واشنطن- دفع حديث عديد من المسؤولين الإسرائيليين عن اعتزامهم الاحتفاظ بالسيطرة الأمنية على قطاع غزة لفترة غير محددة بمجرد انتهاء حربهم إلى رد فعل أميركي سريع يؤكد معارضة واشنطن إعادة احتلال إسرائيل للقطاع.

وتحدث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن إمكانية احتفاظ إسرائيل بالسيطرة العسكرية على غزة، وعدم وجود نية للسماح للسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس بحكمها.

وهو ما أكد المخاوف الأميركية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل إن "وجهة نظرنا هي أن الفلسطينيين يجب أن يكونوا في طليعة هذه القرارات، وغزة أرض فلسطينية وستبقى كذلك".

وبعدما أظهرت إدارة الرئيس جو بايدن دعما وتبنيا كاملا للموقف الإسرائيلي عقب هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأت بعض الاختلافات الطفيفة تظهر على السطح مع مرو أكثر من 5 أسابيع على بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي خلّف حتى الآن أكثر من 11 ألف شهيد ونحو 30 ألف جريح.

استطلعت الجزيرة نت آراء عدد من خبراء السياسة الخارجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط حول طبيعة هذه الخلافات، وهل وضعت إدارة جو بايدن خطوطا حمراء ينبغي للحكومة الإسرائيلية عدم تخطيها، في أثناء وبعد انتهاء حملتها العسكرية غير المسبوقة على قطاع غزة.

وجاءت الإجابات على النحو التالي:


خلافات منذ البداية

يعتقد السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، أن هناك خلافات منذ البداية، لكن لم يتم التعبير عنها علنا. وقال -للجزيرة نت- إن "النقطة الوحيدة التي اتفقوا عليها، سرا وعلانية، هي أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منظمة شريرة ويجب عدم السماح لها بالاستمرار كسلطة حاكمة في غزة".

وأضاف ماك أنه مع مرور الأيام والأسابيع، أصبح من الواضح أكثر أن الرئيس بايدن وكبار مساعديه في السياسة الخارجية والأمن القومي يهدفون إلى تسوية أوسع بكثير من الأحداث بغزة.

وتابع "وعلى وجه التحديد أن يتطلب الحل الدائم أن تكون السلطة الفلسطينية هي الحاكمة في كل من غزة والضفة الغربية، وذلك يتطلب في نهاية المطاف دولة فلسطينية كاملة السيادة عاصمتها القدس الشرقية، وهو ما رفضه نتنياهو، وشركاؤه في الائتلاف اليميني المتطرف أكثر إصرارا على الرفض".

واعتبر ماك أن هناك رغبة لدى نتنياهو وشركائه بالائتلاف في حمل الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم المحتلة واللجوء إلى بلدان مثل مصر والأردن، وأن إدارة بايدن "تعارض منذ البداية وقوع نكبة أخرى سيتم اعتبارها تطهيرا عرقيا، وهو أمر يعارضه الرأي العام الأميركي أيضا".

وطالب أن تكون لدى إدارة بايدن خطوط حمراء لإسرائيل في هذه الأزمة وما بعدها، يمكنها فرضها عبر حجب الإمدادات العسكرية والدعم السياسي في الأمم المتحدة.

ويرى ماك أنه ليس من الواضح إذا ما كان بايدن يمكنه الحصول على دعم الكونغرس لمثل هذه التدابير، وأن اقتراب انتخابات عام 2024 يرجح أن يستغل خصوم بايدن في الحزب الجمهوري هذه القضية لتحقيق مزايا سياسية محلية، خاصة أن الرأي العام ما زال "مائعا" بشأن هذه المسائل.


دعم مشروط

وفي حديثه مع الجزيرة نت، أشار الدبلوماسي السابق وخبير الشؤون الدولية ولفغانغ بوستزتاي إلى أن إدارة بايدن توافق على أن تواصل إسرائيل العملية العسكرية حتى يتم تحقيق الهدف العسكري، وهو تدمير القدرات العسكرية لحماس، وإطلاق سراح الرهائن.

وقال بوستزتاي إن إدارة بايدن لا تقبل الرفض الإسرائيلي للسماح بدخول كمية كافية من المساعدات الإنسانية إلى غزة وتواصل الضغط من أجل ذلك، وإنه يحث الإسرائيليين على إبقاء الخسائر بين المدنيين عند أدنى مستوى ممكن.

وتابع أن "الولايات المتحدة تعارض بشدة مضايقة الفلسطينيين في الضفة الغربية الذين لا علاقة لهم بحماس. وتتوقع من القيادة الإسرائيلية أن تضع المستوطنين المتطرفين تحت السيطرة بشكل خاص وأن تعاقبهم على أي انتهاكات عنيفة".

