تصريحات إسرائيلية عن دعم أميركي غير مشروط لعملية جنين.. تلاعب بالكلمات أم تعبير عن موقف حقيقي؟
تاريخ النشر: 8th, July 2023 GMT
قال ديفيد بولجير عضو مكتب الرئيس الأميركي جو بايدن عندما كان سيناتورا والمستشار السابق لشؤون الأمن القومي الأميركي إن التصريحات الإسرائيلية عن وجود دعم "غير مشروط" من طرف الإدارة الأميركية للعملية العسكرية في جنين غير دقيقة وفيها "تلاعب بالكلمات".
وأوضح بولجير -في حديثه لحلقة برنامج "ما وراء الخبر" (2023/7/7)- أن الأمر يتعلق بتعريف الدعم المستقر من الولايات المتحدة لإسرائيل، والذي هو قديم ومستمر عبر مسارات مختلفة، منها الدعم المالي والسياسي والاجتماعي، لكن ذلك لا يعني دعما غير مشروط للعمليات العسكرية.
جاء ذلك على خلفية تصريحات لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال فيها إن تل أبيب شكرت الإدارة الأميركية على ما وصفه بـ"الدعم غير المشروط" للعملية العسكرية التي نفذها جيش الاحتلال في جنين مؤخرا، وأسفرت عن استشهاد وإصابة عدد كبير من الفلسطينيين.
ويأتي هذا التصريح مخالفا لتحفظات طالما أكدت إدارة الرئيس الأميركي بايدن أنها تطبع علاقتها مع حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو وتشمل انتقادات للسياسة الاستيطانية لتلك الحكومة ومساعيها لإدخال تعديلات قضائية جوهرية.
وجاء الشكر الإسرائيلي في اتصال هاتفي مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، وقال البنتاغون إن أوستن أعرب خلاله عن قلقه من تصعيد العنف في الضفة الغربية، بما في ذلك هجمات المستوطنين.
وتساءلت حلقة برنامج "ما وراء الخبر" عن حقيقة ما سماه الوزير الإسرائيلي الدعم غير المشروط الذي قدمته إدارة بايدن لعملية جنين وطبيعة هذا الدعم، وعن الانعكاسات المحتملة لهذا التوجه على دور واشنطن كراعٍ لعملية السلام، وحساباتها في التعامل مع الأوضاع الراهنة في الأراضي الفلسطينية.
فصل ضروريويضيف بولجير أنه من الضروري الفصل بين الدعم المالي المستمر من قبل واشنطن لتل أبيب منذ سنوات والموقف مما حدث في جنين، والذي تضمن أحداثا مؤسفة من قتل للمدنيين، وهو الأمر الذي لا يمكن للولايات المتحدة الموافقة عليه.
ويرى المستشار السابق لشؤون الأمن القومي الأميركي أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تصرف بشكل كبير في كلامه وتعبيره عن الدعم، مؤكدا وجود اختلاف في تفسير ذلك الدعم بين إدارتي بايدن ونتنياهو، وأن عدم الرد الأميركي على تلك التصريحات ربما يكون سببه مرور الولايات الأميركية بأسبوع إجازة، حسب تعبيره.
ولا يجد بولجير تعارضا بين الحديث الأميركي عن "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" وموافقة واشنطن على تفاصيل العملية المتعلقة باستهداف المنظمات "الإرهابية" في جنين حسب تعبيره، وبين إدانتها واستنكارها استهداف المدنيين الفلسطينيين.
لا تعني شيئاهذه الإدانة والاستنكار "لا تعني شيئا لنتنياهو" حسب ما يراه أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، ولا تتنافى مع موافقة ما صرح به غالانت لحقيقة الأمر من تقديم واشنطن دعما غير محدود وغير مشروط للاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف البرغوثي في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" أن الولايات المتحدة أكثر دولة تستطيع الضغط على إسرائيل، ولو كان لديها موقف حقيقي ضد جرائم الاحتلال لأعلنته، لكن ما أعلنته في الواقع هو دعم عملية الاحتلال في جنين باعتبارها دفاعا عن النفس رغم ما شملته من جرائم واضحة من قتل للأطفال وتهجير للمدنيين وغيرها.
