يبدو أن بلادنا محكوم عليها منذ عقود بأن تكون ملاعب للكبار، يرضى طرف منا أن يلعب كبير مجرم متوحش في ملعب جاره، موهما إياه أنه حليفه، ولكن في حقيقته وجوهره ليس إلّا حليفا لمصالحة ونزواته، فيصمت هذا الطرف ما دام اللعب بعيدا عن ساحاته وعن أراضيه، فيأتي كبير مجرم آخر حليف ظاهريا للملعوب بأرضه الأول فيجرم بحق الجار الآخر، وهكذا دواليك.
يُجْرم الاحتلال الروسي والإيراني في حق أهلنا في سوريا ولبنان واليمن والعراق، بينما يتولى المحتل الصهيوني الأمريكي مهمة الإجرام والتوحش في فلسطين الحبيبة وغزة العزة، والأمة عاجزة عن فعل شيء، إذ إنها ما دامت قد صمتت على جرائم متوحشة لأكثر من عقدين في العراق وسوريا واليمن، تواصل الصمت، وتستمرئ السكوت على ما يجري على أرض فلسطين الغالية اليوم.
أن يتحول قادة العالم العربي والعالم الإسلامي إلا من رحم الله؛ إلى جوقة مطبّلة لما يجري، بل ومرحّبة، والبعض صامت أو متآمر، ولكن في المحصلة الكل ليس في خانة المقاومة الفلسطينية أو السورية أو اليمنية.. وتستمر المعاناة، ويستمر النزيف، ولكنه نزيف قلّما شهدته الأمة، من خسائر مرعبة، وعلى مساحة جغرافية تهدد حواضر الأمة برمتها
ينحشر الروسي في زاوية بأوكرانيا، فيلتفت إلى الشرق الأوسط، كخزان لتفريغ مشاكله مع خصومه، فينتقم منهم ويثأر لنفسه على حساب دماء وأشلاء أهلنا، وينحشر الصيني في زاوية من تايوان فينتقم ويثأر من الأمريكي والغربي بشكل عام من أهلنا وأطفالنا، وعلى غراره يفعل الإيراني الذي يقتلنا صباح مساء ويسلبنا كل شيء، فيقوم فيتاجر ويستثمر في معاناة أهلنا في فلسطين الغالية، فيكسب نقاطا على حسابنا وعلى حساب معاناتنا.
تلك هي حالتنا لعقود ولا تزال، وستتواصل في ظل افتقارنا إلى مشروع خاص بنا، بغض النظر عن الكبار المتوحشين الذين يجرمون بحقنا على مدار الساعة.
الأسوأ من ذلك كله هو أن يتحول قادة العالم العربي والعالم الإسلامي إلا من رحم الله؛ إلى جوقة مطبّلة لما يجري، بل ومرحّبة، والبعض صامت أو متآمر، ولكن في المحصلة الكل ليس في خانة المقاومة الفلسطينية أو السورية أو اليمنية.. وتستمر المعاناة، ويستمر النزيف، ولكنه نزيف قلّما شهدته الأمة، من خسائر مرعبة، وعلى مساحة جغرافية تهدد حواضر الأمة برمتها، وقد ظهر ذلك بوضوح فيما جرى ويجري في بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت.
النقاط المضيئة والمشعة في الأمة اليوم تشير إلى أنها ستكون انطلاقة ورافعة لها كلها، لا سيما مع هذا الصمود الذي تبديه المقاومة الفلسطينية رغم الخسائر المدنية التي تُدمي القلوب وتفطرها، مشفوعة بجرائم عالمية بشعة في الصمت على مجزرة المشافي التي يقوم بها الجيش الصهيوني لأكثر من شهر، بقصفه المشافي وتدميرها ومنعه حتى من الوقود، مما تسبب في تكديس جثث الشهداء، وتكدس المرضى دون تلقيهم العلاج اللازم.
