جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-30@16:25:37 GMT

القتيل الذي أصبح قاتلًا

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

القتيل الذي أصبح قاتلًا

 

 

صالح الحارثي **

 

هناك نكتة سياسية تقول إنَّ جنديا مُكلّفًا بمراقبة الحظرٍ الليلي على المدينة، قتل أحد المارة، فقال له زميله الذي معه، لمَ أطلقت عليه النار ووقت الحظر لم يدخل بعد، فردَّ عليه، أعرِفُ بيت هذا الرجل جيدًا، إنِّه بعيد، ولا يمكنه الوصول إليه قبل بدء الحظر!

هذا التصرف الاستحماري الأرعن يقود إلى فكر استعماري آخر أرعن منه عبّر عنه الجندي الصهيوني العجوز عزرا ياشين، حين قال "إذا كان لديك جار عربي فلا تنتظر حتى يأتي إليك في منزلك، ادخل منزله وأطلق النار عليه حتى لو كان طفلًا لأنَّ ذلك الطفل سيكبر ويقتلك".

إنَّ أفكار حاقدة ومسمومة كهذه لا تخرج من أفواهٍ ذاقت مرارة الإبادة، ولكنها للأسف زادت على جلاديها في القتل وسفك الدماء تحرق الأخضر واليابس من أجل التوسع ولا يردعها في ذلك رادع، بل وتجد هناك مَن يؤازرها ويمدها بالمال والسلاح في تصرفٍ مريبٍ ومشكوك فيه.

ولا تخلو الخطابات الأخرى المشابهة للمسؤولين الإسرائيليين من رأس السلطة حتى أدناها من مثل هذا التصرف البربري؛ بل جاءتْ جميعها لتُعبِّر عن النية المبيّتة والخطط الممنهجة في إبادة الشعب الفلسطيني عن بكرة أبيه واحتلال أرضه دون احترام لقيمة النفس البشرية ودون حساب للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

يستشهد بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنصٍ مُحرّف من الكتاب المقدس يستخدمه الإسرائيليون لإعطاء الحق لأنفسهم في تبرير القتل، يقول النص "اذهبوا الآن واضربوا "عماليق" ودمروا كل ما لديهم ولا تعفوا عنهم بل اقتلوا الرجال والنساء والأطفال والرضع والأبقار والأغنام والجِمال والحمير"، ومثله يرى الرئيس الإسرائيلي أن المدنيين أهداف مشروعة في الحرب!

أما دان جيلرمان المندوب الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة فقد أبدى اندهاشه من الاهتمام العالمي المتصاعد تجاه الشعب الفلسطيني وهو في الواقع كما يقول اتجاهٌ يُظهره نحو هذه الحيوانات الفظيعة التي ارتكبت أسوأ الفظائع التي شهدها هذا القرن، وهو ما يتفق وتصريح يوآف جالانت وزير الدفاع الإسرائيلي الذي أمر بقطع الماء والغذاء والكهرباء عن الفلسطينيين لأنه يقاتل "حيوانات بشرية"- على حد وصفه الكريه- ويزيد عليه في ذلك الأكاديمي اليهودي مردخاي الذي يرى أن في هذا الوصف تحقيرًا للحيوانات!

ولأن حماس ليست هدفًا؛ بل وسيلة، فقد عبّر بوضوح عن هذه الغاية جيورا آيلاند الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي حين قال "إن خلق أزمة إنسانية حادة في غزة هو وسيلة ضرورية لتحقيق هذا الهدف".

أما وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو فقد ذهب إلى أبعد من ذلك عندما طالب بالقاء قنبلة نووية على الفلسطينيين، فيما يشبه الإبادة الجماعية التي تعرضت لها كل من ناجازاكي وهيروشيما اليابانيتين نتيجة القنبلة النووية التي ألقتها الولايات المتحدة الأمريكية عليهما.

