جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-08@18:33:21 GMT

"طوفان الأقصى" ونتائج قمع الوعي العربي

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

'طوفان الأقصى' ونتائج قمع الوعي العربي

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

يُعرِّف علم النفس نظرية قمع الوعي بأنَّها "طريقة لإبعاد الذكريات أو الأفكار أو المشاعر غير السارة لتجنب التعامل معها. والذكريات المكبوتة هي ذكريات يتم تخزينها في العقل اللاواعي ولا يمكن للعقل الواعي الوصول إليها. وقد لا يُدرك الفرد حتى إنه يقوم بقمع ذكريات أو أفكار أو عواطف مُعينة.

ويُعتقد أنَّ القمع هو آلية وقائية تساعد الأفراد على تجنب الألم العاطفي أو الصدمة".

يتبينُ لنا مما ورد أعلاه أن طريقة قمع الوعي في الأساس، هي طريقة ووسيلة علاج لمن يعانون من تراكم الذكريات والمشاعر السلبية، عبر مراحل عمر الإنسان والتي لا تخلو منها نفس، ولا ينجو منها إنسان. ومن هنا يمكننا التسليم بأنها طريقة علاجية لحالة نفسية معروفة لدى علماء النفس والمشتغلين به.

لكن الإنسان بطبيعته وعبر مراحل تاريخ الحضارة الإنسانية، بين شغفه بتوظيف العلوم والمعارف بطرق أخرى في سياق الصراع بين الخير والشر؛ فالعالِم السويدي ألفريد نوبل مثلًا اخترع الديناميت لكي تساعد الإنسان في التغلب على تحديات الطبيعة من جبال وصخور ووديان سحيقة، ولكن من أتى بعد نوبل وجدها سانحة لتطوير الديناميت إلى قنابل وأسلحة مدمرة للبشر والشجر والحجر، لهذا كفَّر نوبل عن غلطته متأخرًا بتخصيص جزء من ثروته لجائزة تحمل اسمه تُخصص للساعين لإحلال السلام، والتي تفرَّعت بعد مماته إلى أفرع علمية أخرى ثم حولها الغرب إلى أداة لشراء الذمم واستقطاب من يخدم أجنداتهم، فتحولت جائزة نوبل من هدف نبيل إلى نوايا سيئة، حين تم توظيفها في الصراعات الحضارية بين الغرب والآخر.

وبالعودة إلى عنوان المقال، يمكننا القول إن نظرية قمع الوعي وظَّفها الغرب كذلك وحوَّلها من نظرية وطريقة علاج نفسي، إلى نظرية وطريقة تفريغ الذاكرة الجمعية للشعوب المستهدفة وإعادة تشكيل وعيها؛ بما يُمهِّد لسكب وعي بديل، يتقبَّل الطرح الغربي ويتجنب موروثه وقيمه تحت شعارات براقة وفضفاضة. صراعنا الوجودي مع الغرب كأمّة عصِيَّة في ضعفها وعصِيَّة في قوتها، لم يخلْ يومًا من مفردات قمع الوعي حتى يتمكن الإلحاح من إحلال الوعي الجديد في عقول ووجدان أبناء الأمة قسرًا.

لم يتمكن مخطط قمع الوعي من تحييدنا من موروثنا القيمي، ولا من إعلاء شأن الموروث الآخر عليه فحسب؛ بل تمكن المخطط من إيصالنا إلى مرحلة التجاسر على الموروث والثوابت بصورة جارحة ومستفزة. وقد أُوكلت هذه المهمة للأسف إلى من يُرجى منهم تحصين الوعي والدفاع عنه وقيادته؛ وهم فئة النُخب الفكرية، والتي مارست بث مفردات ثقافة البؤس والفجيعة بين أجيال الأمة بذريعة الغيرة والاستنهاض، وبغرض آخر غير مُعلن وهو المكانة والحظوة والوجاهة الفكرية.

"طوفان الأقصى" اليوم لم يكتف بإظهار عوارنا السياسي والعسكري والاقتصادي رغم القدرات والخيارات التي لا تُحصى فحسب؛ بل أظهر حجم العوار الفكري والاستلاب اللذين تحولا إلى أعمال وسلوك على الأرض وجعلنا نتجرع الهزائم الفكرية قبل الفعلية وننتجها بجدارة. لهذا أصبح حالُنا شبيهًا بحال جُحا في التراث العربي، حين هاجمه اللصوص وهو حامل للسيف في يمينه والعصا في يساره؛ حيث برر عدم مقاومته للصوص بانشغال كلتا يديه بالسيف والعصا، فهل يُقاتل اللصوص بأسنانه؟! فحين تنقسم الأمة وتختلف في تعريف العدو والمحتل، والمظلوم وصاحب الحق، وتساوي بين الجلاد والضحية، ويتعذَّر عليها فهم المصطلحات وتفسيراتها، وتختلف على فهم الثابت والمتحول، والخلاف والاختلاف، والأصول والفروع، فهذه دلائل دامغة على وصولها مرحلة مُتقدمة من أعراض قمع الوعي وبلا وعي منها.

