علاقة التوائم الرقمية بالعلاج الصحي الشخصي
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
يعتقد العلماء أنه في غضون خمس إلى عشر سنوات، يمكن أن تصبح تجارب "سيليكو"، حيث تستخدم مئات الأعضاء الافتراضية لتقييم سلامة وفعالية الأدوية، روتينية.
في حين يمكن استخدام نماذج الأعضاء الخاصة بالمريض لتخصيص العلاج وتجنب المضاعفات الطبية.
وتعد التوائم الرقمية نماذج حسابية للأشياء أو العمليات المادية، ويتم تحديثها باستخدام بيانات من نظيراتها في العالم الحقيقي.
وفي الطب، يعني هذا الجمع بين كميات هائلة من البيانات حول عمل الجينات والبروتينات والخلايا وأنظمة الجسم بالكامل مع البيانات الشخصية للمرضى لإنشاء نماذج افتراضية لأعضائهم ــ وفي نهاية المطاف، جسدهم بالكامل.
وقال البروفيسور بيتر كوفيني، مدير مركز العلوم الحاسوبية في جامعة كوليدج لندن والمعد المشارك لكتاب Virtual You: "إذا كنت تمارس الطب اليوم، فإن الكثير منه ليس علميا تماما. وفي كثير من الأحيان، يكون الأمر معادلا لقيادة السيارة وتحديد الوجهة التالية من خلال النظر في مرآة الرؤية الخلفية: حيث تحاول معرفة كيفية علاج المريض الذي أمامك بناء على الحالات السابقة مع ظروف مماثلة. ما يفعله التوأم الرقمي هو استخدام بياناتك داخل نموذج يمثل كيفية عمل علم وظائف الأعضاء وعلم الأمراض لديك".
وبالفعل، تستخدم الشركات نماذج قلب خاصة بالمريض للمساعدة في تصميم الأجهزة الطبية، في حين تقدم شركة ELEM BioTechالناشئة في برشلونة للشركات القدرة على اختبار الأدوية والأجهزة على نماذج محاكاة للقلوب البشرية.
وفي حديثها في مؤتمر التوائم الرقمية في الجمعية الملكية للطب في لندن، وصفت الدكتورة كارولين روني، من جامعة كوين ماري في لندن، الجهود المبذولة لتطوير نماذج قلب شخصية من شأنها أن تساعد الجراحين على التخطيط لعملية جراحية للمرضى الذين يعانون من ضربات القلب غير المنتظمة والفوضوية.
وقالت روني: "في كثير من الأحيان، يستخدم الجراحون نهجا يعمل في المتوسط، ولكن القيام بتنبؤات خاصة بالمريض، ومن ثم توقع النتائج على المدى الطويل، يمثل تحديا حقيقيا. أعتقد أن هناك العديد من التطبيقات في أمراض القلب والأوعية الدموية حيث سنرى هذا النوع من النهج، مثل تحديد نوع الصمام الذي سيتم استخدامه، أو مكان إدخاله أثناء استبدال صمام القلب".
ويعمل خبراء الذكاء الاصطناعي في شركة الأدوية GSKمع باحثي السرطان في جامعة كينغز كوليدج في لندن، لبناء نسخ رقمية طبق الأصل من أورام المرضى السرطانية باستخدام الصور والبيانات الجينية والجزيئية، بالإضافة إلى زراعة الخلايا السرطانية للمرضى بشكل ثلاثي الأبعاد واختبار مدى استجابتها للعلاج.
ومن خلال تطبيق التعلم الآلي على هذه البيانات، يمكن للعلماء التنبؤ بكيفية استجابة المرضى الفرديين للأدوية المختلفة، وأنظمة الجرعات.
ومن المتوقع أن تبدأ تجارب إثبات المفهوم في العام المقبل.
ويعمل الباحثون أيضا على تطوير توائم رقمية للحمل، ما قد يساعد في تطوير أدوية لحالات مثل قصور المشيمة أو تسمم الحمل، وفهم أفضل للعمليات الفسيولوجية التي يقوم عليها الحمل والمخاض.
وتقوم البروفيسورة كريستين مايرز، من جامعة كولومبيا في نيويورك، ببناء نماذج لعنق الرحم والرحم والأغشية المحيطة بالجنين، بهدف جمعها في نموذج واحد للفرد يمكنه التنبؤ بكيفية حدوث الحمل.