وتأتي الإشارة إلى عماليق أو "Amalik" وهي دولة منافسة لإسرائيل القديمة، ضمن الكثير من التعابير والتصريحات العنيفة المحرضة على الكراهية والقتل وسفك الدماء التي وردت على لسان العديد من كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية والتي تذكرنا بحادثة المتطرف اليهودي باروخ غولدشتاين الذي قاد في العام 1994 مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل وقتل 29 فلسطينيًا كانوا يصلون قبل أن ينقض عليه آخرون فيقتلوه وأصبح قبره فيما بعد مكانا مقدسا لليمين اليهودي المتطرف.

تحتضن الولايات المتحدة الأمريكية "الراعي الرسمي للتحريض والإبادة الجماعية في غزة" في أراضيها متحف "الهولوكوست" الخاص بإحياء ذكرى ملايين اليهود وغيرهم من الضحايا الذين تعرضوا للإبادة حول العالم، ومنع حدوث الإبادات الجماعية، والتصدي للكراهية، أو ما يعرف بمعاداة السامية سواءً بالممارسات اللفظية أو المادية الموجهة ضد اليهود أو غير اليهود.

وحيث إنَّ من مُسلّمات التصدي للإبادة هو منع الأفعال والأقوال المؤدية إليها، ومن باب المسؤولية الدولية، فقد كان الأولى بالولايات المتحدة وحلفائها أن لا ينجروا إلى هذه الحرب الملعونة لكن هذا ما لم تفعله واشنطن بل وللأسف الشديد أصبحت هي أحد أطرافها الرئيسيين بالتصريح والتسليح والتلويح بالحرب ضد أي تدخلات خارجية تحاول أن تردع إسرائيل.

إن تصريحات كهذه كان يجب أن لا تخرج من مسؤولين يرون في السلام طريقا وخيارًا استراتيجيا، كما يجب أن لا تمر أقوال المسؤولين الإسرائيليين وأفعالهم مرور الكرام على ضمير العالم وإنسانيته الحيَّة.

أخيرًا.. وكما نجحت رواندا في استصدار قرار أممي يخلد ذكرى المذابح الأليمة التي تعرضت لها عام 1993، يجب على الدول العربية كذلك أن تطالب بالشيء نفسه، ويمكن البدء بيومٍ عربيِ لتخليد ذكرى المذابح الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، إلا إذا كان هذا الأمر يحتاج أيضاً إلى أخذ موافقة البيت الأبيض!

** سفير سابق

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الوزير صباغ: استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية منذ 1967 بما فيها الجولان السوري وارتكابه جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب لا يزال شاهداً ماثلاً على إخفاق الأمم المتحدة في إنهاء هذا الاحتلال العنصري التوسعي ويمثل دليلاً دامغاً على منع الولايات

2024-09-30hadeilسابق بزشكيان: دماء الشهيد السيد حسن نصر الله ستظل شعلة في مواجهة الظلم والجور انظر ايضاً بزشكيان: دماء الشهيد السيد حسن نصر الله ستظل شعلة في مواجهة الظلم والجور

طهران-سانا أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن دماء الشهيد السيد حسن نصر الله الأمين العام …

آخر الأخبار 2024-09-30بزشكيان: دماء الشهيد السيد حسن نصر الله ستظل شعلة في مواجهة الظلم والجور 2024-09-30توزيع بذار بطاطا وسماد على المزارعين الأشد احتياجاً في ريف درعا الغربي 2024-09-30وزير الخارجية والمغتربين بسام صباغ في بيان سورية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: تنعقد الدورة الـ 79 للجمعية والتوتر الدولي يبلغ ذروته وجهود صون السلم والأمن الدوليين تواجه تحديات وأخطاراً حقيقية فالأزمات تتوالد والنزاعات تتفاقم والفوضى تنتشر والإرهاب يتفشى والاقتصاد العالمي يتعثر ونسب الفقر تزداد 2024-09-30استشهاد عسكري لبناني جراء غارة إسرائيلية على الوزاني 2024-09-30سبل تأمين احتياجات الوافدين من لبنان خلال اجتماع بين محافظ دمشق ومسؤول أممي 2024-09-30السوداني يؤكد دعم العراق للشعب اللبناني بمواجهة العدو الإسرائيلي 2024-09-30إيران تجدد دعمها الكامل للمقاومة والشعب اللبناني في مواجهة جرائم الكيان الصهيوني 2024-09-30القوات الروسية تقضي على أكثر من 350 عسكرياً أوكرانياً في كورسك 2024-09-30ارتفاع عدد ضحايا مجزرة العدو الإسرائيلي في عين الدلب جنوب لبنان إلى 45 شهيداً 2024-09-30الشيخ قاسم: مسيرة الشهيد نصر الله مستمرة والمقاومة لن تتزحزح عن دعم غزة والدفاع عن لبنان 