قبل اللقاء.. يسعى الغرب عبر قاعدته المُتقدمة واستثماره الاستراتيجي المسمى بـ"إسرائيل"، إلى إطلاق رصاصة الرحمة على ما تبقى من الوعي لدى عرب زماننا عبر ما يُسمى بـ"السلام والتطبيع" وأخواتهما.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وتبقى الأمنيات

يمانيون ـ  إيناس عبدالوهاب الشهاري*

طرقت يومًا في صغري باب الأمنيات، ووضعت بداخل صندوقه كل ما أحسست به يغلف روحي ويداعب وجداني ويحاكي آمالي،
لأختم على أوراقه المقفلة بدموعي الحارة ومشاعري الحزينة..
وتبقى الأمنيات تعلوها أتربة وغبار السنوات، حتى أتت الرياح لتنثر كل ما حاولت أن أنساه أو أتجاهله، ووضعته أمامي من جديد، فأمنياتي التي لم تتحقق يومًا تعود لتذكرني بأني في كل مرة أعيد رسم الملامح الجميلة لوطني وشعبي العربي الكبير.
أتنقل بين مُدنه دون استئذان يذلني، ولا تذكرة للعبور تقسم ظهري، ولا فيزة للسماح بالدخول عبر الحدود الوهمية تلوي ذراعي .

فهم لم يعرفوا أنّي منذ طفولتي قد فرغّت له زاوية في مخيلتي، لأعيش العزة في وحدة المبدأ، وأتنفس الحرية في امتلاك القرار، وأحتضن الكرامة في الإحساس بالإنسانية، وأتمتع بالمحبة على أرضه الموحدة .

فقد تعلمت في طفولتي عن القيّم الإنسانية وقيمة الأمة العربية، ليتكرر سؤالي المتجدد عن الأمة !

فما هي الأمة ان لم تتوحد في أعرافها وثقافاتها ودينها، فما هي الأمة إن لم تفتح ذراعيها لأبنائها!
فما هي الأمة أن لم تتداعى لأوجاع بعضها وتتألم وتسهر لأنين جزء منها.. فما هي الأمة أن لم تحارب من أجل بقائها حرة أبية !

وأعود لطيّ أوراقي المتناثرة لأضعها من جديد في صندوق الأمنيات كما كل مرة، على أمل أن تتحقق يومًا..

وبينما أقوم بطيّ الأوراق المتناثرة لأضعها من جديد في صندوق الأمنيات،
فإذا بالصندوق لم يعد كما عهدته، فقد تلطخ بالدماء، ورائحة الموت تفوح منه ، وصور لأشلاء ممزقة وبيوت مدمرة تفيض من داخله، وصراخ لأطفال وأناس يبكون بألم تتعالى من كل جوانبه، والأشباح المخيفة تدور حوله، فيصيبني الفزع وتعلو ملامح وجهي الحزن والحسرة الشديدة، فتعود تساؤلاتي من جديد !
أيبقى لأمنياتي مكان ؟
إلى أن سقط ضوء من السماء فاحتضنته الأرض المليئة بالأحزان، والمطعونة من ابنها الذي تنكر وتحوّل إلى شيطان، الموجوعة من خذلان الإنسان لأخيه الإنسان، انه ضوء إمام الزمان،
ليتعالى صوته المتحدي لمن تحول إلى غول بشكل إنسان،
فيطرق مسامع من بقي في قلبه الإيمان وعرف معنى معاني القرآن،
انه صوت السيد القائد وعباراته المجلجلة وإيمانه وثقته بالله المتوسلة لبارئها أن يمده بالعون هو ومن يعتلون مركبه،
ليجذفوا هم وقائدهم في بحر الأمنيات بالعمل والمثابرة فيصنعوا المستحيل، ويحققوا ما لم يستطيع أحد أن يحققه إلى الآن،
أجل إنه اليمني هو الوحيد من يعرف ماذا تعني له الأمة ليكون هو من يمثل أمة بأكملها، مستعد أن يواجه أعتى الجبابرة والمتكبرين وألعن الشياطين المتلبسين في هيئة آدميين، وعنده كامل الجهوزية للدفاع عن
المظلومين ونصرة المستضعفين،
ليرفع راية الله نصب عينيه فيسقيها بدمه ويغذيها من روحه،
وكأنه يقول لي فلترفعي من سقف مطالبكِ الحقّة فتحقيقها أصبح بالإمكان.

• المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب

مقالات مشابهة

  • وتبقى الأمنيات
  • معرض كاريكاتير لنجيب محفوظ وعدد من حائزى جائزة نوبل للآداب في الهناجر
  • تكريم فريق الزوراء بشرارة بطل طوفان الأقصى بعمران
  • الحملة الامريكية على اليمن.. تكلفة عالية ونتائج متواضعة (فيديو)
  • فضيلة الصمت العميق لفصائل المقاومة
  • الأرصاد: أمطار رعدية على الغرب والوسط… والحرارة تنخفض تدريجيًا
  • سمير فرج: أهالي غزة يستحقون جائزة نوبل للسلام إزاء ما تحملوه
  • إسرائيل تنشر رسالة “خطيرة” بعثها السنوار إلى قادة “القسام” والحرس الثوري الإيراني قبل “طوفان الأقصى”
  • من محور بركة النقار إلى الغرب من بلدة شبعا.. هذا ما فعلته جرافة إسرائيلية
  • كوريا الجنوبية تضخ 2 مليار دولار لمواجهة طوفان الرسوم الأمريكية