نوفمبر 13, 2023آخر تحديث: نوفمبر 13, 2023

رامي الشاعر

كاتب ومحلل سياسي

أكد البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية في الرياض “ضرورة تحرك المجتمع الدولي لإطلاق عملية سلمية جادة وحقيقية لفرض السلام في فلسطين على أساس حل الدولتين الذي يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، لا سيما حقه في تجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.

هناك من كان يفضّل أن يكون المؤتمر للرؤساء العرب دون غيرهم،  وهناك من يعتبر البيان “لم يكن بمستوى تطلعات الشارع العربي” وما يتطلبه الوضع الراهن في غزة، وغيرها من التقديرات المختلفة التي رأت في مجرد “التنديد” و”الشجب” و”الرفض” و”الدعوة لمؤتمرات” هي أدوات دبلوماسية وسياسية لا تليق بالكارثة الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية  والتطهير العرقي التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي جهارا نهارا على مسمع ومرأى من العالم أجمع.

بشكل عام، ومع احترامي وتقديري الشديد لكل التقييمات والخطابات  لجميع الرؤساء، الذين أثق في تقديرهم للموقف، وكذلك لجهود المملكة العربية السعودية، فإني أعتبر أن المؤتمر ليس سوى خطوة أولى، ربما تأخرت، حيث كنت أتمنى أن تعقد فوراً، خلال أسبوع واحد من قصف المستشفى الأول (المعمداني) في غزة. إلا أنني أعتبر نتائج المؤتمر هامة  ومثمرة، لثقتي الكاملة في أنه إذا ما استمرت الأوضاع على ما هو عليه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن مؤتمراً استثنائياً لقمة عربية خلال الأسبوعين القادمين سيكون حتمياً.

أرى أن نتائج المؤتمر والهدف من البيان الختامي التفصيلي والموسع  هي ضرورية  جداً، لكونها رسالةً واضحةً موجهةً للإدارة الأمريكية، وهي رسالة غير محصورة في المواجهات العسكرية والحرب التي تخوضها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، بل هي رسالة أعمق وأوسع بكثير، وتمس الأهداف والمصالح الأمريكية في المنطقة.

وقد تصرف الرؤساء العرب  بحكمة بإرسالهم هذه الرسالة المفصلة (من خلال البيان الختامي) من منصة العالم الإسلامي، لإعطاء فرصة ومجال للإدارة الأمريكية الحالية للتفكير بأن هذا هو موقف العالم العربي والإسلامي معاً، وإذا لم يتم الالتفات إليها واحترامها، ستكون النتيجة بالفعل نشوب حرب إقليمية واسعة، تطال تبعاتها جميع المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وسائر العالم الإسلامي، وربما ستخرج، بالإضافة إلى ذلك، جميع القواعد العسكرية الأمريكية من المنطقة، وستكون النتائج كارثية على الحليفة إسرائيل قبل أي أحد آخر.

على الولايات المتحدة الأمريكية الآن أن تحمي إسرائيل من حماقة القيادة الإسرائيلية، أن تحمي إسرائيل من نفسها.

كذلك أوضح زعماء الدول العربية والإسلامية بأن تدهور الأوضاع  ونشوب حرب إقليمية، في ضوء الوضع الدولي الراهن، على خلفية الأحداث في أوكرانيا، والتي وضعت العلاقات الروسية الأمريكية في أسوأ أوضاعها على الإطلاق، يمكن أن يتسبب في نشوب حرب عالمية ثالثة، خاصة أن هناك قواعد أمريكية في عدد من الدول المنطقة، فيما تتواجد قوات روسية  في سوريا على سبيل المثال.

لعل أهم رسالة تم توجيهها للإدارة الأمريكية هي أن العالم  العربي والإسلامي يرفض نهائياً أي محاولات لتحجيم ما يجري اليوم في غزة بأنه مجرد “حرب مع حماس” وأن هذا ليس سوى اجتزاء مخل من السياق العام للقضية الفلسطينية، التي تمتد جذورها التاريخية وتستند إلى جوهر احتلال الأراضي وتهجير السكان الأصليين وقمع شعب بأكمله وممارسة  سياسات الفصل العنصري وتعجيز السلطة الفلسطينية وحرمان قطاع غزة من الحياة وحصاره زهاء 17 عاما.

