سودانايل:
2024-11-23@18:17:52 GMT

هل ننقذ الوطن ام ننقذ الجنرالين؟

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

الخلاف الطويل يعني ان كلا الطرفين على خطأ
فولتير

مع نسف كوبري شمبات الرابط بين ام درمان وغرب السودان وبين الخرطوم بحرى والذي شيده الطليان في عهد الرئيس عبود في منتصف الستينات وقبله مصفاة الجيلي التي تأسست عام 1997 يتجاوز الصراع مرحلة طحن العظم بين الجيش والدعم السريع الى مرحلة التدمير الممنهج لمقدرات السودان وموارده الحيوية النادرة .

.الذي يطفيء أي ومضة أمل في توصل الفريقين الى اتفاق هو تباعد القناعات وارتفاع سقوفات الطرفين الى عنان السماء وايمان كل منهما على اقتراب حصوله على وثيقة استسلام من الطرف الأخير فالمواجهة التي وضع الجيش لها سويعات لحسمها واعادة التمرد الى حظيرة الانصياع دخلت الآن شهرها السادس دون وجود أية بارقة أمل اذ ان كل من له عقل سديد رأى كيف انقلب السحر على الساحر بتضخم و تمدد ميلشيات الدعم السريع التي استباحت وتحت فوهة البندقية المؤسسات والوزارات والممتلكات والأسواق وأثاث البيوت كغنائم و نساء الناس كسبايا تستثمرها كلها كأسلحة ضغط ورسائل موجهة بأن هذا مصير كل من يتجرأ بالوقوف لحماية أرضه وعرضه .
(2)
الذي يلفت النظر ان كل هذه الفظاعات التي تشيب لها رؤوس الأجنة في أرحام الناس لم تتوقف لحظة رغم مفاوضات جدة ورغم الآمال المعقودة على الوسيطين الولايات المتحدة و السعودية فأزيز الرصاص ودوي الدانات لا زالت تهز الأرض وتدمر البيوت فوق رؤوس من لم يجد أرضا تأويه خارج مدن العاصمة المسلحة فيما تسيل دماء العزل وتزهق أرواحهم وهم هاربون من الموت في غرب السودان تجاه الحدود بحثا عن مأوى . يحدث كل هذا مع قناعات الطرفين المتعاركين بأن دعوات المجتمع الدولى ممثلا في الأمم المتحدة وأجهزتها ماهي الا فقاعات ستذهب أدراج الرياح فحتى العقوبات التي يتم فرضها من شاكلة تجميد الحسابات والحرمان من السفر تقع عادة فوق كاهل المواطن المغلوب على أمره بينما يفلت المجرم الذي يمتلك الزيت وعود الثقاب كالشعرة من العجين .
(3)
هكذا علمنا التأريخ فحتى ميثاق المنظمة الدولية التي ابصرت النور في مدينة سان فرانسيسكو بعد الحرب العالمية في 24 أكتوبر من عام 1945 لحفظ الامن والسلام العالمي تم تفصيله وحياكته لخدمة أهداف ومخططات الكبار ويتم الاعتراض على من يخالف مصالحها بحق الفيتو ..انه صراع مصالح وليس صراع مباديء تتحكم فيه القوة الجبرية (يروح فيها الذي ليس له ضهر ) . لقد فطن أحد شعراء البجا لخلل هذه التوازنات هنا فأنشد ساخرا يقول (هديدينك قوسريبو ..ايمديرييك شقوابو ..اوبكي بيريا ايمسيو أوتك همراب اكتييك) وترجمتها بالعربي الفصيح (اذا تحدث فهو كاذب واذا حارب فهو معتدي ..هذا الشخص يسمع دائما ما لا يرضيه اذا كان مفلسا عديم المال) .. إسرائيل انتهكت 12 قرارا صادرا من الأمم المتحدة والحبل على الجرار ..الآن تدوس بكلتا قدميها القانون والمواثيق الدولية وهي تشن حرب إبادة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والقوى الكبرى المنوطة بحفظ الامن والسلام تكتفي بالفرجة ..الغريب في الأمر ان أحدا لم يعر كوارث السودان انتباها .
(4)
لذلك فان التعويل فقط على دور الوسيطين في جدة لحل الخلاف المعقد في السودان يبدو أمرا صعب التحقيق والسبب هو غياب آليات تنفيذ القرارات وهناك طرفة تحكى عن (ستالين) دكتانور روسيا فقد تعرض لانتقادات عنيفة من بابا الفاتيكان بسبب حرب الإبادة التي كان يمارسها ضد معارضيه الذين كان ينفيهم الى سيبيريا ليلقوا حتفهم هناك فلما وصلت الى سمعه عبارات استنكار البابا تسائل ساخرا يقول كم دبابة يمتلك هذا البابا ؟ الخلاصة انه لا يوجد جيش أممي ينفذ القرارات فحتى الاتحاد الافريقي فشل في تكوين جيش لإعادة محمد بازوم رئيس النيجر المخلوع بالانقلاب .
(5)
اعلان الشقيقة السعودية بأن تفتيت وتمزيق السودان يعتبر خطا أحمر ينال كل رضا واستحسان كل أهل السودان .ولكن الذي نعيشه الآن هو قتال مجنون بين أبنائه وليس من عدو خارجي جاء ليغزو البلاد كما ان المتربص بنا ليس جزء من تكويننا البنائي فحسب بل هي خلايا من مكونات ذراتنا نتوارثها جيل عن جيل ..نحن نضيع الفرص الثمينة التي كان يمكن أن تنتشلنا من الضياع الذي صنعناه بأيدينا ثم نبكي على ضياعها .
(6)
الذي نراه الآن أمامنا هو صراع على السلطة وهو نفس ما تفعله الضواري من ذئاب وأسود في العالم الفطري من مطامع السيطرة العمياء وحماية النفوذ. فالبرهان الذي يشكو الى طوب الأرض ميلشيات (آل دقلو) ويتهمها بالتمرد على السلطة بالاستعانة بمرتزقة هو نفس البرهان الذي أغدق على (حميدتي) بالمال والسلطة حتى نبتت له أنياب وظهرت له أظافر وكان مساعديه يؤدون له التحية العسكرية ودبلوماسي الخارجية يصطفون حوله لتلقي التوجيهات منه قبل توجههم لسفاراتهم في الخارج أما حميدتي الذي يعدنا بالديموقراطية والحكم الرشيد هو نفس الرجل الذي يأمر جنوده بسلب ونهب حقوق الناس واغتصاب نسائهم .
(7)
لا خيار ولا أمل يلوح في الأفق الآن سوى أن ينهار ويتآكل هذا الواقع المظلم مثلما تآكلت منسأة نبي الله سليمان حتى تأكد موته للشياطين فهل نحن شياطين لنزين هذا الاعوجاج ..ان الطرفان المتنازعان يزعمان انهما ذهبا الى جدة مع ادراك ووعي تام بالالتزامات التي على أكتافهما ولكن المعيار هنا ترجمة هذه الالتزامات التي تعهدا بتنفيذها أمام العالم الى أعمال محسوسة وليست أقوالا رنانة ..
(8)
ما نريده هو إرادة وشجاعة تسمع أنين اليتامى ونحيب الثكالى وأدعية المشردون والنازحون واللاجئون والذين لا يعرفون هم وأطفالهم طعما للنوم تحت قصف الصواريخ والمدفعية العشوائية ..لا نستثني هنا لتغيير هذا الواقع المحزن المزري دور المكون المحلي من متطوعين ومدنيين ولجان مقاومة ونقابات واتحادات وادارات أهلية وطرق صوفية وأحزاب سياسية لإعادة الأمن والطمأنينة لشعب طيب وصبور لا يستاهل كل هذه (البهدلة) ..متى يفهم الجنرالين المتصارعين انها دنيا فانية وان أدوات نهايتها كفن من طرف السوق وشبر في المقابر كما يقول صلاح أحمد إبراهيم ؟ .

oabuzinap@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

عضو السيادي الفريق أول ركن كباشي يؤكد حرص الحكومة على إحلال السلام ووقف معاناة الشعب السوداني

أكد عضو مجلس السيادة نائب القائد العام الفريق أول ركن #شمس_الدين_كباشي حرص الحكومة على إحلال السلام ، ووقف معاناة السودانيين والانفتاح على كافة المبادرات التي من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار، وفرض سيادة الدولة السودانية وحفظ كرامة الشعب السوداني.
وجدد سيادته لدى لقائه بمكتبه ببورتسودان اليوم المبعوث السويسري الخاص للقرن الأفريقي ، السفير سيلفان استييه ،حرص الحكومة السودانية والتزامها بالعمل على إيصال المساعدات الإنسانية لمستحقيها وتسهيل عمل الفرق الإغاثية وموظفي المنظمات العاملة في المجال الإنساني.
وتناول اللقاء الأوضاع في السودان والتطورات الجارية الآن وجهود الحكومة السودانية وسعيها لتسهيل إنسياب المساعدات الإنسانية لاسيما فتح المعابر المختلفة والمطارات السودانية لادخال المساعدات الإنسانية.
من جانبه أوضح المبعوث السويسري للقرن الأفريقي أن اللقاء تتطرق إلى مجمل الأوضاع الإنسانية ومآلات الصراع الدائر الآن في السودان، وكيفية إنهاء الحرب، فضلاً عن الجهود المبذولة لوصول المساعدات الإنسانية إلى البلاد بهدف تخفيف معاناة الشعب السوداني.

إعلام مجلس السيادة الانتقالي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • 12 لاعبًا من عائلة واحدة.. الفريق العائلي الذي حيّر الخصوم
  • قوات كييف تعترف بخسارة أكثر من 40% من الأراضي التي احتلتها في كورسك
  • السودان تعلن عن استعادة الجيش لمدينة سنجة اليوم
  • من بحري إلى بيالي: قصة الموسيقار اللاجئ الذي يبحث عن الأمل في المنفى 
  • روسيا تطلق صاروخاً عابراً للقارات وتُعدل عقيدتها العسكرية.. ما الذي نعرفه عن ترسانتها النووية؟
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها خلال حكم ترامب الثاني المرتقب؟
  • معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالانت في عزلة دبلوماسية؟ ومستعدة لاعتقالهما!
  • ميقاتي بذكرى الاستقلال: الجيش الذي يستعد لتعزيز حضوره في الجنوب يقدم التضحيات زودا عن ارض الوطن
  • عضو السيادي الفريق أول ركن كباشي يؤكد حرص الحكومة على إحلال السلام ووقف معاناة الشعب السوداني