نشر موقع "موندويس" الأمريكي تقريرا أكد فيه أن الحل الوحيد الذي من شأنه وقف الإبادة الجماعية الجارية في غزة هو تعرّض الجيش الإسرائيلي لهزيمة مثلما حدث له عندما اجتاح جنوب لبنان.

 وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن قطاع غزة يتعرض للقصف الأكثر كثافة في تاريخ الشرق الأوسط الذي مزقته الصراعات بالفعل، وعمليات القتل الجماعي للمدنيين الفلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية تُرتكب بشكل يومي، في المقابل هناك اعتقاد متزايد بأن هناك مستوى للموت والدمار والمعاناة ستتوقف بعده الحكومات الغربية أو تخفّض بشكل كبير مشاركتها في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فضلاً عن دعمها لأعمالها.





لكن هذا الافتراض - حسب الموقع - يعكس سوء فهم جوهري لكيفية وضع مثل هذه الحكومات لسياساتها. وحتى اللحظة الراهنة، فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة، مما أدى إلى حرمان مجتمع بأكمله من جميع الإمدادات الأساسية باستثناء الأكسجين؛ ودُمّرت بلدات وأحياء بأكملها. وفي غضون شهر واحد، قُتل أكثر من 10 آلاف شخص وجرح ربما ثلاثة أضعاف هذا العدد، أكثر من ثلثهم من الأطفال.

 وأضاف الموقع أن حملة القصف الإسرائيلية ليس لها أي غرض أو هدف عسكري مشروع، بل هدفها الواضح هو الإرهاب والانتقام والتدمير الجسدي ومعاقبة المجتمع بأكمله. ولم تؤدي حملة القصف إلى إضعاف القدرات العسكرية للتنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة بأي شكل من الأشكال. ووفقاً لإحصاءاتها الخاصة، قتلت إسرائيل عددا من موظفي الأمم المتحدة أكبر من القادة العسكريين الفلسطينيين.

لو كان حجم الموت والدمار والمعاناة الفلسطينية قد لعب بالفعل دورا في حسابات الحكومات الغربية، لكان قد أحدث فرقًا بالفعل. وبينما تقصف القوات الإسرائيلية المدارس والمستشفيات وطوابير اللاجئين ومنشآت الأمم المتحدة والمناطق الآمنة التي أعلنتها ذاتيا، وجميع أشكال البنية التحتية المدنية، بشكل مباشر ومتكرر، فإن أغلب الحكومات الغربية تستمر بفخر بدعم الحكومة الإسرائيلية. ويعتبر البابا فرانسيس تقريبا الزعيم الغربيّ الوحيد الذي لم يقم بزيارة نتنياهو.

ذكر الموقع  أنه أثناء حصار بيروت سنة 1982، والاعتداءات الإسرائيلية السابقة على قطاع غزة، وكل الحملات الإسرائيلية الأخرى تقريباً ضد الفلسطينيين منذ سنة 1948 ولاسيما بعد سنة 1967، تمحورت سياسات الحكومات الغربية  حول "حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها"  الذي يعد واجبا والتزامًا وهو الحق  ذاته الذي لم تمنحه هذه الحكومات، للشعب الفلسطيني في مناسبة واحدة منذ سنة 1917.

على سبيل المثال، بدأ المسؤولون الأمريكيون والاتحاد الأوروبي  في سنة 2023 يشيرون لأول مرة إلى مذابح محددة للمستوطنين في الضفة الغربية على أنها "إرهاب". ومع ذلك، فقد امتنعوا بشكل واضح عن التصريح بأن للفلسطينيين الحق في الدفاع عن أنفسهم ضد الإرهاب. وبدلاً من ذلك، دعوا الدولة التي سلّحت المستوطنين، ونشرتهم كميليشيات مساعدة لتنفيذ سياساتها، وضمنت الإفلات من العقاب على أفعالهم، إلى ضبط النفس. وعندما تستشهد الحكومات بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس ضد شعب محتل، فإنها في الواقع، تدعم حق إسرائيل في تجريد شعب بأكمله من ملكيته والاستيلاء على أراضيه.



وأكد الموقع أن ما سيُحدث تغييرا في جوهر السياسة الغربية هو الفشل العسكري الإسرائيلي. لهذا السبب، كرّست إدارة بايدن المزيد من الطاقة لإجبار إسرائيل على صياغة أهداف قابلة للتحقيق. ولإعطاء مثال بارز حديث في هذا الصدد، رحّبت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في سنة 2006  بسعادة غامرة بحرب إسرائيل ضد لبنان باعتبارها  بمثابة "مخاض ولادة شرق أوسط جديد". وانطلاقاً من ثقتها في أن إسرائيل تسحق حزب الله، رفضت الولايات المتحدة بشدة الجهود المبذولة لتحقيق وقف الأعمال العدائية. ولكن بمجرد أن واجهت طوابير المدرعات والقوات البرية الإسرائيلية مذبحة عندما حاولت التقدم إلى جنوب لبنان، غيّرت الولايات المتحدة لهجتها على الفور وتوسّلت إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل تبني قرار لوقف إطلاق النار.

