والدة ضحية «فتاة متهورة» فى القليوبية: «دهست ابنى بسيارة دفع رباعي»
تاريخ النشر: 8th, July 2023 GMT
بعد مضى عام تقريبًا على وفاة زوجها، فقدت الابن في حادث دهس بين طاولتى بلياردو، بعد أن صدمته سيارة دفع رباعى تقودها طالبة «ثانوى».
كانت «نورا» طوال العام الماضى، تفكر في حلم ابنها «زياد»، طالب الإعدادية، ليل نهار، كثيرًا ما كانت الأم ترى هذا الطموح يفقز في عبارات الولد وكلماته «هكون لكِ العوض والسنّد»، وكثيرًا ما كان الولد يحدث أمه عن هذا الطموح أن يصبح ضابطًا أو طبيبًا وهذا يعنى الخير لأسرته كلها، فكان يضع نجاحه ضمن سُلم النجاح الجماعى لهم، وفق أمه التي كانت ترغب أن تراه شيئًا كبيرًا، وهذا الشئ الذي تتمناه له، مصدر سعادتها راح مع حادث الدهس ووفاته بعد 4 أيام من رقوده بالمستشفى.
أخبار متعلقة
قتل شقيقه وزوجته.. وأسرة الضحية: «ابنها الوحيد بقى يتيم الأم والأب» (فيديو)
تفحم سيارة ومصرع قائدها و4 آخرين في حادث بصحرواي الصف
تفاصيل جديدة عن مقتل سيدة أوسيم.. شقيقها في التحقيقات: «بتكلم طليقها في التليفون»
مكنتش مصدقة إن ده ابنى
«زياد» كان يلعب البلياردو مع أقارنه بالقرب من منزلهم بكفر شبين في القليوبية، أمه حريصة عليه تخشى خروجه لمسافات كبيرة عن أعينها، جلست على بوابة العقار تراقبه، ولاحظت سيارة «جيب» دفع رباعى «رايحة جاية»، تقودها «تسنيم» جارتهم، طالبة الثانوية العامة، بعدما ضغطت على البنزين، وحطمت البوابة الحديدية لجراج بيتهم، لتنطلق تجاه 3 طاولات، وتحطمها تمامًا.
«نورا» توجهت إلى صالة الألعاب، وتقول لنفسها: «ربنا يسترها على العيال»، ومالت برأسها أسفل الترابيزات المحطمة، وقالت، وهى تصرخ: «يا نهار أبيض، شايفة رِجْل عيل، وجسمه محشور تحت!». السيدة الثلاثينية عاونها الأهالى في رفع الأخشاب الثقيلة في صعوبة، حتى باغتها مشهد ابنها «زياد» غارقًا في دمه، لم تتخيل أنه فلذة كبدها الذي كان فاقدًا للوعى وقدمه وبطنه ممزقين.
أم «زياد» لم تعِ بعد ما حدث: «مكنتش مصدقة إن ده ابنى، بصيت عليه تانى لقيته هو يا قلبى، وجريت بيه لأقرب مستشفى»، تتحدث إلى طبيب الطوارئ عن ما تفاصيل الواقعة «الولد كان بيلعب وفى بيت مقابل لصالة البلياردو كان فيه بنت دورت عربية أبوها وداست بنزين كسرت البوابة الحديد، ودخلت على الصالة اللى هي من غير مصطبة، وابنى كان واقف بين ترابزتين، جت صدمة السيارة خبطت ترابيزة والصدمة خبطته من ظهره فتحشر ما بين الطاولتين والظاهر إنها كله جت ببطنه».
الفريق الطبى يُشخص حالة صاحب الـ14 عامًا بأن «الخبطة» دمرت الكبد، وسببت له نزيفًا داخليًّا، لذا استؤصل الطحال، والأم تذكر أنها أول ما رأت ابنها خارجًا من تحت الطاولتين قالت إنه «مات!»، و«الدكاترة قالولى لو عاش، هيبقى عاجز، مش هيقدر يتحرك تانى لأن رجله عجزت خالص».
عم وجد الطفل الضحية خلال حديثهما لـ«المصري اليوم»
جه ورانا المستشفى
الخامسة فجرًا، الأطباء يطلبون أدوية من أم «زياد»، أحضرتها، كانت تنتظر قيامه بمعجزة إلهية، وشقيقتها تطلب منها أن تصلى وتدعو له، وسُمح للأم بأن تجالس الابن، وتفضفض معه على راحتها، كما هي عادتها: «ده كان صاحبى مش ابنى، أنا كبرت معاه، ده سندى، كان ينادى عليّا بـ(يا صاحبى)، وأحيانًا باسمى»، خرجت من غرفته، بعدما حكت له معاناتها ووحدتها وكسرتها بدونه، غفلت قليلًا، وفزعت على: «شدّى حيلك يا مدام.. ربنا معاكى»، قالتها الممرضة، ومضت إلى طريقها، ووالدة الطفل تبكى: «مش قلت لكم ابنى عامل حادثة موت».
لم تكن «نورا» بحاجة لمزيد من الألم، ولم تكن بحاجة للمزيد من الدموع على الأمانى التي لم يتحقق منها شىء. في الليلة التي سبقت الحادث كان «زياد» يتمرن على السباحة، والمدرب يقول لأمه: «ده ممتاز»، والطفل يشير إلى والدته بأن أحلامه «هتتحقق خلاص»، أحست بقلبها يسقط داخلها أمام إصرار الولد على استكمال مشوار الحياة، لكنه وفق وصفها: «ده كان ابن موت، وبيحب يزور قبر أبوه، ويمشى في الجنازات، ويردد إن الميت أحَنّ عليه من الحى».
