الدبلوماسية العمانية و"طوفان الأقصى"
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
ناصر بن حمد العبري
منذ بزوغ عصر النهضة المباركة في سلطنة عمان بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد- رحمة الله عليه- والدبلوماسية العُمانية تخطو خطوات سديدة، وكم من قضايا عالمية وعربية جرى حلحلتها بمسار هادئ في مسقط وبشهادة العالم.
وفي عصر النهضة المتجددة بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وعُمان تمضي في دبلوماسيتها الإيجابية ترجمة للرؤية السامية، التي تتولى تنفيذها وزارة الخارجية.
ومن بين هذه الانتهاكات الصارخة الحرب على غزة تأتي قضية المسجد الأقصى المبارك؛ ثالث أقدس المساجد في الإسلام، وهو محط اهتمام العالم الإسلامي والعربي بشكل عام.
ومنذ فترة طويلة، تتعرض القدس والمسجد الأقصى لانتهاكات متكررة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى لتهويد المدينة وتغيير هويتها العربية والإسلامية. وفي هذا السياق، تأتي الدبلوماسية العمانية لتلعب دورًا فعالًا في دعم القضية الفلسطينية وحماية المسجد الأقصى المبارك. فعلى مدار السنوات العديدة، قامت السلطنة بتبني مواقف قوية تدين الانتهاكات الإسرائيلية وتدعو إلى وقفها فورًا.
ومن أبرز الجهود الدبلوماسية العمانية في هذا الصدد، مشاركة السلطنة في القمم العربية العادية والطارئة وإصدار بيانات قوية تدين الانتهاكات الإسرائيلية وتؤكد حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. كما قامت السلطنة بتنظيم العديد من الفعاليات والمؤتمرات الدولية لدعم القضية الفلسطينية، وتوعية العالم بأهمية المسجد الأقصى المبارك.
وتتجلى الجهود الدبلوماسية العمانية في هذا الصدد من خلال مواقفها الثابتة في المحافل الدولية؛ حيث تدين الانتهاكات الإسرائيلية وتدعو إلى وقفها فورًا. وقد أعربت السلطنة عن دعمها الكامل للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشرقية. وتأتي هذه الجهود الدبلوماسية العمانية في إطار التزامها بقيم العدل والسلام وحقوق الإنسان، وتعكس رؤية جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم في تعزيز العلاقات الدولية والتعاون الثنائي والمتعدد الأطراف.
ومن المهم أن نذكر أن الدبلوماسية العمانية ليست مقتصرة على القضية الفلسطينية فحسب، بل تمتد إلى العديد من القضايا الدولية والعربية، وهنا نُشير إلى جهود معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية تجاه القضية الفلسطينية، خاصة منذ بدء معركة طوفان الأقصى، حيث يقوم بحراك مكوكي لتنسيق المواقف العربية والإسلامية والبحث عن مخرج للعدوان الغاشم الذي تشنه إسرائيل. وتأتي هذه الجهود في إطار الدور الريادي للسلطنة في تعزيز السلم والاستقرار في المنطقة وحماية حقوق الشعوب والمساهمة في حل النزاعات الدولية بطرق سلمية ودبلوماسية. وقد تم تكريم السلطنة على مستوى العالم لجهودها الدبلوماسية، حيث حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات من منظمات دولية وإقليمية.
إن الدبلوماسية العمانية تمثل نموذجًا يُحتذى به في التعامل مع القضايا الدولية الحساسة والمعقدة، وتؤكد على أهمية الحوار والتفاهم والتعاون في حل النزاعات وتحقيق السلام والاستقرار. وتعكس هذه الجهود الرؤية الحكيمة لمولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في تحقيق التنمية والازدهار والعدالة الاجتماعية والسلام العالمي.
وفي ظل الظروف الراهنة وتصاعد التوترات في المنطقة، فإن الدبلوماسية العمانية تظل ملتزمة بمبادئها وقيمها وتواصل جهودها لدعم القضية الفلسطينية وحماية المسجد الأقصى المبارك، وتعزيز السلم والاستقرار في المنطقة بشكل عام، ونحن على ثقة بأن الجهود الدبلوماسية العمانية ستستمر في تحقيق نتائج إيجابية وتعزيز العلاقات الدولية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"طوفان الأقصى" تعصف باستقرار المستوطنين وتدفعهم للهجرة
الضفة الغربية - خاص صفا
عقب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، دخلت "إسرائيل" منعطفاً لم تسلكه منذ عام 1948، وباتت الدولة التي كان يروج ساستها أنها المكان الأكثر أماناً، تحت نار صواريخ المقاومة وضغط الحرب.
