ملوك مصر| «تحتمس الثالث».. مؤسس الإمبراطورية
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
رغم أن موضوع الخلافة على عرش مصر في أسرة التحامسة كان مصدرَ نقاشٍ عنيف ومجادلات طويلة بين علماء الآثار، لكن، أصبح الرأي السائد أن «تحتمس الأول» أعقبه على عرش مصر ابنه «تحتمس الثاني»، الذي تزوَّجَ من أخته من أبيه المسماة «حتشبسوت»، وبعد وفاته خلفه ابنه «تحتمس الثالث» الذي رزقه من زوجة ثانوية تُدعَى «إزيس»، وقد أصبح ملك مصر رسميًّا وهو لا يزال طفلًا لم يبلغ الحلم بعد.
وقد نصبت «حتشبسوت» نفسها وصية على الملك الطفل، وكذلك على ابنتها «نفرو رع» -التي كانت بدورها لا تزال قاصرةً- غير أنها لم تلبث أن أعلنت نفسها ملكةً شرعية على البلاد.
بقي «تحتمس الثالث» منزويًا بعيدًا عن الحكم إلى أن ماتت «حتشبسوت»، ولا توجد معلومة مؤكدة عما إذا كانت هذه الملكة العظيمة قد ماتت حتف أنفها أو من جرَّاء ثورة قامت بها جماعة كانت تناصِر الفرعون الفتى؛ ليقضي على تلك المرأة التي كانت شوكةً في جنب والده وشجًا في حلقه.
هكذا، عندما اختفت هذه المرأة، قبض «تحتمس الثالث» على مقاليد الأمور، وأخذ ينكل بالذين كانوا في ركاب «حتشبسوت» أو عاملين في بلاطها، ثم أخذ بعد ذلك في القضاء على كل آثارها بصورة يشهد عنفها ما أحدثه من التدمير والتهشيم في الدير البحري، وبخاصة في تماثيلها، فضلًا عمَّا ألحَقَه بسائر آثارها في كل أنحاء البلاد. كما لم يعترف بحكم زوجة أبيه، بل جعل تواريخه التي تُدوَّن بها آثاره تبتدئ بالسنة الأولى التي نُصب فيها فرعونًا لمصر عندما أعلنه الإله «رع» ووالده «تحتمس الثاني» ملكًا شرعيًّا على عرش مصر.
ووفق موسوعة "مصر القديمة"، في الجزء الرابع: "عهد الهكسوس وتأسيس الإمبراطورية"، لم يتوانَ «تحتمس الثالث» طويلًا بعد اعتلاء أريكة العرش، فقد كان الخلاف القائم في مصر على توليه عرش البلاد، والجفاء بينه و«حتشبسوت» معروفًا في الأقطار الآسيوية العامرة بالجمِّ الغفير من الهكسوس، الذين شتَّت شملهم أسلاف «تحتمس الثالث» وطردوهم من مصر.
تقول الموسوعة: أعلنت «سوريا» كلها العصيان على مصر في تلك الفترة، وقامت بثورة محبوكة الأطراف، حتى أصبح لزامًا على هذا الفرعون الفتي الجسور أن يقابل حلفًا قويًّا مؤلَّفًا من قبائل آسيا والولايات التي وطدت العزم على خلع النير المصري الذي أثقل عاتقهم به «تحتمس الأول» وسلفه من قبله، منذ خمسين سنة مضَتْ.
ولا شك في أن أكثرهم تحمُّسًا كان أولئك الأقوام الذين طُرِدوا من مصر من غير رجعة، وكان كل أولئك قد ألفوا حلفًا بقيادة ملك «قادش»، وهي بلدة على نهر الأرنت -نهر العاصي- على مسيرة مائة ميل تقريبًا شمالي دمشق، وقد زحف الفرعون لمقابلة أولئك العصاة، يحدوه غرض معين وهو منازلة ملك «قادش» والقضاء عليه، فإذا تمَّ له ذلك، كان كل شيء عداه سهلًا ميسورًا نسبيًّا؛ وذلك لأن سوريا لم تكن وقتئذٍ مملكة واحدة متحدة الكلمة بطبيعتها، بل كانت مقسَّمةً ولاياتٍ صغيرةً يحكم كلًّا منها أميرٌ أو ملك، وكانت أقوى هذه الممالك الصغيرة وأغناها مملكة «قادش».
