في العراء بلا أغطية.. ظروف مأساوية يعيشها النازحون في غزة
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
يواصل آلاف الفلسطينيين النزوح من شمال قطاع غزة هربا من القصف والعمليات البرية التي تشنها القوات الإسرائيلية، فيما تشهد مخيمات ومراكز الإيواء بالجنوب، ضغوطا شديدة تؤثر على جودة خدماتها وتترك نازحين في العراء، دون أكل ولا ماء وغطاء.
ويواجه سكان جنوب غزة واقعا صعبا، حيث تتدهور الظروف الإنسانية، اليوم تلو الآخر، في ظل تزايد أعداد النازحين وغياب أساسيات العيش الكريم، ومعهما تتوالى تحذيراتٌ من تفاقم هذه الأوضاع خلال الأيام المقبلة، التي يرتقب أن تشهد انخفاضا في درجات الحرارة.
في هذا السياق، يشير المتحدث بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، كاظم أبو خلف، في تصريح لموقع "الحرة" إلى أن الوضع بمراكز الوكالة "يزداد حدة في كل ساعة"، مشيرا إلى "ندرة إمدادات المساعدات وتوافد أعداد كبيرة من النازحين على شمال القطاع، ما دفع بعض المنشآت لاستقبال من أربعة إلى تسعة أضعاف طاقتها الاستيعابية".
وأفادت الأونروا بأن عدد النازحين في غزة يقترب من 1.5 مليون شخص، يعيش حوالي 779 ألف منهم في 151 منشأة تابعة لها في أنحاء القطاع، فيما البقية في مرافق أخرى.
ويكشف أبو خلف أن المنشآت "مكتظة" بالنازحين، مؤكدا أنها غير مهيأة أساسا لتكون مراكز إيواء بل مرافق للخدمات، مثل مدارس وغيرها، مما يعقد من قدرتها على الاستجابة للحاجيات الأساسية للاجئين، بشكل يدفع نازحين في بعض المراكز للنوم في ساحات المدارس والملاعب على الأرض، بلا أغطية ولا مراقد ولا خيام".
ويتوقع أن يكون فصل الشتاء الذي تنخفض فيه درجات الحرارة، "تعقيدا آخر ينضم لقائمة طويلة من التعقيدات التي تنتظر القطاع وسكانه خلال الأسابيع القليلة المقبلة"، مع غياب التجهيزات المناسبة للوقاية من البرد والأمطار.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية نقلا عن بيانات من وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية أن الهجمات الإسرائيلية دمرت أكثر من 41 ألف وحدة سكنية وألحقت أضرارا بأكثر من 222 ألف وحدة أخرى.
وإجمالا، قال المكتب إن 45 بالمئة على الأقل من الوحدات السكنية في غزة قد تعرضت لأضرار أو دُمرت، حسبما نقلته رويترز.
وقبل اندلاع الحرب، كان أكثر من 80 بالمئة من سكان غزة يعانون الفقر، ويعتمد ثلثاهم تقريبا على المساعدات الدولية، وفقا للأمم المتحدة.
ويتأسف أبو خلف على أن هذه الأوضاع المؤلمة التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع ستعرف "تدهورا" أكبر مع قدوم الشتاء.
وأشار إلى أنه في السنوات الماضية التي لم يكن فيها حجم الدمار مشابها لما هو عليه اليوم، "كانت الشوارع والطرقات تفيض، فما بالك بفصل هذه السنة الذي دمرت وانهارت فيه 75 بالمئة من شبكات الصرف الصحي وشبكات صرف المياه بحكم الحرب".
وبشأن ما إن كانت هناك أي استعدادات وترتيبات خاصة للتعامل مع هذا الوضع، يؤكد أبو خلف أن "هذا غير ممكن في الوقت الحالي مع صعوبة تحرك العاملين التابعين للأونروا من أجل المساعدة، بسبب معطيات الحرب والميدان".