وأشار إلى أن هذا الدعم يتأكد من خلال ما تقدمه واشنطن لإسرائيل من جميع أنواع الأسلحة، ومساعدات عسكرية بقيمة 3 مليارات دولار كل سنة زادتها إدارة بايدن هذا العام لتبلغ 4 مليارات، إضافة إلى منع اتخاذ مجلس الأمن أي قرار ضد إسرائيل ودعمها في مختلف المنظمات الدولية.
ويؤكد البرغوثي أن انعكاس هذا الدعم وتأثيره في الواقع الفلسطيني يظهر من خلال تأكيد فقدان الثقة الكامل، ليس في الولايات المتحدة فقط، وإنما كذلك المجتمع الدولي، حيث لم يعد الفلسطينيون يراهنون على أي مواقف دولية، كما تعمق لديهم الشعور بضرورة الاعتماد على النفس وأن الاحتلال لن يردعه سوى المقاومة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی جنین
إقرأ أيضاً:
هكذا تحارب إسرائيل التعليم في جنين وتمنع وصول آلاف الطلبة لمدارسهم
مرَّ أكثر من 40 يوما على بدء الفصل الدراسي الثاني في الضفة الغربية. وفي حين تحاول وزارة التربية والتعليم في غزة إنقاذ العام الدراسي، يحرم طلاب مخيمات شمال الضفة المحتلة الوصول إلى مدارسهم بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية "السور الحديدي" التي بدأت أواخر يناير/كانون ثاني الماضي بمخيم جنين، ومنه توسعت لتطال مخيمات طولكرم وطوباس.
وإلى بلدة برقين غرب مدينة جنين حيث منزل أقاربها، نزحت عائلة أشواق محمد الطالبة بالصف العاشر قادمة من مخيم جنين. وفي البلدة التي استقبلت منذ بدء "السور الحديدي" نحو 5 آلاف نازح من مخيم جنين، تمكَّنت أشواق من الالتحاق بمدرسة البلدة الحكومية، بعد قرار من مديرية التربية والتعليم في جنين، سمح للطلبة النازحين حضور الحصص المدرسية في الأماكن التي استقبلتهم.
وتقول أشواق إن حظها جيد لأنها استطاعت تجاوز الأسابيع الأولى للاقتحام وعدم دوامها بالمدرسة، وهو ما ساعدها في التعويض ومتابعة ما فاتها من المواد الدراسية كافة.
حال أشواق لا ينطبق على آلاف الطلبة المسجلين بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) بالمخيم، والبالغ عددهم قرابة 1700 طالب، ممن أغلقت مدارسهم أبوابها منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد الأزمة بين أجهزة الأمن الفلسطينية والمقاومين داخل مخيم جنين.
وواجه الطلاب -الموزعون على 4 مدارس تابعة للأونروا داخل المخيم- صعوبة في انتظام الدراسة لنحو شهر، وأعلنت الأونروا حينها على لسان رولاند فريديتش مديرها بالضفة الغربية أن "التعليم بمخيم جنين أكثر القطاعات تضرراً بتلك الأحداث".
وأضاف فريديتش "يعيش مخيم جنين حلقة مفرغة من العنف، يجعله غير صالح للسكن أصلا، وقد أغلقت المدارس وتعطَّلت العملية التعليمية، مما يهدد مستقبل الطلبة بالمنطقة".
ومع دخول الفصل الدراسي الثاني، أجبرت إسرائيل الأهالي على النزوح من منازلهم بالمخيم، وعزَّزت وجودها العسكري بمدينة جنين ومختلف أحيائها، وفرضت حالة من عدم الاستقرار الأمني والخوف بين الناس، ودمَّرت البنية التحتية، وأعادت رسم خارطة المخيم الجغرافية، مما أصاب القطاعات الحيوية في المدينة ولا سيما التعليم بشلل شبه تام.
إعلانولم يفتتح الفصل الثاني بمدارس المدينة كافة، وخاصة مدارس المخيم الذي أخلي من ساكنيه وتحول إلى كتلة من الدمار والركام.
وفي "جمعية الكفيف" بمدينة جنين حيث نزحت المواطنة سلسبيل وعائلتها وعدد من أقاربها، تقول إن لديهم 5 أطفال ضمن المرحلة الأساسية قد حُرموا الدراسة منذ نزوحهم من المخيم في اليوم الثالث من الاقتحام الإسرائيلي.
وتضيف سلسبيل أن محاولات المدارس بالتعويض عبر حصص الكترونية "غير مجدية" لأن النازحين لا يملكون أجهزة حاسوب.
من جانيه، يقول محافظ جنين كمال أبو الرب إنه -ووفق آخر إحصائيات مديرية تربية جنين- فإن قرابة 15 ألف طالب وطالبة لا يستطيعون الوصول إلى مدارس المدينة والمخيم، ناهيك عن حوالي 6 آلاف من الطلبة الجامعيين من "فلسطين 48" الملتحقين بالجامعة العربية الأميركية في جنين، وذلك بسبب منع الاحتلال مرورهم عبر حاجز الجلمة إلى المدينة.
ويضيف أبو الرب للجزيرة نت أن التعليم أكثر القطاعات حساسية بمستقبل الفلسطينيين بشكل عام وجنين خاصة، وأن إسرائيل عبر عدوانها تسعى لضرب هذا القطاع وتقييده، وإيصال رسالة للمواطن أنه "محروم" من أبسط حقوقه المكفولة بكل المواثيق الدولية.
ويتابع المسؤول الفلسطيني "هذا مخطط إسرائيلي لشلِّ حياة المواطنين هنا، وإقناعهم أنه لا مستقبل لهم، ولا لأولادهم".
وذكر أنه وفي الاقتحامات السابقة أصر الاحتلال، وفي كثير من المرات، على اقتحام المدينة والمخيم أوقات دوام المدارس، وحاصر الطلاب داخل مدارسهم، ولساعات طويلة "وكنّا نحاول التنسيق لإخراج الطلبة من مدارسهم، مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والارتباط الفلسطيني".
ولم يقتصر الأمر على الاحتجاز داخل المدارس -حسب المحافظ- بل أطلق جنود الاحتلال الغاز المسيل للدموع على كثير من المدارس، واقتحموها، كما حدث بمدرسة قباطية الأساسية جنوب جنين، وأطلقوا الرصاص الحي صوب مدارس أخرى أثناء وجود الطلبة فيها، وجرَّفوا الشوارع المؤدية لبعض المدارس، كما جرى في الحي الشرقي بجنين.
إعلانوقد قتلت إسرائيل خلال عملية "السور الحديدي" المستمرة حتى الآن 3 طلاب في محافظة جنين وحدها، آخرهم إسماعيل أبو غالي (17 عاماً) الطالب بالمرحلة الثانوية، بعد محاصرة منزل في الحي الشرقي من المدينة.
وكان صادق الخضور، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم بفلسطين، قال في تصريح صحفي إن هناك تزايدا في نسبة "الفاقد التعليمي" بشكل مقلق في عدد من مدارس مدن شمال الضفة، وإن العملية التعليمية خسرت 15 يوما تعليميا في الفصل الدراسي الأول بفعل انتهاكات الاحتلال.
وأوضح الخضور أن نحو 90 مدرسة من مدارس طولكرم وجنين تحول الدوام فيها إلى النظام الإلكتروني (عن بُعد) لافتا الى أن الوزارة كانت تخطط لاستثمار عطلة بين الفصلين لصالح تعويض الطلبة "لكن عدوان الاحتلال عطَّل خطة التعويض".
ولا يقتصر "الفاقد التعليمي" -حسب الخضور- على ما يفوت الطلبة من حصص، بل هناك تداعيات نفسية تقع على الطلبة والمدرسين لا يمكن إهمالها، ومواد تعليمية يصعب إنجازها، وخاصة لدى طلبة الصفوف الأساسية، وأن التعطيل المتكرر للدوام يفقد الطلبة جزءا كبيرا من المادة التعلمية التي يجب إنجازها.
وأكد الخضور أن اللجوء للتعليم الالكتروني في بعض المدارس خلال الظروف الراهنة "غير مجد" لكنه "الخيار الوحيد المتاح حاليا ولا بديل عنه".
ووفق مصادر للجزيرة نت، توجد خلافات بالحكومة الفلسطينية حول عودة الدوام الوجاهي للطلبة بجنين، إذ تحاول وزارة التربية إصدار بيان لعودة الدراسة خلال الأسبوع القادم، وفق برنامج طوارئ وبواقع 3 أيام أسبوعيا في حين يعارض المحافظ خشية على سلامة الطلبة خاصة في ظل الاقتحامات المستمرة.