وتُعَدُّ موقعة «مجدو» التي قابَلَ فيها «تحتمس الثالث» جيوشَ الحلف السوري بإمرة حاكم «قادش»، هي أول معركة حربية في تاريخ العالم القديم قد بقي عنها تفصيلات تُذكَر؛ ويرجع الفضل في ذلك إلى اليوميات التي خلفها «تحتمس الثالث» على أحد جدران معبد الكرنك، حيث جرَتِ العادة على ما يظهر في الجيش المصري في عهد الإمبراطورية أن تُدوَّن يوميات عن سير القتال في أثناء الحملات التي كان يقوم بها الفرعون، وقد كان المكلَّف بهذه المهمة العظيمة رئيس كتاب الجيش.
استمر الملك المصري في غزواته، وفي السنة الثانية والثلاثين من حكمه، قام بحملته الثامنة التي تُعَدُّ أعظمَ غزوة قام بها في كل حروبه بعد الغزوة الأولى؛ إذ تمَّ «لتحتمس الثالث» في نهايتها كلُّ ما كانت تصبو إليه نفسه وتتطلع إليه آماله، وهو الوصول إلى نهر الفرات وإخضاع كل البلاد المجاورة له. وقد دوَّنَ لنا انتصاراته في هذه الحملة في النقوش التي على جدران معبد الكرنك، وكذلك في لوحة جبل «بركال».
وقد دان العالم المتمدين لسطوة «تحتمس الثالث»، وعز سلطانه حتى صار قبل وفاته يسيطر على إمبراطورية تمتد من أعالي نهر دجلة والفرات شمالًا حتى مدينة نباتا عند الشلال الرابع جنوبًا، ولم يخف على فطنة «تحتمس» أن يحدِّد لأخلافه من بعده حدودَ إمبراطوريته، كما فعل «سنوسرت الثالث» عندما وضع لوحة الحدود الشهيرة عند «سمنة»؛ إذ إنه لما عبر نهر الفرات أقام لوحة تذكارية في الجهة الغربية من هذا النهر لتكون بمثابة آخِر نقطة وصلت إليها فتوحه في الشمال.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ملوك مصر تحتمس تحتمس الثالث الإمبراطورية تحتمس الثالث
إقرأ أيضاً:
مؤسس «خبراء الضرائب»: الدولة جادة في تذليل العقبات أمام المستثمرين
قال أشرف عبد الغني، مؤسس جمعية خبراء الضرائب، إن لقاء رئيس الوزراء مع المستثمرين أمس، يحمل رسالة إيجابية واضحة، تعكس جدية الدولة في حل العقبات التي تواجه رجال الأعمال، وتؤكد أنها تسير في الاتجاه الصحيح.
وأوضح «عبد الغني» في تصريحات لـ«الوطن»، أن الحوار الذي دار خلال اللقاء كان كاشفًا للتحديات التي يواجهها قطاع الاستثمار، ما يبرز شفافية الدولة وحرصها على عدم إخفاء أي قضايا أو ملفات داخل الغرف المغلقة، مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي من النقاش، تغليب المصلحة العامة ودعم البيئة الاستثمارية.
فسح الطريق للقطاع الخاص للتوسع في الاستثماراتوأضاف أن رجال الأعمال ذكروا العديد من التحديات، ووجدت تجاوبا من الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، الذي كان يستمع جيدًا لهم، وأن الدولة عازمة على توسيع الاستثمارات الأجنبية والمحلية، والإجراء الأخير الذي تم اتخاذه بوضع سقف للاستثمارات الحكومية بقيمة تريليون جنيه كحد أقصى، يفسح الطريق للقطاع الخاص للتوسع في الاستثمارات.
وأوضح أن التسهيلات الضريبية عبارة عن مشروع دولة، وتعكس إدراكًا كاملا بالتحديات الضريبية التي تواجه مجتمع الأعمال ورغبة صادقة فى تشجيع القطاع الخاص، وزيادة معدلات الإنتاج، من أجل تعزيز بنية الاقتصاد الكلي، وتحسين هيكل النمو ليعتمد بشكل أكبر على الإنتاج والتصدير.
نظام ضريبي مبسط ومتكامل للمشروعات الصغيرةأشار «عبد الغني» إلى أن حزمة التيسيرات الضريبية وضعت نظام ضريبي مبسط ومتكامل للمشروعات الصغيرة والشركات الناشئة، التي لا يتجاوز حجم أعمالها 15 مليون جنيه سنويًا، يشمل إعفاءات وتيسيرات، منها الإعفاء من ضريبة توزيع الأرباح، ما يشجع الكثير من المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر على الانضمام لمنظومة الضرائب، وكذلك تبسيط الإقرار الضريبي، وتطبيق نظام موحد فى جميع المأموريات، للحد من التقدير الجزافي وتحقيق تحسن ملموس يشعر به مجتمع الأعمال في جودة الخدمات الضريبية.