كيف تؤثر الحرب بين إسرائيل وحماس على الاقتصاد الهندي؟
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقاء مع الرئيس الأمريكي جو بايدن
قلق كبير في الهند بشأن التأثير المحتمل للحرب بين إسرائيل وحماس على أسعار النفط. الهند هي ثالث أكبر مستهلك ومستورد للنفط في العالم، وجزء كبير من الواردات الهندية من النفط لا تزال تأتي من الشرق الأوسط، رغم أن البلاد رفعت إمداداتها النفطية من روسيا منذ غزو أوكرانيا في عام 2022.
بلغت واردات النفط الهندية من الشرق الأوسط حوالي 44 في المئةن في الفترة بين أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول 2023، وفقًا لأرقام الصناعة التي نشرتها وكالة رويترز للأنباء. ومؤخراً، أكدت بيانات البنك الدولي المتعلقة بالتنمية في الهند أن معدل النمو في البلد يمكن أن يصل في السنة المالية 2023-2024 إلى 6.3 بالمئة، وهو رقم يبقى أقل من توقعات سابقة.
يشعر الخبراء في الهند بالقلق من أن الصراع المستمر في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى هزات في الاقتصاد الهندي، مع استمرار ارتفاع أسعار النفط، مما قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد وزيادة أسعار السلع والمواد الغذائية.
تأثيرات محتملة على أسعار السلع
ورغم أن تقرير البنك الدولي الأخير المتعلق بأسعار السلع الأساسية في الهند قد أبرز أن التأثيرات الاقتصادية العالمية للحرب بين إسرائيل وحماس ستكون "محدودة إذا لم يتسع الصراع" (أي إذا لم تتدخل فيه قوى إقليمية وعالمية)، فإن التوقعات المتعلقة بأسعار السلع الأساسية ليست إيجابية.
بل إن التوقعات قد "تصبح قاتمة بسرعة إذا تصاعد الصراع" حسب المصدر ذاته الذي يؤكد أن "أسعار النفط الإجمالية ارتفعت بنحو ستة بالمئة منذ بداية الصراع".
الشهر الماضي، حذرت وكالة الطاقة الدولية (IEA) بدورها من أن الأسواق "لا تزال في حالة تأهب مع استمرار الأزمة". وذكرت أن "إن الصراع في الشرق الأوسط يشهد حالة من عدم اليقين، وأن الأحداث تتطور بسرعة".
وتابعت الوكالة أنه "عكس توقعاتها بتوازن في أسواق النفط لبعض الوقت، سيظل المجتمع الدولي مركزاً على المخاطر التي تهدد تدفقات النفط في المنطقة".
خطر على الدول النامية
تقرير البنك الدولي من جهته يرى أنه في حالة تصاعد النزاع في الشرق الأوسط، ستحتاج الدول النامية إلى "اتخاذ خطوات لإدارة زيادة محتملة في معدلات التضخم"، ومن ذلك وضع تدابير لضمان الأمن الغذائي.
ويؤكد التقريركذلك أنه "نظراً للخطر المحتمل لانعدام كبير للأمن الغذائي، يتعين على الحكومات تجنب وضع قيود تجارية، كحظر تصدير المواد الغذائية والأسمدة"، وذلك لأن الإجراءات "غالبًا ما تؤدي إلى تعاظم تقلبات الأسعار ورفع خطر انعدام الأمن الغذائي".
ويقدر البنك المركزي للهند (RBI) أن "قفزة بنسبة 10% في أسعار النفط يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع التضخم بنحو 30 نقطة أساس ما سيؤثر على النمو بنحو 15 نقطة أساس". وفي رأي الخبيرالاقتصادي أرون كومار، فإن إمدادات النفط الهندية قد تكون في خطر إذا امتدت الحرب بين إسرائيل وحماس.
ويقول لـDW "التوترات ستتفاقم عالميا، وقد يكون هناك مزيد من اختناقات الإمدادات في مواد أخرى وليس فقط ما يخصّ النفط الخام". ويضيف: "إذا وقع ذلك، سوف يتأثر الاقتصاد الهندي سلباً أيضاً، ويمكن أن تنخفض الصادرات بشكل أكبر، بينما قد ترتفع الأسعار وقد تضعف الروبية الهندية مع تدهور وضع ميزان الأداءات وانخفاض احتياطي العملات الأجنبية".
النمو الهندي على كف عفريت
ورغم أن التضخم الأساسي في الهند بقي تحت السيطرة عند 4.6 في المئة، في شهر سبتمبر/أيلول، إلا أن أسعار النفط المتقلبة يمكن أن تؤثر على تقديرات التضخم والنمو.
وتقول ليكها شاكرابورتي، الأستاذة في المعهد الوطني للمالية العامة والسياسة، إن ارتفاع أسعار النفط قد يؤدي إلى تفاقم التضخم، ويؤثر كذلك على عجز الحساب الجاري في الهند، حيث تتجاوز قيمة السلع والخدمات المستوردة قيمة الصادرات.
