siddigelbashir3@gmail.com

(1)
أربعون عاما أمضاها صالح عبدالقادر في محراب الثقافة السودانية، تنظيرا وممارسة، أثمرت هي الأخرى باقة منتقاة من أعمال فنية وثقافية ملأت الدنيا وشغلت الناس، حيث تزينت بها شاشات التلفزيون وموجات الأثير وخشبات المسارح، فصالح الأستاذ المشارك بجامعة النيلين، فهو القادم من العاصمة السودانية الخرطوم، ميمما وجهه شطر مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، بهدف تقديم حزمة متكاملة من برامج، كمشروع أسماه والمخرج ناصر يوسف (ترياق ضد الحرب) ويجمع بين ألعاب بيئية مستمدة من البيئة المحلية وعروض متواصلة لفيلم يوسف الموسوم (إبرة وخيط) الذي يعالج قضية زواج القاصرات في السودان، والمشارك في مهرجانات خارجية، والحائز على عدد من الجوائز في مهرجانات إقليمية ودولية، بجانب ورشة يحاول من خلالها عبدالقادر تمليك المشتغلين في حقل الثقافة والإعلام المفاهيم الأساسية للتفكير الناقد قبل الشروع في الكتابة الإبداعية والإخراج.


(2)
أربعون دارسا ودارسة من الفاعلين في المشهد الثقافي والإعلامي، أسهمت الورشة في زيادة معارفهم بزوايا المعالجات للنصوص الإبداعية، والقوى المنتجة للإبداع، إلى جانب التعرف على أساسيات العمل الإبداعي، كالجمال والفكرة والمعرفة، ما قد يسهم مستقبلا في إنتاج أعمال إبداعية تخاطب العقل والقلب والوجدان.
(3)
يلا يا أطفالنا نرسم
لوحة لوطن السلام
بحروف صادقة وأوتار صادحة وصوت عذب، هكذا كان الموسيقى الدكتور محمد عصامي يرسم تحت ظلال الورشة، لوحة فنية بمحبة وصدق وتفاؤل، عنوانها الأبرز التغني لسودان المحبة والأمن والسلام، كأنه يؤكد أن على أرض السودان ما يستحق الإحتفاء، إختفاء يخرج بإبداع ومؤانسة وإمتاع، يحدث ذلك رغم الحرب ومشاهدها الحزينة، من دماء ودموع.
(4)
وأسهمت الورشة في تعريف الدارسين والدارسات بالمصادر المعرفية للكتابة الإبداعية، كالملاحم والأساطير والخرافة والأحداث الكونية والتجارب الذاتية، ما أنعكس إيجابا في العروض العملية المقدمة، خاصة تلك التي استلهمت الموروث الشعبي السوداني، في بعديه، المحلي والكوني.
(5)
وتأتي الفعالية نتاج تعاون مثمر وبناء بين منظمة (معا) للتنمية والمساعدات الإنسانية والمجلس الأعلى للشباب والرياضة بولاية النيل الأبيض، ما قد يسهم في تقديم أقلام جديدة، تنتج هي الأخرى مجموعة من الأعمال الإبداعية بجمال وفكرة ومعرفة، تحدث نقلة نوعية في الحركة الثقافية داخل وخارج السودان.
(6)
وكانت عوالم البناء الروائي حاضرة في مداولات الورشة، كالسرد والوصف والأحداث والشخصيات والعقدة والمكان والصراع، إلى جانب عناصر الإثارة والتشويق، ولكن من القصص القصيرة والروايات، إلى الفضاءات المسرحية والمقالات، تحاول هذه ترسيخ مفاهيم أساسية في الكتابة الإبداعية، بمنهجية وفكرة ومعرفة.
*صحافي سوداني  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الحرب في السودان: كيف يمكن مواجهة أزمة البطالة؟

