سودانايل:
2025-02-01@18:42:01 GMT

حميدتي: وأخرجت القبيلة أثقالها، وقال مالها! (2-2)

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

كتب الصحافي عبدالحفيظ مريود أن "الدعم السريع" تهاجم القوات المسلحة "عشائر وعقداء". والعبارة مجاز لنظم قبلية تقليدية. فالعقداء هم قادة أيام البادية السودانية، من حقهم لدى النصر مثلاً أن يعزلوا ما طاب لهم مما غنموه حرباً قبل أي أحد آخر.
فالقبيلة، كوحدة سياسية، زلقة غير مأمونة. وجرب دقلو بنفسه بوليتيكا القبائل فأسقمته حتى صرخ في جمع من زعمائها: "اخرجوا الجراثيم التي بينكم وتقتل في أهلكم".

ولم يلبث حميدتي في الحرب قليلاً حتى خرجت عليه جراثيم القبلية. فافتضحت هشاشة نظمه للتجنيد على وتيرة القبيلة.
فورد في الأخبار منذ أيام قليلة أن ثمة نذر هجوم من "الدعم السريع" على مدينة النهود، حاضرة قبيلة حمر بغرب ولاية كردفان، وأن زعماء الجماعة يبحثون سبل صده، وأن هذه المواجهة ستكون بين قبيلة "المسيرية" وحمر وكأن "المسيرية" و"الدعم السريع" شيء واحد.
إذا صح الخبر فلهذه المواجهة المنتظرة بين حمر و"المسيرية" تاريخ يعود أقله إلى 2021. فتعدى وقتها شباب من حمر على سعية "المسيرية" الزرق بالخطف وعلى دورهم بالحريق. وكان ذلك بمثابة احتجاج منهم على إرخاص المسيرية، صاحبة الدار التي يقيمون عليها، بهم. فساءهم أن تفرض عليهم إيجاراً للأرض وتعريفة على المياه أعلى مما يطلبون من غيرهم. وقاد "المسيرية" الحمر، بني عمومة "المسيرية" الزرق، وفداً للصلح مع حمر باسم "أهلك أسيادك" اتفقوا فيه على وجوب ترسيم الحدود بين القبيلتين وفرض هيبة الدولة بارتكاز للقوات المشتركة (الجيش و"الدعم السريع" والحركات المسلحة والاحتياط المركزي) على الشريط العازل بينهما. وتدخل محمد حمدان دقلو، قائد "الدعم السريع"، لاحتواء النزاع في سبتمبر 2022 بالصلح، لكن تكررت المواجهة في ديسمبر (كانون الأول) 2022 بخسائر فادحة في الأرواح والثروة اشتكى بعدها حمر من تحيز القوات المشتركة، التي كان بعث بها حميدتي للمنطقة، لـ"المسيرية"، وطالبوا بقوة عسكرية أمنية من خارج الولاية. ومرة أخرى تواثقت الجماعتان على وقف العدائيات في مايو (أيار) 2023. فإذا صح الخبر الذي بدأنا به بدا منه أن "المسيرية" جاءت لحمر هذه المرة بطاقية "الدعم السريع" الذي يعمل حالياً للسيطرة على كردفان.
وعقدة المسألة من الجانب الآخر هي مطلب حمر منذ 2011 بقيام ولاية جديدة خاصة تجتمع فيها محلياتها الموزعة بين ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان. وتريد من ذلك أن تخرج من ولاية غرب كردفان التي تجمعها مع "المسيرية" والتي اصطرعتا فيها حول حتى ما تكون حاضرتها: النهود لحمر أم الفولة لـ"المسيرية".
والبادية حبلى لا تنقضي جراثيمها في قول حميدتي.
وفي خبر آخر صدر بيان من مجلس شورى قبيلة دار بتي في الأول من نوفمبر 2023، والحرب قائمة، عن نزاع بين قبيلة الحوازمة، المعدودة في حلف العطاوة الذي تقدم ذكره، وقبيلة دار بتي من جهة وقبيلة الكواهلة وكنانة لإصرار الأخيرين قفل مرحال (وهو الطريق المتعين لرحيل البادية) تقليدي لظعن الحوازمة ودار بتي البادية. ويعود هذا الصراع إلى يونيو 2020 وفشلت مساعي الصلح في احتوائه حتى تلك التي جمعت قادة الإدارة الأهلية من ولايات الخرطوم، ودارفور وشمال كردفان وغربها، كما لم يستمع أحد حتى إلى نداء من عبدالله حمدوك رئيس الوزراء آنذاك، الذي ينتمي لنفس المنطقة. وتكرر القتل وحرق المنازل والتمثيل بالجثث.
أما دور دار بتي في المواجهة فقد حدث في أغسطس (آب) 2023 لدى عودتها من المصايف التي تقضيها جنوباً طلباً للماء والكلأ. وكانت الحركة الشعبية لتحرير السودان، عبدالعزيز الحلو، التي تسيطر على منطقة جبال النوبة في جنوب كردفان، قد أغلقت المرحال الغربي بوجه البادية. فاتصل الحوازمة بقيادة الجيش في المنطقة لتعديل المسار لتجنب المرور بمناطق الحركة الشعبية. وأخطر كل من الكواهلة وكنانة والحوازمة بالمسار المعدل والضوابط التي تقررت لتأمين سالكيه، لكن في أول نوفمبر منعت قوة مسلحة في منطقة للكواهلة ظعن الحوازمة من الحركة. ووقع اشتباك دموي بين المسلحين والحوازمة. ونصب الكواهلة كميناً لظعن دار بتي. واتهمت الحوازمة ودار بتي عسكريين من القوات النظامية من الكواهلة بالمشاركة في الصدام إلى جانب أهلهم.
استعمل حميدتي القبيلة كقاعدة سياسية وجهادية لمشروعه. ورأينا كيف وجدها حاقنة جراء توظيف مركز الحكم لها في غير ما خلقت له. فصارت بالضرورة حاضنة سياسة في نظم الديكتاتوريات المتعاقبة لأنها، خلاف الأحزاب والنقابات والاتحادات، لا تنحل بقرار منها. فكانت القبيلة (بل فروعها وأفخاذها) هي المنظمة الباقية في الساحة للتحشيد السياسي للانتخابات المغشوشة التي تجريها تلك النظم، كما وظفتها بسياسة "فرق تسد" التي تؤلب طرفاً منها ضد طرف تمرد عليها. واستثمرت القبيلة من جهتها دنو المركز منها بنفوذه الكبير لتحقيق مكاسب لها في السياسة المحلية. وصار "النزاع القبلي"، في وصف صحف المركز له، واقعة يومية فادحة في حياة هذه القبائل. وبلغت هذه النزاعات من التواتر والكلفة حتى سماها حميدتي نفسه بـ"الجراثيم".
وبلغت هذه النزاعات حداً من التواتر والفظاظة تصارخت به البادية لعقود تطلب "بسط هيبة الدولة" حتى تأمن إلى حياتها. وجاء حميدتي لا ليجعل القبائل مبلغ سياسته وحربه فحسب، بل ليحل أيضاً الدولة، التي كانت هيبتها ما رغبت فيه القبائل، نفسها. وما لبث أن أخرجت له أثقالها كما رأينا من الحروب القبلية الناشبة من وراء حربه وبإمكاناتها. وقال مالها!

IbrahimA@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة أم روابة بشمال كردفان

أعلن الجيش السوداني، الخميس، استعادته السيطرة على مدينة أم روّابة ثانية كبرى مدن ولاية شمال كردفان جنوبي البلاد، من قبضة قوات الدعم السريع.

وقال الجيش في بيان مقتضب إن قواته كبدت قوات الدعم السريع خسائر كبيرة بينما بث ناشطون سودانيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لانتشار قوات الجيش داخل المدينة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جندي في الخدمة ومعجب بترامب.. الشرطة تكشف هوية منفذ تفجير لاس فيغاسlist 2 of 2كيف يحاول جنرالات الحرب تهميش الإنسان ومحاربة الزمن؟end of list

وسيطرت قوات الدعم السريع منذ سبتمبر/أيلول 2023 على مدينة أم روّابة، والتي تبعد عن مدينة الأُبيِّض عاصمة ولاية شمال كردفان نحو 145 كيلومترا.

وتعد أم روّابة مركزا تجاريا مهما وسوقا كبيرا للحبوب الزيتية، كما أنها ملتقى طرق حديدية وبرية تربط ولايات غرب السودان وجنوب كردفان، بالعاصمة الخرطوم وميناء بورتسودان شرقي البلاد.

ومنذ أشهر بدأ الجيش السوداني شن هجوم واسع على قوات الدعم السريع في محاور مختلفة، وبات خلال الأيام الأخيرة يحقق انتصارات متتالية وآخرها الأربعاء الماضي عندما أعلن سيطرته على وسط مدينة بحري شمالي الخرطوم، بما في ذلك جسر المك نمر الرابط بين العاصمة وبحري للمرة الأولى منذ 21 شهرا، وهو ما يقربه أكثر نحو القصر الرئاسي القريب من الجسر.

ويخوض الجيش السوداني معارك ضد قوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

إعلان

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين الأشخاص إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية سودانية من أصل 18.

مقالات مشابهة

  • 54 قتيلا في قصف لقوات الدعم السريع على سوق في ضواحي الخرطوم  
  • مجلس الأمن يدين الهجمات المستمرة التي تشنها قوات الدعم السريع على الفاشر
  • حميدتي يعترف بخسارة ميليشيات الدعم السريع بعض المناطق أمام الجيش السوداني
  • الجيش السوداني يعلن استعادته مدينة أم روابة بشمال كردفان
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش (شاهد)
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش
  • السودان.. حميدتي يقر بخسارة "الدعم السريع" مناطق لصالح الجيش
  • الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة أم روابة بشمال كردفان
  • الجيش السوداني يقترب من استرداد القصر الرئاسي .. قال إنه صدّ هجوماً كبيراً شنته «الدعم السريع» في شمال كردفان
  • مقتل جلحة نهاية مليشيا الدعم السريع في كردفان والخرطوم