سودانايل:
2024-12-25@14:10:02 GMT

هل ننقذ الوطن ام ننقذ الجنرالين؟

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

الخلاف الطويل يعني ان كلا الطرفين على خطأ
فولتير

مع نسف كوبري شمبات الرابط بين ام درمان وغرب السودان وبين الخرطوم بحرى والذي شيده الطليان في عهد الرئيس عبود في منتصف الستينات وقبله مصفاة الجيلي التي تأسست عام 1997 يتجاوز الصراع مرحلة طحن العظم بين الجيش والدعم السريع الى مرحلة التدمير الممنهج لمقدرات السودان وموارده الحيوية النادرة .

.الذي يطفيء أي ومضة أمل في توصل الفريقين الى اتفاق هو تباعد القناعات وارتفاع سقوفات الطرفين الى عنان السماء وايمان كل منهما على اقتراب حصوله على وثيقة استسلام من الطرف الأخير فالمواجهة التي وضع الجيش لها سويعات لحسمها واعادة التمرد الى حظيرة الانصياع دخلت الآن شهرها السادس دون وجود أية بارقة أمل اذ ان كل من له عقل سديد رأى كيف انقلب السحر على الساحر بتضخم و تمدد ميلشيات الدعم السريع التي استباحت وتحت فوهة البندقية المؤسسات والوزارات والممتلكات والأسواق وأثاث البيوت كغنائم و نساء الناس كسبايا تستثمرها كلها كأسلحة ضغط ورسائل موجهة بأن هذا مصير كل من يتجرأ بالوقوف لحماية أرضه وعرضه .
(2)
الذي يلفت النظر ان كل هذه الفظاعات التي تشيب لها رؤوس الأجنة في أرحام الناس لم تتوقف لحظة رغم مفاوضات جدة ورغم الآمال المعقودة على الوسيطين الولايات المتحدة و السعودية فأزيز الرصاص ودوي الدانات لا زالت تهز الأرض وتدمر البيوت فوق رؤوس من لم يجد أرضا تأويه خارج مدن العاصمة المسلحة فيما تسيل دماء العزل وتزهق أرواحهم وهم هاربون من الموت في غرب السودان تجاه الحدود بحثا عن مأوى . يحدث كل هذا مع قناعات الطرفين المتعاركين بأن دعوات المجتمع الدولى ممثلا في الأمم المتحدة وأجهزتها ماهي الا فقاعات ستذهب أدراج الرياح فحتى العقوبات التي يتم فرضها من شاكلة تجميد الحسابات والحرمان من السفر تقع عادة فوق كاهل المواطن المغلوب على أمره بينما يفلت المجرم الذي يمتلك الزيت وعود الثقاب كالشعرة من العجين .
(3)
هكذا علمنا التأريخ فحتى ميثاق المنظمة الدولية التي ابصرت النور في مدينة سان فرانسيسكو بعد الحرب العالمية في 24 أكتوبر من عام 1945 لحفظ الامن والسلام العالمي تم تفصيله وحياكته لخدمة أهداف ومخططات الكبار ويتم الاعتراض على من يخالف مصالحها بحق الفيتو ..انه صراع مصالح وليس صراع مباديء تتحكم فيه القوة الجبرية (يروح فيها الذي ليس له ضهر ) . لقد فطن أحد شعراء البجا لخلل هذه التوازنات هنا فأنشد ساخرا يقول (هديدينك قوسريبو ..ايمديرييك شقوابو ..اوبكي بيريا ايمسيو أوتك همراب اكتييك) وترجمتها بالعربي الفصيح (اذا تحدث فهو كاذب واذا حارب فهو معتدي ..هذا الشخص يسمع دائما ما لا يرضيه اذا كان مفلسا عديم المال) .. إسرائيل انتهكت 12 قرارا صادرا من الأمم المتحدة والحبل على الجرار ..الآن تدوس بكلتا قدميها القانون والمواثيق الدولية وهي تشن حرب إبادة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والقوى الكبرى المنوطة بحفظ الامن والسلام تكتفي بالفرجة ..الغريب في الأمر ان أحدا لم يعر كوارث السودان انتباها .
(4)
لذلك فان التعويل فقط على دور الوسيطين في جدة لحل الخلاف المعقد في السودان يبدو أمرا صعب التحقيق والسبب هو غياب آليات تنفيذ القرارات وهناك طرفة تحكى عن (ستالين) دكتانور روسيا فقد تعرض لانتقادات عنيفة من بابا الفاتيكان بسبب حرب الإبادة التي كان يمارسها ضد معارضيه الذين كان ينفيهم الى سيبيريا ليلقوا حتفهم هناك فلما وصلت الى سمعه عبارات استنكار البابا تسائل ساخرا يقول كم دبابة يمتلك هذا البابا ؟ الخلاصة انه لا يوجد جيش أممي ينفذ القرارات فحتى الاتحاد الافريقي فشل في تكوين جيش لإعادة محمد بازوم رئيس النيجر المخلوع بالانقلاب .
(5)
اعلان الشقيقة السعودية بأن تفتيت وتمزيق السودان يعتبر خطا أحمر ينال كل رضا واستحسان كل أهل السودان .ولكن الذي نعيشه الآن هو قتال مجنون بين أبنائه وليس من عدو خارجي جاء ليغزو البلاد كما ان المتربص بنا ليس جزء من تكويننا البنائي فحسب بل هي خلايا من مكونات ذراتنا نتوارثها جيل عن جيل ..نحن نضيع الفرص الثمينة التي كان يمكن أن تنتشلنا من الضياع الذي صنعناه بأيدينا ثم نبكي على ضياعها .
(6)
الذي نراه الآن أمامنا هو صراع على السلطة وهو نفس ما تفعله الضواري من ذئاب وأسود في العالم الفطري من مطامع السيطرة العمياء وحماية النفوذ. فالبرهان الذي يشكو الى طوب الأرض ميلشيات (آل دقلو) ويتهمها بالتمرد على السلطة بالاستعانة بمرتزقة هو نفس البرهان الذي أغدق على (حميدتي) بالمال والسلطة حتى نبتت له أنياب وظهرت له أظافر وكان مساعديه يؤدون له التحية العسكرية ودبلوماسي الخارجية يصطفون حوله لتلقي التوجيهات منه قبل توجههم لسفاراتهم في الخارج أما حميدتي الذي يعدنا بالديموقراطية والحكم الرشيد هو نفس الرجل الذي يأمر جنوده بسلب ونهب حقوق الناس واغتصاب نسائهم .
(7)
لا خيار ولا أمل يلوح في الأفق الآن سوى أن ينهار ويتآكل هذا الواقع المظلم مثلما تآكلت منسأة نبي الله سليمان حتى تأكد موته للشياطين فهل نحن شياطين لنزين هذا الاعوجاج ..ان الطرفان المتنازعان يزعمان انهما ذهبا الى جدة مع ادراك ووعي تام بالالتزامات التي على أكتافهما ولكن المعيار هنا ترجمة هذه الالتزامات التي تعهدا بتنفيذها أمام العالم الى أعمال محسوسة وليست أقوالا رنانة ..
(8)
ما نريده هو إرادة وشجاعة تسمع أنين اليتامى ونحيب الثكالى وأدعية المشردون والنازحون واللاجئون والذين لا يعرفون هم وأطفالهم طعما للنوم تحت قصف الصواريخ والمدفعية العشوائية ..لا نستثني هنا لتغيير هذا الواقع المحزن المزري دور المكون المحلي من متطوعين ومدنيين ولجان مقاومة ونقابات واتحادات وادارات أهلية وطرق صوفية وأحزاب سياسية لإعادة الأمن والطمأنينة لشعب طيب وصبور لا يستاهل كل هذه (البهدلة) ..متى يفهم الجنرالين المتصارعين انها دنيا فانية وان أدوات نهايتها كفن من طرف السوق وشبر في المقابر كما يقول صلاح أحمد إبراهيم ؟ .

oabuzinap@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

نكران!!

أطياف
صباح محمد الحسن
نكران!!
!!
الآن كلانا يجلس بمفرده
يتأمل عبر ثقب الخديعة ، بقلق
والمسافة مقدار قرار مضطرب ذلك الذي يفصل بين لحظة السلام و الإرتطام
كلانا
نحن.. والوطن!!
والمرصد العالمي للجوع، يقول أمس إن نطاق المجاعة في السودان إتسع إلى 5 مناطق، ومن المرجح أن يمتد إلى 5 مناطق أخرى بحلول مايو المقبل، متهماً الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بتعطيل المساعدات الإنسانية اللازمة للتخفيف من وطأة ماسماها "واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العصر الحديث"
والغريب قبل يومين فقط قال الفريق مالك عقار نائب رئيس المجلس الإنقلابي إنهم غير راضين عن الدعاية التي تروج لها المنظمات بوجود مجاعة في السودان!!
ويبدو أن عقار يدعو المنظمات أن ترفع تقاريرها من حي المطار ببورتسودان حتى يكون راضيا!! فالرجل يبدو أنه يريد ان تعكس المنظمات رفاهيتهم في المدينة الآمنة وتغفل عن الجوع والبؤس في ميادين الحرب والنزوح
وليت مايمر به السودان الآن ينتهي بحالة الرضا عند مالك عقار اوبسخطه
ففي لقائه مدير إدارة إفريقيا بالوكالة السويسرية للتعاون والتنمية نيكولاس راندين نفى عقار وجود مجاعة في السودان وهو رجل الدولة الثاني يُكذّب التقارير التي تجاوزت الحديث عن وجود مجاعة وذهبت الي أبعد من ذلك، حيث حذرت هيئات الإغاثة من أن الذي تعاني منه البلاد الآن قد يسفر عن واحدة من أكبر المجاعات منذ عقود
وليعلم عقار الذي اصبح نائب في الحرب ولايعرف شيئا عن معاناة المواطن السوداني أن 15 مليون سوداني كانوا يعانون بشدة من إنعدام الأمن الغذائي قبل بداية الحرب، و إزداد الجوع بصورة عنيفة من بعدها بسبب تدهور إنتاج الحبوب، الذي كان خلال موسم حصاد 2023–2024 أقلّ بمقدار 46% من العام السابق، وهو النقص الذي يُقدر بـ3.7 مليون طن حسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي
(IPC) وأن مليون شخص، قد عانوا من الجوع ، وهذه الأرقام واحدة من الإحصائيات التي تم التوصل اليها قبل معرفة حجم الخسارة في المحصول الأخير وأصدر معهد "كلنغندال" ، مؤسسة الفكر الهولندية، تقريرا قال فيه إن السودان يعاني من أكبر مجاعة شهدها العالم منذ أربعين سنة على الأقل
ولكي يرضى عقار فإننا نريده أن يتعامل
بربع ما أتت به التقارير من أرقام او أن يأخذ منها رقما لايتعارض مع غضبه ويمكن أن يتناسب مع حجم القبول بداخله ليصل الي نقطة قناعة فمن ال 15 مليون الذين يعانون من نقص حاد في الغذاء ليأخذ مليون واحد فقط لا أكثر!! ويجيب على
لماذا يعاني هذا المليون من المجاعة في الوقت الذي يصاب فيه عقار " بالتخمه " ولماذا يظل المجلس الإنقلابي وقوات الدعم السريع عقبة في طريق المساعدات الإنسانية لماذا يموت الشعب بسبب الجوع وماله الذي يستحقه يُسخر لشراء المسيرات التي تأتي لتقتله وهو جائع!!
لتصمت الحكومة عن هذه التصريحات المخزية التي قد تكون سببا في عدم دخول المساعدات فمايعارضه عقار بلسانه قد يترجمه بالرفض على الأرض
ولو أرادت الحكومة أن تستمر في معركتها وترفض التفاوض وتحرم المواطنين من نعمة السلام فيجب أن لاتقف بينهم وبين المساعدات التي تأتي إستنادا على هذه التقارير، فماذا يضير الحكومة من مساعدة دول العالم للشعب السوداني في معاناته او في مجابهة خطر المجاعة التي تخيم عليه!!
ولكن يبدو أن عقار وحكومة البرهان ينفوا وجود كارثة غذائية حتى لاتكون سببافي الحل لوقف الحرب او تلفت نظر العالم للكارثة !!
ومنظمة الفاو قالت أمس إن ملايين الأرواح في السودان على المحك
واردفت أنه يتعين علينا أن نتحرك الآن لمنع المجاعة وطالبت بالسلام الآن في السودان وقالت إنه أمر حيوي لتحقيق الأمن الغذائي
ولكن من يستمع الي نداءات خطر المجاعة في السودان اذا كانت الحكومة "شبعانة"!! ولاتشعر بالجوع لأنها تعيش في دائرة الغذاء والأمن ببورتسودان ولاتعلم شيئا عن حال المواطنين في مناطق الحرب والنزوح
وتوصي المنظمة بضرورة إتاحة الوصول الفوري غير المقيد للمساعدات المنقذة للحياة في السودان بغية أنه أمر بالغ الأهمية. ولكن تمارس الحكومة الرفض والنكران!!
طيف أخير :
#لا_للحرب
الموت غرقا وبرا وجوا ضريبة يدفع فيها الأبرياء أرواحهم كل يوم ثمناً لحرب لعينة
فهل ضربة المعاقيل جاءت ردا على حادثة الزرق هل بدأت فعليا معارك الإنتقام من الحواضن الإجتماعية!!

   

مقالات مشابهة

  • نكران!!
  • الشاهد جيل ثورة ديسمبر الذي هزم انقلاب 25 أكتوبر 2021 بلا انحناء
  • الطائرات المسيّرة الصينية.. الحلول الفعالة التي تهدد الأمن القومي الأمريكي
  • المشتركة تكتب فصلا جديداً في معركة الصمود وتجهض وهم حكومة المنفى
  • الشعب الجمهوري: رسائل الرئيس بأكاديمية الشرطة أكدت حجم المخاطر التي تُحاك ضد الوطن
  • وزير الزراعة يدحض بالأرقام التقارير التي تروج للمجاعة بالسودان
  • مفاوضات غزة – تفاصيل الملفات التي تم الاتفاق عليها حتى الآن
  • الحرية المصري: حديث الرئيس بأكاديمية الشرطة اتسم بالمكاشفة بشأن التحديات التي تواجه الوطن
  • كيف اختزلت حادثة ماغديبورغ مدى الاحتقان الطائفي والعرقي والسياسي الذي ينخر في جسد الوطن العربي؟
  • التأكيد على استثناء الجامعات والكليات التي ليس لها إدارة ومركز لإستخراج الشهادات داخل السودان من القبول القادم