كما هناك محاولات لبناء توائم رقمية للمستشفيات لمحاولة تحسين كفاءة انتقال المرضى الأفراد عبر نظام الرعاية الصحية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الطب الجينات لندن علم الأمراض جامعة خبراء الذكاء الاصطناعي نيويورك مستشفيات
إقرأ أيضاً:
الاحتيال الإلكتروني ومنصة FBC.. جرائم رقمية تهدد الأمن الاقتصادي
أصبح الاحتيال الإلكتروني أحد أخطر التحديات التي تواجه الأفراد والجهات الحكومية على حد سواء، حيث يلجأ المحتالون إلى أساليب مبتكرة للإيقاع بضحاياهم، مستخدمين منصات إلكترونية وتطبيقات مشبوهة تعد المستخدمين بأرباح خيالية لاستدراجهم وضخ أموالهم في مشاريع وهمية.
ومن أبرز القضايا الحديثة التي كشفت عن مدى خطورة هذه الجرائم، قضية منصة FBC، التي استغلت ثقة المواطنين لتحقيق مكاسب غير مشروعة، ما دفع السلطات إلى التدخل واتخاذ إجراءات صارمة ضد المتورطين.
أمرت النيابة العامة بحبس 12 متهمًا مصري الجنسية، ومتهم صيني، ومتهمة يابانية، لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات في القضية التي تفجرت بعد تلقي ثلاثمائة وعشرة مواطنين بلاغات حول تعرضهم للاحتيال من قبل القائمين على إدارة المنصة والتطبيق الإلكتروني FBC. حيث كشفت التحقيقات أن هؤلاء المتهمين قاموا بتلقي وجمع أموال من المواطنين تحت ستار استثمارها في المنصة، قبل أن يتبين أن الأمر لا يعدو كونه عملية احتيال إلكتروني ممنهجة.
وتمكنت الجهات المختصة من تحديد هويات المتهمين، والوصول إلى بعض أرقام المحافظ الرقمية التي جرى تحويل الأموال إليها، ما أدى إلى صدور قرار بالتحفظ على أموال المتورطين في القضية. كما تم تكليف الجهات المختصة بضبط باقي المتهمين الهاربين، مع استمرار الفحص الفني للأجهزة المضبوطة، بما في ذلك الهواتف المحمولة، وأجهزة الحاسب الآلي المستخدمة في إدارة المنصة.
وكشفت التحقيقات عن ضبط مبالغ مالية تناهز المليون جنيه مصري، إلى جانب 1135 شريحة هاتف محمول معدة لتفعيل محافظ إلكترونية بغرض تلقي الأموال من الضحايا. كما تم العثور على مقاطع فيديو ترويجية استخدمت لجذب مزيد من المستثمرين، وتحديد هوية أربعة متهمين ظهروا في تلك المقاطع أثناء الترويج للمنصة.
أساليب الاحتيال في منصة FBCاعتمد المحتالون على خداع الضحايا عبر إيهامهم بإمكانية تحقيق أرباح سريعة مقابل إيداع أموالهم في المنصة، التي بدت وكأنها مشروع استثماري ناجح. إلا أن الواقع كان مختلفًا تمامًا، حيث فوجئ المستخدمون بتجميد أرصدتهم التي بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 8.2 مليون جنيه مصري، قبل أن يتم غلق المنصة بالكامل.
وعند مطالبة المستثمرين بأموالهم، تذرع القائمون على المنصة بأنها تعرضت لهجوم سيبراني أدى إلى توقفها، وهو ما نفاه الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بشكل قاطع، مؤكدًا أن المنصة لم تتعرض لأي هجوم إلكتروني كما زعم المتهمون.
الإجراءات القانونية والتعامل مع الجريمةوتواصل نيابة الشئون الاقتصادية وغسل الأموال تحقيقاتها في القضية، حيث تعمل الجهات المعنية على تفريغ وتحليل المحتوى الرقمي، بالإضافة إلى تتبع مسار الأموال المحولة إلى المحافظ الرقمية المستخدمة في عملية الاحتيال. كما تم التحفظ على جميع الأصول المالية الخاصة بالمتهمين، لضمان إعادة الحقوق إلى الضحايا.
وتعكس قضية منصة FBC مدى خطورة الاحتيال الإلكتروني وضرورة التوعية بمخاطره.
ووقع العديد من الضحايا في فخ وعود خادعة بالأرباح السريعة، ما يؤكد الحاجة إلى تعزيز الوعي الرقمي لدى المواطنين، وفرض رقابة صارمة على المنصات الإلكترونية غير المرخصة، كما تبرز القضية أهمية اتخاذ تدابير احترازية من قبل المستخدمين قبل الاستثمار في أي منصة إلكترونية، والتحقق من شرعيتها عبر الجهات الرسمية المختصة.