وأفادت تقارير بمغادرة نحو نصف مليون "إسرائيلي" بعد بدء الحرب على قطاع غزة، وتجاوز عدد "الإسرائيليين" الذين قرروا العيش خارج حدود دولة الاحتلال أعداد العائدين بنسبة 44%.
وأظهرت البيانات انخفاضاً بنسبة 7% في عدد العائدين إلى "إسرائيل" بعد العيش في الخارج، حيث عاد 11 ألفاً و300 إسرائيلي فقط خلال عام 2023، مقارنة بمتوسط 12 ألفاً و214 في العقد الماضي.
وتتصاعد الهجرة العكسية في "إسرائيل" لأسباب أمنية واقتصادية، ما يضع الاحتلال أمام انعطافة ديموغرافية تهدد مستقل الدولة اليهودية.
وأفاد المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، بأن اتجاهات الهجرة بدأت ترتفع مع وجود حكومة اليمين ومحاولات تغيير النظام السياسي "الإسرائيلي" من خلال مشروع الانقلاب القضائي.
وقال في حديثه لوكالة "صفا"، إن ارتفاع مؤشرات الهجرة بشكل ملحوظ بعد طوفان الأقصى، يأتي بسبب زعزعت فكرة الوطن القومي الآمن لليهود، التي كان يروج لها الاحتلال على مدار عقود لاستقطاب يهود العالم.
أن صواريخ ومسيرات المقاومة وصلت كافة الأراضي المحتلة، وخلقت واقعاً يتنافى مع العقيدة الأمنية للاحتلال، التي ترتكز على تحقيق الأمن والاستقرار للمستوطنين.
وأشار أبو غوش إلى أن الأزمة الاقتصادية والخسائر التي يتكبدها الاحتلال في انفاقه على الحرب، والضغط على جنود الاحتياط واستمرار خدمتهم لفترات طويلة، فضلاً عن تغلغل اليمين المتطرف في مفاصل الحكومة، عوامل ساهمت مجتمعة في تشجيع الهجرة العكسية لليهود.
وبيّن أن الهجرة الداخلية من القدس إلى تل أبيب، كانت دائماً موجودة من قبل الفئات الليبرالية بسبب القيود التي يفرضها اليهود المتدينين "الحريديم" على الحياة اليومية.
وتتركز الهجرة في أوساط الليبراليين العلمانيين، والمهنيين الذين يديرون عجلة اقتصاد الاحتلال، بحسب أبو غوش، مرجحاً الأسباب إلى اتساع سيطرة اليمين المتطرف على الحكومة، وكلفة الحرب وتبيعاتها الاقتصادية التي يدفع فاتورتها المستوطنين.
وأكد على أن الهجرة العكسية هي الكابوس الأكبر الذي من شأنه أن ينهي حلم الدولة للكيان الصهيوني، إذ تتحول "إسرائيل" تدريجياً إلى دولة متطرفة لا ديموقراطية فيها، بعدما كان نظامها الليبرالي الديموقراطي أبرز عناصر قوتها وجذبها ليهود العالم.
وأضاف "إن هيمنة اليهود المتدينين وتغلغلهم في الحكم، وهم فئة غير منتجة ومساهمتها صفرية في الاقتصاد، إلى جانب رفضها الانضمام إلى الجيش، ستحول إسرائيل إلى دولة عالم ثالث تعتمد على المساعدات".
وهدمت الحرب أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأظهرت ضعف "إسرائيل" واعتمادها التام على الدعم الأمريكي، وكشفت حقيقة الاحتلال المجرم للعالم، وفق أبو غوش، مبيّناً أن كل هذه العوامل أسقطت ثقة المستوطنين في حكومتهم ودفعتهم إلى الهجرة إلى أماكن أكثر أماناً واستقراراً.
ويتكتم الاحتلال على حقيقة الأرقام المتعلقة بالهجرة العكسية أو عودة اليهود إلى أوطانهم الحقيقية، إلا أن الأرقام التي تتضح في مفاصل أخرى للدولة مثل مؤسسات التأمين الصحي تظهر عزوفاً وتراجعاً في الرغبة بالعيش داخل "إسرائيل".
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف "إسرائيلي" هاجروا إلى كندا هذا العام، في حين حصل حوالي 8 آلاف إسرائيلي على تأشيرات عمل، وهي زيادة كبيرة عن أعداد العام الماضي، كما تقدم أكثر من 18000 "إسرائيلي" بطلب جنسية ألمانية في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.
وأفاد تقرير لـ "هآرتس" بأن من يغادرون هم رأس مال بشري نوعي، ومغادرتهم تعرض استمرار النمو الاقتصادي في "إسرائيل" للخطر، إذ بلغت الزيادة في نسبة الأثرياء الباحثين عن الهجرة نحو 250%، ليتراجع أعداد أصحاب الملايين في "إسرائيل" من 11 ألف إلى 200 مليونير فقط.