نشر موقع "دويتشه فيله" الألماني تقريرًا ناقش فيه التهديدات التي تشكلها الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين على الحكام المستبدين في الشرق الأوسط وكيف قُمع بعضها بشكل عنيف، وهو ما يزيد من توتر الشارع ويعزز دعم القضية الفلسطينية.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن المسيرات المؤيدة للفلسطينيين في بعض دول الشرق الأوسط تذكّرنا بالاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية التي اندلعت سنة 2011 لذلك يشعر الزعماء المستبدون في المنطقة الآن بالقلق من أن يؤدي الصراع في غزة إلى تغيير الوضع السياسي في دول المنطقة.



في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، سُمح للمصريين بالقيام بما لم يُسمح لهم بفعله لسنوات وهو الاحتجاج. فالحكومة الاستبدادية في البلاد لا تدعم الحق في حرية التجمع، ولكن منذ حوالي أسبوعين، سمحت الحكومة المصرية، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، للمظاهرات المؤيدة للفلسطينيين بالمضي قدمًا في ظل شروط صارمة وفي مواقع معينة.

وحسب مراقبين فإن بعض الاحتجاجات في مصر كانت برعاية الدولة بشكل واضح، مشيرين إلى أن المتظاهرين تم نقلهم بالحافلات وهتفوا دعمًا للسيسي وكذلك الأراضي الفلسطينية. لكن بعضها الآخر كان أكثر عفوية وبعضها أصبح معارضًا.



وأضاف الموقع أن العديد من السكان المحليين توجهوا إلى ميدان التحرير، المركز الرمزي لاحتجاجات مصر لسنة 2011، التي كانت جزءًا من حركة "الربيع العربي" المؤيدة للديمقراطية التي أزاحت في نهاية المطاف الدكتاتور المصري السابق حسني مبارك. وأثناء وجودهم هناك، تغيّرت الهتافات من التركيز الفلسطيني إلى هتافات كانت تُسمع غالبًا في سنة 2011 وموجهة إلى السلطات المصرية: "عيش، حرية، عدالة اجتماعية!".

"بوابة إلى السياسة"

نقل الموقع عن حسام الحملاوي، الباحث والناشط المصري الذي يعيش الآن في ألمانيا ويكتب نشرة إخبارية منتظمة عن السياسة المصرية، أن "القضية الفلسطينية كانت دائمًا عاملاً سياسيًا للشباب المصري عبر الأجيال".

وأضاف الحملاوي "بالنسبة للعديد من النشطاء السياسيين المصريين - سواء أولئك الذين قادوا ثورة 2011 أو شاركوا في الاحتجاجات السابقة - كانت القضية الفلسطينية هي بوابتهم إلى السياسة. كانت انتفاضة 2011 في مصر حرفيًا ذروة عملية بدأت مع "الانتفاضة الفلسطينية الثانية قبل عقد من الزمان".

وأشار الموقع إلى أن السلطات المصرية قامت بقمع المعارضة بشكل أكثر صرامة، وذلك لمنع أي احتجاجات أخرى مؤيدة للفلسطينيين من أن تتحوّل إلى مظاهرات مناهضة للحكومة، إذ حيث اعتقلت أكثر من 100 شخص وعززت الأمن في الساحات العامة، وذلك حسب الحملاوي. لكن الحكومة المصرية ليست النظام الوحيد في المنطقة الذي يخشى أن تهدد القضية الفلسطينية ــ وهي القضية التي يتعاطف معها بشدة العديد من الناس العاديين الذين يعيشون في الشرق الأوسط ــ الوضع السياسي الراهن.



نقل الموقع عن جوست هلترمان، رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية، أن زعماء المنطقة "لطالما نظروا إلى القضية الفلسطينية كوسيلة للناس للتنفيس عن غضبهم. لكنه سلاح ذو حدين. فعندما تكون الظروف في بلد ما سيئة للغاية، يمكن أن تأخذ الاحتجاجات منحى داخليًا وتصبح انتقادًا للنظام الحاكم".

