يواصل آلاف الفلسطينيين النزوح من شمال قطاع غزة هربا من القصف والعمليات البرية التي تشنها القوات الإسرائيلية، فيما تشهد مخيمات ومراكز الإيواء بالجنوب، ضغوطا شديدة تؤثر على جودة خدماتها وتترك نازحين في العراء، دون أكل ولا ماء وغطاء.

ويواجه سكان جنوب غزة واقعا صعبا، حيث تتدهور الظروف الإنسانية، اليوم تلو الآخر، في ظل تزايد أعداد النازحين وغياب أساسيات العيش الكريم، ومعهما تتوالى تحذيراتٌ من تفاقم هذه الأوضاع خلال الأيام المقبلة، التي يرتقب أن تشهد انخفاضا في درجات الحرارة.

مراكز إيواء ممتلئة

في هذا السياق، يشير المتحدث بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، كاظم أبو خلف، في تصريح لموقع "الحرة" إلى أن الوضع بمراكز الوكالة "يزداد حدة في كل ساعة"، مشيرا إلى "ندرة إمدادات المساعدات وتوافد أعداد كبيرة من النازحين على شمال القطاع، ما دفع بعض المنشآت لاستقبال من أربعة إلى تسعة أضعاف طاقتها الاستيعابية".

وأفادت الأونروا بأن عدد النازحين في غزة يقترب من 1.5 مليون شخص، يعيش حوالي 779 ألف منهم في 151 منشأة تابعة لها في أنحاء القطاع، فيما البقية في مرافق أخرى.

ويكشف أبو خلف أن المنشآت "مكتظة" بالنازحين، مؤكدا أنها غير مهيأة أساسا لتكون مراكز إيواء بل مرافق للخدمات، مثل مدارس وغيرها، مما يعقد من قدرتها على الاستجابة للحاجيات الأساسية للاجئين، بشكل يدفع نازحين في بعض المراكز للنوم في ساحات المدارس والملاعب على الأرض، بلا أغطية ولا مراقد ولا خيام".

ويتوقع أن يكون فصل الشتاء الذي تنخفض فيه درجات الحرارة، "تعقيدا آخر ينضم لقائمة طويلة من التعقيدات التي تنتظر القطاع وسكانه خلال الأسابيع القليلة المقبلة"، مع غياب التجهيزات المناسبة للوقاية من البرد والأمطار.

وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية نقلا عن بيانات من وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية أن الهجمات الإسرائيلية دمرت أكثر من 41 ألف وحدة سكنية وألحقت أضرارا بأكثر من 222 ألف وحدة أخرى.

وإجمالا، قال المكتب إن 45 بالمئة على الأقل من الوحدات السكنية في غزة قد تعرضت لأضرار أو دُمرت، حسبما نقلته رويترز.

وقبل اندلاع الحرب، كان أكثر من 80 بالمئة من سكان غزة يعانون الفقر، ويعتمد ثلثاهم تقريبا على المساعدات الدولية، وفقا للأمم المتحدة. 

ويتأسف أبو خلف على أن هذه الأوضاع المؤلمة التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع ستعرف "تدهورا" أكبر مع قدوم الشتاء.

وأشار إلى أنه في السنوات الماضية التي لم يكن فيها حجم الدمار مشابها لما هو عليه اليوم، "كانت الشوارع والطرقات تفيض، فما بالك بفصل هذه السنة الذي دمرت وانهارت فيه 75 بالمئة من شبكات الصرف الصحي وشبكات صرف المياه بحكم الحرب".

وبشأن ما إن كانت هناك أي استعدادات وترتيبات خاصة للتعامل مع هذا الوضع، يؤكد أبو خلف أن "هذا غير ممكن في الوقت الحالي مع صعوبة تحرك العاملين التابعين للأونروا من أجل المساعدة، بسبب معطيات الحرب والميدان".

ولفت إلى أن هناك مناطق بـ"غزة لا تستطيع الوكالة بلوغها، إضافة إلى أن مركبات الوكالة بحاجة إلى الوقود".

ويضيف المتحدث باسم الأونروا، أن "بطء تدفق المساعدات يعقد الوضعية في الوقت الراهن دون حتى التفكير في مستقبل الأسابيع القادمة التي ستزداد فيها الوضعية سوءا".

ومنذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر، يفتح معبر رفح، المنفذ الوحيد لقطاع غزة المحاصر إلى العالم الخارجي، بتقطع وتدخل منه مساعدات محدودة فيما خرج منع عدد من الجرحى الذين أصيبوا في قصف إسرائيلي على القطاع ومئات الأجانب ومزدوجي الجنسية.

والأحد، أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني تسلمه 76 شاحنة من نظيره المصري، محملة بالمساعدات الإنسانية.

وتحتوي الشاحنات على غذاء وماء ومساعدات إغاثية ومستلزمات طبية وأدوية، ليصل إجمالي الشاحنات المستلمة حتى الآن إلى تسعمائة وثمانين شاحنة بمتوسط يعادل 42 شاحنة يوميا، فيما لم تسمح إسرائيل بإدخال الوقود حتى اللحظة.

