذري، ومساعدة المنظمات التي تسهم بنشاط في إيجاد حلول مبتكرة لمواجهة آثار التغير المناخي.
وتعمل وزارة التغير المناخي والبيئة بالتعاون مع كافة الشركاء الاستراتيجيين على تعزيز الوعي المجتمعي لدى القطاعات الاستثمارية بأهمية السندات والصكوك الخضراء، كونها أحد حلول التمويل الفعّالة لتعزيز الاستدامة.
تشجيع الحلول المستدامة
تأتي أهمية التمويل المستدام في دولة الإمارات تأكيداً لالتزامها بدعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030، حيث استطاعت المنهجية الاستباقية لخطط حكومة الإمارات رسم ملامح هذا القطاع بأدوات مرنة قابلة للتطبيق، ومبادرات حققت في مجموعها مستهدفات الدولة في الوصول إلى الحياد المناخي، وتشجيع الاستثمار والتمويل في المشاريع الصديقة للبيئة، ضمن توجهات تركز على زيادة الالتزام بالتصدي للتغير المناخي، والاهتمام الحقيقي بالاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والإفصاح عنها، وسد الفجوة من خلال التمويل المُبتَكر، وتشجيع البنوك والقروض الخضراء، والتركيز على أهمية المعلومات والبيانات، وسنّ القوانين والتشريعات اللازمة لتشجيع التمويل المستدام.
وشجعت دولة الإمارات على إصدار الصكوك والسندات الخضراء كونها تقدّم لمُصْدريها فوائد كثيرة تتمثل في تعزيز سمعة هذه المؤسسات وزيادة الثقة بهما عبر إبراز مدى اهتمامها بحماية البيئة والمساهمة في تحقيق الحياد المناخي، فضلاً عن تعزيز دور هذه الجهات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ويضاف إلى ذلك أيضاً أن الاستثمار في الصكوك الخضراء يقدم فائدة للمستثمرين ومشتري هذا النوع من الأوراق المالية، حيث تضمن لهم عوائد كبيرة نظراً لقوة الجذب التي يتمتع بها هذا النوع من الاستثمار، كما تحقق لهم مكانة إيجابية في الحراك المجتمعي الهادف لدعم العمل البيئي وحماية المناخ.
وأتاحت هيئة الأوراق المالية والسلع للشركات المساهمة العامة إصدار سندات وصكوك خضراء يتم استخدام حصيلة الاكتتاب بها بالكامل لتمويل أو إعادة تمويل مشروعات مستدامة صديقة للبيئة؛ مثل مشاريع الطاقة المتجددة، ومشاريع كفاءة الطاقة، ومشاريع منع التلوّث والسيطرة عليه، ومشاريع الإدارة المستدامة بيئياً للموارد الطبيعية الحية واستخدام الأراضي، ومشاريع الحفاظ على التنوّع البيئي البري والمائي، ومشاريع النقل النظيف، ومشاريع الإدارة المستدامة للمياه ومياه الصرف الصحي، فضلاً عن إصدار الشركات للسندات والصكوك المرتبطة بالاستدامة، وتماشياً مع «عام الاستدامة» 2023، أعفت الهيئة الشركات الراغبة بإدراج سنداتها أو صكوكها الخضراء أو المرتبطة بالاستدامة في أحد الأسواق المحلية من رسوم التسجيل عن عام 2023.
تسابق في الميدان الأخضر
تتسابق شركات وبنوك إماراتية في الميدان الأخضر للسندات والصكوك، وظهر ذلك بشكل ملحوظ خلال «عام الاستدامة» واستعداداً لاستقبال «مؤتمر الأطراف COP28» حيث جمعت شركتا «الدار العقارية» و«ماجد الفطيم»، بالإضافة إلى بنكي «دبي التجاري» و«أبوظبي الأول» خلال الأشهر الأخيرة من العام الحالي 2.1 مليار دولار «7.7 مليار درهم» من بيع سندات خضراء.
وفي مطلع العام الجاري أعلن بنك دبي الإسلامي، عن نجاحه في تسعير ثاني إصداراته من الصكوك المستدامة بقيمة مليار دولار، مع أجل استحقاق يمتد لخمس سنوات ونصف السنة، وقد اتسم بكونه أكبر إصدار مستدام على الإطلاق من قبل مؤسسة مالية في الشرق الأوسط.