مختارات الفضاء السيبراني ـ ساحة معركة أخرى بين إسرائيل وحماس مثير للجدل.. ما موقف روسيا من الحرب بين إسرائيل وحماس؟هجمات معادية للسامية في داغستان واستقبال كبار مسؤولي حماس في موسكو، أما بوتين فيلوم الغرب ويحمله مسؤولية التصعيد في منطقة الشرق الأوسط. إنه موقف مثير للجدل، فكيف يمكن تفسيره يا تُرى؟
ما مدى تأثير الحرب بين حماس وإسرائيل على رؤية السعودية 2030؟رغم استمرار الحرب بين حماس وإسرائيل، مضت السعودية قدما في تنظيم منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار" الذي يطلق عليه اسم "دافوس في الصحراء". إلى أي حد يمكن أن يعرقل الصراع خطط السعودية الطموحة؟
وفي الوقت الحالي، من المتوقع أن تستوعب شركات تسويق النفط التابعة للدولة التكاليف المرتفعة، حتى في الوقت الذي تواجه فيه خسائر محتملة في بيع الوقود.
وفي سياق آخر، تتطلع الهند إلى الحصول على تدفقات نفطية من دول أخرى كغيانا وكندا والغابون والبرازيل وكولومبيا. وزادت كذلك واراداتها من النفط من روسيا بشكل كبير رغم أن هذه الأخيرة تعاني من عقوبات.
وحالياً يشكل النفط الروسي ما يقارب 35 في المئة من واردات الهند النفطية، يليه النفط العراقي بنسبة 21 في المئة، ثم السعودي بنسبة 18%.
"لا يزال يتعين علينا رؤية التداعيات طويلة المدى. ومن الواضح أن أي اضطرابات أو تقلبات محتملة في العرض ستؤثر على قطاع الطاقة في الهند"، يقول سانجاي جاين.
ويستدرك الباحث في الاقتصاد بجامعة أكسفورد، قائلا لـ DW إن "عامل الخطر الأكبر قد تكون المخاطر السياسية، وأن الحكومة ستحتاج إلى تحقيق توازن دقيق".
مورالي كريشنان/ ويسلي ران/ع.ا
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الحرب بين إسرائيل وحماس حماس إسرائيل الحرب حماس إسرائيل حركة حماس حركة إسرائيل الهند الاقتصاد الهندي اقتصاد الهند الهند روسيا الحرب بين إسرائيل وحماس حماس إسرائيل الحرب حماس إسرائيل حركة حماس حركة إسرائيل الهند الاقتصاد الهندي اقتصاد الهند الهند روسيا بین إسرائیل وحماس الشرق الأوسط أسعار النفط أسعار السلع الحرب بین فی الهند یمکن أن
إقرأ أيضاً:
عن التطبيع وصفقة القرن.. سياسة ترامب في الشرق الأوسط
حرب غزة والعمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان، والملف الإيراني. ملفات عدة ستكون على أجندة السياسة الخارجية لدونالد ترامب بعد إعادة انتخابه رئيسا.
واتفق المحللان السياسيان، أحمد السيد أحمد، وحسين هريدي، في تصريحات لموقع الحرة، على أن إعادة انتخب ترامب لولاية رئاسية ثانية ستكون لها تداعيات هامة على الشرق الأوسط.
ويوضح أحمد أن ترامب كان قد أشار خلال حملته الانتخابية إلى فكرة "السلام من خلال القوة" ووعد العرب والمسلمين بوقف الحرب إذا عاد إلى البيت الأبيض.
ويعتقد أحمد أن سلف ترامب، الرئيس الديمقراطي جو بايدن، لم يكن مؤثرا بما يكفي في مواجهة رئيس الوزراء الإسرائيلي، فيم يتعلق بالضغط عليه من أجل وقف الحرب في غزة، بينما سيكون ترامب أكثر تأثيرا عليه، وقد يستجب لمطالباته.
ويشير المحلل أيضا إلى أن ترامب رجل أعمال يولي أهمية كبيرة لتعزيز الوضع الاقتصادي وفرص العمل من خلال الاستقرار في الشرق الأوسط وتعزيز التعاون في المنطقة، خاصة مع الدول الخليجية، ويؤمن بأنه لا يمكن إحداث التنمية وتطوير العلاقات وسط هذه الحروب لذلك "من المهم تبريد مستوى السخونة في غزة ولبنان".
ويتفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، على أن ترامب سيكون قادرا على جعل نتانياهو أكثر تعاونا مع الولايات التحدة من أجل وقف الحرب على غزة ولبنان.
في الداخل والخارج.. ماذا يتوقعون من ترامب؟ قدم دونالد ترامب وعودا كبيرة خلال حملته الانتخابية فيما يتعلق بسياسته الخارجية إذا عاد إلى البيت الأبيض، والآن، أكدت النتائج فوزه بعدد كاف من أصوات مندوبي المجمع الانتخابي ليصبح رئيسا، فما هي أهم أوجه سياسته الخارجية وماذا يتوقع منه العالم؟ويشير هريدي إلى أن نتانياهو كان يراهن دائما على احتمالات عودة ترامب للبيت الأبيض، وهو أيضا الحال في مصر، حيث تشير رسالة تهنئة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بعودة ترامب إلى "فرحة كبيرة" وهو ما يعطي فرصة لترامب لدفع نتانياهو ليكون أكثر مرونة إزاء مسألة وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط.