مراسيم وقوانين الرئيس الأسد يصدر مرسوماً يقضي بتشكيل الوزارة الجديدة برئاسة الدكتور محمد غازي الجلالي 2024-09-23 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتسمية الدكتور فيصل المقداد نائباً لرئيس الجمهورية 2024-09-23 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً تشريعياً بعفو عام عن جرائم الفرار والجنح والمخالفات المرتكبة قبل تاريخ الـ 22 من أيلول 2024 2024-09-22الأحداث على حقيقتها استشهاد خمسة عسكريين جراء عدوان إسرائيلي استهدف موقعاً عند الحدود السورية اللبنانية 2024-09-27 عدوان إسرائيلي بالصواريخ يستهدف عدداً من المواقع العسكرية في المنطقة الوسطى 2024-09-09صور من سورية منوعات الولايات المتحدة: مصرع 63 شخصاً جراء الإعصار هيلين 2024-09-29 روسيا تختبر غواصة جديدة حاملة للصواريخ المجنحة 2024-09-27فرص عمل وزارة الخارجية تعلن أسماء المتقدمين المقبولين للاشتراك في مسابقة تعيين 25 دبلوماسياً 2024-09-18 الخارجية والمغتربين تعلن عن إجراء مسابقة لتعيين 25 عاملاً في السلك الدبلوماسي 2024-07-24الصحافة من 11 أيلول إلى 17 أيلول.. بقلم: د. بثينة شعبان 2024-09-23 مستنقع الفشل الأمريكي في أوكرانيا 2024-09-22حدث في مثل هذا اليوم 2024-09-3030 أيلول 1958 – الاتحاد السوفييتي يستأنف أبحاثه النووي 2024-09-2929 أيلول 1923 – بداية الانتداب البريطاني على فلسطين 2024-09-2828 أيلول 2000 – بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية بعد اقتحام وزير الحرب الإسرائيلي أرئيل شارون المسجد الأقصى المبارك 2024-09-27 27 أيلول 1825- أول استخدام لسكة الحديد كوسيلة نقل عام 2024-09-2626 أيلول 1580- المكتشف البريطاني السير فرانسيس دريك ينتهي من الطواف حول الكرة الأرضية 2024-09-2525 أيلول 1955- تمديد أول كابل هاتفي تحت مياه المحيط الأطلسي
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2024, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • الوزير صباغ: لا يمكن فصل جرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي وعدوانها المستمر على سورية عن الدور التخريبي الذي انتهجته بعض الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث واصلت تلك الدول انتهاك سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها عبر استمرار وجود قوات
  • الوزير صباغ: استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية منذ 1967 بما فيها الجولان السوري وارتكابه جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب لا يزال شاهداً ماثلاً على إخفاق الأمم المتحدة في إنهاء هذا الاحتلال العنصري التوسعي ويمثل دليلاً دامغاً على منع الولايات
  • الفيزازي: نصر الله قاتل المغاربة ولا يجوز الترحم عليه
  • مواطن تلقى إتّصالاً من العدوّ الإسرائيليّ... ما الذي طلبه منه؟
  • ترامب: بايدن أصبح متخلفا عقليا أما هاريس فولدت هكذا
  • سكان تلقوا إتّصالاً من العدوّ الإسرائيليّ... ما الذي طلبه منهم؟
  • صدى العدوان الإسرائيلي على لبنان: ما الذي قد يخفيه موقف اليمن؟
  • بالتفاصيل.. تعرف على تكنولوجيا القنابل الأميركية التي استخدمها “جيش” الاحتلال الإسرائيلي
  • إسرائيل تنشر صورة لهرم قيادة حزب الله الذي قضت عليه
  • ما الذي تمرد عليه الدعم السريع؟