ولفت إلى أن هناك مناطق بـ"غزة لا تستطيع الوكالة بلوغها، إضافة إلى أن مركبات الوكالة بحاجة إلى الوقود".
ويضيف المتحدث باسم الأونروا، أن "بطء تدفق المساعدات يعقد الوضعية في الوقت الراهن دون حتى التفكير في مستقبل الأسابيع القادمة التي ستزداد فيها الوضعية سوءا".
ومنذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر، يفتح معبر رفح، المنفذ الوحيد لقطاع غزة المحاصر إلى العالم الخارجي، بتقطع وتدخل منه مساعدات محدودة فيما خرج منع عدد من الجرحى الذين أصيبوا في قصف إسرائيلي على القطاع ومئات الأجانب ومزدوجي الجنسية.
والأحد، أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني تسلمه 76 شاحنة من نظيره المصري، محملة بالمساعدات الإنسانية.
وتحتوي الشاحنات على غذاء وماء ومساعدات إغاثية ومستلزمات طبية وأدوية، ليصل إجمالي الشاحنات المستلمة حتى الآن إلى تسعمائة وثمانين شاحنة بمتوسط يعادل 42 شاحنة يوميا، فيما لم تسمح إسرائيل بإدخال الوقود حتى اللحظة.
"أوضاع مأساوية"من جهته، يقول رائد اللافي، الصحفي الفلسطيني المقيم بغزة، إن جنوب القطاع يعد المنطقة الأكثر فقرا في غزة، حيث يضم مخيمات لاجئين وغيابا شبه كامل للبنية التحتية ومراكز الإيواء والمؤهلة لاستقبال هذه الأعداد الكبيرة.
وإلى حدود الساعات الماضية، يستمر مرور شاحنات، وسيارات، وعربات تجرها حمير عبر الطريق المؤدية إلى جنوبه، فيما يقوم آخرون برحلتهم من الشمال إلى الجنوب سيرا، بعد دعوات الإنذارات الإسرائيلية المتوالية.
في هذا الجانب اللافي، في تصريحات لموقع "الحرة"، إن النازحين الجدد "انتقلوا جنوبا تحت القصف وفي ظل خوف شديد، سيرا على الأقدام لمسافة طويلة، بالتالي لم يستطيعوا أن يحملوا معهم أي أغطية أو أفرشة، إلا ما كانوا يرتادونه من ملابس".
ويضيف أن هناك فئة من النازحين لم تجد مكانا في مراكز الأونروا، بالتالي لجأت إلى مدارس حكومية غير خاضعة للوكالة الأممية، وتبقى بها الأوضاع "أشد مأساوية من الأولى، حيث تغيب فيها مقومات الحياة الأساسية واحترام الكرامة الإنسانية".
ويؤكد الصحفي الفلسطيني أن "هؤلاء النازحين يبيتون في العراء، في أماكن غير مؤهلة أساسا لاستقبالهم، وغير مستعدة لاستقبال الأعداد المتزايدة من النازحين.
ويشير الصحفي إلى حالة مدرسة يقطنها نازحون قادمون من بيت حانون، بدون أفرشة ولا أغطية مما يضطرهم لافتراش الأرض والتحاف السماء، مؤكدا "قساوة استمرار هذا الوضع خلال الأسابيع المقبلة التي تنخفض فيها درجات الحرارة أكثر".
ويكشف اللافي أن أسرا كاملة في الجنوب "تعاني الجوع والعطش والبرد في الليل"، مشددا على "ضعف المساعدات، باستثناء بعض المبادرات الفردية التطوعية والمساعدات التي يقدمها بعض رجال أعمال والمؤسسات التي لا تزال تعمل بالحد الأدنى، ويوفرون احتياجات إنسانية بسيطة".