وكان الرئيس المصري أول من قدم التهنئة لترامب بين القادة العرب. وعبّر السيسي في منشور على صفحته الرسمية على فيسبوك عن تطلعه "لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما".
وأكد السيسي أنه لطالما قدم البلدان "نموذجا للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة للبلدين، وهو ما نتطلع إلى مواصلته في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم".
ويرى هريدي أن عودة ترامب قد تدفع إلى إنهاء الحرب ليس فقط في غزة بل أيضا في أوكرانيا، وهو ما قد يجعل القادة الأوكرانيين الذين يعتمدون على دعم أميركي غير محدود يعيدون حسابتهم. وهو الأمر ذاته الذي قد ينطبق على نتانياهو الذي سوف يعمل على إنهاء الحرب.
ويوضح هريدي أن الاهتمام والحرص الواضح لترامب على علاقته بدول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن يستخدمه للضغط على نتانياهو، والضغط هنا ليس المقصود منه "وقف مساعدات أو توبيخ علني لكن مقايضة" أي يدفع نتانياهو للقيام بإجراءات معينة مقايل ضمانات أميركية له بتطبيع سعودي، ويعتقد هريدي أن نتانياهو سيكون منفتحا على الاستماع لترامب في هذا الشأن.
ويعتقد هريدي أن العقبة الكبرى ستكون ما يسمى "صفقة القرن"، وهي تصور مفترض للسلام في الشرق الأوسط طرح خلال فترة ترامب الأولى.
وكان ترامب، الرئيس الأميركي حينها، قد وصف الخطة، التي كان يديرها صهره، جاريد كوشنر ومستشاره في البيت الأبيض حينها، بأنها "صفقة القرن".
ورغم عدم الكشف عن الإطار العام للخطة على وجه الدقة، فإن بعض التقارير أشارت إلى إلغاء فكرة حل الدولتين التي كانت تمثل الصيغة الأميركية والدولية المقبولة لإقامة دولة مستقلة للفلسطينيين إلى جانب إسرائيل في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.
واقترحت الخطة عاصمة الدولة الفلسطينية، في "أجزاء من القدس الشرقية"، وأن تكون أراضيها متّصلة بفضل شبكة نقل "حديثة وفعالة"، بما في ذلك قطار فائق السرعة يربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويعتقد هريدي أن ترامب سيمضي قدما في اتفاقات إبراهيم "لكن لا يعرف مصير صفقة القرن. هل سيعيد إحياءها؟ هل يعدلها؟ أم يطرح خطة جديدة؟".
ويتوقع أحمد أيضا تقاربا بين ترامب والدول العربية مثلما حدث خلال الولاية الأولى و"إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة لتحقيق مقاربته للتطبيع والتعاون وتعزيز الاقتصاد وفرص العمل بين الدول".
ويرى كذلك أن صفقة القرن "ولدت ميتة لأنها لم تستند على أسس قوي، وتجاهلت حقوق الشعب الفسلطيني وألغت حل الدولتين" وهو الحل الوحيد الذي يرى أن دول المنطقة ستقبل به.
وبالنسة للملف الإيراني، يعتقد أحمد أنه سوف يمارس سياسة الضغوط على إيران، مشيرا إلى أنه يعتقد أن بايدن وإيران المسؤولان عن استمرار الحرب، لأن إدارة بايدن أفرجت عن الأموال التي ساعدت النظام الإيراني على تمويل الجمعات المسلحة، والتي ساعدت حماس في إطلاق هجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل.
أما عن العلاقات مع مصر، فيقول إنها "استراتيجية ولا تتأثر بتغير الرئيس الأميركي، لكنها ستكون أكثر دفئنا بعدما كانت فاترة في عهد بايدن".
ويضيف: "ستكون العلاقة دافئة على مستوى الخطاب السياسي، لكن الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية لا تتغير كثيرا بتغير الرؤساء".
ويعتقد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، هريدي، أن العلاقات مع مصر "ستعود إلى طبيعتها: علاقات بين دولتين قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة التي كانت في عهود سابقة".
ويشير إلى أنه منذ عام 2014 (منذ تولي السيسي السلطة) كانت العلاقات متوترة، ولولا حرب غزة وجهود الوساطة المصرية لكانت استمرت حالة الجمود.
ويعتقد هريدي أن فوز ترامب "سيضع نهاية لحقبة أوباما في السياسة الأميركية التي بدأت منذ خطابه الشهير في 2009 أمام جامعة القاهرة، التي ربطت قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان بعلاقات واشنطن مع دول بعينها.
ويرى أن سياسية أوباما "أضرت بفرص ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان" في العالم العربي وكان الأفضل فتح فرص النمو الاقتصدي أمام هذه الدول، وهو كان سيجبر هذه المجتمعات على الانفتاح سياسيا بطبيعة الحال".