الجدير بالذكر أن سوق السندات والصكوك الخضراء قد حظي بإقبال خليجي وعربي، فقد سجل سوق السندات والصكوك الخضراء والمستدامة في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي رقماً قياسياً جديداً خلال العام الماضي 2022، مع زيادة عدد الإصدارات بأكثر من الضعف، كما أظهرت بيانات جداول «بلومبيرغ» لأسواق رأس المال، أن إجمالي إصدارات السندات والصكوك الخضراء والمستدامة في دول مجلس التعاون بلغت 8.5 مليار دولار من 15 صفقة خلال العام الماضي، مقارنة بنحو 605 ملايين دولار من 6 صفقات خلال عام 2021.
وعربياً، أعلن صندوق النقد العربي أن إصدارات الدول العربية من السندات والصكوك الخضراء المُرتبطة بالأنشطة المُستدامة سواء السيادية أو التي يطرحها القطاع الخاص بلغت نحو 5.5 مليار دولار في عام 2022.
وشهدت ناسداك دبي ارتفاعاً كبيراً في القيمة الإجمالية لقوائم الديون المصنفة وفق أنظمة الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. وقد بلغت القيمة الإجمالية لتلك الديون25.45 مليار دولار، في ظل نموّ ملحوظ لعدد الطروحات التي تشهدها ناسداك دبي، مسلّطة الضوء على مجموعة متنوّعة من الأدوات المالية المستدامة المتاحة في السوق.
وسجلت قوائم الدخل الثابت الخاصة بأنظمة الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في «ناسداك دبي» نمواً ملحوظاً بنسبة 128% في العام الجاري (2023) مقارنةً بالعام السابق بأكمله. ويُعتبر هذا النمو بمثابة دلالة على الالتزام العالمي المتزايد بالتمويل المستدام والاستثمار المسؤول.
وجاء المساهمون الرئيسيون في الديون المصنفة وفق أنظمة الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية كالتالي: تصدرت حكومة إندونيسيا لائحة مُصدري الديون المصنفة في «ناسداك دبي»، بإجمالي طروحات قدره 3.75 مليار دولار. وتضم هذه اللائحة البنك الصناعي والتجاري الصيني (ICBC) بقيمة طروحات قدرها 6.93 مليار دولار والبنك الإسلامي للتنمية (IsDB) بقيمة 2.5 مليار دولار. وتلعب هذه المؤسسات دوراً حيوياً في تشكيل سوق سندات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في الأسواق المالية ما يؤكد التزامها بتعزيز التمويل المستدام وممارسات الاستثمار المسؤول.
وتصدرت دولة الإمارات قائمة مُصدري سندات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وأظهرت التزاماً بإصدار السندات الخضراء والاستدامة، حيث بلغ إجمالي قيمة سندات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية مجتمعة 8.6 مليار دولار. وتترأس قائمة الشركات التي تصدر هذه السندات شركة ماجد الفطيم للصكوك، بسندات خضراء قيمتها 1.7 مليار دولار. وتتلوها بفارق بسيط شركة «دي بي ورلد الهلال المحدودة»، بسندات خضراء قيمتها 1.5 مليار دولار. ثم فرع مركز دبي المالي العالمي، بمساهمة كبيرة بلغت قيمتها 1.18 مليار دولار من السندات الخضراء. وتجسد هذه المؤسسات المالية التزامها بالاستدامة، في حين تواصل دولة الإمارات جهودها لتكون مثالاً يحتذى به في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية على مستوى العالم، وتأكيد التزامها بمستقبل مستدام.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات كوب 28 الحوکمة البیئیة والاجتماعیة والمؤسسیة للتمویل المستدام التمویل المستدام السندات الخضراء الحیاد المناخی الصکوک الخضراء الصدیقة للبیئة التغیر المناخی مؤتمر الأطراف الأمم المتحدة دولة الإمارات من المبادرات العام الجاری حلول التمویل ملیار دولار حلول مبتکرة ملیار درهم ناسداک دبی فی مجال من خلال فی عام
إقرأ أيضاً:
برنامج الأغذية العالمي يؤكد حاجته إلى 16.9 مليار دولار لإطعام 123 مليون شخص خلال 2025
أكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه بحاجة إلى تمويل قدره قرابة 16.9 مليار دولار لمعالجة أزمة الجوع العالمية المتصاعدة.
وذكر برنامج الأغذية العالمي أن التمويل البالغ 16.9 مليار دولار من شأنه أن يسمح للمنظمة بإطعام 123 مليون شخص من أكثر الناس جوعًا على مستوى العالم في عام 2025.
وبحسب تقرير برنامج الأغذية العالمي، فإن 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، مع تسجيل جوع كارثي في مناطق مثل غزة والسودان وجنوب السودان وهايتي ومالي.
وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين: “تتزايد الاحتياجات الإنسانية العالمية بسبب الصراعات المدمرة، والكوارث المناخية الأكثر تكرارًا، والاضطرابات الاقتصادية واسعة النطاق”.