وأكد الدبلوماسي السابق أن الخط الأحمر لإدارة بايدن هو احتلال دائم لغزة من قبل الجيش الإسرائيلي "وواشنطن ليست على استعداد لقبول ذلك سياسيا، ولا لدفع ثمنه. لذلك، أتوقع أن يسحب الإسرائيليون قواتهم من غزة في وقت قريب جدا بعد انتهاء العملية العسكرية".

أما أسال راد، الباحثة في مؤسسة مجموعة أوراسيا، فأوضحت -للجزيرة نت- أن إدارة بايدن تقف بحزم مع إسرائيل، بما في ذلك طلبها 14 مليار دولار إضافية من المساعدات الأميركية لإسرائيل والتصويت ضد قرارات الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار رغم الدعم الدولي الساحق لذلك.

وتابعت "ومع ذلك، يبدو أن هناك بعض الإحباط من جانب إدارة بايدن التي دعت إلى هدنة إنسانية أطول وتعارض إعادة احتلال إسرائيل لغزة، رغم أن الكثيرين قد يجادلون بأن الحصار الإسرائيلي لغزة والسيطرة على حدودها ومواردها يرقى إلى وضعية الاحتلال الفعلي".

بالإضافة إلى ذلك، أدلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، يوم الجمعة الماضي، بأقوى تعليقاته حتى الآن، مشيرا إلى أن "عددا كبيرا جدا" من الفلسطينيين قد قتلوا وأن هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهد لمنع مقتل المدنيين، وفق راد.

وأكدت الخبيرة وجود خلافات بشأن غزة ما بعد الحرب بين إدارة بايدن وإسرائيل، ورفض نتنياهو الفكرة الأميركية بأن تشارك السلطة الفلسطينية في حكم القطاع وقوله إن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية.

وتقول راد إنه رغم أي خلافات، فإن الإدارة الأميركية تواصل تقديم دعمها الكامل. ولم يعلن بايدن أي خطوط حمراء، وليس هناك ما يشير إلى تأثر المساعدات والدعم من الولايات المتحدة بأفعال إسرائيل.


لا خطوط حمراء

وترى راد أنه لا يبدو أن هذه الخلافات الصغيرة تؤثر على دعم إدارة بايدن الكامل لرد إسرائيل على هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي والحملة العسكرية المستمرة في غزة، بل "في الواقع، كرر البيت الأبيض أن الولايات المتحدة لا ترسم خطوطا حمراء لإسرائيل".

وتضيف أن المتحدث باسم الأمن القومي للبيت الأبيض جون كيربي صرح على هذا النحو الشهر الماضي، وأعاد تأكيد هذا الموقف قبل أيام فقط، "وهكذا، ورغم ارتفاع عدد القتلى، وغالبيتهم من الضحايا المدنيين، بمن فيهم آلاف الأطفال، حافظت إدارة بايدن على دعمها الكامل لإسرائيل ولم ترسم أي خطوط حمراء لها".

أما مات دوس، نائب الرئيس التنفيذي لمركز السياسة الدولية ومستشار السياسة الخارجية السابق للسيناتور بيرني ساندرز، فيرى أن هناك اختلافات واضحة تظهر، كما يتضح من مخاوف الوزير بلينكن المعلنة مؤخرا بشأن ارتفاع عدد الضحايا المدنيين الفلسطينيين، فضلا عن رفض نتنياهو "مبادئ غزة ما بعد الحرب" التي وضعها بلينكن الأسبوع الماضي.

وأكد دوس -للجزيرة نت- أن إدارة بايدن "لم تكن مستعدة لإعلان خطوط حمراء علنية لإسرائيل. ورغم حديثهم عن ذلك في لقاءاتهم المستمرة بين الطرفين، فلم تُظهر واشنطن أي استعداد حقيقي لفرضها فعليا، لذلك ليس لدى إسرائيل أي سبب للاستماع".

من ناحيته، استبعد آدم شابيرو -مسؤول الملف الفلسطيني الإسرائيلي بمنظمة "الديمقراطية للعالم العربي الآن"- وجود خلافات بين الجانبين، لكنه يعتقد أن "الإدارة الأميركية لديها إطار زمني مختلف للنشاط العسكري عن إسرائيل، وأن واشنطن تعطي أولوية أكثر لإطلاق سراح الرهائن أكثر مما تفعل إسرائيل في هذه المرحلة".

وأكد شابيرو -للجزيرة نت- عدم وضع بايدن أي خطوط حمراء، وقال "علينا أن نتساءل عما إذا كانت هذه الإدارة ستفرض بالفعل خطوطا حمراء في وقت تعرف فيه أن إسرائيل تحظى بدعم كامل تقريبا من الكونغرس، وعناصر مهمة في الإدارة، رغم المعارضة الشعبية الساحقة لما تفعله في غزة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أن إدارة بایدن خطوطا حمراء للجزیرة نت خطوط حمراء أن هناک

إقرأ أيضاً:

واشنطن تحث الأوروبيين على شراء مزيد من الأسلحة لأوكرانيا

قال مصدران مطلعان إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تخطط لدفع حلفائها الأوروبيين لشراء المزيد من الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا قبل محادثات السلام المحتملة مع موسكو، وهي خطوة قد تحسن موقف كييف في المفاوضات.