إن أحداث 7 أكتوبر، ونشوب معركة طوفان الأقصى هي تواصل منطقي لسلسلة النضال الفلسطيني والمقاومة ضد المحتل وضد توسعه الاستيطاني غير الشرعي من وجهة نظر القانون الدولي.

وواضح للجميع أن إسرائيل بقيادتها الحالية الأكثر تطرفاً في تاريخ البلاد لا تفرّق بين شعب القطاع وشعب الضفة، وأنها تستهدف جميع الفلسطينيين، وهو ما دفع جميع الشعوب العربية والإسلامية والأحرار حول العالم ليس فقط في أمريكا اللاتينية وإنما أيضاً في أوروبا وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية للوقوف بجانب هذا النضال العادل  والشرعي، الذي يخوض معركة التحرير، التي بدأت من جنين في الأيام الأولى من هذا العام، وكنت قد كتبت فوراً مقالاً بعنوان “المواجهة وتخليد شهداء جنين يكون بإعلان 2023 عام فلسطين فوراً” نشر على موقع “رأي اليوم” ونشرت حينها قائمة بأسماء أول الشهداء وبينهم امرأة مسنة  هي الشهيدة أم زياد، أول شهيدة من النساء والأمهات في بداية هذا العام (أصبح عدد الشهداء المدنيين قبل نهاية العام بقليل أكثر من 11 ألف شهيداً بينهم 5 آلاف من الأطفال، ولا زال الآلاف يرزحون تحت الأنقاض)، وطالبت بإعلان هذا العام 2023 عام فلسطين، وهو ما يحدث اليوم  فعلياً على الأرض في عدد من البلدان والمدن في جميع أنحاء العالم، فيما تخرج الشعوب تضامناً مع الشعب الفلسطيني، حيث لم تقل الأعداد المشاركة في مسيرة يوم أمس بالعاصمة البريطانية لندن عن 300 ألف متضامن.

إن كل محاولات الإدارة الأمريكية وحلفائها تشويه النضال الفلسطيني، وربطه بما تسميه “الإرهاب” فشلت، واليوم بدأت دول وشعوب العالم، أكثر من أي وقت مضى، تتفهم وتعي التسلسل التاريخي للأحداث، وبدأ الشباب في جميع أنحاء العالم يقرأون عن أصول القضية الفلسطينية، وتاريخ النكبة، والتهجير، والاحتلال، والحروب العربية الإسرائيلية، وغيرها  من القضايا التي تفنن الغرب والصهيونية العالمية في إخفائها، والتعامل معها بوصفها “تفاصيل غير مهمة”، إلا أنها تعود اليوم لتتصدر المشهد، وتعرض قضيتنا العادلة أمام العالم أجمع. أصبح الجميع يرى بوضوح شديد حق شعبنا الفلسطيني في خوض معركة التحرير، ويرى ضرورة أن يضطلع  العالم بمسؤوليته الكبيرة لمنح الشعب الفلسطيني حقه كبقية شعوب العالم في التمتع بدولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، وتحقيق ذلك بأسرع وقت ممكن تفادياً لوقوع مزيد من الضحايا خاصة المدنيين.

ولا يسعني هنا سوى الإشارة إلى أن ما تقوم به الولايات المتحدة  الأمريكية من تورط في القتل العمد والإبادة للأطفال الفلسطينيين في غزة، وعملية التصفية الجسدية للشعب الفلسطيني بحجة “القضاء على حماس”، يقوض أي جهود “وساطة” أو ما تدعو إليه من “ديمقراطية” أو “حرية”، وقد خلع الغرب جميع برقع الحياء، وانكشفت كل حيل الرهان على الخلافات  أو الانشقاق في الساحة الفلسطينية، فالشعب الفلسطيني اليوم واحد، والأمة العربية والإسلامية اليوم واحد، وأحرار العالم اليوم واحد في مواجهة آلة القمع الصهيونية التي تقف وراءها الولايات المتحدة، وبدونها لا تستطيع أن تخطو خطوة واحدة.