وفي  سنة 1982، منحت الولايات المتحدة إسرائيل الضوء الأخضر للقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان. وبمجرد أن أصبح من الواضح أنها تفتقر إلى القدرة على احتلال بيروت الغربية، أرسلت إدارة ريغان فيليب حبيب للتفاوض على اتفاق لحماية منظمة التحرير الفلسطينية. بعبارة أخرى، ما دامت الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى ترفض الهدنة في غزة وتركز على عبارات لا معنى لها مثل "الهدنات الإنسانية"، فهذا يعني أنها لا تزال تعتقد أن إسرائيل سوف تنجح أو تستطيع النجاح. وإذا عكسوا موقفهم، فإن هذا يعني أنهم خلصوا إلى أن إسرائيل قد فشلت.

ونوّه الموقع بأن السيناريو البديل يتمثل في أن تكون الحكومات الغربية قد خلصت إلى أن سلوكها وسلوك إسرائيل يشكّل تهديدًا كبيرًا لمصالحها الخاصة، وأن الوقت قد حان لإنهاء الحرب. ويمكن أن يأتي ذلك على شكل عدم الاستقرار المتزايد في المنطقة والتهديدات التي تواجه الأنظمة العميلة داخلها، واحتمال نشوب حرب موسّعة تتطلب تدخلاً مباشرا، وهو ما تفضل الولايات المتحدة تجنبه،  ناهيك عن المخاوف بشأن التداعيات الاقتصادية أو الأمنية المحلية، أو احتمالات سياسية حزبية أو حسابات انتخابية.

وفي غياب المحاسبة أو أي فرصة لتتحمل إسرائيل أي عواقب على سلوكها - لم يكن هناك أي مثال تواجه فيه إسرائيل تداعيات كبيرة ومستمرة بسبب سياساتها  منذ سنة 1948، لذلك تدرك إسرائيل أنه يمكنها المضي قدمًا دون رادع.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة احتلال احتلال حماس غزة الجيش الاسرائيلي طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومات الغربیة الولایات المتحدة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

قلق أوروبي من تداعيات العمليات الإسرائيلية في الضفة الغربية

أعرب الاتحاد الأوروبي، السبت، عن "قلقه البالغ" إزاء تداعيات العملية العسكرية الإسرائيلية، ضد المسلحين الفلسطينيين في شمالي الضفة الغربية.

ووفقاً لبيان الاتحاد الأوروبي، فإن الهجوم الذي استمر 40 يوماً، والذي تركز بشكل أساسي في الأحياء الواقعة بمخيمات اللاجئين، أسفر عن سقوط العديد من القتلى، ونزوح نحو 40 ألف فلسطيني من منازلهم، وتدمير البنية التحتية المدنية الحيوية.

The European Union has expressed "grave concern" over Israeli military action in the occupied West Bank, which has destroyed "vital civilian infrastructure"

More here ⤵️https://t.co/KLuCD8YbhD

— Middle East Eye (@MiddleEastEye) March 1, 2025

ودعا الاتحاد الأوروبي، إسرائيل، إلى الامتثال للقانون الدولي من خلال ضمان حماية المدنيين أثناء العمليات العسكرية، وتمكين النازحين من العودة الآمنة إلى منازلهم. كما شدد البيان على ضرورة أن تتخذ إسرائيل إجراءات حازمة، ضد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

وأعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه، إزاء تزايد عدد الحواجز العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي تقيد حرية التنقل هناك وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية. وجاء في بيان الجهاز الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي: "مع اقترابنا من شهر رمضان المبارك، ندعو جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس لضمان احتفالات سلمية".

يذكر أن إسرائيل احتلت الضفة الغربية والقدس الشرقية، إلى جانب أراض أخرى، خلال حرب عام 1967. ويقيم اليوم نحو 700 ألف مستوطن إسرائيلي في تلك المناطق بين 3 ملايين فلسطيني، بينما يطالب الفلسطينيون بهذه الأراضي لإقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.

مقالات مشابهة

  • مناطق ج قلب الضفة الغربية الذي تخنقه إسرائيل
  • تحذير جنبلاط من المكائد الإسرائيلية.. ما الذي يخشاه البيك؟!
  • وزير الدفاع الأمريكي لنظيره الإسرائيلي: واشنطن ملتزمة بالكامل بأمن إسرائيل
  • القوات الإسرائيلية تقتحم مدنا وبلدات بالضفة الغربية
  • بِحُجة الظلم الذي تتعرض له إسرائيل .. تل أبيب وواشنطن تدرسان رسميًا الانسحاب من محكمة العدل الدولية
  • الأمم المتحدة تندد باستخدام الجيش الإسرائيلي للأسلحة في الضفة الغربية
  • الأمم المتحدة تحذر من عواقب التحول الأميركي وضم إسرائيل للضفة الغربية
  • قلق أوروبي من تداعيات العمليات الإسرائيلية في الضفة الغربية
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 48 ألفا و388 شهيدا
  • الاتحاد الأوروبي يحذر من التصعيد العسكري الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية