العوذلي ومكوع نماذج الشعر الشعبي المدافع عن فلسطين في تونس

تونس (عدن الغد) زينب علي درويش:

الأدب الشعبي ولا سيما الشعر منه ما يزال مرآة صادقة تعكس تاريخ المجتمعات، بل نتعرف من خلاله على حضارة شعب من الشعوب فهو يشكل صورة ناطقة متحركة، تعبر عن ثقافة هذه الشعوب وطموحاتها و تطلعاتها و آمالها و آلامها، و الشعر الشعبي و هو أحد فروع الأدب الشعبي لطالما شكل معلما بارزا من معالم الذاكرة الشعبية في اليمن، فكان ارتباطه وثيقا بحياة الإنسان و بيئته.

متفاعلا مع أحداث الأمة العربية وخصوصا هذه الأيام فالشعر الشعبي هو ديوان العرب، الذي مكن للثقافة العربية عموما واليمنية بصفة خاصة من أن تظل محافظة على قيمها بفضل حفاظها على موروثها الثقافي الذي يشكل ذاكرة الوعي الجمعي.

 

 وفي هذا الإطار قدم الباحث الوصابي مداخلته في الأمسية التي أقيمت مؤخرا في المدرسة السليمانية بالقرب من جامع الزيتونة المعمور وسط تونس بعنوان ( الشعبي اليمني والقضية الفلسطينية) المتفاعل مع أحداث غزة، وابتدأها بقصيدة الشاعر الشعبي الشهير علي ناصر امناصري العوذلي الذي رحل في خياله في منامه ليرى (صلاح الدين الأيوبي) ويدور بينهما حوار باسم (الحلم المباغث) وينشد الوصابي على لسان العوذلي: مع ملاحظة تسكين أواخر كل كلمة على طريق الشعر الحكمي.

 

البارحة بـ اللــيل باغتنـــي حلمٔ

من بعد ماصليت وتري والقيامْ

 

حلمت ونّي بين أمة مـــن أمــمٔ

امة عظيمة غادرت من الف عامْ

 

فيها صلاح الدين شفته منتعمْ

لابس ثياب العز في دار المقامْ

 

حيا ورحب بي ووجهه مبتسم

واول سؤاله كان عن حال الانامْ

 

قال العرب ذي سبتهم فوق القممْ

هل بالقمم باقين او تحت الركامْ ؟

 

ورآية التوحيد من فيها التزمْ

من واصل المشوار واستنهض وقامْ

 

والقدس قلّي عاد حيطانه سلمْ

عاده حرم طاهر من اولاد الحرامْ!

 

حسيت منطوقي تلعثم و اعتجمْ

ولا قدرت انطق ولا اجيد الكلامْ

 

وش من خبر باقول عن هذه الأممْ

ذي دمروا لمجاد. خلوها حطــــامْ

 

حاولت بسكت واكتم اوجاع الالمْ

لكنه اجبرني. وخذني بالكـــلامْ

 

قلت الأممْ بعدك مريضة بالجذم

من يوم منته رحت ما عدل استقامْ

 

حتى المبادئ والاواصر والقـــيمْ

واخلاقنا ضاعت وضعنا بالزحامْ

 

ذي أمس ذليته. رجع فينا حكمْ

أصبح لنا قدوة يعلمنا الســلامْ

 

نمشي على الدستور حقة ذي رسمْ

لو نختلف نرجِع اليه الاحتكامْ

 

بعنا له الكوفة ولزهر والحرمْ

والقدس سلمناه لبن العم سامْ

 

صرخ بوجهي قال ياهذا انكتمْ

كيف أصبح المهزوم يخطمهم خطامْ؟

 

والمجد ذي سوينا لهم كيف انهدمٔ؟

ليش العرب ذلوا وهم كانوا كرامْ ؟

 

معقول باعوا كل شي حتى الذممْ !

هدوا حضارة مجدها فوق الغمامْ

 

قلت العرب هدوا حضارتكم نعمْ

وارسوا حضارة غير زادوها اهتمامْ

 

صرنا الأوائل بالمعازف والنغمْ

والرقص والتمثيل سينا له نظامْ

 

خذنا الصدارة عالفرنجة والعجم

وفي عرب ايدول شلينا الوسامْ

 

وأصبح معانا ابطال قدوة تحترمْ

نفخر بهم. دايم على طول الدوامْ

 

عجرم وميادة مع نجوى كرمْ

والكوكب الشرقي مع عادل امامْ

 

وغيرهم ابطال باقي كم كم

كم بانعدد لك من الناس العظامْ

 

من أجلهم نسري ونمشي بالظلم

ونذرف الدمعات في وسط الزحامْ

 

تسبيحنا مغنى ونجــــوانا نغمْ

تسمع لها أنات في جنح الظلام

 

وانتوا بماضيكم جعلناكم عدمْ

للخلف ماننظر بننظر للامامْ

 

وإن حد رجع منكم نوجه له تهم

الجهل. والارهاب اول اتهامْ

 

والرجعية تهمة تلازمكــــم لـــزم

خليتوا المراة تغـطى بـالخيــامْ

 

واحرمتوا العشاق من هذي النعم

سويتوا حواجز عائقة لهل الغـــرام

 

قاطع حديثي قال يكفي بس قـــم

ارجع لهم واقرأ على الدنيا السلام

 

ويأتي الدكتور فضل مكوع معقبا بواقعية وجرأة اكثر بقصيدة عنوانها (لمناصري مني وسام)

أ.د. فضل مكوع

 

ياهاجسي سجل قوافي وانتظم

وابعث بها لمناصري الرمز الهمامْ

 

لما قرأتُ النظم قلبي انسجمْ

رديت بالاعجابِ على حُسِنِ الكلامْ

 

في شهدها المعسول غايات النغم

واهديت له من صرحنا العلمي وسامْ

 

شاطرته في الرأي هذا والحكمْ

نمضي بغايات التآخي والوئامْ

 

فالناصري في الكور هو راس القممْ

قمة وفي نظم القوافي هو إمامْ

 

والناس تشهد كلها انه علمْ

رجل بطل معروف في كل المهامْ

 

له جاه في الدنيا عالي الهممْ

والناصري مقدام عند الالتحامْ

 

والناس مثلك في الهموم والهممْ

من بعد ما سادت خفافيشُ الظلامْ

 

نحن ابتلينا بالمطايا والحشمْ

أدوات أمريكا المريضة بالجذامْ

 

ما هم عرب بَلْ هم عبيد للعجمْ

أدواتهم من حيث ما راحوا لئامْ

 

ونبايعُ في غزة الرمز الأهمْ

مَن كانَ رمز الشعب كما بدر التمامْ

 

محمد الضيف القيادي المحترمْ

رمز السرايا كلها بالعزمِ قامْ

 

ذي صفعوا الموساد صفعات ولطم

كم لطموهم بالايادي كم لطام

 

جنّ جنونُ الغربِ والوضع احتدمْ

لما رأوا القسام ردتهم حطامْ

 

فرسان غزة سطروا النصرُ الأهمْ

طوفان أقصى أغرق الغازي تمامْ

 

والنصرُ شعَّ في الميادينِ نَجَمْ

بالعزم والصاروخ والسيف الحسامْ

 

والعالم المقدام بالحشد عزمْ

قدْ ايّدوا كلَّ المواقف باهتمامْ

 

قد آزروا غزة وشادوا بالقيمْ

وتوحّدوا في صفِّ ثوري بانسجامْ

 

والشعبُ ايّدهم وبالباري قسمْ

تلك الملايين تجول بانتظام

 

في سبعة أكتوبر سجّلْ يا قلمْ

تلك البطولاتُ الكبيرة والمهامْ

 

ما سطروهُ ماظهر منذُ القدمْ

لا ابداً ما كانَ منذُ ألف عامْ

 

ما مرّ مثله يوم في كلِّ الأممْ

ولا رأينا مثلهُ عالي المقامْ

 

وامناصري في هاجسه هذا نظمْ

تلك الدّرر في حب غزة والغرامْ

 

صاغ القوافي الزاخراتِ والحكمْ

واصبح أمير الشعر وقد صار إمامْ

 

حكامنا فكّوا المراقص والنغمْ

بل ايّدوا العدوان من دون لثامْ

 

طوفاننا ينهي حكومات العجمْ

يا ويلهمْ والويل يحطمهمْ حطامْ

 

صهيونة العصر الحديث كالجزمْ

خارت قواها يوم كان الاحتدامْ

 

موساد أمريكا بقصفه قد هدم

حتى المشافي كلها باتت د ركامْ

 

عدوانهم عدوان دولي ارّتطمْ

بالصخرة الكبرى وقد صاروا حطامْ

 

ومَنْ تبقّى قدْ تضرر وانقسمْ

مِنْ بْعْدِ كسر العظم زاد الانقسامٌ

 

غزة غذاء الروح في الخلد الأهمْ

والأرض عادتْ في صفاها والغرامْ

 

والنصر يسمو في العالي والقممْ

يبقى إلى يوم القيامة والمقامْ

 

ملاحظة الدكتور فضل مكوع له أكثر من ثلاثمئة قصيدة في فلسطين في ثلاثة عشر ديوانا ويشغل حاليا منصب عميد نقابة المعلمين في جامعة عدن بالإضافة إلى مهامه الأكاديمية المتنوعة.

المصدر: عدن الغد