«أحلامك هي أحلامى»، لم يكن «زياد» وحيدًا في تقرير مصير هذه الأحلام، أمه كانت تريده أن يكون أفضل إنسان على وجه الأرض، ترى أنه خلاص «الباقى من حياتى كابوس» ولا تعرف كيف تحيا وابنها الثانى «سيف»- 10 سنوات- يقول لها «يا ماما ضهرى اتكسر مش لاقيه»، وترد «أخوك كان صاحبى، وسندك»، تطالب «عايزة حقه عشان أعرف أعيش، وأربى أخوه الوحيد».
والد الفتاة المتهمة، وفق عائلة المجنى عليه: «جه ورانا المستشفى، وحاول إقناعنا بالتنازل عن المحضر خوفًا على مستقبل ابنته الطالبة بالثانوية العامة»، أم الضحية يصعب عليها نفسها وهو يقول لهم إن ابنته عندها امتحانات ويطالب بمسامحتها ويخشى على مستقبلها بينما ولدها مات نتيحة إهماله إذ زعم تركه مفاتيح السيارة داخلها والابنة هي من تحركت بها من دون علمه.
المصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: حوادث القليوبية حادث الثانوية العامة
إقرأ أيضاً:
حكاية أم الأسير
محمد رامس الرواس
كانت وما تزال العاطفة التي أودعها الله في قلوب الأمهات، رحمةً إنسانيةً أبديةً، تَختزلُ كل مشاعر الوجدان والشوق في الحياة، ولا يمكن لنا أن أتخيل مدى الكم الهائل من الآلام والأوجاع التي اعتصرت قلب كل أم فلسطينية تنتظر خروج ابنها من السجون الإسرائيلية على أحرِّ من الجمر.
إنِّها حكاية مئات- أو قُل الآلاف- من الأمهات الفلسطينيات تُجسِّدها أم فلسطينية عجوز تصلّي لله كل يوم مُتضرِّعة للمولى عزَّ وجلَّ أن يتحرر ابنها من السجون الإسرائيلية، برغم أنها تعلم أن الحكم عليه كان مؤبدًا وأمر عودته يُعد مُستحيلًا. في ذات الوقت كانت حركة حماس وكتائب القسام وبقية فصائل المقاومة تخطط وتشحذ الهمم وتنفذ المهام وتصبر ويصبر معها أهل غزة على الآلام لأجل الانتقال إلى مرحلة جديدة، وتحقيق أهداف منها: تحرير الأسرى الفلسطينيين وعلى رأسهم أصحاب الأحكام المؤبدة من السجون الإسرائيلية، عبر سعيهم لتحقيق صفقة كبرى كان ضمن أهدافها تحرير الأسرى. تمت الصفقة ووقفت الحرب وتم تبادل الأسرى بتاريخ 19 يناير 2025، وكانت لا تزال هذه الأم راكعة وساجدة بالليل ومتضرعة إلى المولى عزوجل بتلاوة آيات من القرآن الحكيم بما فيهن من وعد منه سبحانه وتعالى للصابرين بالنصر والتمكين والفرج.
فجأةً وبعد عشرات السنين التي قضاها الفتى ابن هذه الأم الفلسطينية العجوز في السجون الإسرائيلية بأحكام لا يُرتجى بعدها خروج من السجن تأتي 15 شهرًا بدأت في السابع من أكتوبر 2023، لتُغيِّر مسار الأحداث التي شهدها العالم وطالعها القاصي والداني، أحداث غيَّرت مسار التاريخ داخل غزة وخارجها؛ إذ أصبحت القضية الفلسطينية الأولى عالميًا مُتصدِّرةً الأحداث، وأمامها سقطت دولة الكيان الإسرائيلي وجيشها، وانهارت دولة الاحتلال اللقيطة، وانعزلت ووُضِعَت أمامها القيود وحكم على ساستها وقادتها في المحاكم الدولية بالإجرام وتنفيذ إبادة جماعية بقطاع غزة هذا بجانب حدوث تداعيات وتغيرات كبيرة في المنطقة سقطت خلالها أنظمة وتعافت دول أخرى.
كان وعد حماس على لسان أبي عبيدة الناطق الرسمي، باسمها بتبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين في بداية طوفان الأقصى، كأنه حلم قبل 15 شهرًا من الآن، وفي المقابل كان هناك وعد من بنيامين نتنياهو- رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي ومجلس حربه، الذي انحل قبل عدة أشهر- بتصفية حماس والقضاء عليها. بينما اليوم يتحقق حلم الشعب الفلسطيني ويُصبح الحلم واقعًا ويخرج الأسرى على دفعات من السجون الإسرائيلية، ونتنياهو يتجرع آلامه وحسراته في ذلٍ وخزيٍ وعارٍ. لقد تمت الصفقة بين حماس والكيان الإسرائيلي وبدأت عملية تبادل الأسرى، وكان من ضمنهم ابن هذه العجوز الفلسطينية التي خرج ابنها والتأم شمل العائلة، ولله الحمد، فلقد حدثت المعجزة وأصبح ابنها اليوم بين يديها يحتضنها وتحتضنه بشحمه ولحمه، بعد أن كان هذا الموقف حلمًا تتمنى أن يتحقق، وهي تسأل الله ولا تعلم كيف ولا متى ولا أين، لكنه اليقين في الله والثقة في رب العالمين، وإيمانها وصبرها، كان أقوى من كل شيء.
رابط مختصر