إن شعبنا الفلسطيني اليوم، أكرر، هو شعب واحد يخوض نضالاً مقدساً من أجل التحرير والاستقلال.

 

والبيان الذي أصدرته القمة العربية الإسلامية في الرياض يوم أمس يعبر عن موقف العالم بأجمعه، ربما باستثناء سبع أو عشر دول برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية تقف منعزلة ضد الإرادة الدولية العظمى، في عجرفة وغطرسة للقوة أمام الحق بالقتل المتعمد للشعب الفلسطيني أطفالاً ونساءً ومرضى ومسنين على يد العصابة الصهيونية التابعة  للإدارة الأمريكية الحالية.

سيأتي اليوم الذي سيتضح للعالم بأسره أن الشعب الفلسطيني يساهم من خلال ضحاياه وقوافل شهدائه من الأطفال والنساء في تحرير البشرية من الهيمنة الصهيونية الأمريكية وانتقال العالم إلى عالم جديد متعدد القطبية تحترم فيه حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، ويحترم سيادة الدول بصرف النظر عن حجمها، وحقها في اختيار كيف تعيش.

ختاماً، أقول إنها الفرصة الأخيرة للإدارة الأمريكية لمراجعة سياستها، والوقف الفوري لعمليات التصفية الجسدية للشعب الفلسطيني، وهذا هو جوهر البيان الختامي المفصل للقمة العربية الإسلامية في الرياض، ونحن بانتظار القمة العربية الاستثنائية خلال أسبوعين، والتي أرجو أن تخرج بنتائج محددة تلبي تطلعات جميع الشعوب العربية والإسلامية ومحبي العدالة والحرية للشعب الفلسطيني وباقي شعوب العالم .

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: العربیة والإسلامیة للإدارة الأمریکیة الولایات المتحدة للشعب الفلسطینی البیان الختامی فی غزة

إقرأ أيضاً:

"صُناع الأمل" تعلن تفاصيل حفلها الختامي

كشفت مبادرة "صناع الأمل"تفاصيل الحفل الختامي لنسختها الخامسة الذي يقام برعاية وحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب، رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في 23 فبراير(شباط) الجاري في "كوكا كولا أرينا" في سيتي ووك بدبي، حيث ينال صانع الأمل الأول مكافأة مالية بمليون درهم، وذلك من بين أكثر من 26 طلب ترشيح استقبلتهم المبادرة خلال شهر واحد.

وأعلنت "صناع الأمل"، المبادرة الأكبر من نوعها عربياً لتكريم أصحاب البذل والعطاء عن طرح تذاكر الحفل الختامي لنسختها الخامسة، والذي يقدمه الإعلاميان نيشان ديرهاروتيونيان، وأسمهان النقبي، عبر موقعها الإلكتروني.
وتشارك في الأوبريت الغنائي خلال الحفل الختامي، وذلك قبل تتويج صانع الأمل الأول في العالم العربي، نخبة من أشهر نجوم الغناء العرب وهم حمود الخضر، ووليد الشامي، وبلقيس، وعمر العبد اللات.
كما يشارك في الحفل، المغني والموسيقي العالمي "رد ون" الذي يعتبر من أشهر المؤلفين والمنتجين الموسيقيين في العالم.
ويتضمن الحفل، سرد قصص ملهمة لعدد من صناع الأمل في العالم العربي، من أصحاب المبادرات والمشاريع والبرامج النوعية التي أسهمت في إحداث أثر إيجابي في مجتمعاتهم وساعدت على تحسين حياة الناس نحو الأفضل، وذلك بحضور عدد كبير من النجوم والفنانين والمثقفين والإعلاميين ومشاهير التواصل الاجتماعي العرب، إضافة إلى نخبة من الشخصيات المشهود لها في العمل الخيري والإنساني في دولة الإمارات. ثقافة الأمل