ومن شأن هذه الخطة أن توفر بعض الطمأنينة لقادة أوكرانيا الذين ساورهم القلق من أن ترامب قد يحجب المزيد من المساعدات عن البلاد، التي يفقد جيشها الأراضي ببطء جراء هجوم روسي عنيف في الشرق

وكانت الدول الأوروبية اشترت أسلحة أمريكية لأوكرانيا في عهد الرئيس السابق جو بايدن.

US will push European allies to buy more arms for Ukraine, say sources https://t.co/PxVHShJbsv

— The Straits Times (@straits_times) February 11, 2025

وقال المصدران إن مسؤولين أمريكين، بمن فيهم كيث كيلوج مبعوث ترامب الخاص إلى أوكرانيا وروسيا، سيبحثون عمليات شراء الأسلحة المحتملة مع الحلفاء الأوروبيين هذا الأسبوع خلال مؤتمر ميونيخ للأمن.

وأضافا أن هذه واحدة من عدة أفكار تناقشها إدارة ترامب لمواصلة تدفق الأسلحة الأمريكية إلى كييف دون إهدار قدر كبير من رأس المال الأمريكي.

وخلال مقابلة، الإثنين، أحجم كيلوغ عن تأكيد الخطة لكنه قال: "الولايات المتحدة تحب دائماً بيع الأسلحة المصنعة في أمريكا لأنها تعزز اقتصادنا".

وتابع "هناك الكثير من الخيارات المتاحة. كل شيء مطروح الآن"، مضيفاً أن الشحنات التي وافق عليها الرئيس السابق بايدن لا تزال تتدفق إلى أوكرانيا.

قال مسؤولون أمريكيون خلال الأيام القليلة الماضية إن إدارة ترامب تريد تعويض المليارات التي أنفقتها واشنطن على الحرب في أوكرانيا وأن على أوروبا بذل المزيد من الجهد للمساعدة.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتس في مقابلة مع شبكة "إن.بي.سي نيوز" يوم الأحد "أعتقد أن المبدأ الأساسي هنا هو أن الأوروبيين يجب أن يتحملوا مسؤولية هذا الصراع من الآن فصاعدا".

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الولايات المتحدة تخطط لمطالبة الدول الأوروبية بشراء الأسلحة الأمريكية من خلال عقود تجارية أو مباشرة من المخزون الأمريكي. وقد يستغرق إتمام بعض العقود التجارية سنوات.

وكان ترامب قد تعهد خلال حملته للانتخابات الرئاسية بقطع كل المساعدات عن أوكرانيا. لكن كان رأي بعض مستشاريه خلف الكواليس أنه يجب على واشنطن أن تستمر في دعم كييف عسكرياً، خاصة إذا تأخرت محادثات السلام حتى وقت لاحق من هذا العام.

وقال مسؤولون أوكرانيون بمن فيهم، الرئيس فولوديمير زيلينسكي،إن كييف بحاجة إلى المزيد من الضمانات الأمنية قبل الدخول في محادثات مع موسكو.

ويأمل المسؤولون الأمريكيون في إبرام صفقة للمعادن مع أوكرانيا من شأنها أن تسمح لأمريكا بالوصول إلى احتياطيات البلاد الهائلة مقابل استمرار المساعدات. لكن لم يتم الكشف عن تفاصيل مثل هذه الصفقة.

لكن إدارة ترامب تنظر إليها باعتبارها عنصراً حاسماً في سياستها تجاه أوكرانيا.

مقالات مشابهة

  • "واشنطن بوست": إسرائيل قد تضرب إيران في منتصف العام
  • ما أسباب رعشة عين الملك عبدالله خلال لقاء ترامب؟.. أطباء يجيبون
  • بموافقة واشنطن.. هذا ما ستفعله إسرائيل في لبنان يعد 18 شباط
  • استطلاع| بايدن أقل رؤساء الولايات المتحدة شعبية.. وترامب يصعد
  • واشنطن تطالب إسرائيل بالانسحاب من لبنان بالموعد المحدد
  • اطمئنان لبناني لإلزام واشنطن إسرائيل بالانسحاب
  • مع ضوء ترامب الأخضر.. إسرائيل تواصل عملياتها العسكرية بالضفة
  • حقيقة صور التعزيزات العسكرية الأردنية على الحدود مع إسرائيل
  • واشنطن تحث الأوروبيين على شراء مزيد من الأسلحة لأوكرانيا
  • نتنياهو يطالب واشنطن برفع إسرائيل من "قائمة الرقائق"