وأصبحت الجرائم الإلكترونية أكثر تعقيدًا وانتشارًا مع التطور الرقمي، ما يستدعي تكاتف الجهود الحكومية والمجتمعية لمواجهتها. فقضية منصة FBC ليست الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة إذا لم يكن هناك وعي كافٍ بمخاطر الاستثمار غير الموثوق به عبر الإنترنت. ومن هنا، تبقى الرقابة المشددة، والتشريعات الرادعة، والتثقيف المستمر، هي الركائز الأساسية لحماية الأفراد من الوقوع ضحية لمثل هذه الجرائم الرقمية.
ومن أبرز القضايا التي كشفت حجم هذه الجرائم قضية المصرفي الأمريكي برنارد مادوف، الذي أدار واحدة من أكبر عمليات الاحتيال في التاريخ. استخدم مادوف ما يُعرف بطريقة "بونزي"، التي تعتمد على دفع عوائد المستثمرين القدامى من أموال المستثمرين الجدد، مما أدى إلى خسائر بمليارات الدولارات قبل أن يتم الكشف عن المخطط والقبض عليه عام 2008.
هذه القضية أثارت الجدل عالميًا حول أساليب الاحتيال المالي وسبل مكافحتها، وهو ما دفع العديد من الدول إلى سن تشريعات مشددة لحماية المستثمرين.
ومن جانبه، من جانبه، قال الباحث الاقتصادي، الدكتور عمرو أحمد فؤاد، إن قضية المصرفي الأمريكي برنارد مادوف تُعد من أبرز قضايا الاحتيال المالي في التاريخ الحديث، حيث تمكن من إدارة محفظة استثمارية وهمية بلغت قيمتها 65 مليار دولار، مستغلًا أسلوب احتيالي يُعرف باسم "بونزي". وقد تم القبض عليه في عام 2008، وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 150 عامًا، ليكون مثالًا واضحًا على خطورة هذه العمليات المالية غير المشروعة.
وأضاف في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن تسمية هذا الأسلوب الاحتيالي ترجع إلى المحتال الأمريكي تشارلز بونزي، الذي نفذ واحدة من أشهر عمليات النصب المالي، والتي تقوم على استخدام أموال المستثمرين الجدد لسداد أرباح المستثمرين السابقين، مما يخلق وهمًا بالربح المستمر. ومع توقف تدفق الأموال الجديدة، ينهار هذا النظام الاحتيالي بالكامل. وفي العامية المصرية، يُطلق على هذه الطريقة مصطلح "تبادل القبعات" أو "تلبيس الطواقي".
ولفت إلى أنه حرصًا على حماية المستثمرين وتنظيم عمليات تلقي الأموال، صدر القانون رقم 146 لسنة 1988، الذي يضع إطارًا قانونيًا للشركات العاملة في هذا المجال، ويحدد الضوابط التي تضمن عدم استغلال الأموال بطرق غير مشروعة. وتنص المادة 21 من القانون على أن كل من يخالف أحكامه أو يمتنع عن رد أموال المودعين، يُعاقب بالسجن وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تتجاوز ضعف المبلغ المتحصل عليه، مع إلزامه برد الأموال المستحقة. كما يسمح القانون بإعفاء المتهم من العقوبة إذا بادر برد الأموال أثناء التحقيق أو قبل صدور حكم نهائي.
وأشار فؤاد إلى أنه رغم هذه الضوابط، فإن جريمة النصب تظل قائمة وفقًا للمادة 336 من قانون العقوبات المصري، حيث يُعاقب بالحبس كل من استولى على أموال الغير بالاحتيال، سواء باستخدام مشاريع وهمية، أو مستندات مزورة، أو بالتصرف في ممتلكات ليست ملكًا له. كما يُعاقب من يشرع في النصب دون إتمامه بالحبس لمدة لا تتجاوز سنة، مع إمكانية وضع الجاني تحت المراقبة في حال تكرار الجريمة.
وتابه: "مع التطور التكنولوجي وانتشار المعاملات الإلكترونية، شهدت الجرائم المالية تحولًا كبيرًا نحو الفضاء الرقمي، مما استدعى تطوير القوانين لمواجهتها. لذلك، أصدرت مصر القانون رقم 175 لسنة 2018 لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، حيث وضع هذا التشريع إطارًا قانونيًا لإنشاء المواقع الإلكترونية، ومنح السلطات المختصة صلاحيات واسعة لتتبع الجناة، حتى في حال تواجدهم خارج البلاد، مما يعزز جهود مكافحة الجرائم الإلكترونية والاحتيال المالي الحديث".
واختتم "هذه القوانين والإجراءات تهدف إلى حماية الاقتصاد والمجتمع من الممارسات الاحتيالية، وتعزز الثقة في النظام المالي، مما يتطلب استمرار العمل على تحديث التشريعات بما يتناسب مع تطور الجريمة الاقتصادية وأساليبها الحديثة".