بروفيسور حسن بشير محمد نور

من الصعب علي أي انسان عاقل مهما كان تقاؤله ان يري نهاية قريبة للمأساة الجارية في السودان، وامكانية وقف الحرب ووصول حكم رشيد يتمكن من تحقيق شروط اعادة الاعمار ومعالجة المشاكل المركبة العميقة التي خلفتها الحرب. جميع المؤشرات تدل علي ان الوضع الداخلي والخارجي والمواقف حول ما يجري في السودان لا تسير في اتجاه ايجاد حل ناجع وسريع لمثل هذه المشكلة، التي هي اكثر تعقيدا مما حدث في العديد من دول الاقليم التي لم تجد الحل حتي الان رغم مضي عقود علي حدوثها.
بالرغم من كل ذلك لابد من تسليط الضؤ علي المشاكل التي يعاني منها السودان والتي تشكل تحديا مستقبليا لانسانه ومنها مشكلة البطالة التي تعتبر أزمة قومية مستعصية حتي فبل الحرب.
تعتبر هذه الأزمة معقدة ولا يمكن معالجتها بجهود داخلية فحسب، خاصة في ظل الصعوبات التي يواجهها السودان نتيجة الحرب. يمكن للمجتمع الدولي وأصدقاء السودان من الدول المانحة والمنظمات غير الحكومية تقديم مساهمات فعالة للتخفيف من حدة البطالة، في حالة وصول حكومة تجد القبول الداخلي والخارجي الذي يضمن الاستقرار المناسب، الذي يمكن من تنفيذ برنامج انتقالي لتجاوز اثار وتداعيات الحرب المدمرة، كما ان هذا يعتمد ايضا علي (متي سيحدث ذلك؟). عندها يمكن معالجة تلك المشكلة من خلال برنامج يشتمل علي:
1. دعم الاستقرار السياسي والأمني: قبل كل شيء لابد من تكثيف الجهود الوطنية والدولية والعمل علي استقطاب المساعدة في الوصول إلى حلول سلمية للنزاع، حيث إن الاستقرار يعتبر شرطًا أساسيًا لإعادة الاعمار ومن ثم تدوير عجلة الاقتصاد وتشجيع الاستثمارات.
2. يأتي بعد ذلك تقديم برامج تدريب وتأهيل للخريجين والمهنيين: من خلال التعاون مع الجامعات والمعاهد والمؤسسات السودانية، ويمكن للمجتمع الدولي دعم برامج تدريب وتطوير المهارات. توفر هذه البرامج فرص تدريبية على تقنيات حديثة ومجالات مطلوبة عالميًا مما يرفع القدرات الفردية والمؤسسية ويعزز فرص العمل محلياً وخارجياً.
3. يمكن الاستقرار من استقطاب الاستثمار الأجنبي، الذي لا غناء عنه لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة المهمة لما بعد الحرب. يمكن لأصدقاء السودان والمنظمات الدولية تقديم الدعم المالي والتقني للمؤسسات العامة ولرجال الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر تسهيلات تمويلية ومنح، ما يساعد في إنعاش الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة.
4. إعادة تأهيل البنية التحتية: تحتاج هذه المهمة لتوظيف رؤوس اموال وقدرات بشرية ومادية وتقنية هائلة لا تتوفر للسودان في مرحلة اعادة الاعمار. بالضرورة لابد من دعم جهود إعادة بناء البنية التحتية الأساسية كالكهرباء، والمياه، والطرق والجسور وتأهيل المواني البحرية والبرية والمطارات، والخدمات الاجتماعية، مما يساهم في تحسين بيئة العمل، ويتيح للمؤسسات القائمة فرصًا أكبر للعودة للعمل أو توسيع نشاطها مجددًا.
5. مساعدة الشركات المتضررة: من خلال تقديم الدعم المالي والفني للشركات المتضررة أو التي اضطرت للتوقف عن العمل بسبب الحرب، يمكن أن يتم عبر آليات الإقراض الميسر والمساعدات المباشرة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العصب الأساسي لتشغيل العمالة.
6. إطلاق برامج للريادة الاجتماعية: يمكن لمنظمات المجتمع المدني ودول ومنظمات الدعم أن تشجع وتدعم الشباب ورواد الأعمال الجدد لتطوير مشاريع مبتكرة تهدف إلى معالجة قضايا مجتمعية واقتصادية، وتتيح الفرصة لهم لتوظيف قدراتهم وحل مشاكل المجتمع من خلال مشاريع مدرة للدخل.
7. بالضرورة بالطبع رفع قدرات المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الاقراض التي لا غناء عنها للنشاط الاقتصادي الداعم للعمالة.
هذه خطوط عريضة يمكن ان تطور لبرامج خاصة بالجهات المسؤولة عن اعادة الاعمار وتأهيل البنيات التحتية والمختصة بالعمل، في حالة نجحت الجهود في ايقاف الحرب وتحقيق الاستقرار المطلوب ووضع اساس لحكم رشيد.
إن أزمة البطالة في السودان بعد الحرب ستكون علي درجة كبيرة من الحدة والتعقيد، مما يتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية للتخفيف من حدتها، خاصة مع الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي ستواجه البلاد خلال فترة اعادة الاعمار. لا يمكن للاقتصاد السوداني أن يتعافى دون استقرار سياسي وأمني، بالإضافة إلى الدعم المالي والفني من أصدقاء السودان والمنظمات الدولية بما يتوافق مع المصالح الاستراتيجية للبلاد. كما أن الاستثمار في الشباب وتدريب الخريجين الجدد على المهارات المطلوبة في سوق العمل، ودعم المشاريع الصغيرة، يمكن أن يسهم بشكل كبير في حل مشكلة البطالة المستعصية ويفتح أفقًا أفضل للتنمية المستدامة في سودان ما بعد الحرب.

mnhassanb8@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • تجاوز عدد القتلى في السودان الأرقام الأممية
  • أرقام صادمة لضحايا الحرب في السودان
  • جديد ترامب وفكرة ماسك.. وزارة بوزيرين لكفاءة الحكومة
  • الحرب في السودان: كيف يمكن مواجهة أزمة البطالة؟
  • الأمم المتحدة: دق ناقوس الخطر والقيام بالمسؤولية
  • أبرز التطورات والأحداث الميدانية في قطاع غزة خلال الساعات الماضية
  • وصول أدوية إلى شرق دارفور بعد انقطاع لأكثر من عام
  • مُستنفَرون من منازلهم
  • السودان والمواجهة مع الأمبريالية
  • قصف مدن دارفور بالطيران انتقام جهوي