اللعب في ملاعبنا لم يعد الأمر سهلا ولا يسيرا، اللعب في ملاعبنا مكلف على مستوى ضحايا اللاعبين، وعلى المستوى الأخلاقي والقانوني داخل اللاعبين الكبار المتوحشين
كنا في الأسبوع الماضي بحفل افتتاح مبنى لكلية العلوم السياسية والإعلام في جامعة إدلب، بحضور لفيف من العلماء والدكاترة من الشمال السوري المحرر وخارجه، وكان من بينهم الدكتور مثنى حارث الضاري، المسؤول السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق، والدكتور الحسن الكتاني، أمين عام رابطة علماء المغرب العربي، وحضر معنا الدكتور فرانسو بورغا من باريس والذي لفت انتباهي وانتباه الحاضرين إلى مسألة في غاية الأهمية، فتعكس حقائق كثيرة غائبة عنا، وهي قوله بأنكم أنتم على الطريق الصحيح، ونحن على الطريق المعاكس قانونيا وأخلاقيا، وأنتم من ستساعدوننا الآن وفي المستقبل، لمست تماما حجم المعضلات الأخلاقية والقانونية التي تسببها العدوان الصهيوني على غزة، ومن قبلها العدوان الغربي على المنطقة العربية، وعلى رأسه التآمر مع الاستبداد والاحتلال الداخلي في قتل الموجة الأولى للربيع العربي، ولكنها موجة، وستعقبها موجات ضخمة.
باختصار، اللعب في ملاعبنا لم يعد الأمر سهلا ولا يسيرا، اللعب في ملاعبنا مكلف على مستوى ضحايا اللاعبين، وعلى المستوى الأخلاقي والقانوني داخل اللاعبين الكبار المتوحشين، وهو ما لمسناه في كلمة فرانسوا بورغا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الاحتلال فلسطين غزة سوريا فلسطين غزة الاحتلال صراعات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
النائب حازم الجندي: الموقف المصري سيظل منبراً للحشد العربي لدعم القضية الفلسطينية واستعادة حقوقه المشروعة
قال المهندس حازم الجندي، عضو اللجنة العامة بمجلس الشيوخ، وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إن تواصل مصر، بقيادتها الحكيمة بزعامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بذلت جهودها المكثفة لإنجاح المساعي الرامية إلى تثبيت الهدنة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وإتمام عملية تبادل الأسرى، في إطار دورها المحوري كركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي.
وأكد الجندي، في بيان له، أنه منذ اندلاع الأزمة تحركت القاهرة بفاعلية عبر قنواتها الدبلوماسية، معتمدة على خبرتها العميقة في إدارة الملفات المعقدة، وساعية إلى تحقيق توازن دقيق بين ضرورات التهدئة ومتطلبات الحل العادل.
ولفت أن الدولة المصرية أكدت في كل مراحل التفاوض، التزامها بالعمل على تجنيب المدنيين ويلات النزاع، وإيجاد أرضية مشتركة تتيح الوصول إلى تسوية تضمن حقوق جميع الأطراف، في إطار احترام القوانين والمواثيق الدولية.
وأوضح عضو مجلس الشيوخ أن لمصر دور أساسي في الترتيبات المتعلقة بتبادل الأسرى، حيث حرصت على الدفع قدمًا نحو تنفيذ هذه العملية بشكل منظم وعادل، بما يضمن الإفراج عن المحتجزين وفقًا لاتفاقيات متوازنة تلبّي التطلعات الإنسانية والسياسية، مشيراً إلى أنه لم يكن التحرك المصري مجرد استجابة لحالة آنية، بل جاء في سياق نهج ثابت يعكس التزام الدولة بالعمل الدؤوب لتخفيف المعاناة الإنسانية وتعزيز فرص الاستقرار، بعيدًا عن أي حسابات ضيقة أو مصالح آنية.
وأضاف عضو مجلس الشيوخ، أن موقف الدولة المصرية من قضية التهجير القسري للفلسطينيين، يؤكد مجددا ثبات موقفها التي ظلت متمسكة برفضها القاطع لأي محاولات تهدف إلى فرض أمر واقع جديد يتعارض مع مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية، مشيراً إلى أن منذ اللحظة الأولى، عبر الرئيس عبد الفتاح السيسي بوضوح عن موقف الدولة المصرية الرافض تمامًا لأي مخططات ترمي إلى تهجير السكان من أراضيهم، مؤكدًا أن مصر لن تكون طرفًا في أي ترتيبات من شأنها المساس بالحقوق الثابتة للشعوب.