وأعرب الفنانون والإعلاميون المشاركون في الحفل  عن سعادتهم بالإسهام في نشر ثقافة الأمل في العالم العربي، وتشجيع الشباب العرب على الانخراط في صناعة الأمل والتغيير الإيجابي ومكافحة اليأس والسلبية وأخذ زمام المبادرة لتغيير واقعهم وتحقيق أحلامهم وبناء المستقبل الذي يتطلّعون إليه.
وأعرب حمود الخضر، عن سعادته بالمشاركة في الحفل الختامي لهذه المبادرة الملهمة، وقال إن دعم صناعة الأمل في العالم العربي رسالة نبيلة، وأن كل فنان يتحمل مسؤولية الإسهام في التعريف بمبادرات أصحاب العطاء والإنسانية في العالم العربي.
من جانبه، قال وليد الشامي، إن المبادرة استطاعت تحفيز مئات الآلاف من الشباب العرب على تطوير مبادرات إنسانية ومجتمعية تستهدف مساعدة وخدمة الآخرين، وإنه سعيد بالمشاركة في الحفل الختامي لنسختها الخامسة.
بدورها اعتبرت الإماراتية بلقيس أن المشاركة في الحفل الختامي، تكريم لا يقدر بثمن لأي فنان، وقالت إن الفن الحقيقي هو الذي يسهم في نشر الإيجابية والتفاؤل، معربة عن الشكر لدولة الإمارات ملهمة الإنسانية وفعل الخير.
وعبر الفنان العالمي "رد ون" عن سعادته بالمشاركة مرة جديدة في الحفل الختامي لتتويج صناع الأمل، وقال إن صناعة الأمل هي أنبل رسالة في الحياة، وأن لا معنى للفن إن لم يسهم في تغيير واقع الناس نحو الأفضل والاحتفاء بالنماذج القوية بعطائها وتفانيها من دون انتظار كلمة شكر.

فرصة استثنائية

وأشار عمر العبد اللات إلى أن مشاركته في الحفل فرصة استثنائية للتعرف على كوكبة جديدة من صناع الأمل، وإسهام يعتز به من أجل تحقيق أهداف المبادرة في بث روح المنافسة بين أبناء العالم العربي من أجل تقديم مشاريع إنسانية فريدة.
وأعرب الإعلامي نيشان ديرهاروتيونيان، عن شكره للقائمين على مبادرة "صناع الأمل" لمنحه للمرة الرابعة على التوالي فرصة الظهور مجدداً في حفلها الختامي، مؤكداً أن دولة الإمارات حاضنة للخير وصناعتِه وصُنّاعِه، وعاصِمة الأمل والإيجابية في العالم العربيّ.
في السياق ذاته، أكدت الإعلامية أسمهان النقبي، أن مبادرة "صناع الأمل" تجسد رسالة دولة الإمارات في ترسيخ قيم البذل والعطاء بلا حدود، وأعربت عن سعادتها بالمشاركة في تقديم هذا الحفل الفريد الذي يتابعه عشرات ملايين العرب، وفخورة بالإسهام في نشر رسالة المبادرة ومكافحة اليأس في العالم العربي.

مقالات مشابهة

  • الرئيس الفلسطيني يقدم رؤية بلاده لمواجهة التحديات خلال القمة العربية
  • هيئة العمل الوطني الفلسطيني: تسليم جثث المحتجزين رسالة قوية لإسرائيل
  • خامنئي لأمير قطر: لا فرق بين الرؤساء الأمريكيين
  • (صحيفة).. ترامب يوقف جميع أشكال تمويل قوات أمن السلطة الفلسطينية
  • مصطفى مدبولي ينقل رسالة من الرئيس الفلسطيني للشعب المصري
  • الرئيس عون: لبنان لن يكون منصَّة للهجوم على الدول العربية الشقيقة
  • عماد الدين حسين: القمة العربية رسالة حاسمة للعالم بشأن القضية الفلسطينية
  • عماد الدين حسين: القمة العربية رسالة حاسمة للعالم عن قضية فلسطين
  • "صُناع الأمل" تعلن تفاصيل حفلها الختامي
  • موعد شهر رمضان 2025 في جميع الدول العربية