"أوضاع مأساوية"

من جهته، يقول رائد اللافي، الصحفي الفلسطيني المقيم بغزة، إن جنوب القطاع يعد المنطقة الأكثر فقرا في غزة، حيث يضم مخيمات لاجئين وغيابا شبه كامل للبنية التحتية ومراكز الإيواء والمؤهلة لاستقبال هذه الأعداد الكبيرة.

وإلى حدود الساعات الماضية، يستمر مرور  شاحنات، وسيارات، وعربات تجرها حمير  عبر الطريق المؤدية إلى جنوبه، فيما يقوم آخرون برحلتهم من الشمال إلى الجنوب سيرا، بعد دعوات الإنذارات الإسرائيلية المتوالية.

في هذا الجانب اللافي، في تصريحات لموقع "الحرة"، إن النازحين الجدد "انتقلوا جنوبا تحت القصف وفي ظل خوف شديد، سيرا على الأقدام لمسافة طويلة، بالتالي لم يستطيعوا أن يحملوا معهم أي أغطية أو أفرشة، إلا ما كانوا يرتادونه من ملابس".

ويضيف أن هناك فئة من النازحين لم تجد مكانا في مراكز الأونروا، بالتالي لجأت إلى مدارس حكومية غير خاضعة للوكالة الأممية، وتبقى بها الأوضاع "أشد مأساوية من الأولى، حيث تغيب فيها مقومات الحياة الأساسية واحترام الكرامة الإنسانية".

ويؤكد الصحفي الفلسطيني أن "هؤلاء النازحين يبيتون في العراء، في أماكن غير مؤهلة أساسا لاستقبالهم، وغير مستعدة لاستقبال الأعداد المتزايدة من النازحين.

ويشير الصحفي إلى حالة مدرسة يقطنها نازحون قادمون من بيت حانون، بدون أفرشة ولا أغطية مما يضطرهم لافتراش الأرض والتحاف السماء، مؤكدا "قساوة استمرار هذا الوضع خلال الأسابيع المقبلة التي تنخفض فيها درجات الحرارة أكثر".

ويكشف اللافي أن أسرا كاملة في الجنوب "تعاني الجوع والعطش والبرد في الليل"، مشددا على "ضعف المساعدات، باستثناء بعض المبادرات الفردية التطوعية والمساعدات التي يقدمها بعض رجال أعمال والمؤسسات التي لا تزال تعمل بالحد الأدنى، ويوفرون احتياجات إنسانية بسيطة".

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، في السابع من أكتوبر، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.

ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية لا تزال متواصلة، وبلغت حصيلة القتلى في غزة 11 ألفا و180 قتيلا، بينهم 4609 طفلا و3100 امرأة، فضلا عن إصابة 28 ألفا و200 شخص، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، الأحد.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: أبو خلف إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

استشهاد 12 شخصًا بينهم 7 أطفال في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شمال قطاع غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مساء اليوم الجمعة، مقتل 12 شخصا بينهم 7 أطفال في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في بلدة جباليا النزلة شمالي القطاع.

وبحسب مصادر فلسطينية، أسفر قصف إسرائيلي استهدف منزلا يعود لعائلة "خلة" في منطقة أبو إسكندر شمال غرب مدينة غزة، عن مقتل 12 شخصا بينهم أطفال وعدد من الجرحى.

هذا وارتفعت حصيلة الحرب الإسرائيلية على غزة حسب وزارة الصحة الفلسطينية إلى "45 ألفا و206 شهداء، و107 آلاف و512 مصابا، منذ 7 أكتوبر 2023".

وأشارت الوزارة إلى أن "الجيش الإسرائيلي ارتكب 3 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 77 شهيدا و174 مصابا خلال الـ24 ساعة الماضية، كما استهدفت قوات الاحتلال بوابة مستشفى كمال عدوان شمالي القطاع، بقذيفة مدفعية".

ويواصل الجيش الإسرائيلي شن غاراته على مناطق مختلفة من قطاع غزة، مع دخول الحرب يومها الـ441، كما نسف الجيش عددا من المباني السكنية في حي الزيتون، جنوب شرق مدينة غزة، وسط القطاع.

 

مقالات مشابهة

  • غزة ما بعد الحرب.. سنوات من العمل ومليارات الدولارات لإنقاذ القطاع
  • مقتل وإصابة 9 جنود إسرائيليين.. وارتفاع عدد القتلى في غزة
  • «الأونروا»: مليونا شخص محاصرون في ظروف مروعة بغزة
  • برد وجوع وأمراض وحشرات.. هكذا يعيش النازحون وسط مدينة غزة
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: نطالب بإرسال بعثات دولية إلى غزة لمتابعة حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها شعبنا
  • مسؤولة أممية: أكثر من مليوني شخص بغزة في ظروف مروعة
  • استشهاد 12 شخصًا بينهم 7 أطفال في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شمال قطاع غزة
  • خبير عسكري يكشف هدف إسرائيل الاستراتيجي فيما يحدث بسوريا
  • لجنة أمن ولاية الخرطوم توجه بتنفيذ حملة لازالة مخلفات الحرب في المناطق التي تم تطهيرها ببحري
  • قطاع الصناعة ينفض عنه غبار الحرب.. الغد سيكون افضل