أسمار.. ماذا يخبرك موقفك من فيديوهات تيك توك عن عقلك؟
تاريخ النشر: 7th, July 2023 GMT
تحولت مقاطع عرفت باسم "أسمار" (ASMR) إلى صيحة على "تيك توك" و"يوتيوب"، ونالت عشرات الملايين من المقاطع عبر الإنترنت، مليارات المشاهدات، مع إضافة آلاف أخرى كل يوم.
وعرّفت دراسة نشرها موقع "الرابطة الأميركية لعلماء النفس" تأثير مقاطع "أسمار" بأنه استجابة القنوات الحسية، وتشمل أعراضا نفسية وجسدية، مثل الشعور بالاسترخاء، والسعادة، والنعاس، وتخفيف القلق، بالإضافة إلى شعور بوخز في فروة الرأس، وأسفل مؤخرة العنق، والعمود الفقري.
يستجيب الجسم بتلك المشاعر عند سماع فئة واسعة من الأصوات الهادئة والحادة، مثل أصوات احتكاك الفرشاة، أو تقليب الصفحات، أو الأصوات الواضحة مثل قرمشة بسكويت هش.
ينسب بعض الأشخاص الفضل لتلك النوعية من المقاطع لمساعدتهم على النوم، والحد من أعراض القلق، وعلاج اضطراب ما بعد الصدمة، وحتى أعراض الألم المزمن، في حين تحفز أصوات الهمس والنقر مشاعر انزعاج شديدة لمرضى متلازمة حساسية الصوت "ميسوفونيا".
ومع أن مصطلح "أسمار" (ASMR) ظهر منذ حوالي عقد، فإن تجربة استهداف الصوت والصورة لحواس الإنسان موجودة من قبل ذلك، ويعد الرسام بوب روس من أوائل المستهدفين لحواسنا، عن طريق صوته الهادئ، وضربات فرشاته الرقيقة على القماش.
ولفهم طبيعة تلك الأصوات، نشرت شركة "أدوبي" (Adobe) تقريرا تسويقيا لمنتجاتها من أجل الراغبين في إنشاء مقاطع "أسمار"، وتتضمن تلك المقاطع أصواتا هامسة، ونقرا، ويسجلها المؤثرون بدقة، لتكرار الصوت بنمط بطيء ومحسوب، بالقرب من الكاميرا والميكرفون، لخلق شعور بالألفة.
كما يستخدم بعض المؤثرين ميكرفونين متباعدين بحوالي 7 بوصات، على غرار المسافة بين أذني المستمع، لإنتاج أصوات منفصلة لكلتا الأذنين، لذلك إذا استمعت إلى الصوت عبر سماعة الرأس، ستشعر أنك في الغرفة نفسها مع مقدم المحتوى.
كيف تؤثر "أسمار" على عقلك؟قدمت بعض الأبحاث الجديدة، في الأشهر الماضية، أدلة حول مناطق الدماغ التي قد تنشط نتيجة مشاهدة مقاطع "أسمار"، ودرس باحثو علم النفس من 3 جامعات كندية الاستجابة الحسية الذاتية الناتجة عن سماع أصوات منشئي المحتوى، وجمع الباحثون 34 مشاركا من العمر والجنس نفسه، لإجراء فحص بالرنين المغناطيسي على أدمغتهم، على أن يجري الفحص لمجموعة مكونة من 17 شخصا أثناء مشاهدة 6 مقاطع فيديو مدتها 4 دقائق مصممة خصيصا بطريقة "أسمار"، ومقارنة نتائجها بالمجموعة الضابطة التي تشاهد مقاطع مختلفة.
أظهرت نتائج الفحص تباينا كبيرا بين استجابات أدمغة المجموعتين، فأثرت مقاطع "أسمار" على النشاط العصبي للمجموعة الأولى، ونشطت مناطق مسؤولة عن إدراك المخ لأحاسيس مثل الألم، واللمس، والضغط، والوخز، كما رصد الباحثون تحفيزا لشبكات حالة الراحة في الدماغ، وشبهوا ذلك بالتأثيرات المرتبطة بالأدوية المهلوسة، من زيادة الشعور في مستقبلات الجلد، وانخفاض معدل ضربات القلب.
عجز العلماء عن فهم سبب المشاعر الحسية، مثل الوخز، حتى أجرى الباحثون في مركز علم الأعصاب الإدراكي في كلية دارتموث دراسة قائمة على رسم الأعصاب أثناء مشاهدة المبحوثين مقاطع "أسمار"، واكتشفوا أنها تُنشط مراكز المكافأة في الدماغ، ومراكز إفراز هرمون الدوبامين، ومراكز الإثارة العاطفية، لكن جاء الكشف الأهم في رصدهم مشاعر حسية بالقرب من الخد، والجبهة، والشفة، والقدم، وظهرت تلك الأحاسيس عندما تظاهر مقدم المحتوى بلمس المشاهد، أو الاقتراب منه بالهمس في أذنيه.
أثبتت دراسة من كلية علم النفس، في جامعة بوخوم الألمانية أن هناك أسبابا أخرى ممكنة أيضا لتأثير "أسمار"، مثل العامل الاجتماعي، فرصد الباحثون نشاطا في قشرة الفص الجبهي، المسؤولة عن السلوك الاجتماعي في العلاقات الإنسانية، وفسروا ذلك بأن تعمد مقدم المحتوى خلق أجواء حميمية يسهم في شعور المتفرج بأهميته بالنسبة إلى شخص آخر، ويقلل شعوره بالوحدة.
تأكدت النتيجة السابقة بعد استطلاع رأي أجرته باحثة في جامعة ماكواري الأسترالية لتتبع أسباب حب الناس لمقاطع "أسمار"، واختار نصف المشاركين "الشعور بأن شخصا يهتم بي"، وجاء في المرتبة الثانية "أحب مشاهدة الناس وهم حذرون فيما يفعلون".
وفي دراسة أخرى من جامعة ماكواري، أكدت النتائج أن الأشخاص الذين يشعرون بأثر إيجابي خلال مشاهدة تلك المقاطع يتمتعون بمستوى أعلى من الانفتاح على التجربة، وحب التعرف على الآخرين، وكلاهما سمتان مرتبطتان بالأشخاص العاطفيين والمبدعين، وقد يعانون من الاكتئاب الحاد، لأنه كلما زادت حدة الاكتئاب زاد الأثر الإيجابي للمقاطع على المرء. كما استشهد الباحثون بنتائج دراسات سابقة تفيد بأن الأثر الإيجابي للمقاطع يتناسب طرديا مع شعور الإنسان بالوحدة، أو قلة ثقته بذاته، وتراجع أهدافه في الحياة.
بجانب الاختلافات الشخصية، أشارت دراستان من مجلس أبحاث العلوم الطبيعية الكندي، إلى اختلافات تشريحية بين من يتأثرون بمقاطع "أسمار"، ومن لا يشعرون بشيء، ويكمن ذلك الاختلاف في اتصال الفص الجبهي والمناطق الحسية في الدماغ، أو عدم اتصالهما، فيرتبط اتصال الشبكتين الدماغيتين باختلاط الحواس بعد التعرض إلى المؤثر، وقد يؤدي ذلك الاتصال إلى استجابات عاطفية غير نمطية، وتجارب واعية لأحاسيس مصدرها المخ، مع أنها لا تحدث في الواقع.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
علاج واعد يستهدف السبب الكامن وراء آلام أسفل الظهر المزمنة
يمن مونيتور/قسم الأخبار
توصل باحثو جامعة ماكغيل في كندا إلى نهج علاجي جديد يستهدف السبب الكامن وراء آلام أسفل الظهر المزمنة، التي تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم.
ويتضمن العلاج استخدام دواءين يستهدفان الخلايا الهرمة المعروفة باسم “خلايا الزومبي”، حيث يؤدي تراكم هذه الخلايا في أقراص العمود الفقري مع التقدم في السن أو عند تلف الأقراص، إلى التهابات مزمنة وتلف في العظام، ما يجعلها سببا رئيسيا للألم المزمن. وعلى عكس الخلايا الطبيعية التي تموت، تظل “الخلايا الزومبي” حيّة وتؤثر سلبا على الأنسجة المحيطة.
وفي الدراسة، تلقت فئران التجارب دواءين فمويين:
o-Vanillin: مركب طبيعي مستخرج من الكركم، يتمتع بخصائص مضادة للالتهابات.
RG-7112: دواء خاضع لتجارب سريرية ومعتمد من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، معروف بفعاليته في أبحاث السرطان.
وعند استخدام الدواءين معا أو كلّ على حدة، لاحظ الباحثون انخفاضا كبيرا في الالتهاب والألم، بالإضافة إلى إبطاء أو حتى عكس تلف الأقراص الفقرية، وذلك خلال فترة علاج امتدت لثمانية أسابيع. وقد تبيّن أن الجمع بين العقارين يعزز الفعالية بشكل ملحوظ.
وصرّحت البروفيسورة ليزبيت هاغلوند، الباحثة الرئيسية وأستاذة الجراحة بجامعة ماكغيل: “نتائجنا تفتح آفاقا لعلاج آلام الظهر المزمنة، إذ نستهدف الخلايا المسببة للألم بدلا من الاكتفاء بإخفاء الأعراض”.
وأوضح الباحثون أن o-Vanillin لم يكن جزءا من التصميم الأصلي للدراسة، بل أُضيف لاحقا بشكل تجريبي. وقالت هاغلوند إن فعاليته في القضاء على الخلايا الزومبي كانت مفاجئة ومبشرة.
ويعمل فريق البحث حاليا على تحسين صيغة o-Vanillin لزيادة مدة بقائه في الجسم ورفع كفاءته، تمهيدا للانتقال إلى التجارب البشرية. كما يأمل الباحثون أن تفتح هذه النتائج الباب أمام علاجات لأمراض أخرى مرتبطة بتراكم الخلايا الهرمة، مثل التهاب المفاصل وهشاشة العظام.
نشرت الدراسة في مجلة Science Advances.
المصدر: ميديكال إكسبريس