وذكر الموقع أن حكومة البحرين حظرت الاحتجاجات منذ 2011 لكنها سمحت للمظاهرات المؤيدة للفلسطينيين بالمضي قدمًا خلال الشهر الماضي. وكانت هذه أكبر من أي احتجاجات أخرى منذ احتجاجات "الربيع العربي" في البحرين وتقول تقارير إعلامية إن بعض المشاركين حملوا لافتات تصور ملك البحرين وهو يمسك بيد الزعيم الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقد تم استدعاء شرطة مكافحة الشغب لتفريق الاحتجاجات.

وفي تونس، كانت هناك أيضًا احتجاجات كبيرة مؤيدة للفلسطينيين، وكان الزعيم التونسي الاستبدادي بشكل متزايد، قيس سعيّد، يسير بشكل واضح على خطّ رفيع بشأن هذه القضية. لقد استخدم تعاطف السكان المحليين مع الفلسطينيين لأغراضه الخاصة وربما لتعزيز شعبيته.

وأشار الموقع إلى أن خبراء في مجموعة الأزمات كتبوا في تعليق في وقت سابق من هذا الشهر: "جزء من دوافع سعيّد لاتخاذ موقف صارم وإثارة الغضب الشعبي قد يكون صرف الانتباه عن الاستراتيجيات الاقتصادية الرهيبة للبلاد".

وأوضح الموقع أن سعيّد قد أعلن تأييده، في البداية، لمشروع قانون يجعل التطبيع مع إسرائيل جريمة جنائية. لكنه تراجع في الآونة الأخيرة قائلًا إن مثل هذا القانون سيضر بآفاق تونس الاقتصادية والدبلوماسية المستقبلية.

استياء واسع النطاق من القيادة

وقال الحملاوي إن الوضع "يكشف مدى ضعف الأنظمة العربية، بما فيها مصر، وعدم قدرتها على التأثير على ما يحدث وحماية الفلسطينيين أو التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وهذا يثير استياءً واسع النطاق يمكن رؤيته في جميع أنحاء وسائل التواصل الاجتماعي: فالناس يشاركون الأخبار من فلسطين بفارغ الصبر، بالإضافة إلى الصور الساخرة والرسوم الكاريكاتورية والنكات التي تسخر من السيسي وغيره من الحكام العرب".

وأضاف أن هذا لا يعني أن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ستتحول إلى حركة جديدة مؤيدة للديمقراطية، أو على الأقل، ليس الآن. وأوضح الحملاوي: "لسنا على وشك تكرار أحداث 2011 مرة أخرى، لأن هناك فرقًا كبيرًا بين المعارضين بين الحين والآخر"، مشيرًا إلى أن حكومة السيسي قمعت بشكل أو بآخر جميع أصوات المعارضة تقريبًا. مع ذلك، أشار الحملاوي إلى وجود بعض المؤشرات الصغيرة والمحلية على وجود معارضة مستمرة، موضحًا "كلما طال أمد هذه الحرب في غزة، زاد احتمال حدوث شيء ما".

وبيّن الموقع أن دول الشرق الأوسط التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، أو خططت لتطبيعها، تعمل على الموازنة بين التصريحات العامة الغاضبة حول هذا الموضوع والسياسة الواقعية في السر، لتجنب ذلك.



وحسب مجلة "إيكونوميست" البريطانية فإنه "في محادثات غير رسمية... تحدث بعض المسؤولين العرب عن حركة حماس وغزة بنوع من اللغة التي يتوقع المرء سماعها من الإسرائيليين اليمينيين…إنهم لا يتعاطفون مع جماعة إسلامية تدعمها إيران. لكنهم لا يجرؤون على الإدلاء بمثل هذه التصريحات علنًا".

في مقال افتتاحي في "الجزيرة" في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، كتب الملل السياسي، مروان بشارة، قائلا: "اليوم قد يكون القادة العرب على استعداد للتحدث علنًا باسم فلسطين، لكن القليل منهم مستعدون أو قادرون على المضي في كلامهم".

لا توجد نتائج هامة متوقعة

وأوضح الموقع أن الاجتماعات التي تنعقد في الشرق الأوسط لا تحمل الكثير من التوقعات. حيال هذا الشأن، أوضح جوست هلترمان: "الاجتماعات لن تؤدي إلى الكثير. فالأنظمة تريد التأكد من أن يُنظر إليها على أنها تفعل شيئًا ما، حتى لو لم تفعل الكثير".

وقال هلترمان إن المستبدين في الشرق الأوسط قد يضغطون على الولايات المتحدة لكبح جماح شريكتها الإسرائيلية، وقد يهددون بسحب، أو يسحبون سفراءهم بالفعل. "إنهم يريدون أن يبدوا أكثر قداسة من البابا عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية. لكنهم لن يقطعوا العلاقات مع إسرائيل التي تصب في مصالحهم الوطنية. إن الأمر كله يتعلق بالتشدق بالقضية الفلسطينية - كما رأيناهم يفعلون منذ عقود بالفعل".

ويوافق الحملاوي على ذلك قائلًا: "ستكون هناك بيانات الإدانة المعتادة والعلاقات العامة المعتادة. لكن لا، لا أعتقد أن أي شيء جوهري سينتج عن ذلك، دع أي شخص وحده يعلن الحرب".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة احتلال غزة الوطن العربي طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المؤیدة للفلسطینیین القضیة الفلسطینیة فی الشرق الأوسط الموقع أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

جامعة دار الكلمة تنظم "المؤتمر الدولي حول فهم الصهيونية المسيحية "

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

نظمت  جامعة دار الكلمة في بيت لحم، ومؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي في عمان ، "المؤتمر الدولي حول فهم الصهيونية المسيحية وآثارها على المسيحيين في الشرق الأوسط"، تحت رعاية الأمير غازي بن محمد، المستشار الرئيسي لملك الأردن  للشؤون الدينية والثقافية والمبعوث الشخصي،  في موقع المعمودية . 
شارك في المؤتمر مجموعة من الخبراء الأكاديميين والقادة الدينيين العالميين من 17 دولة متخصصين في اللاهوت والتاريخ والآثار والأنثروبولوجيا المتعلقة بالصهيونية المسيحية. بالإضافة إلى ذلك، يشارك في هذا المؤتمر رؤساء الكنائس من القدس والأردن.
افتتح الأمير غازي بن محمد المؤتمر باستضافة المشاركين في جولة في مسار الحج في المعمودية. وسلطت الجولة الضوء على أهمية الموقع بالنسبة للمسيحية ودور جلالة الملك عبد الله الثاني في حماية المواقع المسيحية والمجتمع في الأرض المقدسة.

في الجلسة الافتتاحية، أوضح البطريرك ثيوفيلوس أن شرعنة الصهيونية المسيحية للإبادة الجماعية وتأييدها للاحتلال والعنف ليس جزءًا من المسيحية الحقيقية: فالمسيح لم يدع أبدًا إلى العنف.
ركزت مناقشات الأيام الأربعة للمؤتمر على المواضيع التالية:
1. فهم الصهيونية المسيحية تاريخيًا
2. الصهيونية المسيحية والاستعمار والإبادة الجماعية
3. الصهيونية المسيحية وعلم الآثار الاستيطاني والتهديد للقدس
4. الصهيونية المسيحية العالمية في الولايات المتحدة ومنطقة الشمال الأوروبي وأوروبا
5. الصهيونية المسيحية العالمية في كندا والهند واليابان
6. الدراسات الناشئة حول الصهيونية المسيحية
7. استراتيجيات وتكتيكات لمواجهة الصهيونية المسيحية
تتميز هذه المشاورة لعدة أسباب:
أولاً، تجمع لأول مرة معظم العلماء البارزين الذين ساهموا بشكل كبير في هذا الموضوع في إطار دولي شامل.
ثانيًا: تركز على موضوع غير مدروس: تأثيرات الصهيونية المسيحية على المسيحيين في الشرق الأوسط.
ثالثًا، يتم تنظيم هذا التجمع تحت رعاية الكنائس المحلية، مما يؤكد على أهمية الاستماع إلى المسيحيين في الشرق الأوسط بدلاً من مجرد مناقشتهم.
رابعًا، بالإضافة إلى العلماء وقادة الكنيسة، ينضم إلى المؤتمر مؤثرون في وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة في مجال الدين لتوسيع الوعي بهذه القضية الحيوية.
خامسًا، يتبنى هذا التشاور نهجًا مناهضًا للاستعمار. ويسلط الضوء على كيف توفر الصهيونية المسيحية الإطار الأيديولوجي، أي البرمجيات، التي تسهل استعمار الأراضي الفلسطينية من قبل المستوطنين، في حين يوفر الدعم العسكري الغربي الأجهزة، مما يتيح التطهير العرقي والإبادة الجماعية.
إن الإسلاموفوبيا والعنصرية ضد العرب جزء لا يتجزأ من الصهيونية المسيحية، التي غالبًا ما تعامل محنة المسيحيين في الشرق الأوسط على أنها أضرار جانبية.
سادسًا، يهدف المؤتمر إلى تجميع ونشر مختارات عالمية غير مسبوقة عن الصهيونية المسيحية.
سابعًا، تتمتع هذه المشاورة بأهمية لأنها تجري في الأردن، في موقع معمودية السيد المسيح، حيث بشر يوحنا المعمدان إيذانًا ببداية الخدمة العامة للمسيح.
وأخيرًا، فإن توقيت هذه المشاورة مؤثر بشكل خاص. عندما تم التخطيط للمؤتمر قبل عامين، لم يكن أحد يتوقع أن يشكل الرئيس ترامب أكثر حكومة مسيحية صهيونية في تاريخ أمريكا أو أن اليمين السياسي بآرائه الاستشراقية والمسيحية الوطنية سيكتسب زخمًا في أوروبا.

واختتم المؤتمر بوضع توصيات ملموسة للاستراتيجيات والإجراءات المستقبلية.

تضمنت اللجنة التوجيهية للتشاور كلا من الدكتور متري الراهب، رئيس جامعة دار الكلمة في بيت لحم، الدكتور طارق الجوهري، المدير العام لمعهد آل البيت للفكر الإسلامي، الدكتور وصفي كيلاني، مدير الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة، الأسقف الدكتور منيب يونان، الأسقف السابق للكنيسة اللوثرية في القدس والأردن، الدكتور روبرت سميث، أستاذ التاريخ ووزير مكرس في الكنيسة الإنجيلية الأمريكية

IMG_1389 IMG_1388 IMG_1387 IMG_1386

مقالات مشابهة

  • جامعة دار الكلمة تنظم "المؤتمر الدولي حول فهم الصهيونية المسيحية "
  • ترامب وملفات الشرق الأوسط المتشابكة
  • المؤتمر: تدفق المساعدات إلى غزة ترجمة حقيقية لالتزام مصر التاريخي تجاه القضية الفلسطينية
  • برلماني: التاريخ لن ينسى دور مصر في دعم القضية الفلسطينية وتقديم المساعدات
  • عضو «طاقة النواب»: التاريخ لن ينسى دور مصر في دعم القضية الفلسطينية
  • عضو بـ«النواب»: التاريخ لن ينسى دور مصر في دعم القضية الفلسطينية
  • أستاذ علاقات دولية: القضية الفلسطينية تمر بمرحلة خطيرة تحتاج للتنسيق
  • أستاذ علاقات دولية: القضية الفلسطينية تمر بمرحلة خطيرة تحتاج إلى التنسيق
  • هل تقرب "سياسة ترامب الانعزالية" الصين من دول العالم؟
  • وزير الخارجية: نقدر دور أوزبكستان لدعمها القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة