سودانايل:
2024-09-30@12:00:01 GMT

تصدعات في منبر جدة حول السودان

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

1

في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، اختتمت الجولة الأخيرة من محادثات جدة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وجاءت النتيجة محبطة ومخيبة لآمال السودانيين الذين كانوا يتوقعون أن تتقدم المحادثات، ولو خطوة واحدة، تجاه وقف إطلاق نار لفترة طويلة، أو قصيرة، علهم يلتقطون خلالها ما تبقى من أنفاسهم.


بيان وزارة الخارجية السعودية الصادر عن المحادثات أشار إلى إلتزام طرفي القتال بتسهيل وتيسير مرور المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين بنيران القتال. لكن، هذا الالتزام هو مجرد تكرار لما تم التوقيع عليه قبل ستة شهور في اتفاق جدة بتاريخ 11 مايو/أيار الماضي، والذي تضمن سبعة بنود ركزت على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين وحمايتهم، كما ركزت على التزام الطرفين بالقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. ومثلما لم يتم الالتزام بذاك الاتفاق الموقع من طرفي القتال، ليس هناك ما يشير إلى نية تقيدهما بإلتزام الأمس، غير الموقع، خاصة بعد تدمير كبرى شمبات وتزايد حدة اللغة الإعلامية العدائية بين الطرفين، وليس التخفيف منها حسب ما بشّر به بيان وزارة الخارجية السعودية حول المحادثات الأخيرة.
أما الفقرة الأخيرة في البيان فمزعجة بعض الشيء لأنها تعطي انطباعا بالفشل عندما تتحدث بلغة أقرب إلى المناشدات الدبلوماسية عن أسف الميسرين لعدم تمكن الطرفين من الاتفاق على اتفاقات لتنفيذ وقف إطلاق النار، وعندما تقول إن الميسرين يحثون الطرفين لتقديم مصلحة الشعب السوداني أولا، وإلقاء السلاح، والإنخراط في المفاوضات، وكأنها إعلان من الميسرين برفع أيديهم عن الدفع، عبر المنبر، بوقف الاقتتال ولو مؤقتا.
صحيح أن البيان تحدث عن اتفاق الطرفين على الانخراط في آلية إنسانية مشتركة بقيادة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لمعالجة معوقات توصيل المساعدات الإغاثية، وعن تحديد جهات إتصال لتسهيل مرور وعبور العاملين في المجال الإنساني والمساعدات، وعن إنشاء آلية تواصل بين الطرفين المتقاتلين…، لكن كل ذلك، رغم إيجابيته، يظل مجرد نوايا طيبة من الصعب أن تتحقق على أرض الواقع، في ظل عدم وقف إطلاق النار وازدياد حدة المعارك، وفي ظل غياب الآليات المعروفة دوليا لخلق ممرات آمنة ومحمية لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، تلبية لاحتياجاتهم وإنقاذا لحياتهم. فبدون توفير هذه الآليات، سيظل أي إلتزام حول معالجة معوقات توصيل العون الإنساني مجرد جمل وفقرات صماء في دفاتر الوسطاء. وفي هذا السياق، كنا قد نوهنا في مايو/ايار الماضي إلى ضرورة أن ينتبه وسطاء مفاوضات جدة للآليات الشجاعة التي خلقتها لجان المقاومة وغرف الطوارئ والتنظيمات الأخرى العاملة على الأرض، وبحث كيفية إدماجها، أو التنسيق معها، في تسهيل وصول المساعدات للسكان المحاصرين بالموت. ولايزال تنويهنا ساري حتى اللحظة!

اختتمت الجولة الأخيرة من محادثات جدة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وجاءت النتيجة محبطة ومخيبة لآمال السودانيين الذين كانوا يتوقعون أن تتقدم المحادثات، ولو خطوة واحدة، تجاه وقف إطلاق نار لفترة طويلة، أو قصيرة

نعم، كل التقدير والامتنان للجهد المبذول من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، ومبادرتهما لتنظيم المفاوضات بين ممثلين عن قيادة الجيش السوداني وعن قوات الدعم السريع في منبر جدة. لكن، من الواضح أن الفشل يتهدد هذا المنبر إذا لم يتم تدارك الأمر. والمسؤولية الكبرى في هذا الفشل، إذا حدث، يتحملها بالدرجة الأولى الطرفان المنخرطان في حرب مدمرة سعيا وراء انتصار عسكري حاسم لن يحدث كما أكد بيان الخارجية السعودية الأخير. والمسؤولية يتحملها، بالدرجة الثانية، القوى المدنية والسياسية السودانية التي تلكأت وتقاعست لأكثر من ستة شهور عن التوافق حول رؤية موحدة لكيفية وقف الحرب وما يرتبط بذلك من عملية سياسية، تقدمها للشعب السوداني وتضعها على طاولة منبر جدة. ونحن أشرنا أكثر من مرة إلى أن حل قضية شعب السودان لن تأتي من خارجه أو بالإنابة عنه.
لذلك، دعونا إلى وجوب انتظام كل الكتل والتنظيمات والمجموعات والشخصيات السودانية الرافضة للحرب في بنيان واضح المعالم من لجان ومجموعات عمل داخل السودان وخارجه، تنخرط في النشاط العملي في الجبهات المختلفة، في المجالات السياسية والإنسانية، وذلك وفق برنامج عمل مركز يتم التوافق عليه، والعمل على خلق آليات للتنسيق مع الجهود الخارجية الدولية والإقليمية، وتحديدا الجهود المبذولة في منبر جدة، للتوافق حول آليات الضغط الممكنة على طرفي القتال بشأن وقف دائم للأعمال العدائية.
والمسؤولية يتحملها أيضا، بالدرجة الثالثة، المجتمع الدولي والإقليمي العاجز حتى الآن، كما أشرنا كثيرا، عن الانتقال من محطة الشجب والإدانة وحث ومناشدة المتقاتلين أن يتوقفوا، إلى تفعيل الآليات الأخرى، المتاحة والمجربة، حسب الشرعية الدولية، للضغط على طرفي القتال وفرض وقف دائم للأعمال العدائية. والآليات الأخرى هذه، تشمل منع تدفق الأسلحة والذخيرة إلى الطرفين، تجميد الأرصدة والحسابات في البنوك العالمية والإقليمية، العقوبات على المؤسسات والأفراد، وكذلك بحث فرض إعادة تموضع القوات المتحاربة وفرض المناطق الخضراء، أو منزوعة السلاح، مع الأخذ في الاعتبار تجربة قوات الأمم المتحدة في السودان وجنوب السودان ودارفور، (يوناميس ويوناميد). وبالطبع، فإن هذه الآليات وغيرها المصاحبة لآلية التفاوض لوقف الحرب، يتطلب إقرارها وتنفيذها مشاركة دولية وإقليمية واسعة، وفي إطار الشرعية الدولية والقانون الدولي، كما يتطلب مشاركة دول الجوار، وخاصة مصر، وكذلك مشاركة الدول ذات العلاقة المباشرة بطرفي القتال أو بأحدهما.
أتمنى أن يشرع أطراف منبر جدة في إجراء تقييم جاد وصريح لأداء المنبر، بمشاركة أطراف المجتمع الدولي والإقليمي المعنية، بحثا عن المعوقات التي تمنعه من إحداث إختراق حقيقي يوقف القتال، والنظر في كيفية تكامل المنبر مع أي مجهودات أخرى معنية بوقف الحرب في السودان، وخاصة مبادرة دول الجوار. أما أن يُترك شعب السودان ليواجه مصيره وحيدا وسط هذا الكم الهائل من الدمار والتقتيل، في ظل هذا الأداء المتدني للآليات الدولية والإقليمية المعنية بفرض وقف القتال، فإنها لجريمة كبرى لن تمحى أبدا من ذاكرة التاريخ وذاكرة الشعب السوداني، وستستمر تداعياتها لأجيال وأجيال.

كاتب سوداني  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: طرفی القتال وقف إطلاق منبر جدة

إقرأ أيضاً:

“حماس”: نتنياهو واصل أكاذبيه المفضوحة في كلمته على منبر الأمم المتحدة

#سواليف

عقبت حركة المقاومة الإسلامية ( #حماس)، الجمعة، على ما جاء في كلمة رئيس #حكومة #الاحتلال الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو، من على منبر الأمم المتحدة، والتي واصل فيها “فصول أكاذيبه المفضوحة، وصعَّد خلالها من تهديداته لشعوب المنطقة، في الوقت الذي يواصل فيه حربه المسعورة ويكثِّف من حملة الإبادة على شعبنا الفلسطيني في قطاع #غزة والضفة الغربية، ويوسع دائرة جرائمه لتشمل أهلنا في #لبنان، في انتهاكٍ متواصلٍ، وتحدٍّ لكافة القوانين والمواثيق الدولية، يستوجب توقيفه ومحاسبته كمجرم حربٍ، لا فتح أبواب الأمم المتحدة أمام إرهابيٍّ مجرمٍ يهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي”.

وقالت الحركةفي بيان، إننا :في حركة (حماس)، وفي هذا السياق؛ نؤكّد أن مجرم الحرب نتنياهو، لا زال يواصل استخفافه بالرأي العام العالمي، ويردد ذات الأكاذيب التي ارتكَز عليها لتبرير حملة الإبادة التي يشنها ضد المدنيين العزل في قطاع غزة، والادعاءات التي ثبت كذبها حول ما حدث في السابع من أكتوبر، وذلك وفق تقارير وتحقيقات صحفية دولية، أو حتى تحقيقات داخلية صهيونية”.

وأضافت أن “ما سمعه العالم اليوم من الإرهابي نتنياهو، هو تهديد واضح للسلم والأمن الدوليين، عبر تأكيد إصراره على المضي في توسيع العدوان على شعوب المنطقة، ومواصلة جرائمه الوحشية، المستندة إلى سياسة أمريكية إجرامية، توفّر الغطاء السياسي والعسكري لهذه الجرائم”.

مقالات ذات صلة تل أبيب تفتح الملاجئ 2024/09/27

وتابعت في البيان، أن “ما يرتجيه العدو المجرم، من خلال المجازر والجرائم المروّعة التي يرتكبها بحق شعبنا، من كسر إرادة الصمود والثبات لشعبنا الصامد ومقاومته الباسلة، أو دفعه للاستسلام والتخلّي عن خيار المقاومة؛ هو أضغاث أوهام، وإن حركة (حماس) وكتائبها المظفرة كتائب القسام، ومعها كافة فصائل المقاومة الفلسطينية، ستواصل مقاومتها للعدوان الصهيوني الفاشي على شعبنا، حتى كسره ودحره، على طريق تطهير ترابنا من دنس المحتلين النازيين”.

وأوضحت الحركة أن “جريمة التجويع التي يرتكبها الاحتلال المجرم ضد المدنيين العزل في قطاع غزة، هي جريمة مثبتة وموثّقة بتقارير أممية وعبر المؤسسات الإنسانية العاملة في القطاع، والتي تعرّض العاملين فيها للاستهداف المباشر الذي أدى إلى مقتل عدد منهم، وإن ادعاءات نتنياهو حول سماحه بإدخال المساعدات هي استمرار لسياسة الكذب المفضوح”.

كما أكدت “حماس”، أن “شعبنا الفلسطيني هو من يقرر مستقبله، وأن اليوم التالي للحرب في قطاع غزة هو شأن وطني فلسطيني خالص، وأن مخططات الاحتلال بشأن تقرير مستقبل القطاع؛ لن تجد طريقاً للتنفيذ، بإرادة شعبنا ومقاومته الحرة”.

وقالت إن “تكرار الهجوم الصهيوني على مؤسسات الأمم المتحدة القضائية، وعلى رأسها محكمة العدل الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية، وغيرها من المؤسسات السياسية والقانونية والإنسانية؛ يؤكّد طبيعة هذا الكيان المارق، وضرورة لجم جرائمه واستهتاره بالقوانين الدولية والأعراف الإنسانية، ومواصلة هذه المؤسسات خطوات محاكمة ومحاسبة قادته على جرائمهم”.

وأشارت الحركة “بالمواقف الشجاعة لكافة الدول الرافضة للعدوان، ونثمّن انسحاب وفود معظم دول العالم، من قاعة الاجتماع، فور صعود مجرم الحرب نتنياهو لمنصة الأمم المتحدة، ونؤكّد أن هذا الموقف هو تمثيل حقيقي للإرادة الدولية الحرة الرافضة للاحتلال، والمساندة لحقوق شعبنا الفلسطيني”.

كما أكدت أيضا أنه “لا مستقبل لهذا الكيان الفاشي بين شعوب المنطقة، وأن حديث مجرم الحرب نتنياهو عن السلام والاندماج في المنطقة، تكذّبه الممارسات الإجرامية والمجازر غير المسبوقة بحق شعبنا الفلسطيني، وجرائمه الجديدة في لبنان، وتهديداته المتواصلة لدول وشعوب المنطقة، وتنكّره لحقوق شعبنا الفلسطيني في أرضه، واستمرار تدنيس جيشه ومستوطنيه لمقدسات الأمة الإسلامية والمسيحية، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك”.

ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 357 يوما، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة إلى استشهاد أكثر من 41 ألفا و534 شهيدا، وإصابة أكثر من 96 ألفا و92 آخرين، ونزوح 90% من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.

مقالات مشابهة

  • مساعدات أمريكية للاجئين السودانيين في ليبيا، والتنمية الدولية تثني على جهود ليبيا في استضافتهم
  • حرب روسيا ـ أوكرانيا.. حتمية التقسيم للخروج من الأزمة أو خسارة الطرفين (2من2)
  • حرب روسيا ـ أوكرانيا.. حتمية التقسيم للخروج من الأزمة أو خسارة الطرفين (2 من 2)
  • السودان… تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر .. سقوط عشرات القتلى والجرحى في عدد من جبهات القتال
  • الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تعلن عن تقديم خمسة ملايين دولار لدعم اللاجئين السودانيين في ليبيا
  • “حماس”: نتنياهو واصل أكاذبيه المفضوحة في كلمته على منبر الأمم المتحدة
  • المجاعة تنهش السودان.. الملايين على حافة الموت والمساعدات الدولية متعثرة
  • من على منبر الأمم المتحدة.. نتانياهو: لدي رسالة إلى طغاة طهران
  • من على منبر الأمم المتحدة.. نتانياهو يوجه رسالة إلى طغاة طهران
  • المغرب والأمم المتحدة يتفقان على مأسسة "حوار استراتيجي" بين الطرفين حول مكافحة الإرهاب في إفريقيا