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، في السابع من أكتوبر، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية لا تزال متواصلة، وبلغت حصيلة القتلى في غزة 11 ألفا و180 قتيلا، بينهم 4609 طفلا و3100 امرأة، فضلا عن إصابة 28 ألفا و200 شخص، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، الأحد.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: أبو خلف إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تعلن توسيع «المنطقة العازلة» في غزة
حسن الورفلي (غزة، القاهرة)
أخبار ذات صلةقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إن غزة «ستصبح أصغر وأكثر عزلة»، وأعلن ضم 10% من أراضي القطاع إلى «المناطق الأمنية الإسرائيلية»، في إشارة إلى «المنطقة العازلة» التي أقامها الجيش الإسرائيلي على حدود القطاع، وأضاف أنه تم إجلاء مئات الآلاف من الفلسطينيين بالفعل.
وزعم كاتس، في بيان، نشرته وسائل إعلام إسرائيلية، أن الهدف الرئيس هو تشديد الضغط على حماس لإبرام صفقة تبادل أسرى، موضحاً أن عمليات الجيش ستستمر في التصاعد طالما استمرت الحركة على موقفها.
وأشارت تقارير إسرائيلية إلى أن «المنطقة العازلة» التي أقامها الجيش الإسرائيلي في جنوب غزة، ستمتد من الحدود المصرية إلى مشارف خانيونس، على بُعد أكثر من 5 كيلومترات، وتشمل مدينة رفح بأكملها داخلها، أي نحو 20% من مساحة القطاع.
سياسياً، أعلنت مصادر فلسطينية ومصرية، أمس، أن أحدث جولة من المحادثات في القاهرة للعودة إلى وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين انتهت من دون أن تلوح في الأفق أي انفراجة.
وذكرت المصادر أن حركة «حماس» متمسكة بضرورة أن يؤدي أي اتفاق إلى وقف الحرب على غزة. وقالت المصادر إن وفد حماس بقيادة خليل الحية رئيس الحركة في غزة أبدى بعض المرونة فيما يتعلق بعدد الرهائن الذين يمكن أن تطلق الحركة سراحهم مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين تحتجزهم إسرائيل في حالة تمديد الهدنة.
وغادر وفد «حماس» القاهرة، عائداً إلى العاصمة القطرية الدوحة بعد جولة من المفاوضات مع الوسطاء تركزت حول الرد الإسرائيلي الأخير على مقترح مصري لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين.
وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات، إن وفد «حماس» وعد بدراسة الرد الإسرائيلي وتقديم رد عليه في غضون أيام.
وكشفت المصادر أن الورقة الإسرائيلية تضمنت العديد من النقاط، منها المطالبة بإطلاق سراح 11 محتجزاً إسرائيلياً مقابل إطلاق سراح عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، وفق مفاتيح المرحلة السابقة، ووقف إطلاق النار لمدة 40 يوماً يجري خلالها التفاوض على المرحلة الثانية التي تشمل مطلباً إسرائيلياً بتجريد قطاع غزة من السلاح، وإبعاد حركة «حماس» والسلطة الفلسطينية عن الحكم.
وتضمنت الشروط الإسرائيلية بقاء الجيش الإسرائيلي في مواقع جديدة أعاد احتلالها مؤخراً في القطاع الفلسطيني، بما يخالف الاتفاق السابق الذي جرى التوصل إليه في الـ 17 من يناير، وينص على انسحاب إسرائيلي من محوري «نتساريم» و«فيلادلفيا» وغيرهما.
وقالت المصادر: إن مصر نقلت إلى وفد حماس تأكيدات أميركية بأن المفاوضات ستكون جدية لجهة وقف الحرب، وإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يبدي استعداداً للإعلان عن ذلك بنفسه لإظهار جدية المسعى الأميركي لوقف الحرب في غزة.
وأضافت أن مصر أبلغت «حماس» أن العرض الأميركي يخلق فرصة مهمة للعمل على وقف الحرب، وقدمت مصر في اللقاء أفكاراً بشأن تنظيم السلاح في قطاع غزة لتسهيل مهمة التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الثانية يوقف الحرب.