طهران- في ظل القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، جدد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي -خلال كلمته في القمة العربية الإسلامية بالرياض يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي- موقف بلاده الداعي إلى "إقامة دولة فلسطينية موحدة من البحر إلى النهر وفق مبادئ الديمقراطية"، معتبرا إياه "حلا مستديما للقضية الفلسطينية".

وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، أمس الأحد، تحفظ بلاده على بعض بنود البيان الختامي المتعلقة بحل الدولتين وخطة السلام العربية.

وأضاف أن طهران تحفظت كذلك على اعتبار منظمة التحرير الممثل الوحيد للفلسطينيين، انطلاقا من اعتقادها أن جميع الحركات الفلسطينية تمثل فلسطين ولها الحق في الدفاع عن أرضها وتقرير المصير.

كلمة رئيسي في قمة الرياض، جاءت بعد أسبوعين من اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار العربي الذي يطالب بهدنة إنسانية في غزة، حيث صوتت طهران لصالحه، ما اعتبرته بعض الأوساط السياسية في إيران "ضوءا أخضر للمضي قدما في تطبيق خيار حل الدولتين" المشار إليه في نص القرار.

ورفضت طهران حينها التنبؤات بقبولها مبدأ حل الدولتين حلا للقضية الفلسطينية، وعممت بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة بيانا أوضحت فيه أنه رغم تحفظاتها على "بعض فقرات القرار العربي التي تتناقض وسياسات إيران المبدئية والحاسمة تجاه فلسطين"، إلا أنها تعتبر أي تصويت سلبي على القرار "بمثابة اللعب في ملعب الكيان الصهيوني وداعميه".

مصلحة فلسطينية

وكشف السفير الإيراني الأسبق في الأردن نصرت الله تاجيك، أن الجمهورية الإسلامية سبق أن صوتت مرارا لصالح بعض القرارات الأممية وغيرها من البيانات الختامية للمؤتمرات الدولية وفقا لما تراه يصب في صالح الشعب الفلسطيني، لكنها تبدي تحفظها علنا وتجدد رؤيتها تجاه الحل الأمثل في الأراضي الفلسطينية، حسب قوله.

تاجيك: الاحتلال الإسرائيلي هو العقبة الرئيسية أمام حل الدولتين (الصحافة الإيرانية)

 

وقال تاجيك -للجزيرة نت- إن طهران ترى في "إجراء استفتاء ديمقراطي لجميع السكان الأصليين في الأراضي الفلسطينية بمن فيهم المسلمون والمسيحيون واليهود" حلا للقضية الفلسطينية، مؤكدا أن الاحتلال الإسرائيلي هو العقبة الرئيسية أمام حل الدولتين.

وتقوم رؤية حل الدولتين على إقامة دولة فلسطينية -إلى جانب أخرى إسرائيلية- ضمن الحدود التي رسمت في أعقاب حرب 1967، التي تضم الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.

ورأى تاجيك أن القضية الفلسطينية بلغت تعقيدا منقطع النظير، وأن إجراء استفتاء عام أو رؤية حل الدولتين قد لا يكونان حلا مثاليا، إلا إذا تمكن أحدهما أو أي مبادرة أخری من ضمان حقوق أصحاب الأرض لا سيما حق العودة.

وخلص الدبلوماسي الإيراني السابق إلى أن رؤية بلاده تتناسب وحق تقرير المصير كونه حقا أصيلا يضمن للشعوب نوعية الحكم الذي تريده والاندماج مع وحدة سياسية مجاورة أو الانفصال عنها، مشيرا إلى أن القوانين الدولية تقر بحق حركات التحرر في نضالها للتحرر من قبضة الاستعمار.

زيبا كلام تساءل عن الجهة التي خوّلت طهران لتكون "كاثوليكية أكثر من البابا" في القضية الفلسطينية (الصحافة الإيرانية) انتقادات

في المقابل، ترى شريحة من الإيرانيين في إصرار بلادهم على إجراء استفتاء عام في الأراضي الفلسطينية وتحفظها الدائم على حل الدولتين تدخلا في شؤون الآخرين، إذ تساءل أستاذ العلوم السياسية صادق زيبا كلام عن الجهة التي خوّلت طهران لتكون "كاثوليكية أكثر من البابا" في القضية الفلسطينية.

وفي مناظرة نظمتها منصة "آزاد" التابعة لجامعة شريف الصناعية بين الكاتب المحافظ كوروس علياني والأكاديمي الإصلاحي زيبا كلام، انتقد الأخير سياسات بلاده تجاه القضية الفلسطينية، وطالب بتوضيح عما إذا كانت هناك جهة قلدت طهران مسؤولية القضاء على إسرائيل.

ورأى كلام أن "مبدأ حل الدولتين الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 حلا مناسبا للقضية الفلسطينية".

ونقل عن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية السابق صائب عريقات الذي حمّله رسالة شفوية إلى الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، وطالبه ببذل مساعيه لتثبيت اسم فلسطين على خارطة العالم "بدلا من المحاولات الرامية إلى إزالة إسرائيل من الخارطة".

في المقابل، رأى الكاتب كوروس علياني أن مبدأ حل الدولتين مجحف بحق الفلسطينيين ولا ينصفهم في توزيع السلطة ومؤسساتها، مؤكدا أنه كان الأحرى بزميله زيبا كلام أن يتساءل عن الجهة التي خوّلت إسرائيل تقويض إيران والقيام بعمليات إرهابية داخل أراضيها.

قاسم محب علي اعتبر أن إجراء الاستفتاء لم يعد خيارا عمليا للقضية الفلسطينية (الصحافة الإيرانية) خيار الاستفتاء

ونقلت صحيفة "ستارة صبح" عن المدير العام السابق لدائرة شؤون الشرق الأوسط قاسم محب علي، قوله إن موقف الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية واضح يتبنى حل الدولتين على حدود 1967 بينما تتبنى طهران موقفا مختلفا.

كما نقلت عنه أنه يستبعد أن تحظى خارطة الطريق الإيرانية بترحيب الدول الأخرى، ذلك بأن إجراء الاستفتاء "لم يعد خيارا عمليا للقضية الفلسطينية".

من جانبها، أعادت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية نشر كلمة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الشهر الماضي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة التي قال فيها إن بلاده تدعم التنفيذ الكامل لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم وعاصمتها القدس الشريف.

وأكد عبد اللهيان في كلمته أن فلسطين ملك لسكانها الأصليين وأن طهران ترى ضرورة إجراء استفتاء عام بالطريقة المسجلة لدى الأمم المتحدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للقضیة الفلسطینیة القضیة الفلسطینیة إجراء استفتاء حل الدولتین

إقرأ أيضاً:

هل تسعى أوروبا لتفعيل آلية الزناد مع إيران؟

طهران- على عكس الأجواء الإيجابية التي سادت مباحثات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي خلال زيارته الأخيرة إلى إيران، أصدر مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس الخميس، قرارا ينتقد رسميا طهران بسبب "عدم تعاونها بما يكفي" في برنامجها النووي.

وجاء في نص القرار أنه "من الضروري والعاجل أن تقدم إيران ردودا فنية موثوقة فيما يتعلق بوجود آثار غير مفسرة لليورانيوم في موقعين غير معلنين قرب طهران، هما تورقوز آباد وورامين".

ورغم مساعي الخارجية الإيرانية الحثيثة لتجنب الانتقاد في اجتماع مجلس المحافظين عبر مباحثاتها مع الوكالة الذرية والترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والدول الأعضاء الأخرى في المجلس، لكن مشروع القرار الأوروبي حظي بتأييد 19 دولة من أصل 35، في حين عارضته روسيا والصين وبوركينا فاسو، وامتنعت الدول الـ12 الباقية عن التصويت.

في المقابل، ردت طهران بتشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة ومتطورة، وذلك تنفيذا لتهديدها بالرد "وفق ما يقتضيه الوضع وعلى نحو مناسب في حال تجاهل الجانب الغربي حسن نية إيران".

العصا والجزرة

وقد يفسر ما ورد في أحد التقريرين السريين اللذين قدمتهما الوكالة الذرية المقصود الإيراني بـ"حسن النية"، إذ ذكرت وكالة "رويترز" أن طهران عرضت عدم زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء تصل إلى 60%، وقد بدأت بتنفيذ التدابير التحضيرية لذلك.

كما كشف مصدر إيراني مطلع، للجزيرة نت، أن بلاده قطعت تعهدا بالتعاون بقدر أكبر مع الوكالة، ومنها السماح بتفقد عدد من المنشآت النووية التي ترغب بتفقدها، مقابل تخلي القوى الغربية عن مساعيها لإصدار قرار ضد الجمهورية الإسلامية.

وترى الباحثة السياسية برستو بهرامي راد أن المساعي الإيرانية لمنع الجانب الأوروبي من إصدار القرار جاءت متأخرة، وأن إدانة بلادها كانت متوقعة في ظل الفتور الذي خيّم على علاقات طهران مع العواصم الأوروبية خلال السنوات الثلاث الماضية، وأن الجانب الغربي لم يعر سياسة الترغيب والتهديد الإيرانية اهتماما، لأنه كان قد قرر مسبقا استغلال فرصة اجتماع مجلس المحافظين لترجمة التدهور الطارئ على علاقاته معها.

واعتبرت، في حديثها للجزيرة نت، أن رد إيران الفوري بتشغيل أجهزة طرد مركزي متطورة وتأكيدها عزمها مواصلة تعاونها الفني مع الوكالة الذرية مؤشر على استمرار سياسة العصا والجزرة خلال الفترة المقبلة، وأنه لا تغيير في توجّه حكومة الرئيس مسعود بزشكيان الرامي إلى إبقاء باب التفاوض مفتوحا لحلحلة القضايا الشائكة حتى قبيل الاجتماع المقبل للمجلس.

وحسب بهرامي راد، تمر علاقات بلادها مع العواصم الأوروبية بأحلك مراحلها، وتوقعت استمرار التوتر بينهما خلال العام المقبل وصولا إلى تفعيل آلية الزناد، إيمانا من الجانب الغربي بجدوى سياسة أقسى الضغوط الأميركية على إيران واستنزاف طاقاتها.

ويبدو أن الجانب الأوروبي يعمل من أجل الاحتفاظ بملف طهران النووي بحوزته مع عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ومن المتوقع أن يزداد الشرخ بينهما خلال الفترة المقبلة، كما تقول. وتتوقع أن تبذل الحكومة الإيرانية جهودا أكبر للتعاون خلال الأشهر القليلة المقبلة مع الوكالة الذرية، لكنها استبعدت خروج اجتماع المجلس المقبل بنتيجة مرضية للجانبين الإيراني والأوروبي.

سيناريوهات محتملة

وعلّق النائب في هيئة رئاسة البرلمان الإيراني بدورته السابقة، سيد نظام الدين موسوي، على قرار مجلس المحافظين، وكتب على منصة إكس "يبدو أنه من المقرر العودة مجددا إلى الدوامة الباطلة المتمثلة في إصدار الوكالة قرارا ضد إيران وتراجع الأخيرة. لا ينبغي تكرار تلك التجربة المريرة خالية النتائج. الخيار الصائب ليس سوى الرد بخطوة مماثلة مقابل أي خطوة يتخذونها إلى الأمام".

من ناحيته، يرى أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الملف النووي الإيراني محسن جليلوند أن القرار الأخير يضع طهران أمام طيف من الخيارات والسيناريوهات، بدءا من أقصى حد للاستسلام حتى أقصى حد للتمرد، مستدركا أن المجال ما زال مفتوحا أمام إيران حتى الربيع المقبل، حيث ستقدم الوكالة الذرية تقريرا كاملا عن برنامجها النووي.

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد جليلوند أن الجانب الغربي يتحرك وفق خارطة طريق تبدو شبه محكمة لتفعيل آلية الزناد حتى قبل 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، وهو "يوم النهاية في الاتفاق النووي المبرم عام 2015″، معتبرا أن "أحلى الخيارات المطروحة أمام طهران مر".

ورأى أن السيناريو الأول، المفضل لدى الجانب الغربي والذي يبدو قبوله مستحيلا على الجانب الإيراني، هو النموذج الليبي بأن تقبل خلاله طهران بتفكيك برنامجها النووي أو التخلي عن قدراتها النووية وفقا للإملاءات الغربية، وقد تناهز احتمالات تطبيقه الصفر بالمائة.

أما السيناريو الثاني والأكثر احتمالية وفق جليلوند، فهو تزايد التوتر بين إيران من جهة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية والترويكا الأوروبية بدعم الولايات المتحدة من جهة أخرى، وتفعيل آلية الزناد وعودة العقوبات الأممية قبيل يوم النهاية في الاتفاق النووي.

لغة القوة

ويصف الباحث جليلوند السيناريو الثالث لمستقبل برنامج بلاده النووي بـ"نموذج كوريا الشمالية"، انطلاقا من سياسة أقصى التمرد، موضحا أنه ثمة شريحة في بلاده تعتقد أن الجانب الغربي لا يفهم سوى لغة القوة، وأن صناعة القنبلة النووية وإعلانها رسميا كفيلة بوضع حد للضغوط الغربية وكبح جماح المغامرات الإسرائيلية ضد المنشآت النووية في إيران.

وكانت أوساط إيرانية قد هددت بذلك خلال الفترة الماضية، ويؤكد المتحدث نفسه أن طهران تمتلك بالفعل القدرات الفنية لصناعة هذه القنبلة.

وقد يكون الاستهداف الإسرائيلي، الشهر الماضي، لمجمع "بارتشين" النووي شمال شرقي طهران بمثابة إرسال رسالة حول قدرته على تكرار المغامرة وتجاوز خطوط إيران الحمراء، ولا يستبعد جليلوند استهداف جزء من برنامجها النووي خلال الفترة المقبلة، قائلا إنه من شأن هذا السيناريو أن يضرم النار في المنطقة.

وخلص إلى أن شدة عمليات "الوعد الصادق" الثالثة التي تحضر إيران لتنفيذها ردا على الهجوم الإسرائيلي الأخير قد تخرج التطورات عن مسارها الطبيعي، وقد تشهد المنطقة حربا شاملة قد تكون المنشآت الحيوية الإيرانية والإسرائيلية جزءا منها، مستدركا أن طهران تأخذ أسوأ السيناريوهات بعين الاعتبار في سياساتها، وأنه لا يمكن القضاء على برنامجها النووي بسبب الجغرافيا الواسعة لديها.

مقالات مشابهة

  • سلوفاكيا ترفض استخدام الأسلحة الأمريكية لضرب روسيا وتحذر من تصعيد دولي
  • قرار جديد يدين طهران.. وثلاث دول تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب ”فوراً”
  • هل تسعى أوروبا لتفعيل آلية الزناد مع إيران؟
  • مدير هيئة حقوق الإنسان الفلسطينية: دور مصر قوي وداعم للقضية وللشعب الفلسطيني
  • أول تحرك من إيران بعد قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية
  • هل نُزع فتيل الحرب بين إيران والاحتلال الإسرائيلي بعد الهجمات الأخيرة؟
  • التايمز: إيران "المكشوفة" تخشى الانتقام من إسرائيل
  • عاجل - مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: موقف مصر الداعم للقضية الفلسطينية يؤكد العلاقات الأخوية ودورها الريادي
  • مندوب فلسطين بالأمم المتحدة يشيد بالدور المصري الداعم للقضية الفلسطينية ودورها الريادي بالمنطقة
  • خبير سياسي: السلوك الإسرائيلي بعد «7 أكتوبر» أدى إلى وفاة منطق حل الدولتين